قوله سبحانه : {وكُلَّ شَيْ‌ءٍ أَحْصَيْنٰاهُ فِي إِمٰامٍ} [يس : 12] .

واللوح لا يسمى إماما ويسمى القرآن إماماً . وقد تكلم الناس في كيفية ذلك :

فقال البلخي (1) ، والجبائي ، والرماني : إنه علامة جعله الله للملائكة ، إذا سمعوها ، علموا أنه أحدث أمراً ، كما قال : {فَقٰالَ لَهٰا ولِلْأَرْضِ ائْتِيٰا طَوْعاً أَوكَرْهاً قٰالَتٰا أَتَيْنٰا طٰائِعِينَ} [فصلت : 11] .

وقال بعضهم : إن الأمر خاص في الموجودين الذين قيل لهم : {كُونُوا قِرَدَةً خٰاسِئِينَ} [البقرة : 65] ، ومن جرى مجراهم لأنه لا يؤمر المعدوم .

وقال آخرون : إنه‌ أمر للمعدوم من حيث هولله معلوم فصح أن يؤمر فيكون .

وقال آخرون : إنها خاصة في الموجودات من إماتة الأحياء وإحياء الموتى وما جرى مجرى ذلك .

الجواب الأول صحيح وما سواه معترض عليه .

وقال الطوسي (2) : إنه بمنزلة المثل ومعناه : أنّ منزلة الفعل في السهولة وانتفاء التعذر كمنزلة ما يقال له : كن فيكون . كما يقال : قال فلان برأسه : كذا وقال بيده : كذا . إذا حرك رأسه وأومأ بيده . ولم يقل شيئا في الحقيقة قال الشاعر‌ (3) :

وهذا وجه صحيح‌ٌ .

______________________

1. أوائل المقالات : 158-159 وفيه : وهذا مذهب أبي القاسم البلخي وجماعة من أهل العدل .

وفي البدء والتاريخ لأبي زيد البلخي : 1/161 : " قال أكثر المفسرين " .

2. التبيان في تفسير القرآن : 9/110-111 .

3. الكامل : 2/91 وفيه : " قد حنق الحوض ... سلَّلاً رويداً " ولم ينسبهُ . مجالس ثعلب : 1/158 وفيه : " سلاً رويداً " الزاهر 2/335 منسوباً الى أبي النجم وفيه : " سلا رويداً ... " الخصائص 1/23 ولم ينسبه : متشابه القرآن 1/108 بلا عزو . التبيان في تفسير القرآن 1/431 ، 8 : 85 بلا عزو .