سبب تزوج عبد المطلب في بني زهرة وتزويجه [1] عبد الله ابنه أيضا في بني زهرة

قال: كان عبد المطلب إذا ورد باليمن نزل على عظيم [2] من عظمائها فنزل عليه مرة من المرّ [3] فوجد عنده رجلا قد أمهل له في العمر وقد قرأ الكتب فقال له: يا عبد المطلب! ائذن لي في أن أفتش منك مكانا، فقال: ما كل مكان مني آذن لك في تفتيشه، قال: إنما هو منخرك، قال:

فدونك، قال: فنظر في اليار [4] في منخره- واليار الشعر [5] وهو تغة [6] يمانية- فقال: أرى نبوة وأرى ملكا، وأرى أحدهما في بني زهرة، فانصرف عبد المطلب فتزوج هالة بنت أهيب [7] بن عبد مناة بن زهرة [وزوج ابنه عبد الله آمنة بنت وهب-] [8] فولدت محمدا صلى الله عليه فجعل الله في بني عبد المطلب النبوة والخلافة والله أعلم حيث وضع ذلك، قال: فلما انطلق عبد المطلب بابنه يتزوج آمنة بنت وهب بن عبد مناة بن زهرة وقد كان عبد المطلب أرسل إليها يخطبها على ابنه فأجابوه فمضى بابنه فمر على امرأة من خثعم يقال لها فاطمة بنت مر [9] بمكة وكانت من أجمل الناس وأشبهم [10] وأعفهم [11] قد قرأت الكتب وكان شباب قريش يتحدثون إليها، فرأت نور

إني رأيت مخيلة [12] نشأت [13] ... فتلألأت بحناتم [14] القطر [15]

فلمائها [16] نور يضيء له ... ما حوله كإضاءة الفجر

فرأيت سقياها حيا بلد ... وقعت به وعمارة القفر

ورأيتها [17] شرفا أبوء به ... ما كل قادح زنده يوري

إن الذي قد كنت آمله ... مما عرضت له من الأمر

لم يدعني زهر [18] إليه ولا ... ألا أكون عفيفة الستر

وقالت أيضا: (الطويل)

بني هاشم قد غادرت من أخيكم ... أمينة [19] إذ للباه يعتلجان [20]

/ كما غادر المصباح بعد خبوّه [21] ... فتائل [22] قد ميثت [23] له بدهان

وما كل ما يحوى الفتى من تلاده [24] ... بحزم [25] ولا ما فاته لتوان [26]

فأجمل إذا طالبت أمرا فإنه ... سيكفيكه جدان يصطرعان [27]

 سيكفيكه إما يد مقفعلة [28] ... وإما يد مبسوطة ببنان

ولما قضت منه أمينة ما قضت [29] ... نبا بصري عنه وكلّ لساني

ولما قضت منه أمينة ما قضت [30] ... حوت منه فخرا ما لذلك ثاني

________________

[1] في الأصل: تزوجه.

[2] في الأصل: عظم.

[3] المرجمع المرة.

[4] في الأصل: يار.

[5] في الأصل: شعر.

[6] في الأصل: لغة.

[7] أهيب كزبير، وفي طبقات ابن سعد 1/ 95 والروض الأنف 1/ 104: وهيب- بالواو، وهو خطأ- انظر نسب قريش ص 17 وسيرة ابن هشام ص 69 وأنساب الأشراف 1/ 79.

[8] زيد من روض الأنف 1/ 104 (مدير) .

[9] في الأصل: مره- بالهاء، وكانت فاطمة بنت مر كاهنة من اليهود تسكن تبالة في قول الطبري 2/ 175.

[10] في الأصل: أشبه.

[11] في الأصل: اعفه.

[12] المخيلة بضم الميم وفتحها وكسر الخاء المعجمة: السحابة التي تحسبها ماطرة، وفي تاريخ الطبري 2/ 175: محيلة- بالحاء المهملة، وهو خطأ.

[13] في طبقات ابن سعد 1/ 97: عرضت، وفي تاريخ الطبري 2/ 175: لمعت.

[14] في الأصل: بجناتم- بالجيم، والحناتم بالحاء جمع الحنتم وهو السحابة السوداء المملوءة بالماء

[15] القطر: المطر.

[16] في الأصل: فلها بها، وفي تاريخ الطبري 2/ 175: فلماتها، وهو خطأ.

[17] في تاريخ الطبري 2/ 175: فرجوتها، وفي طبقات ابن سعد 1/ 97 والروض الأنف 1/ 105: ورأيته.

[18] الزهر: الجمال.

[19] أمينة كجهينة تصغير آمنة أم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم.

[20] في تاريخ الطبري 2/ 176: يعتركان.

[21] في الأصل: صبئوه، وفي تاريخ الطبري 2/ 176: خموده.

[22] في الأصل: فتابل- بالباء الموحدة.

[23] في الأصل: ميت- بالتاء، وفي تاريخ الطبري 2/ 176: ميهت، وهو خطأ.

[24] في بلوغ الأرب 3/ 310: نصيبه، وكذا في مجمع الأمثال للميداني 2/ 35.

[25] في تاريخ الطبري 2/ 176: لعزم.

[26] في الأصل: لتواني.

[27] في تاريخ الطبري 2/ 172: يعتلجان.

[28] اقفعل: تقبض وتشنج.

[29] في الأصل: قفت.

[30] الشطر الأول في تاريخ الطبري 2/ 176: ولما حوت منه أمينة ما حوت.