المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

معقدات الاستئصال Exosome Complexes
9-4-2018
الضرر الناشيء عن الخطأ المهني والخطأ العادي في اطار المسؤولية الطبية
16-5-2016
أنواع الاعراب
15-10-2014
Ismael Boulliau
21-1-2016
التقسيم
25-03-2015
مفهوم الشرط
31-8-2016


الحضانة  
  
1821   01:43 صباحاً   التاريخ: 25-11-2020
المؤلف : للعلامة المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي
الكتاب أو المصدر : شمس المرأة لا تغيب
الجزء والصفحة : ص86 – 89
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /

إن الحضانة في الاساس مرتبطة بالرضاعة ، وبما ان المرأة تمتلك القدرة على القيام بأمور الطفل ، فان حياة الطفل ترتبط بها منذ ان اصبح رحمها المكان الانسب لنطفته ، وهو خير بيت يحمي الجنين فيه وينمو بعد خلقته وعلى اثرها جاءت الرضاعة التي هي جزء لا يتجزأ من الحمل والانجاب ، ويبقى حليبها هو الغذاء الافضل للطفل كما اعترف العلم الحديث بذلك ، ووردت احاديث من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل بيته (عليهم السلام) في هذا الاتجاه ايضا ، ومن هنا فان حرمان الطفل من امه ظلم لا يغتفر ، وله اثار سلبية تظهر في الكبر ، ولقد اكتشف العلماء حديثا ان الكثير ممن يبتلى بضغط الدم ناتج من حرمانه حليب الام، كما ذكروا بان افراغ الحليب من ثدي الام يحول دون اصابة الثدي بالسرطان ، بالإضافة الى مص الطفل لثدي امه هو الاخر يقلل من نسبة اصابة الثدي بالسرطان ، الى غيرها من اثار وفوائد للطرفين . ومن المعلوم ان الرضاعة امدها سنتان بلا خلاف حيث قال تعالى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] . ورغم ان الرضاعة حق من حقوق الطفل الا ان الأم لها الحق في اخذ الأجرة على ذلك من زوجها (1) ان لم تتبرع بذلك ، حيث ان المسؤولية تقع على الاب. ولا خلاف بان الأم أحق بحضانة الطفل من غيرها ان شاءت ، وكانت مأمونه على الطفل من عقيدتها وسلوكها ، ولم تتزوج ، واقل الحضانة سنتان ، واكثرها سبع سنين على خلاف في ذلك ، وربما قالوا حتى البلوغ او التمييز ، واما بعد ذلك فيأتي دور الاب في تحمل مسؤولياته (2) .

ولا تنافي بين كون الأم أحق بالحضانة وبين ان لها الحق في ان تقبض الأجر على حضانتها للطفل ، وذلك حفاظا على حقوقها المادية والمعنوية ، وحقوق الطفل ايضا ، وهذا دليل اخر على ان الاسلام قد حافظ على الطفل والام ولم يترك جانبا من جوانب المسالة الا وبينها ورعاها.

فالطفل في هذه الفترة بحاجة الى الحنان والعطف اللذان مصدرهما الأم ، دون الأب ، وأما بعد ذلك فان الطفل بحاجة الى مراقبة وتربية ورعاية ، فالأب أقدر على ذلك من الأم ، وما يحاك ضد الاسلام حول رعاية الطفل وحرمان الأم منه محض افتراء .         

____________________________

(1) في دراسة حول القوانين وحقوق المرأة والتي انتشرت في اواخر الثمانينيات من القرن الماضي من خلال مؤتمر المرأة العالمي ، كشفت البحوث آنذاك ان الشريعة الاسلامية كقانون اعطت المرأة من الحقوق ما لم يوجد في اي من القوانين الوضعية حتى تلك التي تصدرها الدول الداعية الى تحرير المرأة . ومما اشارت اليه الدراسة هو ان الاسلام اعطى للمرأة حق الاجرة عن ارضاع الطفل ، وترك لها ان تتبرع بذلك ، راجع اليونسيف ــ حقوق المرأة ــ المعدة .

(2) راجع الفقه الاستدلالي : 7/742 ، منهاج الصالحين : 2/315 . 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.