أولا ً:المقصود بتحديد الحدود الدولية :- عبارة عن تعيين خط الحدود بوصفه بصورة دقيقة سواء كان هذا الوصف نص عليه في معاهدة حدود أو وفقا ً إلى قرار تحكيمي أو قضائي صادر من هيئة دولية ,هذا وترفق عادة الخرائط التي تبين الحدود المقررة بهذه المعاهدات أو القرارات (1) .

أي إن تحديد الحدود الدولية عمل قانوني وسياسي بدرجة أولى , حيث يقوم به خبراء في القانون الدولي العام ورجال السياسة المسؤولين عن إدارة العلاقات الدولية لدولة معينة في زمن محدد(2).

هذا ويتم تحديد الحدود الدولية بعدة طرق منها التراضي كما جرى العمل به في معاهدة الحدود بين اليمن وعمان والتي تم تحديدها على وفق مبدأ لا ضرر ولا ضرار في عام 1992 , أو على اثر إنهاء حرب كما هو الحال في معاهدات الصلح وكذلك المعاهدات المنشئة للدول الحديثة مثل معاهدة فرساي لعام 1919 أو أن تتحدد الحدود بموجب أحكام قضائية وقرارات تحكيمية(3) مثل القرار التحكيمي بين هندوراس ونيكاراغوا(1960)(4) .

كما يمكن أن تحدد الحدود بواسطة لجنة مشتركة تتكون من الدول ذات العلاقة بالأمر كما قد يكون التحديد نتيجة لقرار إداري كما هو الحال في بعض الدول الأفريقية وبعض جمهوريات أمريكا اللاتينية , على سبيل المثال حـدود السودان مع أوغندا وكينيا التي تم تحديدها بموجب الأمر المجلسي الذي أصدره وزير المستعمرات البريطانيــــة عام 1914.

وان تحديد الحدود تسبقه دراسات واستقصاء ميداني للمسائل الطبوغرافية والاجتماعية والقبلية والاقتصادية المتعلقة بالمنطقة المزمع تحديد حدودها , وذلــك لان تحديــد الحــدود في غيـاب مثـل هذه الدراسة قد يؤدي إلى فرض حدود غير منطقية وكذلك ينجم عنه أخطاء فنية مما يجعل تخطيط الحدود على الطبيعة أمرا ً معقدا ً .

ولا يوجد نمط معين للمعاهدات الحدودية , لكن توجد بعض المواد المتواترة في أغلب المعاهدات الحدودية ,مثلا ً من الأمور البديهية أن تتضمن المعاهدات الحدودية على نص أو مادة تتناول بالتفصيل الحدود التي تم الاتفاق عليها (5) كأن تشتمل المعاهدة على وصف الحدود والمناطق التي يمكن أن تخترقها والخرائط التي توضح الحدود, وكلما كان الوصف تفصيليا ً ودقيقا ً كلما أدى هذا الأمر إلى قلة احتمالات الاحتكاك والنزاع والعكس صحيح (6) .

وفي الحالات التي يكون فيها امتداد مدن أو قرى أو آبار أو مراع على طول خط الحدود الذي تم الاتفاق عليه , ينص في بعض الأحيان في معاهدة تحديد الحدود على إجراءات لغرض تسهيل انتقال سكان هذه المناطق من جانب إلى آخر, كما قد ينص على أن تكون هذه الآبار والطرق والمراعي متاحة لاستعمال المواطنين على وفق ضوابط محددة في الدولتين المتجاورتين , كما إن سكان الحدود يتمتعون بنظام إداري ذات مرونة , حيث توجد تسهيلات خاصة لانتقال الأطباء لممارسة أعمالهم على جانبي الحدود وكذلك انتقال قطعان المواشي ونقل المحاصيل وان هذا النظام القانوني يعــــرف بنظام الجوار , كما يمنح الدول المتجاورة بعض الحقوق الخاصة , كحق الملاحقة القضائية وكذلك التعاون لمكافحة التلوث والأوبئة .

ومن الجدير بالذكر إن معاهدات تحديد الحدود أحيانا ً تتناول مسألة استغلال الأنهار أو أجزاء الأنهار أو روافدها الممتدة بين إقليمي الدولتين المتجاورتين , كما قد ينص كذلك في معاهدة تحديد الحدود على مسألة السيادة على حقول الثروات الطبيعية الممتدة في باطن الأرض عبر الحدود الدولية وكيفية استغلال هذه الحقول(7) .

__________________

(1) صالح محمد محمود بدر الدين, المصدر السابق,ص65.

(2) سيد إبراهيم الدسوقي, مشكلات الحدود في القانون الدولي العام, دار النهضة العربية,القاهرة,2004, ص7.

(3) خالد عباس عبد الجليل ,الوضع القانوني للحدود اليمنية السعودية ,رسالة ماجستير غير منشورة ,جامعة بابل, كلية القانون,2004, ص23-24.

(4) محمد المجذوب ود .طارق المجذوب, القضاء الدولي,ط1,منشورات الحلبي الحقوقية,بيروت,2009,ص83 .

(5) وسام زيدان راهي الجبوري, التحكيم في المنازعات الحدودية– دراسة في النزاع اليمني الاريتـري, رسالة ماجستير غير منشورة, كلية القانون-جامعة بغداد,2006,ص 55.

(6) د.محمد محمود إبراهيم الديب الجغرافية السياسية,ط6,مكتبة الانجلو مصرية,القاهرة,1990,ص348.

(7) وسام زيدان الجبوري, مصدر سابق,ص55-56 .