أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-1-2022
1191
التاريخ: 5-1-2022
1946
التاريخ: 16-5-2022
1378
التاريخ: 7-5-2022
1654
|
الأبعاد الاقتصادية
أن العلاقات الاقتصادية العربية بالعالم ليست حديثة وإنما تعود إلى عصور قديمة فموقع الوطن العربي في وسط العالم جعله محطة تلتقي فيها القوافل التجارية. أن طريق الحرير الذي يربط الشرق بالغرب يمر من خلاله، وهذا أعطى الوطن العربي أهمية بالغة لأنه السوق الذي يتم فيه عرض وتبادل السلع التجارية.
إلا أن هذه الأهمية تراجعت بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء واشتداد الحملة الاستعمارية التي اجتاحت الوطن العربي شرقه وغربه التي استغلت الموارد الطبيعية المتاحة فيه. واستمر هذا الحال حتى المدة الفاصلة بين الحرب العالمية الأولى والثانية التي شهدت تغيرات مهمة في العلاقات الدولية حددت التغيرات الأساسية التي لحقت بالتطور الاقتصادي للبلاد العربية فقد اختفت الدولة العثمانية وروسيا من المسرح الدولي واختفاء ألمانيا كدولة عظمى وانطواء الولايات المتحدة الأمريكية على نفسها وانشغالها باستغلال مواردها الاقتصادية الهائلة وسوقها الواسعة. وهذا سبب الكساد العظيم في الاقتصاد الغربي(1).
وبعد الحرب العالمية الثانية حلت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي كونهما الدولتين العظيمتين الجديدتين محل بريطانيا وفرنسا اللتين أدت الحرب إلى اعتمادهما على المعونة الاقتصادية التي قدمتها لهما الولايات المتحدة الأمريكية في أثنائها. وفي هذه المرحلة زادت أهمية النفط بالتصاعد حتى بداية الخمسينيات من القرن العشرين فقد أتمت أوربا إعادة تعمير ما دمرته الحرب وصاحب ذلك تحول سوق النفط من سوق بائع إلى سوق مشتري باكتسابه مصادر جديدة له خارج أوربا(2) ونتيجة للحركة الاستقلالية التي انتهجتها البلدان العربية في المدة المحصورة بين 1955ـ1965 قامت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بدفع من الكيان الصهيوني لشن عدوان على مصر وسوريا والأردن في عام 1967 تمكن العدو الصهيوني خلالها من احتلال صحراء سيناء والضفة الغربية وهضبة الجولان. وقد كانت هذه الحرب نقطة تحول بالنسبة لأنصار الكيان الصهيوني إذ أثبتت فاعليتها في تحقيق مصالح القوى الدولية لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية(3) كما أن هذه الحرب حققت قفزة نوعية وكمية في المساعدات الاقتصادية التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني.
وفي بداية السبعينات ومع حرب تشرين 1973 استطاع العرب ولأول مرة في التاريخ من استخدام العامل الاقتصادي أداة ضغط لتغيير الموقف السياسي لصالحه وقد أعلن العرب النفط سلاح في المعركة. وهذا الموقف أدى بالقوى لاسيما الأوربية إلى البدء بحوار مع العرب تفاعلاً مع استجابة عربية أدت إلى ما سمي لاحقاً بالحوار العربي الأوربي(4) ونتج عن هذا الموقف توترات ضمن حلف الأطلسي حين صعدت الولايات المتحدة الأمريكية من ضغوطها لاحتواء أي دور أوربي سياسي واقتصادي نشط حيال المنطقة العربية(5).
أما في ثمانينات القرن العشرين فان القوى العالمية أسقطت التعامل مع العرب كمجموعة سياسية موحدة في جامعة الدول العربية وبنيت سياسة بناء علاقات اقتصادية وسياسية مع دول جنوب وشرق البحر المتوسط كل على انفراد وكذلك مع دول الخليج العربي وكان ذلك بتوافق مطلق بين استراتيجيات القوى الدولية(6).
وعلى العموم تبقى سياسة القوى الدولية لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية تستهدف التحكم بالنفط الذي (حسب رأيهم) لا يمكن تحقيقه إلا من خلال أشراف الجيش الأمريكي المباشر(7). ولذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتكثيف وجودها العسكري براً وبحراً وجواً في منطقة الخليج العربي وقد تعزز هذا الوجود في بداية التسعينات حيث أصبح الوجود الأمريكي يشكل حالة هيمنة مطلقة في الخليج العربي وقد تم تعزيز هذا الوجود من خلال الدعوة المباشرة من قبل الأسر الحاكمة في الخليج العربي لتكثيف القرارات الأمريكية في المنطقة تحت ذريعة حماية دول المنطقة من التهديد العراقي الذي لا أساس له بل رسم صورته الغرب ليتسنى له الهيمنة على منابع النفط وتجارته. وسواء أدرك العربي أم لم يدركوا فان العدوان الثلاثيين على العراق عام 1991 انشأ تحالفا على الأرض بين العرب والدول المعادية بما فيها الكيان الصهيوني، واصبح مطلوباً من الطرفين تقنين هذا التحالف وإبرامه في تعاقد بينهم سواء هرولوا أو تثاقلوا(8). وعلى أثر ذلك جاء ما يسمى بـ (مشروع الشرق أوسطي) الذي بلور فكرته شمعون بيرس (وزير خارجية الكيان الصهيوني) بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية التي تتزايد رغبتها في إعادة رسم المنطقة من خلال إقامة نظام إقليمي فيها يكون فرعاً لما يسمى بالنظام العالمي الجديد الذي يؤكد هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية. ويساهم كذلك في تعزيز دورها كقطب متفرد نظراً لما للمنطقة من أهمية حيوية للاقتصاد الأمريكي.
لقد أصبحت القوة الاقتصادية تفرض نفسها اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالاستقلال قبل كل شيء استقلال اقتصادي، وهذا يعني أن البلد الغني لا يحتاج للمساعدة ولا يضطر للخضوع إلى الشروط السياسية التي ترافق عادة مثل هذه المساعدة. فالدول الكبرى اليوم تلجأ إلى المساعدات كشكل من أشكال الهيمنة على الدول النامية، ولذلك تم إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في عام 1945 ومنظمة التجارة الدولية في عام 1995. وهذه المؤسسات أصبحت الوسائل التي تحارب بها الحكومات المؤمنة باقتصاد السوق وعدّها ترسانة استراتيجية لها(9). أن القوة الاقتصادية أكثر من أية قوة أخرى، تشكل هدفا تسعى إليه الدول، وأساسا تقوم عليه قوتها الراهنة والمستقبلية ومعيارا أساسيا من معايير قياس قوتها، وفي الوقت نفسه أداة من الأدوات التي تملكها الدولة في ممارسة السياسة الدولية.
وفي ظل تنامي ظاهرة العولمة سيبقى الاقتصاد هو المسيطر ولكن سيشهد العالم أشكالا جديدة من التنافس للسيطرة عليه. وهذا التنافس سيحدث تغيرات مستقبلية في العلاقات بين القوى الاقتصادية. وقد ميز غسان العزي هذه التغيرات بالآتي(10):ـ
1ـ نهاية النظام القائم على هيمنة قوة كبرى.
2ـ يشهد العالم أقلمه* متنامية للاقتصاد العالمي حيث بدأت تتشكل أقطاب إقليمية مثل أوربا الموحدة، الولايات المتحدة مع نافثا والتبادل الحر لأمريكا الشمالية بين كندا والولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، والأسيان وغيرها.
3ـ قد يشهد العالم قوى صناعية جديدة ليس في آسيا وأمريكا اللاتينية فقط ولكن في الجمهوريات المنفصلة عن الاتحاد السوفيتي السابق.
في جميع الأحوال أن القوى الاقتصادية سوف تكون سلاح القرن الحادي والعشرين ولكن هذا السلاح لن يبقى حكراً على دولة واحدة أو مجموعة صغيرة من الدول الكبرى بل سوف تبقى سلاحاً متغيراً إلى حدود بعيدة جداً.
_________________
(1) جلال أحمد أمين، مصدر سابق، ص 35.
(2) نفس المصدر، ص 50.
(3) عبد المنعم سعيد، مصدر سابق، ص 77.
(4) مازن الرمضاني، العلاقات العربية الأوربية والمستقبل، مجلة أم المعارك، بغداد، العدد 21، 2000، ص 31.
(5) جاسم محمد عبد الغني، المتغيرات العالمية وانعكاساتها على الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العد 139، 1999، ص7.
(6) مازن الرمضاني، المصدر نفسه، ص 33.
(7) صبري فارس الهيتي، المستقبل الجيوبولتيكي للوطن العربي في ضوء المتغيرات الدولية، مجلة دراسات الشرق الأوسط، مركز دراسات أم المعارك، بغداد، العدد 4، 1997، ص 269.
(8) محمد حسنين هيكل، أزمة العرب ومستقبلهم، دار الشروق، القاهرة، ط3، 1997، ص 25.
(9) هانس بيتر مارتن وهارالد شومان، فخ العولمة، ترجمة عدنان عباس علي، سلسلة عالم المعرفة، رقم 238، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1998، ص34.
(10) غسان العزي، مصدر سابق، ص 43ـ44.
* الأقلمة. هي نشاط بين الدول يتراوح بين تنسيق قوى للسياسة. وأن يكن أولياً كالنموذج القائم في آسيا ـ المحيط الهادي، الذي سبق الانهيار الاقتصادي في المنطقة، وبين التكامل التام للدول في إطار سوق مشتركة على نمط الاتحاد الأوربي. المصدر: ريتشارد هيجوت، العولمة والأقلمة، سلسلة محاضرات الإمارات، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الإمارات، 1998، ص5.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|