المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

مراجعة الأحكام بغير طرق الطعن
23-3-2022
محمد بن علي الهَرَوي
12-08-2015
أنماط من تكنولوجيا نقل النص على الشبكة
20-2-2022
ما تحتاجه الثورة
3-04-2015
معنى كلمة عنق
17-12-2015
الطفل المدلل(1)
10-12-2019


ثورة أهالي المدينة  
  
3392   03:03 مساءً   التاريخ: 10-04-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص226-228.
القسم :

حدثت انتفاضة المدينة عام 63 أو 62 هجرية وعرفت باسم واقعة الحرّة وكان الباعث على هذه الثورة هو انّه قد سادت موجة من الغضب والرفض أرجاء العالم الإسلامي ضد يزيد أثر استشهاد الإمام الحسين ، وقد ثارت المدينة أيضاً وهي معقل أهل البيت والصحابة والتابعين .

أرسل عامل المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان ـ وهو لا يقل عن يزيد سذاجة ونزقاً وغطرسة ـ جماعة من كبار المدينة بالنيابة عن أهاليها إلى الشام وبتوصية من يزيد حتى يشاهدوا الخليفة الشاب عن كثب ويتمتعوا بكرمه وإحسانه، ثمّ بعد ذلك يحثّون أهل المدينة على طاعته والخضوع له.

ولتنفيذ هذا المخطط أرسل عثمان مجموعة مركبة من: المنذر بن الزبير بن العوام، عبد اللّه بن أبي عمرو المخزومي، وعبد اللّه بن حنظلة غسيل الملائكة مع عدة شخصيات بارزة للقاء يزيد في دمشق، فراح يزيد ولعدم تمتعه بالتربية الإسلامية والمستشارين ليوصوه باتزان السلوك أمامهم على الأقل ولا حيطة أبيه ليعرب انّ الذي يحكم المسلمين باسم الإسلام فعليه ـ على الأقل ـ أن يحافظ على تعاليم الإسلام ويتظاهر بذلك، راح ـ و بحضور تلك الشخصيات ـ يلاعب الكلاب ويتجاهر بشرب الخمر ويقيم مجالس اللهو و الفجور والغناء دون انقطاع، غير انّه استقبلهم استقبالاً حاراً ولقيهم بحفاوة وأكرمهم وأحسن إليهم وقدّم لهم الهدايا والأموال الطائلة بما يزيد على الخمسين والمائة ألف دينار، و كان يعتقد انّهم سيمطرونه بالإطراء والمديح والثناء حينما يعودون إلى المدينة بعد كلّ هذه الحفاوة والتكريم والهدايا التي قدمها لهم في قصر دمشق الأخضر، ولكن هذا اللقاء لم يثمر النتيجة المطلوبة فقط، بل صار وبالاً عليه وحدث عكس ما كان يتوقعه تماماً.

رجعت تلك الشخصيات إلى المدينة ماعدا المنذر بن الزبير الذي ذهب إلى البصرة، وأعلنوا في اجتماع لهم بالناس: «قدمنا من عند رجل ليس له دين يشرب الخمر ويضرب بالطنابير ويعزف عنده القيان، ويلعب بالكلاب، ويسمر عنده الحرّاب ـ و هم اللصوص ـ وانّا نشهدكم أنّا قد خلعناه» .

وقال ابن حنظلة: «جئتكم من عند رجل لو لم أجد إلاّ بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم، وقد أعطاني وأكرمني وما قبلت منه عطاءه إلاّ لأتقوّى به» .

فبايع الناس أثر ذلك عبد اللّه بن حنظلة وطردوا عامل المدينة وجميع الأمويين منها، وبعد أن اطّلع يزيد على الأمر أرسل مسلم بن عُقْبَة الذي كان طاعناً في السن ومطيعاً لبني أُمية مع جيش جرّار لقمع الانتفاضة والقضاء عليها، وقال له : «ادع القوم ثلاثاً فإن أجابوك وإلاّ فقاتلهم، فإذا ظهرت عليهم فانهبها ثلاثاً، فكلّ ما فيها من مال أو دابة أو سلاح أو طعام فهو للجند».

هاجم جيش الشام المدينة واندلعت حرب دامية بين الفريقين، وانهزم الثوريون في النهاية، وقتل قادة الانتفاضة، فراح مسلم يقتلهم بشكل جماعي لمدة ثلاثة أيام وينهب أموالهم، وقد اقترف مقاتلو الجيش الشامي جرائم فظيعة يخجل القلم من كتابتها، و قد سمّي مسلم لقيامه بهذه المجازر مسرفاً، وبعد ان انتهت المجازر دعا مسلم الناس إلى البيعة ليزيد على أنّهم خول وخدم له.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.