أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2014
2325
التاريخ: 2024-02-17
1167
التاريخ: 2024-02-28
879
التاريخ: 1-12-2014
2713
|
السّياق في اللّغة لفظ ذو تشكّلات عديدة ، وفي اللّسان يأتي بمعنى المتابعة ، ومنه " ساق الإبل يسوقها سوقا وسياقا ، وتساوقت الإبل أي تتابعت " «1». وفي أساس البلاغة أنّ من المجاز قولهم : " فلان يسوق الحديث أحسن سياق" ، و" هذا الكلام مساقه إلى كذا" «2».
ومعناه
هنا النمط الذي يتّخذه الحديث في تتابعه ، وقريب من هذا ما ورد في المعجم الوسيط :
ساق الحديث : سرده وسلسلة ، وساوقه : تابعه وسايره وجاراه ، وسياق الكلام : تتابعه
وأسلوبه الذي يجري عليه
«3». ولا ريب أنّ الكلمة قد مرّت بتطوّرات
عديدة حتّى وصلت إلى معناها الذي نعرفه اليوم. وقد تكون كتب التفسير وكتب الأصول
من أوائل الكتب التي تبلور فيها معنى السياق كمصطلح ، كما نجد ذلك في (الرسالة)
للإمام الشافعي (ت 204 هـ)
«4». وتطلق لفظة (السياق) في عرف المفسّرين على
الكلام الذي خرج مخرجا واحدا ، واشتمل على غرض واحد هو المقصود الأصلي للمتكلّم ، وانتظمت
أجزاؤه في نسق واحد ، وقد تدلّ على السياق ألفاظ أخرى؛ كالمقام ، ومقتضى الحال والتأليف
، وغيرها.
وفي
المعاجم الحديثة يعرّف السياق بأنّه" بيئة الكلام ومحيطه وقرائنه" «5». ويعرّفه آخرون بأنّه" علاقة البناء
الكلّي للنصّ بأيّ جزء من أجزائه" «6». وتشير هذه المعاجم إلى تضافر سياقات عديدة
في النصّ تساهم في صياغة الرسالة اللّغويّة ، وهي : السياقات النحويّة ، والبلاغيّة
، والصوتيّة. وانطلاقا منها يتداخل العديد من الاعتبارات النفسيّة والاجتماعيّة «7». وقد اهتمّ النّقاد والدلاليّون واللّسانيّون
والأسلوبيّون بالسياق من وجهات مختلفة ، فدرس (أوستن) استخراج السياق من خلال
البنى المختلفة للرسالة اللّغوية
«8».
واهتمّ
علماء الدلالة بالمعنى السياقي ، وقصدوا به المعنى الذي يستخرجه المخاطب من الكلام
استنادا للسياق ، كما في بحوث جون لاينز «9»
، وفيرث «10». وأبرز الأسلوبيّون علاقة الأسلوب بمقتضيات
السياق المقامي ، وعلى رأسها الإطار النفسي للحديث ، كما نرى ذلك في بحوث هايمز «11» ، كما عدّ النقاد السياق دعامة رئيسة في
تحليل النصّ الأدبي ، ونجد ذلك ماثلا في بحوث باختين «12» ، ونورثروب فراي «13» ، وغيرهم.
ومع
تعدّد هذه الميادين واختلاف الاتّجاهات النظريّة لأصحابها ، فإنّها تتّفق في أن
السياق يفسّر الكثير من العمليّات المصاحبة لأداء اللّغة في وظيفتها التواصليّة والإبلاغيّة
، لدى كلّ من منتج الكلام والمتلقي ، وأنّه ركن أساس في فهم الرسالة اللّغوية.
ويأتي
السياق في نوعين : السياق اللغوي ، والسياق الحالي ، والأوّل منهما هو الذي يعطي
الكلمة أو العبارة معناها الخاص في الحديث أو النصّ؛ فهو يزيل اللبس عن الكلمة ، بينما
سياق الحال أو المقام يزيل اللبس عن الجمل والنصوص ، والسياق بهذا المفهوم يتعدّى
ما هو معروف من حيث إنّه تتابع للأصوات والألفاظ ليشمل فضلا عن ذلك الجوّ البيئي والنفسي
المحيط بكلّ من المتكلّم والسامع. ودراسة النصّ اللّغوي وفهمه فهما عميقا يحتاج
معرفة بالعوامل السياقيّة ، وفي مقدّمتها الثقافة والبيئة والوسط الاجتماعي . ويعبّر
غراهام هو (Graham hough) عن هذا المعنى بقوله : " إنّ قراءة
القصيدة خارج سياقها لا تعدّ قراءة أبدا" «14».
________________________
(1) ابن
منظور ، لسان العرب ، مادّة (سوق).
(2) الزمخشري
، أساس البلاغة ، مادّة (سوق).
(3) مجمع
اللّغة العربية ، المعجم الوسيط ، مادة (سوق).
(4) الشافعي
، الرسالة ، ص 58.
(5) رمزي
البعلبكي ، معجم المصطلحات اللغوية ، ص 119.
(6) محمد علي
الخولي ، معجم علم اللغة النظري ، ص 57.
(7) إبراهيم
فتحي ، معجم المصطلحات الأدبية ، مادة سياق. ومجدي وهبة ، معجم مصطلحات الأدب ، ص
8.
(8) عدنان بن
ذريل ، اللّغة والدلالة ، ص 160.
(9) جون
لاينز ، علم الدلالة ، ترجمة محمد عبد الحليم الماشطة وآخرون ، ص 80.
(10) Firth J. R
Papers in linguistics p 4 .
(11) The Oxford English dictionary 12 Vol. P. 920
(12) ميخائيل
باختين ، الخطاب الروائي ، ص 50.
(13) Northrop Fry The Critical path P 69 .
(14) غراهام
هو ، الأسلوب والأسلوبية ، ترجمة كاظم سعد الدين ، ص 52.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|