البعد الداخلي : يعتبر البعد الداخلي الأكثر أهمية وتأثيرا في وقتنا المعاصر حيث أصبح تهديد أمن الدولة من الداخل أكثر خطورة من التهديد العسكري الخارجي , بعد أن تحولت أدوات التدخل الخارجية غالبا إلى أدوات اقتصادية واجتماعية وسياسية تحرك من داخل الدولة , لذا نجد أن مفهوم الأمن القومي أصبح أكثر شمولية ليشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية وغيرها  وأخذت التهديدات الداخلية تأخذ أشكالا عديدة (1).

ونتيجة لتعدد التهديدات برزت العديد من المفاهيم للأمن وكلها تندرج تحت عنوان الأمن النوعي, لأنها تمثل نوعا معين من الأمن كالأمن النفسي (ارتباط وثيق بالشعور والإحساس) والأمن الغذائي (توافر الغذاء) والأمن الاجتماعي (توفر الطمأنينة والرفاهية والتغلب على المرض والجهل) والأمن الثقافي والفكري (عدم وجود أي عوامل خارجية مؤثرة أو غزو فكري) والأمن الاقتصادي (ثبات في الدخل واستقرار مادي) الأمن المائي(توفر المياه) وغير ذلك (2).

ومما تجدر الإشارة إليه أن الباحث في مصاديق الأمن النوعي يجد أن التعدد الاثني وما ينتج عن ذلك من صراعات محلية حول السلطة والثروة ومصادر الموارد وتطلع بعض المجموعات إلى تحقيق الاستقلال من أهم المتغيرات المؤثرة في الأمن الداخلي(3).

لذا فقد أصبح توفير الأوضاع الملائمة وتلبية حاجات المواطنين وتوفير سبل التقدم والرفاهية والحفاظ على العادات والقيم والمعتقدات والموروث الحضاري من أولويات الاستراتيجيات الأمنية في عالمنا المعاصر , فكلما كانت الدولة تتمتع بمستوى عالي من الأمن الداخلي كان باستطاعتها إدارة علاقتها الخارجية بصورة تجعلها قادرة على مجابهة التهديدات المحتملة(4).

_________

(1) صبري فارس إلهيتي, امن الخليج العربي والحرب العراقية الإيرانية, مجلة الجمعية الجغرافية العراقية, المجلد 15, 1985, بغداد , ص6.

(2) زكريا حسين , مصدر سابق , ص 8 .

(3) نصر الدين أبو هداية , مصدر سابق , ص 13.

(4)  THE Wikipedia, the free encyclopedia ,National security Political terminology, http