المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

ثقافة الهكسوس في فلسطين.
2024-03-19
نشأة الرأي العام في مصر
2023-05-16
الطعن
29-9-2016
الجهاز الهضمي للدجاج
2024-05-03
Role of Biomarkers in Drug Discovery
21-12-2020
الفتوحات في ثقافة المسلمين
7-6-2020


التشبيه  
  
11156   04:41 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : أبو هلال العسكري
الكتاب أو المصدر : كتاب الصناعتين الكتابة والشعر
الجزء والصفحة : ص239-256
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البيان /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015 11157
التاريخ: 25-03-2015 3110
التاريخ: 5-2-2020 10136
التاريخ: 15-2-2022 2771

 التشبيه الوصف بأن أحد الموصوفين ينوب مناب الآخر بأداة التشبيه ناب منابه أو لم ينب وقد جاء في الشعر وسائر الكلام بغير أداة التشبيه وذلك قولك زيد شديد كالأسد فهذا القول الصواب في العرف وداخل في محمود المبالغة وإن لم يكن زيد في شدته كالأسد على الحقيقة على أنه قد روى أن إنسانا قال لبعض الشعراء زعمت أنك لا تكذب في شعرك وقد قلت ( ولأَنْتَ أَجْرَأُ مِنْ أُسَامَةَ ** )  أو يجوز أن يكون رجل أشجع من أسد فقال قد يكون ذلك فإنا قد رأينا مجزأة بن ثور فتح مدينة ولم نر الأسد فعل ذلك فهذا قول  ويصح تشبيه الشيء بالشيء جملة وإن شابهه من وجه واحد مثل قولك وجهك مثل الشمس ومثل البدر وإن لم يكن مثلهما في ضيائهما وعلوهما ولا عظمهما وإنما شبهه بهما لمعنى يجمعهما وإياه وهو الحسن وعلى هذا قول الله عز وجل ( وله الجوار المنشئات في البحر كالأعلام ) إنما شبه المراكب بالجبال من جهة عظمها لا من جهة صلابتها ورسوخها ورزانتها ولو أشبه الشيء الشيء من جميع جهاته لكان هو هو

والتشبيه على ثلاثة أوجه فواحد منها تشبيه شيئين متفقين من جهة اللون مثل تشبيه الليلة بالليلة والماء بالماء والغراب بالغراب والحرة بالحرة والآخر تشبيه شيئين متفقين يعرف اتفاقهما بدليل كتشبيه الجوهر بالجوهر والسواد بالسواد والثالث تشبيه شيئين مختلفين لمعنى يجمعهما كتشبيه البيان بالسحر والمعنى الذي يجمعهما لطافة التدبير ودقة المسلك وتشبيه الشدة بالموت والمعنى الذي يجمعهما كراهية الحال وصعوبة الأمر  وأجود التشبيه وأبلغه ما يقع على أربعة أوجه  أحدهما إخراج مالا تقع عليه الحاسة [ إلى ما يقع عليه ] وهو قول الله عز وجل ! ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ) ! فأخرج مالا يحس إلى ما يحس والمعنى الذي يجمعهما بطلان المتوهم مع شدة الحاجة وعظم الفاقة ولو قال يحسبه الرائي ماء لم يقع موقع قوله ( ( الظمآن ) ) لأن الظمآن أشد فاقة إليها وأعظم حرصا عليه  وهكذا قوله تعالى ( مثل الذين كفورا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ) والمعنى الجامع بينهما بعد التلاقي وعدم الانتفاع  وكذلك قوله عز وجل ! ( فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ) ! أخرج مالا تقع عليه الحاسة إلى ما تقع عليه من لهث الكلب والمعنى أن الكلب لا يطيعك في ترك اللهث على حال وكذلك الكافر لا يجيبك إلى الإيمان في رفق ولا عنف  وهكذا قوله تعالى ( والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه ) والمعنى الذي يجمع بينهما الحاج إلى المنفعة والحسرة لما يفوت من درك الحاجة والوجه الآخر إخراج ما لم تجر به العادة إلى ما جرت به العادة كقوله تعالى ! ( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة ) ! والمعنى الجامع بين المشبه والمشبه به الانتفاع بالصورة  ومن هذا قوله تعالى ! ( إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء ) ! . . . إلى قوله ! ( كأن لم تغن بالأمس ) ! هو بيان ما جرت به العادة إلى مالم تجر به والمعنى الذي يجمع الأمرين الزينة والبهجة ثم الهلاك وفيه العبرة لمن اعتبر والموعظة لمن تذكر  ومنه قوله تعالى ! ( إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر ) ! فاجتمع الأمران في قلع الريح لهما وإهلاكهما والتخوف من تعجيل العقوبة  ومن هذا قوله تعالى ! ( فكانت وردة كالدهان ) ! والجامع للمعنيين الحمرة ولين الجوهر وفيه الدلالة على عظم الشأن ونفوذ السلطان  ومنه قوله تعالى ! ( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو ) ! إلى قوله عز وجل ! ( ثم يكون حطاما ) ! والجامع بين الأمرين الإعجاب ثم سرعة الانقلاب وفيه الاحتقار للدنيا والتحذير من الاغترار بها  والوجه الثالث إخراج مالا يعرف بالبديهة إلى ما يعرف بها فمن هذا قوله عز وجل ! ( وجنة عرضها السماوات والأرض ) ! قد أخرج مالا يعلم بالبديهة إلى ما يعلم بها والجامع بين الأمرين العظم والفائدة فيه التشويق إلى الجنة بحسن الصفة  ومثله قوله سبحانه ( كمثل الحمار يحمل أسفارا ) والجامع بين الأمرين الجهل بالمحمول والفائدة فيه الترغيب في تحفظ العلوم وترك الاتكال على الرواية دون الدراية

  ومنه قوله تعالى ! ( كأنهم أعجاز نخل خاوية ) ! والجامع بين الأمرين خلو الأجساد من الأرواح والفائدة الحث على احتقار ما يؤول به الحال  وهكذا قوله سبحانه ! ( كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ) ! فالجامع بين الأمرين ضعف المعتمد والفائدة التحذير من حمل النفس على التغرير بالعمل على غير أس  والوجه الرابع إخراج مالا قوة له في الصفة على ماله قوة فيها كقوله عز وجل ! ( وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام ) ! والجامع بين الأمرين العظم والفائدة البيان عن القدرة في تسخير الأجسام العظام في أعظم ما يكون من الماء وعلى هذا الوجه يجري أكثر تشبيهات القرآن وهي الغاية في الجودة والنهاية في الحسن  وقد جاء في أشعار المحدثين تشبيه ما يرى العيان بما ينال بالفكر وهو ردئ وإن كان بعض الناس يستحسنه لما فيه ما اللطافة والدقة وهو مثل قول الشاعر ( وكنتُ أَعَزّ عزًّا من قنُوعٍ ** يعوِّضُهُ صَفُوحٌ من مَلُولِ ) ( فصِرْتُ أذلّ مِنْ معنًى دقيقٍ ** به فَقرٌ إلى فَهْمٍ جَلِيلِ ) وكقول الآخر ( ونَدمانٍ سقيتُ الرَّاحَ صِرْفاً ** وأُفْقُ اللَّيلِ مرتفع السُّجُوفِ ) ( صَفَتْ وصَفَتْ زُجَاجَتُها عَلَيْها ** كمعنًى دقّ في ذِهْنٍ لَطِيفِ )  فأخرج ما تقع عليه الحاسة إلى مالا تقع عليه وما يعرف بالعيان إلى ما يعرف بالفكر ومثله كثير في أشعارهم

  وأما الطريقة المسلوكة في التشبيه والنهج القاصد في التمثيل عند القدماء والمحدثين فتشبيه الجواد بالبحر والمطر والشجاع بالأسد والحسن بالشمس والقمر والسهم الماضي بالسيف والعالي الرتبة بالنجم والحليم الرزين بالجبل والحيي بالبكر والفائت بالحلم ثم تشبيه اللئيم بالكلب والجبان بالصفر والطائش بالفراش والذليل بالنقد والنعل والفقع والوتد والقاسي بالحديد والصخر والبليد بالجماد وشهر قوم بخصال محمودة فصاروا فيها أعلاما فجروا مجرى ما قدمناه كالسموأل في الوفاء وحاتم في السخاء والأحنف في الحلم وسحبان في البلاغة وقس في الخطابة ولقمان في الحكمة وشهر آخرون بأضداد هذه الخصال فشبه بهم في حال الذم كباقل في العي وهبنقة في الحمق والكسعي في الندامة والمنزوف ضرطا في الجبن ومادر في البخل  والتشبيه يزيد المعنى وضوحا ويكسبه تأكيدا ولهذا ما أطبق جميع المتكلمين من العرب والعجم عليه ولم يستغن أحد منهم عنه  وقد جاء عن القدماء وأهل الجاهلية من كل جيل ما يستدل به على شرفه وفضله وموقعه من البلاغة بكل لسان فمن ذلك ما قال صاحب كليلة ودمنة الدنيا كالماء الملح كلما ازددت منه شربا ازددت عطشا وقال صحبه الأشرار تورث الشر كالريح إذا مرت على المنتن حملت نتنا وإذا مرت على الطيب حملت طيبا وقال من لا يشكر له كان كمن نثر بذره في السباخ ومن أشار على معجب كان كمن سار الأصم وقد نظمت هذا المعنى فقلت ( ألاَ إِنَّمَا النعمى تُجَازَي بمثْلِها ** إذا كان مَسْدَاها إلى مَاجِدٍ حُرِّ )

 ( فأَمَّا إذا كَانتْ إلى غَيْرِ ماجدٍ ** فَقَدْ ذَهَبَتْ في غير أَجْرٍ ولا شُكْرِ ) ( إذا المرء ألقى في السباخ بذوره ** أضاع فلم ترجع بزرع ولا بذر )  وقال لا يخفى فضل ذي العلم وإن أخفاه كالمسك يخبأ ويستر ثم لا يمنع ذلك رائحته أن تفوح أخذه الصاحب فكتب فأنت أدام الله عزك وإن طويت عنا خبرك وجعلت وطنك وطرك فأنباؤك تأتينا كما وشى بالمسك رياه ونم على الصباح محياه  وقال أيضا الرجل ذو المروءة يكرم على غير مال كالأسد يهاب وإن كان رابضا والرجل الذي لا مروءة له يهان وإن كان غنيا كالكلب يهون على الناس وإن عس وطوف  وقال المودة بين الصالحين سريع اتصالها بطيء انقطاعها كآنية الذهب التي هي بطيئة الانكسار هينة الإعادة والمودة بين الأشرار سريع انقطاعها بطيء اتصالها كآنية الفخار يكسرها أدنى شيء ولا وصل لها  وقال لا يرد بأس العدو القوي بمثل التذلل له كما أن العشب إنما يسلم من الريح العاصف بلينه لها وانثنائه معها  وقال لا يحب للمذنب أن يفحص عن أمره لقبح ما ينكشف عنه كالشيء المنتن كلما أثير ازداد نتنا  وقال أيضا من صنع معروفا لعاجل الجزاء فهو كملقي الحب للطير لا لينفعها بل ليصيدها به  وقال أيضا المال إذا كان له مدد يجتمع منه ولم يصرف في الحقوق أسرع إليها الهلاك من كل وجه كالماء إذا اجتمع في موضع ولم يكن له طريق إلى النفوذ تفجر من جوانبه فضاع  وقال أيضا الأدب يذهب عن العاقل السكر ويزيد الأحمق سكرا كالنهار يزيد البصير بصرا ويزيد الخفاش سوء بصر

  وقد أحسن في هذا المعنى جعفر بن محمد رضي الله عنها فقال الأدب عند الأحمق كالماء العذب في أصول الحنظل كلما ازداد ريا ازداد مرارة  وقال صاحب كليلة ودمنة الدنيا كدودة القز لا تزداد بالإبريسم على نفسها لفا إلا ازدادت من الخروج بعدا  وقال إذا عثر على الكريم لم ينتعش إلا بكريم كالفيل إذا توحل لم يقلعه إلا الفيلة  وقال الشاعر في هذا المعنى ( وإذا الكريمُ كَبَتْ به أَيَامُه ** لم ينتعش إِلاّ بعَطْفِ كريم )  وقال صاحب كليلة أيضا يبقى الصالح من الرجال صالحا حتى يصاحب فاسدا فإذا صاحبه فسد مثل مياه الأنهار تكون عذبة حتى تخالط ماء البحر فإذا خالطته ملحت  وقال بعض الحكماء الدنيا كالمنجل استواؤها في اعوجاجها  والتشبيه بعد ذلك في جميع الكلام يجري على وجوه  منها تشبيه الشيء بالشيء صورة مثل قول الله عز وجل ! ( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ) ! أخذه ابن الرومي فقال في ذم الدهر ( تَأْتِي على الْقَمَرِ السَّاري نَوَائبه ** حتى يُرَى نَاحِلاً في شَخْصِ عُرْجُون ) وأين يقع هذا من لفظ القرآن  ومن ذلك قول امرئ القيس ( كأنَّ قُلوبَ الطَّيْر رَطْباً ويَابسًا ** لَدَى وَكْرِها العُنَّابُ والحَشَفُ الْبَالِي )

 

  وقوله أيضا ( كأنَّ عُيُونَ الوَحْشِ حَوْلَ خِبَائِنَا ** وأَرْحُلنَا الجِزْعُ الذي لم يُثَقَّبِ )  وقول عدي بن الرقاع ( تُزْجِي أغنَّ كأنَّ إِبرَة رَوْقِه ** قلم أصابَ من الدواة مِدَادَها )  ومنها تشبيه الشيء بالشيء لونا وحسنا كقول الله عز وجل ! ( كأنهن الياقوت والمرجان ) ! وقوله تعالى ! ( كأنهن بيض مكنون ) ! وكقول حميد ابن ثور ( والليل قد ظهرت نحيزته ** والشمس في صفراء كالورس )  وكقول الآخر ( قومٌ رِباط الخيلِ وَسْطَ بيوتِهم ** وأَسِنَّةٌ زُرْقٌ يُخَلْنَ نُجُومَا )  ومنها تشبيهه به لونا وسبوغا كقول امرئ القيس ( ومشدودةَ السَّكّ مَوْضُونةً ** تَضَاءَلُ في الطَّيِّ كالمِبْرَدِ ) ( يَفيضُ على المَرْءِ أَرْدَانُها ** كَفَيْضِ الأَتِيِّ على الجَدْجَدِ ) شبه الدرع بالأتي في بياضها وسبوغها لأنها تعم الجسد كما يعم الأتي الجدجد إذا تفجر فيه والأتي السيل  ومنها تشبيهه به لونا وصورة كقول النابغة ( تَجْلُو بقَادِمَتِيْ حَمَامَةِ أيْكَةٍ ** بَرَدًا أُسِفَّ لِثَاتُه بالإِثْمِدِ )

 ( كالأُقْحُوَانِ غدَاةَ غبّ سَمَائِهِ ** جَفَّتْ أعَإليها وأَسْفَله نَدِى ) شبه الثغر بالأقحوان لونا وصورة لأن ورق الأقحوان صورته كصورة الثغر سواء وإذا كان الثغر نقيا كان في لونه سواء  وكقول امرئ القيس ( جمعت رُدَيْنِيًّا كأنَّ سِنَانَه ** سَنَا لَهَبٍ لم تَتَّصِلْ بِدُخَانِ )  ومما يتضمن معنى اللون وحده قول الأعشى ( وسَبيئَةٍ مِمَّا تُعتِّقُ بَابِل ** كدم الذبيح سَلَبْتُها جِرْيَالَهَا )  وقول الشماخ ( إذا ما الليل كان الصبح فيه ** أشق كمَفْرِقِ الرَّأْس الدَّهِين )  وقول زهير ( وقد صَارَ لونُ اللَّيل مِثْلَ الأرَنْدَجِ ** )  وقول أمرئ القيس ( وليلٍ كموج البحر مُرْخٍ سُدُولَه ** عليَّ بأنواع الهموم لِيَبْتَلِي ) وفي هذا معنى الهول أيضا  وقول كعب بن زهير ( ولَيْلَةِ مُشْتَاقٍ كأنَّ نُجُومَها ** تَفَرَّقْنَ منها في طَيَالسةٍ خُضْرِ )  وقول ذي الرمة ( ولَيلٍ كجلبابِ العروسِ ادَّرَعتهُ ** بأربعةٍ والشَّخْصُ في العَيْنِ واحدُ )

  وقوله أيضا ( وقَدْ لاَحَ للسَّاري الذي كَمَّلَ السُّرَى ** على أُخْرَيَات اللَّيْلِ فَتْقٌ مُشَهَّرُ ) ( كلَوْنِ الحِصَانِ الأنْبَطِ البَطْنِ قَائماً ** تمايلَ عَنْهُ الجُلُّ واللَّوْنُ أَشْقَرُ )  ومنها تشبيه به حركة وهو قول عنترة ( غَرِداً يَحُكُّ ذِرَاعَهُ بذِرَاعِهِ ** قَدْحَ المُكِبِّ على الزِّنَادِ الأجْذَمِ )  وقول الأعشى ( غَرَّاءُ فَرْعاء مَصْقُولٌ عَوَارِضُهَا ** تَمْشِي الْهُوَيْنَا كما يَمْشِي الوَجِي الوَجِلُ )  وقول الآخر ( كأنَّ مِشْيَتَها مِنْ بَيْتِ جَارَتِها ** مَرُّ السَّحَابَةِ لاَ رَيْثٌ ولا عَجَلُ )  وقول الآخر ( كأنَّ أُنُوفَ الطَّيْرِ في عَرَصَاتِهَا ** خَرَاطِيمُ أَقْلاَمٍ تَخُطُّ وتُعْجِم )  ومنها تشبيهه به معنى كقول النابغة ( فأنكَ شَمْسٌ والملوكُ كواكبٌ ** إذا طَلَعَتْ لم يَبْدُ منهنَّ كَوْكَبُ )  وقوله ( فإنَّك كاللَّيْلِ الذي هُوَ مُدْرِكي ** وإنْ خِلْتُ أنَّ المنتأَى عَنْك وَاسِعُ )  وكقول الآخر ( وكالسَّيْفِ إنْ لايَنْتَه لانَ مَتْنه ** وحَدَّاه إِنْ خَاشَنْتَهُ خَشِنَانِ )  وقول مسلم بن الوليد ( وإِنّي وإسماعيلَ يَوْمَ ودَاعِه ** لَكَالْغِمْدِ يَوْمَ الرَّوْعِ فَارَقَه النَّصْلُ )

  وقوله ( فإنْ أغْشَ قوْماً بَعْدَهُ أوْ أَزُرْهُم ** فكالْوَحْشِ يُدْنِيهَا مِنَ الآنِس المحلُ )  وقول الآخر ( والدَّهر يَقْرَعُنِي طَوْرًا وَأَقْرَعُه ** كأنه جَبَلٌ يَهْوِي إلى جَبَلِ )  وقول الآخر ( كَم من فؤادٍ كأنّه جَبَل ** أزاله عن مقرِّه النَّظَرُ )  وقد يكون التشبيه بغير أداة التشبيه وهو كقول امرئ القيس ( له أَيْطَلا ظَبْيٍ وساقَا نَعَامَةٍ ** وإِرْخَاءُ سِرْحَانٍ وتَقْرِيب تَتْفُل )  هذا إذا لم يحمل على التشبيه فسد الكلام لأن الفرس لا يكون له أيطلا ظبي ولا ساقا نعامة ولا غيره مما ذكره وإنما المعنى له أيطلان كأيطلي ظبي وساقان كساقي نعامة وهذا من بديع التشبيه لأنه شبه أربعة أشياء بأربعة أشياء في بيت واحد وكذلك قول المرقش ( النَّشْرُ مِسْكٌ والوُجوهُ دَنَانِير ** وأطْرَاف الأكُفِّ عَنَمْ ) فهذا تشبيه ثلاثة أشياء في بيت واحد  وضرب منه آخر ومنه قول امرئ القيس ( سمَوْتُ إليها بَعْدَ مَا نَامَ أَهْلُها ** سُمُوَّ حَبَابِ الْمَاءِ حَالاَ على حَالِ ) فحذف حرف التشبيه  ثم نورد هاهنا شيئا من غرائب التشبيهات وبدائعها ليكون مادة لمن يريد العمل برسمنا في هذا الكتاب فمن بديع التشبيه قول امرئ القيس ( كأنَّ قُلوبَ الطَّيْر رَطْباً ويَابسًا ** لَدَى وَكْرِها العُنَّابُ والحَشَفُ الْبَالِي ) فشبه شيئين بشيئين مفصلا الرطب بالعناب واليابس بالحشف فجاء في غاية الجودة  ومثله قول بشار ( كأنّ مُثَار النَّقْعِ فَوْقَ رؤوسنا ** وَأَسْيَافنَا لَيْلٌ تَهَاوَى كَوَاكِبُهْ ) فشبه ظلمة الليل بمثار النقع والسيوف بالكواكب  وبيت امرئ القيس أجود لأن قلوب الطير رطبا ويابسا أشبه بالعناب والحشف من السيوف بالكواكب  ومثل قول النمري ( ليلٌ من النَّقْعِ لا شَمْسٌ ولا قَمَر ** إلاّ جَبينُك والمَذْرُوبَةُ الشُّرُعُ )  وقول العتابي ( مَدَّتْ سَنَابِكُها من فوق أَرْؤُسِهْم ** لَيْلاً كَواكبُه البِيضُ المَباتِير )  ومن بديع التشبيه قول الآخر ( نَشَرَتْ إليَّ غَدَائِراً مِنْ شَعْرِها ** حَذَرَ الْكَوَاشِح والعَدُوّ المُوبِق ) ( فَكَأنَّني وَكأنَّهَا وَكأنَّهُ ** صُبْحَانِ بَاتَا تَحْتَ لَيْلٍ مُطْبِق ) شبه ثلاثة أشياء بثلاثة أشياء مفصلة  وقال البحتري ( تبسُّمٌ وقُطُوبٌ في ندًى ووغًى ** كالغَيْثِ والبَرْقِ تَحْتَ الْعَارِضِ البرِدِ )

  وأتم ما في هذا القول الوأواء ( وأسبلَتْ لؤْلُؤًا مِنْ نَرْجِسٍ فسقَتْ ** وَرْدًا وعَضَّتْ على العُنَّابِ بالبَرَدِ ) فشبه خمسة أشياء بخمسة أشياء في بيت واحد الدمع باللؤلؤ والعين بالنرجس والخد بالورد والأنامل بالعناب لما فيهن من الخضاب والثغر بالبرد ولا أعرف لهذا البيت ثانيا في أشعارهم  وقول البحتري ( كالسَّيْفِ في إِخْذَامِه والعيث في ** إِرْهَامِه واللَّيْثِ في إِقْدَامِه ) فشبه ثلاثة أشياء بثلاثة أشياء  وقلت في مثله ( كالسَّيْفِ في غَمَراته والبدر في ** ظلماته والغيث في أزماته )  وقال البحتري ( شقَائق يَحْمِلْنَ النَّدَى فَكَأنّه ** دُمُوعُ التَّصَابي في خُدُودِ الخَرَائدِ ) فشبه شيئين بشيئين  ومثله قول أبي نواس ( يا قمراً أَبْصَرْتُ في مَأْتَم ** يَنْدُبُ شَجْوًا بَيْنَ أتْرَابِ ) ( يَبكي فيُلقي الدّرّ من نَرْجسٍ ** ويَلْطُم الوَرْدَ بعُنَّابِ )  أخذه بعض المتأخرين فقلبه هجاء فقال ( يا قِرْدَةً أبْصَرتُ في مَأْتم ** تندب شَجْوًا بتخاليطِ ) ( تَبْكي فتلقي البَعْرَ من كُوَّةٍ ** وتَلطُم الشَّوْكَ ببلوطِ )

  وشبهت الهلال تشبيها يتضمن صفته من لدن هو هلال إلى أن يكمل فقلت ( وكؤوس إذا دَجَا الليلُ دارتْ ** تحتَ سَقْفٍ مرصَّعٍ باللّجَيْنِ ) ( وكأنَّ الهِلالَ مرآةُ تِبْرِ ** يَنْجَلي كلَّ ليلةٍ إصْبَعَيْنِ )  ومن بديع التشبيه قول سلمة بن عباس ( كأنَّ بَني ذَالاَنَ إِذْ جَاءَ جَمْعُهم ** فَرَارِيج يُلْقَى بَيْنَهُنَّ سَوِيقُ ) هذا لدقة أصواتهم وعجلة كلامهم وقوله ( حديثُ بني قُرْطٍ إذا ما لقيتُهم ** كنَزْوِ الدَّبا في العَرْفَج المُتَقارِبِ )  وقال بعض المحدثين وهو ابن نباتة في فرس أبلق أغر ( وكأنما لطمَ الصَّبَاحُ جَبِينهُ ** فاقْتَصَّ منه فخاضَ في أَحْشَائِه )  وقال آخر ( ليل يَجُرُّ مِنَ الصَّباحِ ذَلاذِلا ** )  ومن مليح التشبيه وبديعه قول ابن المعتز ( والصبح يتلو المُشْتَرِي فكأنه ** عُرْيَانُ يمشي في الدُّجَى بِسرَاجِ )  وقوله في صفة فرس ( ومُحَجّل غير اليمين كأنّه ** مُتَبَخْتِرٌ يَمْشِي بكمٍّ مُسْبَلِ )  وقال أعرابي ( بغزوٍ كولغِ الذئب غَادٍ ورَائحِ ** وسَيْرٍ كصَدْرِ السَّيْفِ لا يتعرَّج )  وقول ابن الرقاع ( تُزْجِي أغنَّ كأنَّ إِبرَة رَوْقِه ** قلم أصابَ من الدواة مِدَادَها )

  وقول الطرماح ( يَبْدُو وتُضْمِرُهُ البلادُ كأنَّه ** سَيْفٌ على شَرَفٍ يُسَلُّ وَيُغْمَدُ )  وقول ذي الرمة في الحرباء ( ودَوّيّة جَرْداء جَدَّاء خَيَّمَتْ ** بها هبواتُ الصيفِ من كل جانب ) ( كأنّ يدَىْ حِرْبائها متملمِلاً ** يدا مُذْنبٍ يستغفر الله تائبِ )  وقوله فيها ( وقد جعلَ الحِرْباءُ يصفرّ لونُه ** وتخضرّ من حَرِّ الهجير غباغِبُهْ ) ( ويسبحُ بالكَفّيْن حَتَّى كأنه ** أخو فجرَةٍ عالي به الجذْعَ صالبُهْ )  أخذه البحتري فقال ( فتراهُ مطَّرِدًا على أعوادِه ** مثلَ اطِّرَادِ كَواكِبِ الجوزاءِ ) ( مستشرفاً للشمس منتصباً لها ** في أخرياتِ الجذع كالحِرْباءِ )  وقال ذو الرمة ( يصلّى بها الحرباءُ للشمس مائِلاَ ** على الجَذْلِ إِلاّ أنه لا يُكَبّرُ ) ( إذا حوّل الظلّ العشيّ رأيتَه ** حَنيفا وفي قرْن الضُّحى يتنصَّرُ )  الحرباء دويبة كالعظاية تأتي شجرة تعرف بالتنضبة فتمسك بيديها غصنين منها وتقابل بوجهها الشمس فكيفما دارت الشمس دارت معها فإذا غربت الشمس نزلت فرعت والحرباء فارسية معربة وإنما هي خربا أي حافظ الشمس والشمس تسمى بالفارسية خر وقد ملح ابن الرومي في ذكرها حيث يقول في قينة

 ( ما بالها قدْ حسنتْ ورقيبُها ** أبداً قبيحٌ قُبِّح الرقباءُ ) ( ما ذاك إلا أنها شمس الضحى ** أبداً يكون رقيبها الحِرباءُ )  وقال ابن الرومي أيضا في مصلوب ( كم بأرض الشآم غادرْتَ منهم ** غائراً مُوفياً على أهل نجدِ ) ( يلعبُ الدَّستَبَنْدَ فَرْدًا وإنْ ** كان له شاغلُ عن الدَّستَبنْدِ )  وقال ابن المعتز ( وقد عَلا فوقَ الهِلالِ كرته ** كهامةِ الأَسْوَدِ شابتْ لحيتهُ )  وقال ( ورأسه كمثل فرْقٍ قد مُطرْ ** وصُدْغه كالصَّوْلَجَان المنكَسِرْ )  ومن بديع التشبيه قول الآخر ( بيضاء تَسْحَبُ من قيام فرعَها ** وتغيبُ فيه وهو جَثلٌ أسْحَمُ ) ( فكأنها فيه نهار ساطع ** وكأنه ليلٌ عليها مُظْلِمُ )  ومن بديعه قول مسلم ( أجدَّكِ ما تَدْرِينَ أنْ رُبَّ ليلةٍ ** كأنَّ دُجَاها من قُرونِك تُنَشَرُ )  وقول الفرزدق ( والشيبُ ينهض في الشَّبَاب كأنه ** ليلٌ يصيحُ بجانبيه نهارُ )  وقلت ( شمس هَوَتْ وهلالُ الشهر يَتْبَعُها ** كأنها سافرٌ قدّامَ منتقبِ )

 ( تبدو الثريا وأمرُ الليل مُجْتَمِعٌ ** كأنها عقربٌ مقطوعةُ الذَّنَبِ )  وقلت ( تلوحُ الثريا والظلامُ مقطِّبٌ ** فيضحك منها عنْ أغرَّ مفلَّجِ ) ( تسير وراءً والهلالُ أمامَها ** كما أومأتْ كفٌّ إلى نصف دُملُجِ )  وقال عبد الله بن المعتز ( أهلاً وسهلا بالناي والعودِ ** وكأسِ ساقٍ كالغصن مَقْدُودِ ) ( قد انقضتْ دولة الصيام وقدْ ** بَشَّرَ سقمُ الهلالِ بالعيدِ )  وقال آخر ( تبدو الثريا كفاغِرٍ شَرهٍ ** يفتحُ فاهُ لأكل عُنْقودِ )  قال أبو الحرث جميز فلان كالمشجب من حيث لقيته ( ( لا ) ) فقال أبو العبر ( لو كنتَ من شيء خلافك لم تكنْ ** لتكونَ إِلاَ يشجباً في مِشْجَبِ ) ( يا ليتَ لي من جلد وجهك رُقْعة ** فأقدَّ منها حافراً للأشْهبِ )  وقال بعض الحكماء العقل كالسيف والنظر كالمسن ونظر عبادة إلى سوداء تبكي فقال كأنها تنور شنان يكف فنظمته وقلت ( سوداء تَذرفُ دَمعها ** مثل الأتُونِ إذا وكفْ )  وقال ابن المعتز ( وكأنَّ عقربَ صدْغِه وقفتْ ** لما دنتْ من نار وَجْنَتِهِ )  وقلت ( كأنَّ نهوض النجم والأفق أخضرٌ ** تبلجُ ثغرٍ تحت خضرةِ شارِبِ )

  وقال أوس بن حجر ( حتى تلفَّ بدورِكُمْ وقصورِكم ** جَمْعٌ كناصية الحصان الأشْقَرِ )  وقلت ( بكرْنا إليه والظلامُ كأنه ** غرابٌ على عُرْفِ الصباح يُرَنّق )  وقلت ( إذا التوى الصُّدْغُ فوقَ وجنته ** رأيتَ تفاحةً بها عضَّةْ )  وقلت ( والغيم يأخذه ريح فتنفشُه ** كالقطنِ يُنْدَف في زرْقِ الدبابيجِ )  وقلت ( وقهوة من يد المغنوج صافيةٍ ** كأنها عصرتْ من خدّ مغنوجِ )  وقلت ( قم بنا نذعر الهمومَ بكأسٍ ** والثريَّا لمَفْرقِ الليل تاجُ ) ( وقد انجرّت المجرَّة فيه ** كسبيبٍ يَمُدّه نَسَّاجِ )  وقلت ( وكأنَّ النجومَ والليلُ داجٍ ** نَقْشُ عاج يلوحُ في سَقْفِ سَاجِ )  وقلت ( كأن السَّمَيْرِيَّات فيه عقارب ** تجيء على زرق الزجاج وتذهب )  وقلت ( فأذرَيت دمعا بالدماء مُصَبَّغًا ** كما يتواهى عَقْدُ عَقْدٍ مُنَسّقِ ) ( وقد باشر الليل الصباحَ كأنه ** بقية كُحلٍ في حَمَاليقِ أزرقِ ) وهذا الجنس كثير وفيما أوردته كفاية إن شاء الله

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.