المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

أداة التشبيه
10-1-2019
الأخطاء الرئيسية التي رصدها نيلسون في تصميم مواقع الويب
1-3-2022
دورة الماء
20-3-2018
اجهاد Stress
10-4-2020
المطلق والمقيد
5-5-2017
أحوال عدد من رجال الأسانيد / عامر بن عميرة.
2023-04-08


اندهاش قاضي القضاة ابن الاكثم  
  
3340   03:59 مساءً   التاريخ: 21-05-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص485-489.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن علي الجواد / التراث الجواديّ الشريف /

لمّا قدم المأمون بغداد من طوس بعث برسالة إلى الإمام الجواد (عليه السلام) يدعوه بالقدوم إلى بغداد وطبعاً كانت هذه الدعوة دعوة ظاهرية كدعوته الإمام الرضا (عليه السلام) إلى طوس وفي الواقع هي إحضار جبري قبل الإمام الدعوة وبعد عدّة أيام من دخوله بغداد دعاه المأمون إلى القصر واقترح عليه الزواج بابنته أُمّ الفضل فسكت الإمام واعتبر المأمون سكوته علامة لرضاه وقرّر أن يهيّأ مقدّمات ذلك وقد كان ينوي أن يقيم احتفالاً غير انّ انتشار هذا الخبر بين العباسيين أحدث ضجة فاجتمعوا وقالوا للمأمون بلهجة مزيجة بالغضب: ننشدك اللّه أن تقيم على هذا الأمر الذي عزمت عليه فانّا نخاف أن يخرج به عنّا أمر قد ملّكناه اللّه عزّوجلّ وينزع منّا عزّاً قد ألبسناه اللّه وقد عرفت ما بيننا و بين هؤلاء القوم العلويين قديماً وحديثاً وقد كنّا في وهلة من عملك مع الرضا ما عملت فكفانا اللّه المهم من ذلك فاللّه اللّه أن تردّنا إلى غمّ قد انحسر عنّا .

فقال المأمون: ما الذي ترمون إليه ؟

فقالوا: إنّ هذا الفتى و إن راقك منه هديه فإنّه صبيٌ لا معرفة له ولا فقه .

 

قال المأمون: ويحكم إنّي أعرف بهذا الفتى منكم وانّ أهل هذا البيت علمهم من اللّه تعالى ومواده وإلهامه فإن شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يتبيّن لكم به ما وصفت لكم من حاله. 
فاختار بنو العباس يحيى بن أكثم من بين العلماء لشهرته العلمية لهذا الأمر وأعدّ المأمون مجلساً لتقييم المستوى العلمي للإمام الجواد وقد قال يحيى للمأمون: أيأذن أمير المؤمنين أن أسأل هذا الفتى.

 

فقال المأمون: استأذنه في ذلك ؛ فاستأذنه فقال الإمام: سل إن شئت .

فقال يحيى: ما تقول في محرم قتل صيداً ؟

فقال الإمام الجواد (عليه السلام) : قتله في حلّ أو حرم عالماً كان المحرم أو جاهلاً قتله عمداً أو خطأ حراً كان المحرم أو عبداً صغيراً كان أو كبيراً مبتدئاً بالقتل أو معيداً من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها من صغار الصيد أم من كبارها مصّراً على ما فعل أو نادماً في الليل كان قتله للصيد أم في النهار محرماً كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج كان محرماً؟ فتحيّر يحيى بن أكثم من كلّ هذه الفروع التي فرعها الإمام على هذه المسألة وبان في وجهه العجز والانقطاع ولجلج وتعتع في الكلام حتى عرف جماعة أهل المجلس أمره .

فقال المأمون :الحمد للّه على هذه النعمة والتوفيق لي في الرأي ثمّ نظر إلى أهل بيته فقال: أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه ؟! ولمّا انتهت تلك الندوة وتفرّق الناس وبقي من خاصة المأمون من بقي قال المأمون للإمام الجواد (عليه السلام) : إن رأيت جعلت فداك أن تذكر الفقه الذي فصّلته من وجوه من قتل المحرم لنعلمه ونستفيده.

فقال الإمام (عليه السلام) : نعم انّ المحرم إذا قتل صيداً في الحل وكان الصيد من ذوات الطير وكان من كبارها فعليه شاة; فإن أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً وإذا قتل فرخاً في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ فإذا كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة وإن كان نعامة فعليه بدنة وإن كان ظبياً فعليه شاة; وإن كان قتل شيئاً من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة وإذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه وكان إحرامه بالحج نحره بمنى وإن كان إحرامه بالعمرة نحره بمكة وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء وفي العمد عليه المأثم وهو موضوع عنه في الخطأ والكفّارة على الحر في نفسه وعلى السيد في عبده والصغير لا كفارة عليه وهي على الكبير واجبة والنادم يسقط ندمه عنه عقاب الآخرة والمصر يجب عليه العقاب في الآخرة .

فقال المأمون: أحسنت يا أبا جعفر أحسن اللّه إليك فإن رأيت أن تسأل يحيى عن مسألة كما سألك؟

فقال أبو جعفر ليحيى: أسألك؟

قال يحيى: ذلك إليك جعلت فداك فإن عرفت جواب ما تسألني عنه وإلاّ استفدته منك .

فقال أبو جعفر: أخبرني عن رجل نظر إلى امرأة في أول النهار فكان نظره إليها حراماً عليه فلمّا ارتفع النهار حلّت له فلمّا زالت الشمس حرمت عليه فلمّا كان وقت العصر حلّت له فلمّا غربت الشمس حرمت عليه فلمّا دخل وقت العشاء الآخرة حلّت له فلمّا كان وقت انتصاف الليل حرمت عليه فلمّا طلع الفجر حلّت له ما حال هذه المرأة؟ وبماذا حلّت له وحرمت عليه؟!

فقال له يحيى بن أكثم: لا واللّه لا أهتدي إلى جواب هذا السؤال ولا أعرف الوجه فيه فإن رأيت أن تفيدناه .

فقال أبو جعفر: هذه أمة لرجل من الناس نظر إليها أجنبي في أوّل النهار فكان نظره إليها حراماً عليه فلمّا ارتفع النهار ابتاعها عن مولاها فحلّت له فلمّا كان عند الظهر اعتقها فحرمت عليه فلمّا كان وقت العصر تزوّجها فحلّت له فلمّا كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه فلمّا كان وقت العشاء الآخرة كفّر عن الظهار فحلّت له فلمّا كان نصف الليل طلقها واحدة فحرمت عليه  فلمّا كان عند الفجر راجعها فحلّت له .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.