المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

Language and regional variation
4-8-2021
يلعب الانسولين دورا مركزيا في تنظيم جلوكوز الدم
9-8-2021
Complex coupling
13-8-2019
Masers
25-2-2016
خالد بن أبي إسماعيل
28-7-2017
دور الشيطان في تكامل الإنسان
8-6-2020


فضل الشعر  
  
3896   05:53 مساءاً   التاريخ: 22-03-2015
المؤلف : المبرد
الكتاب أو المصدر : الفاضل
الجزء والصفحة : ص3-4
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاسلامي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-7-2021 11482
التاريخ: 22-03-2015 3822
التاريخ: 8-6-2021 1677
التاريخ: 5-7-2021 2845

فضل الشعر

بسم الله الرحمن الرحيم

حدثني أبو الفضل العباس بن الفرج الرِّياشي قال: روى لنا أشياخنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحسن الشعر ويستنشده من أهله، ويُثيب عليه قائلَه. ثم يُروى أن شاعراً أنشده مدحاً في الله ومدحاً فيه، فأثابه على مدحه لله ولم يثبه على مدحه له.

وكان يتمثل بقول طرَفة: ويأتيك من لم تزوّد بالأخبار. لأن الشعر لم يجرِ قط على لسانه. وقال يوماً لأبي بكر رحمة الله عليه: كيف قال العباس بن مرداس: أتجعل نهبي ونهب العُبَيد بين الأقرع وعُيَينة؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله صلى الله عليه: بين عُيينة والأقرع. قال: أليس هما سواء! وكان يستحسن:

ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ ... وكلُّ نعيمٍ لا محالة زائلُ

وكان يقول: " إن من الشعر لحكمةً، وإن من البيان لسحراً " . وكان حسان بن ثابت شاعره. ويروى أنه أنشده في كلمة له يقول فيها:

لو لم تكن فيه آياتٌ مُبَيّنةٌ ... كانت بُداهتُه تُنْبيك بالخبرِ

فأعجب بذلك، صلى الله عليه وسلم، وأثاب حساناً ودعا له.

ويروى أنه قيل لحسان بعد موت رسول الله عليه السلام: ما بالُك لا تَرثي رسول الله عليه السلام؟ قال: لأني أستقل كل شيء يجيئني فيه.

وروى أبو عبيدة قال: كان ابن عباس يقول: إذا أشكل عليكم الشيء من القرآن فارجعوا فيه إلى الشعر فإنه ديوان العرب. وكان يُسأل عن القرآن فينشد الشعر.

وسئل عن الزَّنيم، فقال: هو الدعيّ الملصّق، ألم تسمع إلى قول الشاعر:

زَنيمٌ تداعاه الرجالُ زيادةً ... كما زيدَ في عرض الأديم الأكارع

وسئل عن قوله عز وجل: " والليلِ وما وَسق ". قال: وما جمع، ألم تسمع إلى قول الراجز:

إنّ لنا قَلائصاً حقائقا ... مُسْتَوسَقاتٍ لو يجِدن سائقا

وكان يفسر قوله: " فإذا همْ بالساهِرة " . قال: بالأرض، ألم تسمع إلى قول أمية بن أبي الصلت الثقفي:

فذاك جزاءُ ما عملوا قديما ... وكلٌّ بعد ذلكُم يدومُ

وفيها لحمُ ساهرةٍ وبحر ... وما فاهوا به لهمُ مقيمُ

وتحدث عمر بن شَبّة قال: بينما ابن عباس في المسجد الحرام وعنده ناس من الخوارج وابن الأزرق يسائلونه إذ أقبل عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة فقال: أنشدنا، فأنشده:

أمن آل نُعم أنت غادٍ فمُبكِرُ ... غَداةَ غدٍ أم رائحٌ فمُهَجِّرُ

حتى جاء على آخرها، فأقبل عليه ابن الأزرق فقال: تالله يا بن عباس، إنا نضرب إليك أكباد الإبل عن أقاصي البلاد لنسألك عن الحلال والحرام فتتثاقل علينا، ويأتيك مترفٌ من مترفي قريش فينشدك:

رأت رجلاً أيْما إذا الشمسُ عارضتْ ... فيَخزى وأمّا بالعشيِّ فيخسرُ

فقال ابن عباس: ليس هكذا. قال: فكيف قال: فأنشده:

رأت رجلاً أمّا إذا الشمسُ عارضتُ ... فيضحى وأما بالعشيِّ فيخصَرُ

فقال: ما أراك إلا وقد حفظت هذا البيت، قال: نعم! وإن شئت أن أنشدك القصيدة كلها كما أنشدك أنشدتك، قال: نعم، فأنى أشاء، فأنشده القصيدة حتى جاء على آخرها، ثم أقبل على عمر فقال: أنشِد، فأنشده:

تَشِطّ غداً دارُ جيرانِنا

فقال ابن عباس:

وللدار بعد غدٍ أبعدُ

فقال: كذا قلت! قال: كذا يكون -إن شاء الله -فاضطرب ابن أبي ربيعة وخجل، فقال له ابن عباس: إنما عنيت أنك أنت قلته، قال: يا عمّ، فكيف علمت؟ فقال: لا يكون بعد هذا إلا ذا.

ويروى أن أعرابياً سأله عن قول الشاعر:

لذي الحلم قبل اليوم ما تُقرع العصا ... وما عُلّم الإنسانُ إلاّ ليعلما

من الذي قاله؟ ومن عُني به؟ قال: عمرو بن حُمَمة الدوسي، قضى على العرب ثلاثمائة سنة وهو ابن سبعين، فألزموه السادسَ من ولد ولده حيث كبر، فجعل بينه وبينهم أمارةً إذا اختلط أن يقرع له العصا ليرتدع. فذلك قول المتلمّس:

لذي الحلم قبل اليوم ما تُقرع العصا

ويُروى أن رسول الله صلى الله عليه سمع كعب بن مالك بن أبي كعب الأنصاري ينشد:

ألا هل أتى غسان عنّا ودوننا ... من الأرض خرق غَوله متتعتِعُ

مجالدُنا عن جِذمنا كلّ فخمة ... مُدرّبةٍ فيها القوانس تلمعُ

فقال صلى الله عليه: " لا تقل عن جِذمنا وقل عن ديننا ". فكان كعب يقرأ كذلك ويفتخر بذلك، ويقول: ما أعان رسول الله صلى الله عليه أحداً في شعره غيري.

وحدثني الرياشي في إسناد قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه المدينة اجتمعت عليه الأنصار، وجعلوا يخبرونه عن أمورهم، قال: وأنشده حسان:

وقد أروحُ أمامَ الحيِّ مُنتطِقاً ... بصارمٍ مثلِ لونِ المِلحِ قَطّاعِ

يدفعُ عني ذبابَ السيفِ سابغةٌ ... موّارةٌ مثلَ مَورِ النهْي بالقاعِ

في فتيةٍ كسيوفِ الهند أوجُههم ... لا ينْكُلون إذا ما ثوَّب الداعي

قال: ورسول الله صلى الله عليه يتبسم، فظن أن تبسمه لما يسمع من وصفه ما هو عليه من جبنه. وذكر الزبير أن قومه كانوا يدفعون أن يكون جباناً، ولكنه أقعده عن الحرب أن أكحله قد قُطع، فذهب منه العمل في الحرب، وأنشد الزبير قولَ حسان:

أضرَّ بجسميَ مَرُّ الدهور ... وخان قِراعَ يدي الأكْحَلُ

وقد كنت أشهد وقعَ الحروب ... ويحمرّ في كفِّيَ المُنْصُلُ

ورِثنا من المجد أُكرومةً ... يوَرِّثُها الآخرَ الأولُ

وحُدثت عن الأصمعي قال: الدليل على أن حساناً لم يكن جباناً من الأصل أنه كان يهاجي خلقاً فلم يعيّره أحد منهم.

وكان أبو بكر الصديق رحمة الله عليه -فيما يروى -شاعراً، وعمر شاعراً، وعلي أشعر الثلاثة. وينشد لعلي عليه السلام:

فلو كنّا إذا مُتنا تُركنا ... لكان الموتُ راحةَ كلِّ حيِّ

ولكنّا إذا متنا بُعثنا ... فنُسأل بعد ذا عن كل شيّ

وكانت عائشة رحمها الله تفسر قول رسول الله صلى الله عليه: " لأن يمتلئ جوفُ أحدِكم قيحاً حتى يَرِيَهُ) من الورى (خير له من أن يمتلئ شعرا ". قالت: يعني الهجاء منه.

وسمع أبو بكر يوماً قول لبيد:

أخاً لي أمّا كلَّ شيءٍ سألتُه ... فيعطي وأمّا كلّ ذنبٍ فيغفر

فقال: ذاك رسول الله صلى الله عليه.

وحدثني الرياشي قال: أنشد منشد أبا بكر قول زهير في هرِم بن سِنان:

أنْ نِعمَ معترَكُ الجياعِ إذا ... خَبَّ السفير وسابئ الخمرِ

ولنعم حشو الدرع أنت إذا ... دُعيتْ نَزالِ ولُجّ في الذعرِ

ومرهَّقُ النيران يُحمد في ال ... لأواء غير مُلعَّن القِدْر

وجعل أبو بكر رحمه الله يقول عند كل بيت: ذاك رسول الله، حتى أنشده:

والسِّتْرُ دون الفاحشات وما ... يلقاك دونَ الخيرِ من سِتْرِ

أي يكون لك ستراً دون الفاحشات من دون الخيرات. فقال: هكذا كان والله رسولُ الله صلى الله عليه. ثم قال: أشعر شعرائكم زهير.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.