الشكل:

يقصد بمصطلح شكل الدولة هيئة المنطقة السياسية أو القالب الذي تنتظم في إطاره المساحة السياسية. والفرض من دراسة الشكل في الجغرافيا السياسية هو التعرف على مدى تماسك المنطقة السياسية واتصال أجزائها بعضها ببعض، فكلما زاد تماسك المنطقة السياسية وتوثق اتصالها ببعضها، كلما زاد ذلك من قوة الدولة وقدرتها على أداء وظائفها, كما أن للشكل أهمية في الدفاع Defence عن الدولة ونظام إدارتها الداخلية لشئونها المختلفة بهدف السيطرة السياسية على إقليمها.

والشكل المثالي للدولة أن تكون متماسكة متصلة الأجزاء وأن تكون هذه الحدود منتظمة بقدر المستطاع، وأقرب الأشكال للمثالية هو الشكل الدائري أو المربع والأشكال القريبة منهما.

وأهمية هذه الأشكال المثلى تتركز في ملاءمتها لأغراض الإدارة والدفاع والحكم؛ لأن الإدارة والحكم من نقطة مركزية على أبعاد متساوية يجعل السيطرة على أجزاء الدولة وحمايتها أمرا سهلا، كما أن جميع حدود الدولة تصبح متكافئة في ,عدم قابليتها للاختراق، الأمر الذي يحمي هذه الدولة من الغزو الأجنبي. كما أن التماسك المساحي لأراضي الدولة يساعد على التلاحم والتكامل بين أجزائها.

ويؤثر شكل الدولة على استراتيجيتها العسكرية سواء للمحافظة على الإدارة القومية او الدفاع العسكري فالدولة التي تمتد في صورة شريحة طويلة مثل شيلي او النرويج تجد صعوبة في الدفاع عن نفسها لطول المسافات التي تقطعها القوات من مراكز التجمع العسكري، وكذلك تجد الدولة التي تمتد أجزاء منها في صورة شرائح طولية داخل الدول المجاورة صعوبة في الدفاع عن هذا الجزء المنعزل. مثال ذلك لسان كابريفي التابع لناميبيا والذي يقع بين انجولا البرتغالية وزامبيا في الشمال وبين روديسيا وبوتسوانا في الجنوب، وبالمثل نجد اللسان الأفغاني الشمالي الشرقي الممتد بين الاتحاد السوفيتي في الشمال وباكستان وكشمير في الجنوب وسنكيانج الصينية في الشرق، وبصورة مماثلة لجد ألسنة متبادلة لكل من سويسرا والمانيا، وسويسرا وإيطاليا، واللسان السويسري في مقاطعة جنيف الذي يتوغل داخل الأراضي الفرنسية، ومنطقة شافها وزن السويسرية التي تمتد داخل الحدود الألمانية.

ولا شك أن التداخل في حدود الدول - سواء كان في صورة ألسنة او مناطق معزولة داخل الحدود الأخرى، تؤدي إلى ضعف عام في الدولة في تلك المناطق الهامشية ما لم يكون السلام مستتبا بحيث تصبح هذه المناطق صعبة الاتصال ذات اتصالات سهلة مع الوطن الأم عير أراضي الدولة المجاورة وببتم ذلك باتفاق معين بين الدولتين خاص بتلك المناطق، أو تشفق عدة دول على تامين هذه الامتدادات الإصبعية, وبدون شك فإن أحسن اشكال الدولة هو ذلك الذي يتجنب الشرائح الطولية والحدود المتداخلة.