المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17599 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

Generalized Hypergeometric Differential Equation
12-6-2018
تماثيل رعمسيس الثاني.
2024-08-17
Growth and Decay
11-2-2016
العوامل الجغرافية المؤثرة في توزيع السكان- العوامل الجغرافية- العوامل الطبيعية- المناخ- الحرارة
6-12-2021
Prime Constellation
8-9-2020
أمراض البيثيوم Pythium diseases
2024-02-16


تفسير الآية (65-70) من سورة يونس  
  
2518   01:50 صباحاً   التاريخ: 17-3-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الياء / سورة يونس /

 

قال تعالى :{وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (66) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67) قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ } [يونس: 65 - 70]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ } ظاهره النهي والمراد به التسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن أقوالهم المؤدية وهو مثل قولهم لا رأيتك هاهنا أي لا تكن هاهنا فمن كان هاهنا رأيته وكذلك المراد بالآية لا تعبأ بأذاهم فمن عبا به آذاه أذاهم { إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } فيمنعهم منك بعزته ويدفع أذاهم عنك بقدرته وقيل معناه لا يحزنك قولهم إنك ساحر أومجنون فسينصرك الله عليهم وسيذلهم وينتقم منهم لك فإنه عزيز قادر عليه { هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } يسمع أقوالهم ويعلم ضمائرهم فيجازيهم عليها ويدفع عنك شرهم ويرد كيدهم وضرهم .

لما سلى الله سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) بقوله {ولا يحزنك قولهم} فإنهم لا يفوتونني بين بعد ذلك ما يدل على صحته فقال {ألا إن لله من في السموات ومن في الأرض} يعني العقلاء وإذا كان له ملك العقلاء فما عداهم تابع لهم وإنما خص العقلاء تفخيما {وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء} يحتمل ما هاهنا وجهين (أحدهما) أن يكون بمعنى أي شيء فكأنه قال وأي شيء يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء تقبيحا لفعلهم (والآخر) أن يكون نافية أي: وما يتبعون شركاء في الحقيقة ويحتمل وجها ثالثا وهو أن يكون ما بمعنى الذي ويكون منصوبا بالعطف على من ويكون التقدير والذي يتبع الأصنام الذين يدعونهم من دون الله شركاء فحذف العائد من الصلة وشركاء حال من ذلك المحذوف وإن جعلت ما نفيا فقوله {شركاء} ينتصب بيدعونه والعائد إلى الذين الواوفي يدعون ويكون قوله {إن يتبعون} مكررا لطول الكلام وتقف في هذا القول على قوله {ومن في الأرض} وفي ذلك القول على قوله {شركاء} {إن يتبعون إلا الظن} أي: ليس يتبعون في اتخاذهم مع الله شركاء إلا الظن لتقليدهم أسلافهم في ذلك أولشبهة دخلت عليهم بأنهم يتقربون بذلك إلى الله تعالى {وإن هم إلا يخرصون} أي: وليسوا إلا كاذبين بهذا الاعتقاد والقول.

 { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ } معناه: أن الذي يملك من في السموات ومن في الأرض هو الذي خلق لكم الليل لسكونكم ولأن يزول التعب والكلال عنكم بالسكون فيه {والنهار مبصرا} أي: وجعل النهار مبصرا مضيئا تبصرون فيه وتهتدون به في حوائجكم بالأبصار {إن في ذلك لآيات} أي: لحججا ودلالات على توحيد الله سبحانه من حيث لا يقدر على ذلك غيره {لقوم يسمعون} الحجج سماع تدبر وتفهم وتعقل .

ثم حكى الله سبحانه عن صنف من الكفار أنهم أضافوا إليه اتخاذ الولد وهم طائفتان (إحداهما) كفار قريش والعرب فإنهم قالوا الملائكة بنات الله (والأخرى) النصارى الذين قالوا المسيح ابن الله فقال سبحانه {قالوا اتخذ الله ولدا} وإنما قال {قالوا} وإن لم يكن سبق ذكرهم لأنهم كانوا بحضرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وكان يعرفهم وتصح الكناية عن المعلوم كما تصح عن المذكور {سبحانه} أي: تنزيها له عما قالوا {هو الغني} عن اتخاذ الولد ثم بين سبحانه الوجه فيه فقال {له ما في السموات وما في الأرض} ومعناه إذا كان له ما في السموات وما في الأرض ملكا وملكا وخلقا فهو الغني عن اتخاذ الولد لأن الإنسان إنما يتخذ الولد ليتقوى به من ضعف أو ليستغني به من فقر والله سبحانه منزه عن ذلك وإذا استحال اتخاذ الولد حقيقة عليه سبحانه استحال عليه اتخاذ الولد على وجه التبني {إن عندكم من سلطان بهذا} أي: ما عندكم من حجة وبرهان بهذا { أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } هذا توبيخ من الله سبحانه لهم على قولهم ذلك,

 ثم بين سبحانه الوعيد لهم على ذلك فقال {قل} يا محمد {إن الذين يفترون} أي: يكذبون {على الله الكذب} باتخاذ الولد وغير ذلك {لا يفلحون} أي: لا يفوزون بشيء من الثواب وأصل الافتراء من القطع من فريت الأديم أي قطعته فمعناه يقطعون الكذب الذي يكذبون به على الله تعالى وقوله {متاع في الدنيا} معناه لهم متاع في الدنيا يتمتعون به أياما قلائل ثم تنقضي وقوله {ثم إلينا مرجعهم} أي: ثم إلى حكمنا مصيرهم { ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ} وهو عذاب النار {بما كانوا يكفرون} أي: بكفرهم .

______________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي ،ج5،ص206-209.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ولا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً}. جن جنون المرابين وأرباب الامتيازات من دعوة محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) إلى العدل والمساواة ، وتحريم الظلم والاستغلال ، جن جنونهم من هذه الدعوة التي تؤدي بعزهم وثرائهم ، وهم يملكون السطوة وخزائن الأرض . . فقاوموا النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أول ما قاوموه بالافتراءات والإشاعات ، وقالوا : هو مجنون . فما صدقهم أحد ، فقالوا : هو ساحر . فكذبتهم الوقائع ، فصمموا على اغتياله ، وتشاوروا في طريق الاغتيال ، فقال اللَّه لنبيه الأكرم :

لا تبال بما يقولون عنك ، وما يدبرونه لك ، فإن القوة والعزة جميعا للَّه ، لا للمال ، ولا للجاه ، فهو الذي يعز من يشاء ، ويذل من يشاء ، وسينتقم من الذين كذبوك ، وقالوا عنك ما قالوا . . ولا يجدون وليا ولا نصيرا يدرأ عنهم نقمة اللَّه وغضبه {هُوَ السَّمِيعُ}لافترائهم عليك {الْعَلِيمُ}بما يدبرونه لك من الكيد . . وانه لهم لبالمرصاد .

وتسأل : لقد دلت هذه الآية على أن العزة بكاملها للَّه وحده ، لا يشاركها فيها أحد ، مع أن الآية 8 من سورة « المنافقون » تقول : {وللَّه العزة ولرسوله وللمؤمنين} ؟ .

الجواب : ان عزة الرسول والمؤمنين هي للَّه ، ومن اللَّه ، فبه يعتزون ، ومنه يستمدون .

{أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ ومَنْ فِي الأَرْضِ}ومن كان له هذا الملك فهو قادر على نصرة نبيه ، وإعزازه والانتقام من أعدائه . وقال تعالى {من}ولم يقل ( ما ) لأن الكلام عن المشركين الذين افتروا الكذب على اللَّه ونبيه {وما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ}. إذا اتبعت إنسانا معتقدا بصلاحه ، وهو ضال في الواقع فأنت لا تتبع صالحا ، بل ضالا ، وهذه هي حال من يعبد الأصنام معتقدا بأنها شريكة للَّه . . انه لا يعبد شركاء اللَّه لسبب واضح وبسيط ، وهو انه ليس للَّه شركاء ، ويوضح إرادة هذا المعنى قوله تعالى : {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}. وقوله : ان هم الا يخرصون تأكيد لقوله :

ان يتبعون الا الظن ، والجملتان تفسير وتوضيح لقوله : وما يتبع الذين يدعون من دون اللَّه شركاء . وسبق نظير هذه الآية مع البيان في الآية 28 من هذه السورة .

{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ والنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}. مبصرا أي نبصر فيه للكد والكدح ، أما الليل فظلام لأنه للسكن من متاعب النهار ، وأوضح تفسير لهذه الآية قوله تعالى : {وجَعَلْنَا اللَّيْلَ والنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ - أي جعلناها مظلمة - وجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ - 12 الاسراء} .

{قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ}. سبق مثله مع ذكر الأدلة على نفي الولد عنه تعالى في سورة البقرة الآية 117 ج 1 ص 186 ، وتكلمنا عن الأقانيم الثلاثة : الأب والابن وروح القدس في ج 2 ص 344 .

{قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ}في الآخرة التي هي خير وأبقى من حياتنا هذه . ويكون عذابهم أشد ، وحسرتهم أعظم إذا كان افتراؤهم قولا في ذات اللَّه وصفاته ، ونسبة الشريك له والصاحبة والولد .

{مَتاعٌ فِي الدُّنْيا}أي ان ما فيه المشركون من نعم هو متاع حقير ، وان كثر ما لهم ، واتسع جاههم ، لأنه قصير الأمد ، ومشوب بالمنغصات ، وما هو بشيء إذا قيس بنعيم الآخرة {ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ}باللَّه ونعمه وتكذيب رسله .

_______________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنيه ،ج4،ص176-178.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}تأديب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بتعزيته و تسليته فيما كانوا يؤذونه به بالوقوع في ربه والطعن في دينه والاعتزاز بشركائهم وآلهتهم كما يشعر به القول في الآية التالية فكاد يحزن لله فسلاه الله وطيب نفسه بتذكيره ما يسكن وجده وهو أن العزة لله وأنه سميع لمقالهم عليهم بحاله وحالهم وإذ كان له تعالى كل العزة فلا يعبأ بما اعتزوا به من العزة الوهمية فهذوا ما هذوا، وإذ كان سميعا عليما فلو شاء لأخذهم بالنكال وإذ كان لا يأخذهم فإنما في ذلك مصلحة الدعوة وخير العاقبة.

ومن هنا يظهر أن كلا من قوله:{إن العزة لله}وقوله:{هو السميع العليم}علة مستقلة للنهي ولذا جيء بالفصل من غير عطف.

قوله تعالى:{ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}إلى آخر الآية فيه بيان مالكيته تعالى لكل من في السماوات والأرض التي بها يتم للإله معنى الربوبية فإن الرب هو المالك المدبر لأمر مملوكه، وهذا الملك لله وحده لا شريك له فما يدعون له من الشركاء ليس لهم من معنى الشركة إلا ما في ظن الداعين وفي خرصهم من المفهوم الذي لا مصداق له.

فالآية تقيس شركاءهم إليه تعالى وتحكم أن نسبتهم إليه تعالى نسبة الظن والخرص إلى الحقيقة والحق، والباقي ظاهر.

وقد قيل:{ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}ولم يقل: ما في السماوات وما في الأرض لأن الكلام في ربوبية العباد من ذوي الشعور والعقل وهم الملائكة والثقلان.

قوله تعالى:{ هُوالَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}الآية.

الآية تتمم البيان الذي أورد في الآية السابقة لإثبات ربوبيته تعالى والربوبية - كما تعلم - هي الملك والتدبير، وقد ذكر ملكه تعالى في الآية السابقة، فبذكر تدبير من تدابيره العامة في هذه الآية تصلح به عامة معيشة الناس وتستبقي به حياتهم يتم له معنى الربوبية.

وللإشارة إلى هذا التدبير ذكر مع الليل سكنهم فيه، ومع النهار إبصارهم فيه الباعث لهم إلى أنواع الحركات والتنقلات لكسب مواد الحياة وإصلاح شئون المعاش فليس يتم أمر الحياة الإنسانية بالحركة فقط أوبالسكون فقط فدبر الله سبحانه الأمر في ذلك بظلمة الليل الداعية إلى تجديد تجهيز القوى بعد ما لحقها من العي والتعب والنصب وإلى الارتياح والأنس بالأهل والتمتع مما جمع واكتسب بالنهار والفراغ للعبودية، وبضوء النهار الباعث إلى الرؤية فالاشتياق فالطلب.

قوله تعالى:{ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}إلى آخر الآية الاستيلاد بمعناه المعروف عند الناس هو أن يفصل الموجود الحي بعض أجزاء مادته فيربيه بالحمل أو البيض تربية تدريجية حتى يتكون فردا مثله، والإنسان من بينها خاصة ربما يطلب الولد ليكون عونا له على نوائب الدهر وذخرا ليوم الفاقة، وهذا المعنى بجميع جهاته محال عليه تعالى فهو عز اسمه منزه عن الأجزاء متعال عن التدريج في فعله بريء عن المثل والشبه مستغن عن غيره بذاته.

وقد نفى القرآن الولد عنه بالاحتجاج عليه من كل من الجهات المذكورة كما تعرض لنفيه من جميعها في قوله:{ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ  بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ:}البقرة: - 116-117 وقد مرت الإشارة إلى ذلك في تفسير الآيات في الجزء الأول من الكتاب.

وأما الآية التي نحن فيها فهي مسوقة للاحتجاج على نفي الولد من الجهة الأخيرة فحسب وهو أن الغرض من وجوده الاستعانة به عند الحاجة وذلك إنما يتصور فيمن كان بحسب طبعه محتاجا فقيرا، والله سبحانه هو الغني الذي لا يخالطه فقر فإنه المالك لما فرض في السماوات والأرض من شيء.

وقوله:{ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} أي برهان بهذا إثبات لكونهم إنما قالوه جهلا من غير دليل فيكون محصل المعنى أنه لا دليل لكم على ما قلتموه بل الدليل على خلافه وهو أنه تعالى غني على الإطلاق، والولد إنما يطلبه من به فاقة وحاجة، والكلام على ما اصطلح عليه في فن المناظرة من قبيل المنع مع السند.

وقوله:{ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }توبيخ لهم في قولهم ما ليس لهم به علم، وهو مما يستقبحه العقل الإنساني ولا سيما في ما يرجع إلى رب العالمين عز اسمه.

قوله تعالى:{ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}تخويف وإنذار بشؤم العاقبة، وفي الآيتين من لطيف الالتفات ما هوظاهر فقد حكى الله أولا عنهم من طريق الغيبة قولهم:{اتخذ الله ولدا}ثم خاطبهم خطاب الساخط الغضبان مما نسبوا إليه وافتروا عليه فقال:{إن عندكم من سلطان بهذا أ تقولون على الله ما لا تعلمون}وإنما خاطبهم متنكرا من غير أن يعرفهم نفسه حيث قال:{على الله}ولم يقل: علي أوعلينا صونا لعظمة مقامه أن يخالطهم معروفا ثم أعرض عنهم تنزها عن ساحة جهلهم ورجع إلى خطاب رسوله قائلا:{ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}لأنه إنذار والإنذار شأنه.

قوله تعالى:{ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ }خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه بيان وجه عدم فلاحهم بأنه كفر بالله ليس بحذائه إلا متاع قليل في الدنيا ثم الرجوع إلى الله والعذاب الشديد الذي يذوقونه.

_________________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي، ج10،ص73-75.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

وحولت الآية الخطاب إِلى النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يمثل رأس سلسلة أولياء الله وأحبائه مخاطبةً له بلحن المواساة وتسلية الخاطر:{ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}ولا يمكن أن يقوم العدو بعمل مقابل إِرادة الحق، فإِنّه تعالى عالم بكل خططهم ودسائسهم. فـ{هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.

جانب من آيات عظمته:

تعود الآيات أعلاه مرّة أُخرى إِلى مسألة التوحيد والشرك والتي تعتبر واحدة من أهم مباحث الإِسلام، وبحوث هذه السورة، وتجرّ المشركين إِلى المحاكمة وتثبت عجزهم.

فتقول أولا:{ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} وإِذا كان الأشخاص ملكه ومنه، فمن الأُولى أن تكون الأشياء الموجودة في هذا العالم ملكه ومنه، وبناءً على هذه فإِنّه مالك كل عالم الوجود، ومع هذا الحال كيف يمكن أن يكون مماليكه شركاءه؟

ثمّ تضيف الآية:{ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}إِذ لا دليل ولا برهان لهم على كلامهم{وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}.

كلمة «الخرص» وردت في اللغة بمعنى الكذب، وكذلك وردت بمعنى الحدس والتخمين، وفي الأصل ـ كما قاله الراغب في مفرداته ـ بمعنى حزر الفواكه، ثمّ تخمينها على الأشجار، ولما كان الحدس والتخمين قد يخطىء أحياناً، فإِنّ هذه المادة قد جاءت بمعنى الكذب أيضاً.

وأساساً، فإنّ إِتباع الظن والحدس الذي لايستند إِلى أساس ثابت يجرّ الإِنسان في النهاية إِلى وادي الكذب عادة. والاشخاص الذين جعلوا الأصنام شريكة لله سبحانه لم يكن لهم مستند في ذلك إلاّ الأوهام .. الأوهام التي يصعب علينا اليوم حتى تصورها، إِذ كيف يمكن أن يصنع الإِنسان تماثيل ومجسمات لا روح لها، ثمّ يعتبر ماصنعه وخلقه ربّاً له وأنّه هو صاحب إِرادته، وأن أمره بيده؟! يضع مقدراته في يده وتحت تصرفه ويطلب منه حل مشاكله؟! أليست هذه الدعوى من أوضح مصاديق الزيف و الكذب؟

بل يمكن استفادة هذا من الآيه كقانون كلي عام ـ بدقة قليلة ـ وهو أنّ كل من يتبع الظن والأوهام الباطلة فإِنّه سينجّر في النهاية إِلى الكذب .. إِنّ الحق والصدق قائم على أساس القطع واليقين، أمّا الكذب فإِنّه يقوم على اساس التخمينات والظنون والشائعات!

ثمّ ومن أجل إِكمال هذا البحث، وتبيّن طرق معرفة الله، والإِبتعاد عن الشرك وعبادة الأوثان، أشارت الآية الثّانية إِلى جانب من المواهب الإِلهية التي أودعت في نظام الخلقة والدالّة على عظمة وقدرة وحكمة الله عزَّوجلّ، فقالت:{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}.

إِنّ نظام النور والظلمة الذي أكدت عليه آيات القرآن مراراً، نظام عجيب وغزير الفائدة، فهو من جهة يضيء عرصة حياة البشر بإِفاضة النور في مدّة معينة ويحركها ويبعثها على السعى والجد، ومن جهة أُخرى فإِنّه بإِرخاء سدول الليل المظلم وهدوئه يهيء الروح والجسد المتعبين للعمل والحركة من جديد.

نعم{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} أُولئك الذين يسمعون ويدركون، وبعد إِدراك الحقيقة يتبعونها ويسيرون على نهجها.

تستمر هذه الآيات ـ أيضاً ـ في بحثها مع المشركين ، وتذكر واحدة من أكاذيب واتهامات هؤلاء لساحة الله المقدسه، فتقول أوّلا:{قالوا اتّخذ الله ولداً}.

إِنّ هذا الكلام قاله المسيحيون في حق المسيح(عليه السلام)، ثمّ عبدة الأوثان في عصر الجاهلية في حق الملائكة، حيث كانوا يظنون أنّها بنات الله، وقاله اليهود في شأن عزير. ويجيبهم القرآن بطريقين:

الأوّل: إِنّ الله سبحانه منزّه عن كل عيب ونقص، وهو مستغن عن كل شيء:{سبحانه هو الغني} وهذا إِشارة إِلى أنّ الحاجة إِلى الولد، إمّا للحاجة الجسمية إِلى قوته ومساعدته، أو للحاجة الروحية والعاطفية، ولما كان الله سبحانه منزّه عن كل عيب ونقص وحاجة، فلايمكن أن يتخذ لنفسه ولداً.

{ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} ومع هذا الحال فأي معنى لأن يتخذ لنفسه ولداً ليطمئنه ويهدئه، أو يعينه ويساعده.

ممّا يلفت النظر أنّ الآية عبّرت هنا بـ (اتخذ) وهذا يوحي أنّ هؤلاء كانوا يعتقدون أنّ الله تعالى لم يلد ذلك الولد، بل يقولون: إِنّ الله قد اختار بعض الموجودات كولد له، تماماً مثل أُولئك الذين لا يولد لهم ولد، ويتبنون طفلا من دور الحضانة وأمثالها.

على كل حال، فإِنّ هؤلاء الجاهلين وقصيري النظر وقعوا في اشتباه المقارنة بين الخالق والمخلوق، وكانوا يقيسون ذات الله الصمدية على وجودهم المحدود المحتاج.

والجواب الثّاني الذي يذكره القرآن لهؤلاء هو: إِنّ من يدعي شيئاً يجب عليه أن يقيم دليلا على مدعاه:{ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }أي إِنّكم على فرض عدم قبولكم للدليل الأوّل الواضح، فإِنّكم لا تستطيعون أن تنكروا هذه الحقيقة، وهي أن ادعاءَكم وقولكم تهمة وقول بغير علم.

وتعيد الآية التّالية عاقبة الإِفتراء على الله المشؤومة. فتوجه الخطاب إِلى النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وتقول:{ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}.

وعلى فرض أن هؤلاء يستطيعون بافتراءاتهم وأكاذيبهم أن ينالوا المال والمقام لعدّة أيّام، فإِنّ ذلك{مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}.

الواقع أنّ هذه الآية والتي قبلها ذكرتا نوعين من العقاب لهؤلاء الكذابين الذين نسبوا إِلى الله تهمة اتّخاذ الولد:

الأوّل: إِنّ هذا الكذب والإِفتراء لايمكن أن يكون أساساً لفلاح ونجاح هؤلاء أبداً، ولا يوصلهم إِلى هدفهم مطلقاً، بل إِنّهم يصبحون حيارى تائهين تحيط التعاسة والشقاء والهزيمة بأطرافهم.

الثّاني: على فرض أنّهم استطاعوا أن يستغفلوا الناس ويخدعوهم بهذه الكلمات لعدة أيّام، ويصلوا عن طريق الديانة الوثنية إِلى رفاه وعيش رغيد، إلاّ أنّ هذا التمتع لا دوام ولا بقاء له، والعذاب الإِلهي الخالد في انتظارهم.

___________________

1- تفسير الامثل ،مكارم الشيرازي ،ج5 ،ص509-516.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .