أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-9-2021
1745
التاريخ: 27-1-2016
2502
التاريخ: 12-1-2022
4187
التاريخ: 10-1-2021
2084
|
الاتجاه السابع: بأنها أمر يختلف تماما عما ورد ذكره، إذ أقرن الجيوبوليتيكا بالدعاية، فهي على رأي الجغرافي الفرنسي ديانجون بأنها عبارة عن مسعى وطئي الفرض منه الدعاية والتعليم، وأنها دراسات تهدف الى تبرير الأهداف السياسية لدولة معينة. وكما بين بيير جورج في قاموسه الجغرافي بان الجيوبولتيكيا أحدى الأدوات في الدعايات السياسية للمنظرين زمن الرايخ الثالث. أن تضرب الحتمية المعاصرة في الصلة بين المكان والسياسة يلبس لباس الرومانسية والاستعانة مصطلحات ومفهومات لا تبعد أن تكون شبه علمية، وهدا ما يجعل من الدراسات الجيوبوليتيكية تنحو منحى تبريري وغير علمي في بعض جوانبها، فتنعت بأنها وسائل لأغراض السياسة والدعاية.
غير أن ما نتفق به بان للجيوبولتيكيا معنيان متكاملان: أولهما الممارسة السياسية لبلد ما كما حدد من خلال سماتها الجغرافية ومواردها البشرية، وثانيهما، العلم الدي يبحث في دلك. وهكذا فان النظرية الجيوبوليتيكية تبحث في قوة الدولة وسياستها الخارجية من خلال الأرضية المتواجدة عليها، فهي تنظر الى التطورات السياسية التي تمر بها الدولة من حيث علاقتها بالأرض، وترى أن الأرض وثيقة الصلة بسياسة الدولة، ويقصد بالأرض هنا الحيز الجغرافي الدي تتواجد فيه الوحدة السياسية. لذلك فان العلاقة بين الموقع الجغرافي وقوة الدولة وسياستها يطلق عليه اصطلاح الجيوبولتيكيا.
وفي ضوء هذا الرؤى، فان أحد المنطلقات الأساسية للجيوبولتيكيا هو التوكيد على أن الوضع الجيوبوليتيكي للدولة يفوق في الأهمية الكثير من خصائص البناء السياسي لهذه الدولة، فالسياسة والثقافة والأيديولوجية وطابع النخبة بل والدين نفسه ينظر أليها جميعا في المنظار الجيوبوليتيكي على إنها عوامل مهمة، لكنها ثانوية بالمقارنة مع المبدأ الجيوبوليتيكي الأساس في علاقة الدولة بالمكان. فهو يوضح كيف أن السياسة تجري على مقتضى حتميات جغرافية، أي كيف إن للعوامل الجغرافية، كالمناخ، والتضاريس، والموقع وغيرها، دورا حتميا في تشكيل سياسة الدول، ومن ثم فان أية سياسة لا ترتكز إلى هذا العلم لا يقدر لها البقاء والتطور.
لذلك فان ما يتوخاه هذا العلم، هو انه أداة تحليلية لتقويم الوزن السياسي والعسكري للدولة بالاعتماد على حقائق الجغرافية السياسية، فهو يحاول إن يتلمس أبعاد السياسة المكانية في عناصر البيئة الطبيعية والبشرية بشكل موضوعي لتحديد وزن نسبي لكل عنصر من تلك العناصر بما يمكنه من تحديد الوزن الجيوبوليتيكي للإقليم المراد دراسته. فهو ينطر إلى المجال الجغرافي بعده مسرحا وهدفا وملعبا للاستراتيجية، وهدفا للاعبين على مسرح السياسة الدولية.
كما غدت الجيوبوليتيكا مقيدة للحرب ولعملياتها العسكرية، فهي توسع أفق العمليات العسكرية في اتجاهين وذلك بإضافتها الاستراتيجية السياسية إلى الاستراتيجية العسكرية، وبأعدادها المسبق لأقلمه المحارب مع كل وسط طبيعي يتوقع إن يصبح مسرحا للعمليات الحربية.
وعلى هذا، فقد أصر الجيوبولتيكيون على ضرورة المعرفة المنظمة والمفصلة عن الأرض المعدة للاستعمال من قبل الحكومات والدول. مما أدى إلى إن يقوم التحليل الجيوبوليتيكي على موضوعين أساسين الأول، وصف الوضع الجغرافي وحقائقه كما تبدو بالارتباط بالقوى السياسية المختلقة. والثاني، وضع ورسم الإطار المكاني الذي يحتوي على القوى السياسية المتفاعلة والمتصارعة.
إلى جانب ذلك، فان الجيوبولتيكيا لا تدرس المقومات الجغرافية للدولة أو تدرس العلاقة المكانية بين الأرض والدولة كما هي فحسب، وإنما تدرس هذه العلاقة كما يجب أن تكون من وجهة قومية محلية، وتدرس السياسة العالمية كما تمثلها وجهة النظر هذه، وفي سبيل خدمتها، وهي تستخدم التاريخ القومي والعالمي لخدمة هذه الأغراض، وترسم الخطط الاستراتيجية التي تؤدي إلى تحقيقها.
فالجيوبوليتيكيا ترعى تطور الدولة وتراه مرهونا من حيث طبيعته وإمكاناته ومداه بالعوامل الجغرافية الثابتة وهي الأرض. لذا فان دراسة الصلة الوثقى بين قوة الدولة والأرض هي من صلب النظريات الجيوبوليتيكية التي تتصدى إلى دراسة وصف الوضع الجغرافي للدولة وأثره في القوى السياسية المتفاعلة. أي إن التحليل الجيوبوليتيكي هو إرشاد مستخلص دروسه من دراسة الإطار المكاني وذلك من أجل تسخيره في سياسة الدولة واستراتيجياتها.
إذن تنطوي الجيوبوليتيكا على سمات وخصائص علمية في دراسة الواقع وتحليل عناصره لتحديد ملامحه ومعطياته المستقبلية، وبذلك يكون هذا المنهج قادرا على الاستشراف في ضوء الحقائق الجغرافية والعناصر المكانية التي تحكم الدولة وتحدد مستقبل مسار حركتها وماهية أهدافها التي تنشدها.
وعليه فان ارتباط الإنسان بسياساته بالمكان هو الموضوع الأول الذي تتأسس عليه الجيوبولتيكيا. فهي تحدد دراسة علاقة الإنسان بالجغرافية - طبيعيا وإنسانيا- وفي آثارها على العلاقات السياسية بين المجتمعات. لذا فهي لها محتوى سياسي لأنها تساهم في توافر إدراك مدى تكيف مجموعة ما من البشر مع بيئة منطقة معينة للسلطة السياسية، وهي تساعد في تعريف الحدود القومية للدولة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|