أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-03-2015
13338
التاريخ: 3-03-2015
24995
التاريخ: 3-03-2015
3205
|
(بلا ولامٍ طالباً ضع جزما + في الفعل ) طالباً : حال من فاعل ضع المستتر ، وجزماً: مفعول به .
اي تجزم لا واللام الطلبيتان الفعل المضارع ، أما " لا " فتكون للنهي نحو : (لا تشرك بالله) ووللدعاء نحو (لا تؤاخذنا) . اما اللام فتكون للأمر نحو (لينفق) وللدعاء نحو (ليقض علينا ربك) وقد دخل تحت الطلب الأمر والنهي والدعاء ، والاحتراز به من غير الطلبيتين ، مثل لا النافية والزائدة ، واللام ينتصب بعدها المضارع ، وقد أشعر كلامه أنهما لا يجزمان فعلي المتكلم، وهو كذلك في لا ، وندر قوله :(1)
لا أعرفن ربرباً حوراً مدامعها مردفات على أعقاب أكوار
وقوله :(2)
إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد لها أبداً ما دام فيها الجراضمُ
ص367
نعم إن كان للمفعول جاز بكثرة نحو " لا أخرج " و " لا يخرج " لان المنهي غير المتكلم "(3) وأما اللام فجزمها لفعلي المتكلم مبنيين للفاعل جائز في السعة ، لكنه قليل، ومنه " قوموا فلأصل لكم " و (لنحمل خطاياكم) وأقل منه جزمها فعل الفاعل المخاطب كقراءة أبي وأنس .
(فبذلك فلتفرحوا) ، وقوله عليه السلام : " لتأخذوا مصافكم " والأكثر الاستغناء عن هذا بفعل الأمر .
(تنبيهات) : الأول : زعم بعضهم أن أصل " لا " الطلبية لام الأمر زيدت عليها ألف فانفتحت ، وزعم بعضهم أنها النافية ، والجزم بعدها بلام الأمر مضمرة قبلها ، وحذفت كراهة اجتماع لامين في اللفظ ، وهما ضعيفان .
الثاني : لا يفصل بين لا مجزومها ، وأما قوله :(4)
وقالوا أخانا لا تخشع لظالم عزيز ، ولا ـ ذا حق قومك ـ تظلم
ص368
فضرورة ، وأجاز بعضهم في قليل من الكلام نحو " لا اليوم تضرب " .
الثالث : حركة اللام الطلبية الكسر ، وفتحه لغة ، ويجوز تسكينها بعد الواو والفاء وثم ، وتكسينها بعد الواو والفاء أكثر من تحريكها ، وليس بضعيف بعد ثم ، ولا قليل ، ولا ضرورة ، خلافاً لمن زعم ذلك .
الرابع : تحذف لام الأمر ويبقى عملها ، وذلك على ثلاثة أضرب : كثير مطرد وهو حذفها بعد أمر بقول ، نحو (قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة)(5) وقليل جائز في الاختيار ، وهو حذفها بعد قول غير أمر كقوله .(6)
قلت لبواب لدية دارها تئذن فإني حموها وجارها
قال المصنف : وليس مضطراً : لتمكنه من أن يقول ائذن ؛ قال : وليس لقائل أن يقول : هذا من تسكين المتحرك على أن يكون الفعل مستحقاً للرفع ، فسكن اضطراراً ؛ لأن الراجز لو قصد الرفع لتوصل إليه مستغنياً عن الفاء ، فكان يقول " تأذن إني " ، وقليل مخصوص بالاضطرار ، وهو الحذف دون تقدم قول بصيغة أمر ولا
ص369
بخلافه ، كقوله :(7)
محمد تفد نفسك كل نفس إذا ما خفت من أمر تبالا
وقوله :(8)
فلا تستطل مني بقائي ومدتي ولكن يكن للخير منك نصيب
انتهى .
و(هكذا بلم ولما) أي لم ولما يجزمان المضارع مثل لا واللام الطلبيتين نحو (لم يلد ولم يولد) ونحو (ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم)(9) (ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم)(10) . ويشتركان في الحرفية والاختصاص بالمضارع ، والنفي ، الجزم ، وقلب معنى الفعل للمضي ، وتنفرد (لم) بمصاحبة الشرط نحو (وإن لم تفعل فما
ص370
بلغت رسالته )(11) وجواز انقطاع نفي منفيها عن الحال، بخلاف (لما) فإنه يجب اتصال نفي منفيها بحال النطق، كقوله :(12)
فإن كنت مأكولا فكن خير آكل وإلا فأدركني ولما أمزق
ومن ثم جاز " لم يكن ثم كان " وامتنع " لما يكن ثم كان " والفصل بينها وبين مجزومها اضطراراً ، كقوله:(13)
فذاك ولم ـ إذا نحن امترينا ـ تكن في الناس يدركك المراء
وقوله:(14)
فأضحت مغانيها قفاراً رسومها كأن لم ـ سوى أهل من الوحش ـ تؤهل
وأنها قد تلغى فلا يجزم بها ، قال في التسهيل : حملا على لا ، وفي
ص371
شرح الكافية : حملا على ما ، وهو أحسن ، لأن (ما) تنفي الماضي كثيراً ، بخلاف لا، وأنشد الأخفش على إهمالها قوله:(15)
لولا فوارس من ذهل وأسرتهم يوم الصليفاء لم يوفون بالجار
وصرح في اول شرح التسهيل بان الرفع لغة قوم . وتنفرد لما بجواز حذف مجزومها والوقف عليها في الاختيار كقوله.(16)
فجئت قبورهم بدءاً ولما .. فناديت القبور فلم يجبنه
أي ولما أكن بدءاً قبل ذلك أي سيداً ، وتقول : قاربت المدينة ولما ، أي ولما أدخلها ، وهو أحسن ما خرج عليه قراءة من قرأ (وإن كلا لما )(17) ولا يجوز ذلك في لم ، وأما قوله: (18)
ص372
احفظ وديعتك التي استودعتها يوم الاعازب إن وصلت وان لم
فضرورة ، وبكون منفيها يكون قريباً من الحال ، ولا يشترط ذلك في منفي " لم " تقول: لم يكن زيد في العام الماضي مقيماً ، ولا يجوز " لما يكن " . قال المصنف : كون منفي لما يكون قريباً من الحال غالب لا لازم . وبكون منفيها يتوقع ثبوته بخلاف منفي لم الا ترى أن معنى (بل لما بذوقوا عذاب )(19) . أنهم لم يذوقوه الى الآن وان ذوقهم له متوقع .
قال الزمخشري (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)(20) : ما في لما من معنى التوقع دال على أن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد ، انتهى.
وهذا بالنسبة الى المستقبل ، فأما بالنسبة الى الماضي فهما سيان في الواقع وعدمه . مثال التوقع " ما لي قمت ولم تقم " أو " ولما تقم " . ومثال عدم التوقع أن تقول ابتداء : لم يقم ، أو لما يقم .
(تنبيهات) . الأول : قال في التسهيل : ومنها لم ، ولما أختها ، يعني من الجوازم ، فقيد لما بقوله (أختها) احترازاً من (لما) بمعنى (إلا) ، ومن (لما) التي هي حرف وجود لوجود . وكذلك فعل الشارح ، فقال : احترزت بقولي اختها من (لما) الحينية، ومن (لما) بمعنى (إلا) ، هذا كلامه . وإنما لم يقيدها هنا بذلك ، وكذلك فعل في الكافية ، لأن هاتين لا يليهما المضارع ؛ لأن التي بمعنى (إلا)
ص373
لا تدخل إلا على جملة اسمية نحو (إن كل نفس لما عليها حافظ)(21) في قراءة من شدد الميم ، أو على الماضي لفظاً لا معنى نحو : " أنشدك الله لما فعلت " أي إلا فعلت، والمعنى : ما أسألك إلا فعلك ، والتي هي حرف وجود لوجود لا يليها الى ماضٍ لفظاً ، ومعنى ، نحو (ولما جاء أمرنا نجينا هوداً)(22) .
وأما قوله :(23)
أقول لعبد الله : لما سقاؤنا ونحن بوادي عبد شمسٍ وهاشم
فقد تقدم الكلام عليه في باب الإضافة ، وتسمية الشارح (لما) هذه حينية هو مذهب ابن السراج وتبعه الفارسي ، وتبعهما ابن جني ، وتبعهم جماعة ، اي أنها ظرف بمعنى حين .
وقال المصنف : بمعنى إذ ، وهو أحسن ؛ لأنها مختصة بالماضي ، وبالإضافة الى الجملة ، وعند ابن خروف أنها حرف .
ص374
الثاني : حكى اللحياني عن بعض العرب أنه ينصب (بلم) ، وقال في شرح الكافية : زعم بعض الناس أن النصب (بلم) لغة ؛ اغتراراً بقراءة بعض السلف (ألم نشرح لك صدرك) بفتح الحاء ، وبقول الراجز:(24)
في أي يومي من الموت أفر أيوم لم يقدر أم يوم قدر
وهو عند العلماء محمول على أن الفعل مؤكد بالنون الخفيفة ، ففتح لها ما قبلها ، ثم حذفت ونويت ، هذا كلامه . وفيه شذوذان : توكيد المنفي بلم ، وحذف النون لغير وقف ولا ساكنين .
الثالث : الجمهور على أن مركبة من لم وما ، وقيل : بسيطة .
الرابع تدخل همزة الاستفهام على لم ولما فيصيران ألم وألما باقيتين على عملهما ، نحو (ألم نشرح) ، (ألم يجدك يتيماً) ونحو قوله : (25)
على حين عاتبت المشيب على الصبا وقلت : ألما أصح والشيب وازع ؟
ص375
ولما فزع مما يجزم فعلاً واحداً انتقل الى ما يجزم فعلين فقال :
(واجزم بإن ومن وما ومهما أي متى أيان إذ ما ، وحيثما أنى ).
فهذه إحدى عشرة أداة كلها فعلين ، نحو " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله )(26) ، (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله"(27) ونحو (من يعمل سوءاً يجز به )(28) ونحو (وما تفعلوا من خير يعلمه الله)(29) . وقوله(30) :
أرى العمر كنزاً ناقصاً كل ليلة وما تنقص الأيام والدهر ينفد
ونحو (وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين)(31) .
وقوله :(32)
ومهما يكن عند امرئ من خليفة وإن خالها تخفى على الناس تعلم
ص376
ونحو (أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى)،(33) ، وقوله:(34)
لما تمكن دنياهم أطاعهم في أي نحو يميلوا دينه يمل
وقوله:(35)
متى تأته تعشو الى ضوء ناره نجد خير نارٍ عندها خيرُ موقد
وقوله:(36)
متى ما تلقى فردين ترجف روانق أليتيك وتستطارا
ونحو قوله:(37)
أيان نؤمنك تأمن غيرنا ، وإذا لم تدرك الأمن منا لم تزل حذراً
وقوله : (38)
إذا النعجة الأدماء كانت بقفرة فأيان ما تعدل به الريح تنزل
ونحو قوله:(39)
ص377
أين تصرف بنا العداة تجدنا نصرف العيس نحوها للتلاقي
ونحو قوله تعالى : (أينما تكونوا يدرككم الموت )(40) وقوله(41) :
صعدةٌ نابتة في حائر أينما الريحُ تميلها تمل
ونحو قوله (42) :
وإنك إذ ما تأتِ ما أنت آمر به تلف من إياه تأمر آتيا
ونحو قوله:(43)
حيثما تستقم يقدر الله نجاحاً في غابر الأزمان
ونحو قوله:(44)
خليلي أنى تأتياني تأتيا أخا غير ما يرضيكما لا يحاولُ
(وحرف إذ ما) أي إذما حرف (كإن) معنى وفاقاً لسيبويه ، لا ظرف زمان زيد عليها ما كما ذهب إليه المبرد في أحد قوليه، وابن
ص378
السراج والفارسي " وباقي الأدوات أسما " ، أما من وما ومتى وأي وأيان وأين وأنى وحيثما فباتفاق ، وأما فعلى الأصح .
وتنقسم هذه الأسماء الى ظرف وغير ظرف ؛ فغير الظرف من وما ومهما ، (فمن) لتعميم أولي العلم ، و (ما) لتعميم ما تدل عليه وهي موصولة ، وكلتاهما مبهمة في أزمان الربط ، ومهما بمعنى (ما) ولا تخرج عن الأسمية ، خلافاً لمن زعم أنها تكون حرفاً ، ولا عن الشرطية خلافاً لمن زعم أنها تكون استفهاماً ، ولا تجر بإضافة ولا بحرف جر ، بخلاف من وما ، وذكر في الكافية والتسهيل أن ما ومهما قد يردان ظرفي زمان . وقال في شرح الكافية : جميع النحويين يجعلون ما ومهما مثل من في لزوم التجرد عن الظرفية مع أن استعمالها ظرفين ثابت في أشعار الفصحاء من العرب وأنشد أبياتاً ، منها ي (ما) قول الفرزدق (45).
وما تحي لا أرهب وإن كنتُ جارماً ولو عد أعدائي عليّ لهم ذحلا
وقول ابن الزبير:(46)
فما تحي لا تسأم حياة ، وإن تمت فلا خير في الدنيا ولا العيش أجمعا
ص379
وفي (مهما) قول حاتم:(47)
وإنك مهما تعط بطنك سؤله وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا
وقول طفيل الغنوي:(48)
نبئت أن أبا شتيم يدعى مهما يعش يسمع بما لم يسمع
قال ابنه : ولا أرى في هذه الأبيات حجة ؛ لأنه يصح تقديرها بالمصدر .
وأصل مهما " ما ما " الأولى شرطية والثانية زائدة ، فثقل اجتماعهما فأبدلت ألف الأولى هاء . هذا مذهب البصريين . ومذهب الكوفيين أصلها " مه " بمعنى اكفف زيدت عليها ما فحدث بالتركيب معنى لم يكن ، وأجازه سيبويه . وقيل : إنها بسيطة .
وأما أي فهي عامة في ذوي العلم وغيرهم ، وهي بحسب ما تضاف إليه ، فإن أضيف الى ظرف مكان فهي ظرف مكان ، وإن أضيفت الى ظرف زمان فهي ظرف زمان ، وإن أضيفت الى غيرها فهي غير ظرف .
ص380
وأما الظرف فينقسم الى زماني ومكاني ؛ فالزماني : متى ، وأيان وهما لتعميم الأزمنة، وكسر همزة إيان لغة سليم وقرئ بها شاذاً ، والمكان : أين وأنى ، وحيثما ، وهي لتعميم الأمكنة .
(تنبيهات) : الاول : هذه الأدوات في لحاق " ما " على ثلاثة أضرب ، ضرب لا يجزم إلا مقترناً بها ، وهو حيث وإذ ، كما اقتضاه صنيعه ، وأجاز الفراء الجزم بها بدون ما. وضرب لا يلحقه ما ، وهو من وما ومهما وأنى ، واجازه الكوفيون في من وأنى ، وضرب يجوز فيه الأمران ، وهو إن وأي ومتى وأين وأيان ، ومنع بضعهم في أيان والصحيح الجواز .
الثاني : ذكر في الكافية والتسهيل أن " إنْ " قد تهمل حملاً على لو ، كقراءة طلحة " فإما ترين " بياء ساكنة ونون مفتوحة ، وأن (متى) قد تهمل حملاً على (إذا) ، ومثل بالحديث " إن أبا بكر رجل أسيف ، وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس " وفي الارتشاف : ولا تهمل حملاً على اذا ، خلافاً لمن زعم ذلك ، يعني متى .
الثالث : لم يذكر هنا من الجوازم اذا وكيف ولو .
أما اذا فالمشهور انه لا يجزم بها الا في الشعر لا في قليل من الكلام ولا في الكلام اذا زيد بعدها ما ، خلافاً لزاعم ذلك ، وقد صرح بذلك في الكافية فقال :
وشاع جزم بإذا حملاً على متى ، وذا في النثر لن يستعملا
وقال في شرحها : وشاع في الشعر الجزم بإذا حملاً على متى ؛ فمن
ص381
ذلك إنشاد سيبويه:(49)
ترفع لي خندف والله يرفع لي نادراً إذا خمدت نيرانهم تقد
وكإنشاد الفراء:(50)
استغن ما أغناك ربك بالغنى وإذا تصبك خصاصة فتحمل
لكن ظاهر كلامه في التسهيل جواز ذلك في النثر على قله ، وهو ما صرح به في التوضيح فقال : هو في النثر نادرٌ ، وفي الشعر كثيرٌ ، وجعل منه قوله عليه الصلاة والسلام لعليٌ وفاطمة رضي الله عنهما " إذا أخذتما مضاجعكما تكبراً أربعاً وثلاثين " الحديث .
وأما (كيف) فيجازى بها معنى لا عملاً ، خلافاً للكوفيين ، فإنهم أجازوا الجزم بها قياساً مطلقاً ، ووافقهم قطرب ، وقيل : يجوز بشرط اقترانها بما .
وأما (لو) فذهب قوم منهم ابن الشجري الى أنها يجزم في الشعر ، وعليه مشى المصنف في التوضيح ، ورد ذلك في الكافية فقال :
وجوز الجزم بها في الشعر ذو حجة ضعفها من يدري
ص382
وتأويل في شرحها قوله:(51)
لو يشأ فاز بها ذوا ميعة لا حق الآطال نهدٌ ذو خصل
وقوله:(52)
نامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت إحدى نساء بني ذهل ابن شيبانا
ووقع له في التسهيل كلامان ، أحدهما يقتضي المنع مطلقاً والثاني ظاهره موافقة ابن الشجري .
(فعلين يقتضين) أي تطلب هذه الأدوات فعلين (شرط) قدماه يتلو الجزاء ) أي يتبعه الجزاء (وجواباً وسما) أي علم ، يعني يسمى الجزاء جواباً أيضاً . وإنما قال " فعلين " ولم يقل جملتين للتنبيه على أن حق الشرط والجزاء أن يكونا فعلين ، وإن كان ذلك لا يلزم في الجزاء ، وأفهم قوله " يتلو الجزاء " أنه لا يتقدم ، وإن تقدم على أداة الشرط شبيه الجواب فهو دليل عليه، وليس إياه . هذا مذهب جمهور البصريين ، وذهب الكوفيون المبرد وأبو زيد الى أنه الجواب نفسه ، والصحيح الأول : وأفهم قوله " يقتضين " أن أداة الشرط هي الحازمة للشرط والجزاء معاً لاقتضائها لهما ، أما الشرط فنقل الاتفاق على أن الاداة جازمة له ، وأما الجزاء ففيه أقوال ، قيل : هي الجازمة
ص383
له أيضا كما اقتضاه كلامه ، قيل : هو مذهب المحققين من البصريين ، وعزاه السيرافي الى سيبويه ، وقيل : بالأداة والفعل معاً ، ونسب الى سيبويه والخليل ، وقيل : بالحوار ، وهو مذهب الكوفيين .
(وماضيين أو مضارعين * تلفيهما) أي تجدهما (أو متخالفين) هذا ماضٍ وهذا مضارع: فمثال كونهما مضارعين ـ وهو الأصل ـ نحو (وإن تعودوا نعد)(53) وماضيين نحو (وإن عدتم عدنا)(54) وماضياً فمضارعاً نحو (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه )(55) وعكسه قليل ، وخصه الجمهور بالضرورة ، ومذهب الفراء والمصنف جوازه في الاختيار ، وهو الصحيح ؛ لما رواه البخاري من قوله عليه الصلاة والسلام : " من يقم ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له " ومن قول عائشة " إن أبا بكر رجل أسيف متى يقم مقامك رقّ " ومنه (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت )(56) ؛ لأن تابع الجواب جواب ، وقوله : (57)
من يكدني بسيء كنت منه كالشجا بين حلقه والوريد
وقوله : (58)
ص384
إن تصرمونا وصلناكم ، وإن تصلوا ملأتم ، أنفس الأعداء إرهاباً
وقوله : (59)
إن يسمعوا سبة طاروا بها فرحاً مني ، وما يسمعوا من صالح دفنوا
وأورد له الناظم في توضيحه عشرة شواهد شعرية .
(وبعد ماض رفعُك الجزا حسن) كقوله : (60)
وإن أتاه خليل يوم مسغبة يقول : لا غائب مالي ولا حرمُ
وقوله : (61)
ولا بالذي إن بان عنه حبيبه يقول ـ ويخفي الصبر ـ إني لجازع
ورفعه عند سيبويه على تقدير تقديمه وكون الجواب محذوفاً ، وذهب
ص385
الكوفيون والمبرد الى انه على تقدير الفاء ، وذهب قوم إلا أنه ليس على التقديم والتأخير ولا على حذف الفاء ، بل لما لم يظهر لأداة الشرط تأثير في فعل الشرط لكونه ماضياً ضعفت عن العمل في الجواب .
(تنبيهان) : الأول : مثل الماضي في ذلك المضارع المنفي بلم تقول : " إن لم تقم أقوم " وقد يشمله كلامه .
الثاني : ذهب بعض المتأخرين الى أن الرفع أحسن من الجزم ، والصواب عكسه ، كما أشعر به كلامه . وقال في شرح الكافية : الجزم مختار ، والرفع جائز كثير .
(ورفعه) أي رفع الجزاء (بعد مضارع وهن) أي ضعف ، من ذلك قوله : (62)
يا أقرع بن حابس يا أقرعُ إنك إن يصرع أخوك تصرع
وقوله : (63)
فقلتُ : تحمل فوق طوقك ؛ إنها مطبعة من يأتها لا يضيرها
ص386
وقراءة طلحة بن سليمان (أينما تكونوا يدرككم الموت )(64) وقد أشعر كلامه بأنه لا يختص بالضرورة ، وهو مقتضى كلامه أيضا في شرح الكافية ، وفي بعض نسخ التسهيل ، وصرح في بعضها بأنه ضرورة ، وهو ظاهر كلام سيبويه ؛ فإنه قال : وقد جاء في الشعر ، وقد عرفت أن قوله " بعد مضارع " ليس على إطلاقه ، بل محله في غير المنفي بلم كما سبق .
(تنبيهات) : الأول : اختلف في تخريج الرفع بعد المضارع ؛ فذهب المبرد الى انه على حذف الفاء مطلقاً ، وفصل سيبويه بين أن يكون قبله ما يمكن ان يطلبه(65) نحو " إنك " في البيت فالأولى أن يكون على التقديم والتأخير ، وبين أن لا يكون فالأولى أن يكون على حذف الفاء ، وجوز العكس . وقيل : إن كانت الأداة اسم شرط فعلى إضمار الفاء ، وإلا فعلى التقديم والتأخير .
الثاني : قال ابن الأنباري : يحسن الرفع هنا إذا تقدم ما يطلب الجزاء قبل " إن " كقولهم : " طعامك إن تزرنا تأكلُ " تقديره : طعامك تأكل إن تزرنا .
الثالث : ظاهر كلامه موافقة المبرد ؛ لتسميته المرفوع جزاء ، ويحتمل ان يكون سماه جزاء باعتبار الأصل وهو الجزم ، وإن لم يكن جزاء إذا رفع .
نحو (إن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير )(66) والطلبية نحو (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )(67).
ونحو (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخف ظلماً ولا هضماً )(68) في رواية ابن كثير ، وقد اجتمعا في قوله تعالى : (وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده )(69) والتي فعلها جامد نحو (إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً فعسى ربي)(70) أو مقرون بقد نحو (إن يسرق فقد سرق أخٌ له من قبل )(71) أو تنفيس نحو (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله)(72) أو لن نحو (وما تفعلوا من خير فلن تكفروه)(73) أو ما نحو (فإن توليتم فما سألتكم من أجر) (74) وقد تحذف للضرورة كقوله :(75)
من يفعل الحسنات الله يشكرها لا يذهب العرف عند الله والناس
وقوله:(76)
ص388
ومن لا يزل ينقاد للغي والصبا سيلفى على طول السلامة نادما
قال الشارح : أو ندور ، ومثل للندور بما أخرجه البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب " فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها " . وعن المبرد إجازة حذفها في الاختيار ، وقد جاء حذفها وحذف المبتدأ في وقوله : (77)
بني ثعل لا تنكعوا العنز شربها بنى ثعل من ينكع العنز ظالم
وإنما وجب قرن الجواب بالفاء فيما لا يصلح شرطاً ليعلم الارتباط ، فإن ما لا يصلح للارتباط مع الاتصال أحق بأن لا يصلح مع الانفصال ؛ فإذا قرن بالفاء علم الارتباط .
أما إذا كان الجواب صالحاً لجعله شرطاً كما هو الأصل لم يحتج الى فاء يقترن بها ، وذلك إذا كان ماضياً متصرفاً مجرداً من قد وغيرها ؛ أو مضارعاً مجرداً أو منفياً بلا أو لم .
قال الشارح : ويجوز اقترانه بها ، فإن كان مضارعاً رفع ، وذلك نحو قوله تعالى (إن قميصه قد من قبل فصدقت)(78) وقوله (ومن جاء بالسيئة فكبت)(79) وقوله (فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً )(80) هذا كلامه .
ص389
وهو معترض من ثلاثة أوجه ؛ الأول : أن قوله " ويجوز اقترانه بها " يقتضي ظاهره أن الفعل هو الجواب مع اقترانه بالفاء، والتحقيق حينئذ أن الفعل خبر مبتدأ محذوف ، والجواب جملة اسمية ، قال في شرح الكافية : فإن اقترن بها فعلى خلاف الأصل وينبغي أن يكون الفعل خبر مبتدأ ولولا ذلك لحكم بزيادة الفاء وجزم الفعل إن كان مضارعاً ؛ لأن الفاء على ذلك التقدير زائدة في تقدير السقوط ، لكن العرب التزمت رفع المضارع بعدها ، فعلم أنها غير زائدة ، وأنها داخلة على مبتدأ مقدر كما تدخل على مبتدأ مصرح به .
الثاني : ظاهر كلامه جواز اقتران الماضي بالفاء مطلقاً ، وليس كذلك ، بل الماضي المتصرف المجرد على ثلاثة أضرب ، ضرب لا يجوز اقترانه بالفاء ، وهو ما كان مستقبلاً معنى ولم يقصد به وعد أو وعيد ، نحو " إن قام زيد قام عمرو" وضرب يجب اقترانه بالفاء ، وهو ما كان ماضياً لفظا ً ومعنى ، نحو (إن كان قميصه قد من قبل فصدقت) و (قد) معه مقدرة ، وضرب يجوز اقترانه بالفاء ، وهو ما كان مستقبلاً معنى وقصد به وعد أو وعيد ، نحو (ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار) . قال في شرح الكافية : لأنه إذا كان وعداً او وعيداً حسنَ أن يقدر ماضي المعنى ؛ فعومل معاملة الماضي حقيقة ، وقد نص على هذا التفصيل في شرح الكافية .
الثالث : أنه مثل ما يجوز اقترانه بالفاء بقوله تعالى : (فصدقت) وليس كذلك ، بل هو مثال الواجب كما مر .
(تنبيه) هذه الفاء فاء السبب الكائنة في نحو (يقوم زيدٌ فيقوم عمرو) وتعينت هنا للربط لا للتشريك ، وزعم بعضهم أنها عاطفة جملة على جملة ؛ فلم تخرج عن العطف ، وهو بعيد .
ص390
(وتخلف الفاء إذا المفاجأة) في الربط ، إذا كان الجواب جملة اسمية غير طلبية لم يدخل عليها أداة نفي ولم يدخل عليها إن (كإن تجد إذا لنا مكافأة) (وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون )(81) لأنها مثلها في عدم الابتداء بها ، فوجودها يحصل ما تحصل الفاء من بيان الارتباط ، فأما نحو " إن عصى زيد فويل له " ونحو " إن قام زيد فما عمرو قائم " ونحو " إن قام زيد فإن عمراً قائم " فيتعين فيها الفاء .
وقد أفهم كلامه أن الربط بإذا نفسها ، لا بالفاء مقدرة قبلها ، خلافاً لمن زعمه ، وأنها ليست أصلا في ذلك ، بل واقعة موقع الفاء ، وأنه لا يجوز الجمع بينهما في الجواب .
(تنبيهان) : الأول : أعطى القيود المشروطة في الجملة المثال ، لكنه لا يعطى اشتراطها ، فكان ينبغي أن يبينه .
الثاني : ظاهر كلامه أن " إذا " يربط بها بعد " إن " وغيرها من أدوات الشرط وفي بعض نسخ التسهيل " وقد تنوي بعد إن اذا المفاجأة عن الفاء " فخصه بإن ، وهو ما يؤذن به تمثيله ، قال أبو حيان : ومورد السماع إن ، وقد جاءت بعد اذا الشرطية نحو (فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون )(82) .
(والفعل من بعد الجزا) وهو أن تأخذ أداة الشرط جوابها (إن يقترن بالفا أو الواو بتثليث قمن ) أي حقيق ، فالجزم بالعطف ، والرفع على الاستئناف ، والنصب بأن مضمرة وجوباً وهو قليل ، قرأ
ص391
عاصم وابن عامر (يحاسبكم به الله فيغفر)(83) بالرفع ، وباقيهم بالجزم ، وابن عباس بالنصب ، وقرئ بهن (من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم) (84) (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ونكفر) (85) . وقد روى بهن " نأخذ " من قوله:(86)
فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والبلد الحرام
وتأخذ بعده بذناب عيش أجب الظهر ليس له سنام
وإنما جاز النصب بعد الجزاء لأن مضمونه لم يتحقق وقوعه ، فأشبه الواقع بعده الواقع بعد الاستفهام . أما إذا كان اقتران الفعل بعد الجزاء (بثم) فإنه يمتنع النصب ، ويجوز الجزم والرفع .
فإن توسط المضارع المقرون بالفاء او الواو بين جملة الشرط وجملة الجزاء فالوجه جزمه ، ويجوز النصب ، والى ذلك الإشارة بقوله :
(وجزم او نصب لفعل إثر فا أو واو ان بالجملتين اكتنفا)
فالجزم نحو (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين )(87)
ص392
وهو الأشهر ، ومن شواهد النصب قوله:(88)
ومن يقترب منا ويخضع نؤوه ولا يخش ظلما ً ما أقام ولا هضما
ولا يجوز الرفع ، لأنه لا يصح الاستئناف قبل الجزاء ، وألحق الكوفيون (ثم) بالفاء والواو ، وأجازوا النصب بعدها ، واستدلوا بقراءة الحسن (ومن يخرج من بيته مهاجراً الى الله ورسوله ثم يدركه الموت )(89) وزاد بعضهم او .
(والشرط يغني عن جواب قد علم) أي بقرينة نحو (فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض)(90) الآية ، أي فافعل وهذا كثير، ويجب ذلك إن كان الدال عليه ما تقدم مما هو جواب في المعنى ، نحو (وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين )(91) أو ما تأخر من جواب قسم سابق عليه كما سيأتي . (والعكس) وهو أن يغني الجواب عن الشرط (قد يأتي) كما سيأتي . (والعكس) وهو أن يغني الجواب عن الشرط (قد يأتي) قليلاً (إن المعنى فهم) أي دل الدليل على المحذوف ، كقوله:(92)
فطلقها فلست لها بكف وإلا يعل مفرقك الحسام
ص393
أي وإلا تطلقها يعل . وقوله : (93)
متى تؤخذوا قسراً بظنه عامر ولا ينج إلا في الصفاء يزيد
أراد متى تثقفوا تؤخذوا .
(تنبيهات) : الأول : أشار (بقد) الى أن حذف الشرط أقل من حذف الجواب كما نص عليه في شرح الكافية لكنه في بعض نسخ التسهيل سوى في الكثرة بين حذف الجواب وحذف الشرط المنفي بلا تالية (إن) كما في البيت الأول ، وهو واضح ، فليكن مراده هنا أنه أقل منه في الجملة .
الثاني : قال في التسهيل : ويحذفان بعد إن في الضرورة ، يعني الشرط والجزاء ، كقوله : (94)
قالت بنات العم يا سلمى وإنن كان فقيراً معدماً ؟ قالت وإنن
التقدير : وإن كان فقيراً معدماً رضيته ؟ وكلامه في شرح الكافية
ص394
يؤذن بجوازه في الاختيار على قلة ، وكذا كلام الشارح ، ولا يجوز ذلك ـ أعني حذف الجزءين معاً ـ مع غير إن .
الثالث : إنما يكون حذف الشرط قليلاً إذا حذف وحده كله ، فإن حذف مع الأداة فهو كثير ، من ذلك قوله تعالى:(فلم تقتلوهم)(95) تقديره : إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم أنتم ولكن الله قتلهم ، وقوله تعالى : (فالله هو الولي)(96) تقديره : إن ارادوا ولياً بحق فالله هو الولي بالحق لا ولي سواه ، وقوله تعالى : (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون)(97) أصله : فإن لم يتأت ان تخلصوا العبادة لي ي أرض فإياي في غيرها فاعبدون . وكذا إن حذف بعض الشرط ، نحو (وإن أحد من المشركين استجارك) (98) ونحو " إن خيراً فخير" .
(واحذف لدى اجتماع شرط ) غير امتناعي (وقسم جواب ما أخرت) اي منها ؛ استغناء بجواب المتقدم (فهو) أي الحذف (ملتزم) فجواب القسم يكون مؤكداً باللام أو إن أو منفياً ، وجواب الشرط مقرون بالفاء أو مجزوم ؛ فمثال تقدم الشرط " إن قام زيد والله أكرمه ، وإن يقم والله فلن اقوم " ومثال تقدم القسم " والله إن قام زيد لأقومن ، والله إن لم يقم زيدٌ إن عمراً ليقوم، أو يقوم ، والله إن لم يقم زيد ما يقوم عمرو " وأما الشرط الامتناعي نحو لو ولولا فإنه يتعين الاستغناء بجوابه ، تقدم القسم أو تأخر ، كقوله:(99)
ص395
فأقسم لو أندى الندي سواده لما مسحت تلك المسالات عامرُ
وكقوله : (100)
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
نص على ذلك في الكافية والتسهيل ، وهو الصحيح ، وذهب ابن عصفور الى أن الجواب في ذلك للقسم ؛ لتقدمه ، ولزوم كونه ماضياً ، لأنه مغن عن جواب لو ولولا ، وجوابهما لا يكون إلا ماضياً ، وقوله في باب القسم في التسهيل : " وتقدر ـ يعني جملة الجواب ـ في الشرط الامتناعي بلو أو لولا " يقتضي أن لو ولولا وما دخلتا عليه جواب القسم ، وكلامه في الفصل الأول من باب عوامل الجزم يقتضي ان جواب القسم محذوف استغناء بجواب لو ولولا ، والعذر له في عدم التنبيه هنا على لو ولولا أن الباب موضوع للشرط غير الامتناعي ، والمغاربة لا يسمون " لولا " شرطاً ولا (لو) إلا إذا كانت بمعنى إن : وهذا الذي ذكره إذا لم يتقدم على الشرط غير الامتناعي والقسم ذو خبر ، فإن تقدم جعل الجواب للشرط مطلقاً ، وحذف جواب القسم ، تقدم او تأخر ، كما أشار الى ذلك بقوله :
وإن تواليا وقبل ذو خبر فالشرط رجح مطلقاً بلا حذر
وذلك نحو " زيد إن لم يقم والله يكرمك ، وزيدُ والله إن يقم يكرمك ، وإن زيداً إن يقم والله يكرمك ، وإن زيداً والله إن يقم
ص396
يكرمك " وإنما جعل الجواب للشرط مع تقدم ذي خبر لأن سقوطه مخل بمعنى الجملة التي هو منها ، بخلاف القسم ، فإنه مسوق لمجرد التوكيد .
والمراد بذي الخبر ما يطلب خبراً من مبتدأ أو اسم (كان) ونحوه .
وأفهم قوله " رجح " أنه يجوز الاستغناء بجواب القسم ؛ فتقول " زيد والله إن قام ـ أو لم يقم ـ لأكرمنه " وهو ما ذكره ابن عصفور وغيره ، ولكن نص في الكافية والتسهيل على أن ذلك على سبيل التحتم ، وليس في كلام سيبويه ما يدل على التحتم .
(وربما رجح بعد قسم شرط بلا ذي خبرٍ مقدم)
كما ذهب إليه الفراء ، تمسكاً بقوله:(101)
لئن منيت بنا عن غب معركة لا تلفنا عن دماء القوم ننقل
وقوله:(102)
ص397
لئن كان ما حدثته اليوم صادقاً أصم في نهار القيظ للشمس باديا
ومنع الجمهور ذلك ، وتأولوا ما ورد على جعل اللام زائدة .
(تنبيهات) الأول : كل موضع استغني فيه عن جواب الشرط لا يكون فعل الشرط فيه الا ماضي اللفظ ، أو مضارعاً مجزوماً بلم ، نحو (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله)(103) ، ونحو (لئن لم تنته لأرجمنك)(104) ولا يجوز : أنت ظالم إن تفعل ، ولا والله إن تقم لأقومن ، وأما قوله:(105)
يثني عليك وأنت أهل ثنائه ولديك إن هو يستزدك مزيدُ
وقوله:(106)
لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم ليعلم ربي أن بيتي واسع
فضرورة ، وأجاز ذلك الكوفيون إلا الفراء .
الثاني : إذا تأخر القسم وقرن الفاء وجب جعل الجواب له ، والجملة القسمية حينئذ هي الجواب ، وأجاز ابن السراج ان تنوي الفاء فيعطى القسم المتأخر مع نفيها ما أعطيته مع اللفظ بها ؛ فأجاز " إن تقم يعلم
ص398
الله لأزورنك " على تقدير فيعلم الله ، ولم يذكر شاهداً ، وينبغي أن لا يجوز ذلك ؛ لأن حذف فاء الشرط لا يجوز عند الجمهور إلا في الضرورة .
الثالث : لم ينبه هنا على اجتماع الشرطين ، فنذكره مختصراً .
إذا توالى شرطان دون عطف ؛ فالجواب لأولهما ، والثاني مقيد للأول كتقييد بحالٍ واقعةٍ موقعه ، كقوله:(107)
إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا منا معاقل عزٍّ زانها كرمُ
وإن تواليا بعطف فالجواب لهما معاً ، كذا قاله المصنف في شرح الكافية ، ومثل له بقوله تعالى : (وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ) الآية.(108) وقال غيره:" إن توالى الشرطان بعطف بالواو فالجواب لهما نحو " إن تأتني وأن تحسن إلي أحسن إليك " او بأو فالجواب لأحدهما نحو " إن جاء زيد أو جاءت هند فأكرمه ، أو فأكرمها " أو بالفاء فنصوا على أن الجواب للثاني ، والثاني وجوابه جواب الأول ، وعلى هذا فإطلاق المصنف محمول على العطف بالواو .
ص399
___________________
(1) البيت للنابغة الذبياني ، وموضع الشاهد فيه : لا أعرفن ، حيث دخلت لا الناهية على فعل مضارع مبني للمعلوم مسند الى المتكلم وذلك استعمال نادر في العربية . ونقول في إعرابه :
لا : حرف نهي . أعرفن : فعل مضارع مبني على الفتح في محل جزم ، والنون للتوكيد
(2) موضع الشاهد . فلا نعد ، حيث جزم الفعل المضارع المسند الى المتكلم بلا الناهية وهو في الوقت نفسه مبني للمعلوم وذلك نادر . والجراضم والواسع البطن الكثير الأكل.
(3) لأن الأصل : لا يخرجني أحد ، ولا يخرجنا أحد ، فالفعل الذي دخلت عليه لا الناهية ليس مسنداً للمتكلم في الاساس ، لكنه لما بنى للمجهول حذف الفاعل وأقيم المفعول مقامه من حيث الإسناد والرفع .
(4) موضع الشاهد : ولا ـ ذا حق قومك ـ تظلم ، حيث فصل بين لا الناهية والفعل المجزوم بها ، وهذا ضرورة ، والتقدير : لا تظلم ذا حق قومك .
ويقول العيني : (ذا حق) مفعولان فصل بهما بين لا و المضارع ، أي لا تظلم = هذا حق قومك ، فاسم الإشارة مفعول أول ، وحق مفعول ثان ، وقوم : مضاف إليه . وعلق عليه الصبان بقوله : " وفي كون (حق) مفعولا ثانياً خفاء ولعله منصوب بنزع الخافض ، اي : ولا تظلم هذا في أخذ حق قومك منك " .
(5) إبراهيم 31 ، وموضع الشاهد فيها : يقيموا ، والتقدير ، حيث حذفت لام الأمر وذلك كثيراً لسبقها بفعل (قل) .
(6) موضع الشاهد تئذن ، فجزم الفعل بلام أمر محذوفة ، والتقدير : لتأذن وذلك قليل لكنه جائز لأنه سبقه فعل من مشتقات القول لكن في غير صيغة الأمر . وتئذن بكسر التاء لهجة كانت تكسر حروف المضارعة .
(7) موضع الشاهد : تفد ، حيث جزم الفعل المضارع بلام أمر محذوفة والتقدير لتفدِ ، وذلك قليل خاص بالضرورة ، لأنه لم يسبقه فعل من أفعال القول سواء كان في صيغة الأمر أو غيرها .
(8) موضع الشاهد : يكن ، حيث جزم الفعل المضارع بلام أمر محذوفة ، وذلك ضرورة كالبيت السابق .
(9) آل عمران 142.
(10) البقرة 214.
(11) المائدة 67.
(12) موضع الشاهد : ولما أمزق ، وذلك للدلالة على أن النفي بلما يمتد من الزمن الماضي الى الزمن الحالي ليشملهما معاً ، فكأنه قال : ولم أمزق في الزمن الحالي .
(13) موضع الشاهد : ولم ـ إذا نحن امترينا ـ تكن ، حيث فصل الفعل بين (لم) والفعل المضارع المجزوم بها ، والتقدير : ولم تكن في الناس يدركك المراء إذا نحن امترينا . (وامترينا : تجادلنا) .
(14) موضع الشاهد : لم سوى أهل من الوحش تؤهل ، حيث فصل بين (لم) والفعل المضارع المجزوم بها .
(15) موضع الشاهد لم يوفون ، حيث أهملت (لم) فلم تجزم الفعل المضارع ، وتلك لهجة والصليفاء : موقعة من مواقع العرب .
(16) موضع الشاهد : ولما ... حين حذف المضارع بعدها وجاز الوقوف عليها . وبدءاً سيداً . فالتقدير إذن : فجئت قبورهم سيداً ولما أكن سيداً قبل ذلك . والبيت لشاعر يتحسر على من مات من قومه ، وأن موت سادتهم قد أخلى له الطريق ، كي يكون سيداً بعد موتهم .
(17) هود 111 ، ونصها (وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير) .
وقال ابن الحاجب لما هذه جازمة حذف فعلها والتقدير لما يهملوا بدليل تقدم ذكر السعداء والأشقياء ومجازاتهم . وقال ابن هشام : الأولى ان يقدر : لما يوفوا أعمالهم أي أنهم الى الآن لم يوفوها وسيوفونها ، ووجه رجحانه أمران : أحدهما أن بعده ليوفينهم وهو دليل على ان التوفية لم تقع بعد أي الآن وأنها ستقع ، والثاني أن منفي لما متوقع الثبوت ، والإهمال غير متوقع الثبوت . (صبان)
(18) موضع الشاهد : وإن لم ، حيث حذف الفعل المضارع المجزوم بلم وذلك غير جائز إلا في الضرورة ، والتقدير : إن وصلت وإن لم تصل . ويوم الأعازب يوم معهود من أيام العرب .
(19) ص 8.
(20) الحجرات 14.
(21) الطارق 4.
(22) هود 58.
(23) موضع الشاهد : لما سقاؤنا ، حيث وردت لما ظرفية بمعنى حين أو بمعنى إذ وسقاؤنا فاعل مرفوع بفعل محذوف وجوباً يفسره الفعل الموجود في آخر البيت ، فكلمة (وهاشم) ليست مكونة من واو العطف واسم (هاشم) ، ولكنها مكونة من فعلين : وها : بمعنى سقط ، و (شم) فعل أمر من (شام) البرق إذا نظر إليه ، والتقدير : أقول لعبد الله حين سقط سقاؤنا ونحن بوادي عبد شمس : انظر الى البرق هل سيسقط المطر .
(24) موضع الشاهد لم يقدر ، حيث نصب الفعل المضارع بعد لم على لهجة بعض العرب . وقيل إن الفعل ليس منصوباً ولكنه مبني على الفتح لأنه مؤكد بالنون الخفيفة المحذوفة ، والتقدير : لم يقدرن .
(25) موضع الشاهد : ألما اصح ، حيث دخلت همزة الاستفهام على (لما) وبقي عملها فجزم بها الفعل المضارع (أصح) .
(26) البقرة 284.
(27) الأعراف 200.
(28) النساء 123.
(29) البقرة 197.
(30) موضع الشاهد : ما تنقص ... ينفد ، حيث جزمت (ما) فعلين .
(31) الأعراف 132.
(32) الشاهد جزم فعلين بمهما : مهما يكن ... . تعلم .
(33) الإسراء 110.
(34) الشاهد جزم فعلين بأي : أي نحو يميلوا ... يمل .
(35) الشاهد جزم فعلين بمتى : تأته ... تجد .
(36) الشاهد جزم فعلين بمتى : متى ما تلقني ... ترجف
(37) الشاهد جزم فعلين بأيان : أيان تؤمنك تأمن
(38) الشاهد جزم فعلين بأيان : أيان تعدل ... تنزل
(39) الشاهد جزم فعلين بأين : أين تصرف ... تجدنا
(40) النساء 78.
(41) الشاهد جزم فعلين بأينما : أينما تميلها .. . تمل
(42) الشاهد جزم فعلين بإذما : إذما تأتِ .... تلف .
(43) الشاهد جزم فعلين بحيثما : حيثما تستقم ... يقدر .
(44) الشاهد جزم فعلين بأنى : أنى تأتياني تأتيا .
(45) موضع الشاهد : ما تحي لا ارهب ، حيث استعمل (ما) ظرفاً ، والتقدير أي وقت تحي لا أرهب .
(46) الشاهد استعمال (ما) ظرفاً ، والتقدير : أي وقت تحي لاتسأم .
(47) الشاهد استعمال (مهما) ظرفاً .
(48) الشاهد استعمال (مهما) ظرفاً .
ويرى ابن الناظم أن (ما) و (مهما) يصبح تقديرهما بالمصدر ، فيكون التقدير في الأبيات السابقة : أي حياة تحي ، وأي عطاء تعط ، وأي عيش تعش ، ويكون إعرابها جميعاً مفعولاً مطلقاً .
(49) موضع الشاهد : إذا خمدت نيرانهم تقد ، حيث جزم الفعل المضارع (تقد) في جواب الشرط بإذا ، وهذا لا يكون إلا في الشعر .
(50) موضع الشاهد : وإذا تصبك خصاصة فتحمل ، حيث جزم الفعلان المضارعان في الشرط والجواب بعد إذا ، وهذا لا يكون إلا في الشعر .
(51) الشاهد في البيت (لو يشأ) حيث جزم الفعل المضارع بلو ، غير أنه تأول هذا البيت على أن الفعل ليس مجزوماً وإنما هو مروي على لهجة عربية معينة ، تقول في الفعل (شاء يشاء) : شا يشا بلا همزة ، ثم تهمز المضارع ساكنا على نحو ما قالوا في العالم .
(52) وضع الشاهد : لو يحزنك ، حيث جزم الفعل المضارع بلو .
(53) الأنفال 1.
(54) الإسراء 8.
(55) الشورى 20.
(56) الشعراء 4.
(57) الشاهد ورود فعل الشرط مضارعاً والجواب ماضياً : من يكدني .. كت .
(58) كالبيت السابق : إن تصرمونا ... وصلناكم .
(59) كالذي قبله : إن يسمعوا ... طاروا .
(60) موضع الشاهد : وإن أتاه ... يقول ، حيث ورد فعل الشرط ماضياً والجواب مضارعاً مرفوعاً ، وقد اختلفوا في سبب رفع هذا الفعل ؛ فذهب سيبويه الى أنه ليس الجواب لأنه في نية التقديم والجواب محذوف ، والتقدير يقول إن أتاه ... أما الكوفيون فذهبوا الى أن هذا الفعل يكون مع فاعله المستتر جملة تقع خبراً لمبتدأ محذوف ولذلك فالفاء الواقعة في جواب الشرط مقدرة ، والتقدير : إن أتاه ... فهو يقول .
(61) الشاهد فيه كالذي قبله : إن بان ... يقول .
(62) موضع الشاهد : إن يصرع أخوك تصرع ، حيث رفع الفعل المضارع الواقع في جواب الشرط رغم كون فعل الشرط مضارعاً مجزوماً وهذا ضعيف عند جمهرة النحاة.
(63) الشاهد فيه كالذي قبلة : من يأتها لا يضيرها .
(64) النساء 78 .
(65) اي يطلب الجزاء ، و (إن) يمكن أن تطلب الجزاء خبرا لها .
(66) الأنعام 17.
(67) آل عمران 31.
(68) طه 112.
(69) آل عمران 160.
(70) الكهف 39.
(71) يوسف 77.
(72) التوبة 28.
(73) آل عمران 115.
(74) يونس 72.
(75) موضع الشاهد . من يفعل الحسنات الله يشكرها ، حيث ورد جواب الشرط جملة اسمية (الله يشكرها) فكان حقه أن يقترن بالفاء ، لكنه حذفها هنا للضرورة .
(76) موضع الشاهد : من لا يزل ... سيلفى ، حيث ورد جواب الشرط مقترنا بحرف التنفيس فكان حقه أن يقترن بالفاء ، لكنه حذفها للضرورة .
(77) موضع الشاهد : من ينكع العنز ظالم ، حيث وردت لفظة (ظالم) في جواب الشرط وهي خبر لمبتدأ محذوف مع الفاء ، والتقدير : فهو ظالم .
(78) يوسف 26.
(79) النمل 90.
(80) الجن 13.
(81) الروم 36.
(82) الروم 48.
(83) البقرة 284 (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير) .
(84) الأعراف 186.
(85) البقرة 271.
(86) موضع الشاهد (وتأخذ) حيث ورد هذا الفعل بالجزم والرفع والنصب ، فالجزم على انه معطوف على جواب الشرط ، والرفع على أن الواو للاستئناف ، والنصب على أن الواو للمعية والفعل منصوب بأن مضمرة
(87) يوسف 90.
(88) موضع الشاهد : ويخضع ، حيث نصب الفعل المضارع المعطوف على فعل الشرط قبل مجيء الجواب والوجه هو الجزم ، لكن النصب جائز ايضاً .
(89) النساء 100 ، والقراءة الفاشية بالجزم (ومن يخرج من بيته مهاجراً الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً) .
(90) الأنعام 35.
(91) آل عمران 139.
(92) موضع الشاهد : وإلا يمل ، حيث حذف فعل الشرط لأنه مفهوم وذكر الجواب فقط ، و(إلا) هنا مكونة من إن + لا ، والتقدير : وإلا تطلقها يمل مفرقك الحسام .
(93) موضع الشاهد : متى تؤخذوا ، حيث حذف فعل الشرط ، والتقدير : متى توجدوا تؤخذوا .
(94) الشاهد في البيت حذف الشرط والجواب معاً بعد إن الشرطية الموجودة في آخر البيت ، والتقدير : وإن كان فقيراً معدماً . و(إذن) في البيت أصلها (إن) ، زيدت نون ساكنة جاءت للضرورة ، وتسمى بتنوين الضرورة كما تسمى بالتنوين الغالي ، إما لغلوه اي زيادته ، وإما لغلوه أي نفاسته لندرته .
(95) الأنفال 17.
(96) الشورى 9.
(97) العنكبوت 56.
(98) التوبة 6.
(99) الشاهد في البيت تقديم القسم على شرط امتناعي (لو) فوجب أن يكون الجواب للشرط .
(100) الشاهد فيه كالبيت الذي قبله ؛ فجملة ما اهتدينا جواب للشرط مع أن القسم اسبق ، وذلك لأن الشرط امتناعي (لولا) .
(101) الشاهد في البيت أنه جعل الجواب (لا تلفنا) للشرط مع تقدم القسم بدلالة اللام في (لئن) ، ومع عدم وجود ما لا يحتاج الى خبر .
(102) الشاهد فيه كالذي قبله حيث جعل (اسم) جواباً للشرط مع تقدم القسم ومع عدم وجود ما لا يحتاج الى خبر .
(103) لقمان 25.
(104) مريم 46.
(105) الشاهد فيه حذف جواب الشرط مع أن فعل الشرط مضارع غير مجزوم بلم .
(106) كالذي قبله .
(107) موضع الشاهد : إن تستغيثوا إن تذعروا تجدوا ، حيث توالى شرطان دون عطف فجعل الجواب للأول .
(108) محمد 36.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|