المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

ولاية عبد الله بن عامر على البصرة
12-4-2016
انواع الضرائب المباشرة
10-8-2022
منحنى الموت Death Curve
9-1-2018
خطبة علي عليه السّلام بنت أبي جهل
24-6-2021
زيت السمسم وطريقة استخراجه
27-2-2017
Maltose Phosphorylase
31-12-2018


أسلوب النظم الشعري في العصر العباسي الأول  
  
4977   02:59 صباحاً   التاريخ: 24-03-2015
المؤلف : جرجي زيدان
الكتاب أو المصدر : تاريخ آداب اللغة العربية
الجزء والصفحة : ج1، ص346-348
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر العباسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-03-2015 3157
التاريخ: 30-7-2019 5152
التاريخ: 24-03-2015 2403
التاريخ: 24-03-2015 2490

يشتمل الشعر على الخيال الشعري وهو المعنى، وعلى القالب الذي يسبك فيه ذلك المعنى وهو الكلام المقفى الموزون او النظم. وأهم ما يلاحظ في النظم ثلاثة أمور:

1) طريقته وهي الخطة التي يجري عليها الشعراء في تنسيق المعاني.

2) الاسلوب وهو العبارة التي يختارونها للتعبير.

3) اللفظ.

ومن القواعد الأساسية في تاريخ الشعر ان يتبع في اسلوبه ولفظه وطريقته حال الأمة التي تقوله، فيتنوع شعرها بتنوع نظام اجتماعها وسائر احوالها. ولكن العرب ظلوا الى عهد غير بعيد يقلدون طريقة الجاهلين فيما ينظمونه، فيستهلون قصائدهم بذكر الرحيل والاطلال والإبل ومغيرها من خصائص. حتى الألفاظ فانهم كثيرا ما يقلدونهم فيها، وفيها الوحشي الذي لا يلائم المدينة لأن وحشي الكلام لوحشي الناس.

والسبب في تمسكهم بالقديم رسوخ الاعتقاد بأفضلية آداب الجاهلية وشعراء الجاهلية، إذا كان اليها مرجعهم في صدر الإسلام لتحقيق الألفاظ والتراكيب. ثم عظم الأمويون مناقب الجاهلية وطباع البداوة لرغبتهم في تأييد العرب ودولة العرب، فرسخ في اذهان الناس ان مناقب الجاهلية أفضل ما يتبع. فلما تغلب العباسيون بأنصارهم الفرس وغلب العرب على امرهم وعلت كلمة الفرس، اخذ ذلك الاعتقاد في الزوال.

اما من حيث الاسلوب، فان الشعر الجاهلي عريق في البلاغة مع سلامته من الركاكة والعجمة. واما الخيال الشعري فيرى بعض العلماء ان العقل البشري سائر نحو الارتقاء

في كل سبيل الا من حيث الخيال الشعري فانه لا يزال في مكانه .. هذا هوميروس لا يزال نابغة الشعراء وقد مر عليه نحو 3000 سنة والناس يتقدمون في كل شيء.

وانظر الى امرئ القيس والنابغة وزهير وغيرهم من الجاهليين، فانهم لا يزالون يعدون من نوابغ الشعراء الى الان. على ان الشعر العربي شانا خاصا من حيث الاسلوب، فان كلام الاسلاميين يعد على العموم أعلى طبقة من كلام الجاهليين في منثورهم ومنظومهم .. نعني الشعراء والخطباء والمترسلين في صدر الإسلام الى اوائل الدولة العباسية (1)، فضلا عن تأثير الأحوال الاجتماعية على الخيال الشعري ولا سيما في الانتقال من البداوة الى الحضارة، ومجاري الطبيعة كالقضاء المبرم لا يدفعها دافع. لكن تعظيم الأمويين للعرب جعل الجاهليين مثالا يقتدى بهم في الشعر .. فكان الادباء يتحاشون نقد ذلك الاعتقاد في الدولة الأموية. ومع ارتقاء الاسلوب واتساع الخيال ظلوا يقلدون طريقة الجاهليين في النظم.

فلما انتقل الأمر الى بني العباس، هان عليهم الاعتقاد واخذوا يفكرون في تقبيح تلك الطريقة. وأول من تجرأ على نقدها من الادباء ابن قتيبة في اواسط القرن الثالث للهجرة في كتابه الشعر والشعراء (2)، وسنعود الى ذلك في تاريخ نقد الشعر.

على ان الشعراء تنبهوا الى هذا الأمر في صدر الدولة العباسية، فاخذوا في انتقاد طريقة الجاهليين، ولم يجدوا من يأخذ بناصرهم لغلبة التقليد على طباعهم .. لكنهم حاولوا الخروج من تلك القيود على الأقل من العصر العباسي الأول، عصر حرية القول. وأصبح حديث الشعراء في مجلسهم انتقاد تلك الطريقة، وأقدم ما بلغنا من هذا القبيل اجتماع مطيع بن اياس بفتى من أهل الكوفة ففاوضه في ذلك، فقال:

لأحسن من بيد يحار بها القطا        ومن جبلي طي ووصفكما سلعا

تلاحظ عيني عاشقين كلاهما      له مقلة في وجه صاحبه ترعى (3)

وكان ذلك لسان حال أكثر الشعراء وان لم ينظموه. وممن جاهر به منهم أبو نواس ومن اقواله التي يستدل بها على انكاره طريقة القدماء قوله:

لا تبك ليلى ولا تطرب الى هند       واشرب على الورد من حمراء كالورد

ومن هذا القبيل قوله:

صفة الطلول بلاغة القدم      فاجعل صفاتك لابنة الكرم (4)

ولما سجنه الخليفة على اشهاره بالخمر، واخذ عليه المواثيق الا يذكرها في شعره، وكأنه كلفه الرجوع عنها الى النظم على طريقة الجاهليين، قال:

أعِر شعرك الاطلال والمنزل الفقرا     فقد طالما ازرى به نعتك الخمرا

دعاني الى نعت الطلول مسلط      تضيق ذراعي ان أرد له امرا

فسمعا أمير المؤمنين وطاعة     وان كنت قد جشمتني مركبا وعرا

فجاهر بان وصفه الاطلال والقفر انما هو من خشية الامام، والا فهو عنده فراغ وجهل. واقتدى به أبو العتاهية ومن جاء بعده، ولكن بين الشعراء من يقلد الجاهليين حتى الآن.

وأثر في اسلوب الشعر ومعناه في هذا العصر ما نقل الى العربية او حفظ فيها من آداب الفرس وأخبارهم، فاكتسب الشعر العربي خيالا لطيفة وزادت فيه معان جديدة، على نحو ما كان من تأثير آداب اليونان القدماء في أخلاق الرومان. ويشبه ذلك تأثير التمدن الحديث في آدابنا ومجاري افكارنا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  ابن خلدون ج1  

(2) الشعر والشعراء

(3) الأغاني ج12 

(4) العمدة ج1

 

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.