ونعود لنذكر مرة أخرى أن من المهم أن يقوم التخطيط الإعلامي في الصحافة، ومختلف المؤسسات الإعلامية على أساس التخطيط للمستقبل، وكانت الحاجة ماسة إلى وجود [ميثاق شرف صحفي] توضع على اساسه الاستراتيجية والسياسة الإعلامية، والخطط التنفيذية التي يلتزم الصحفيون أنفسهم باتباع ما في هذا الميثاق من بنود، وكان لا بد برأينا من اختيار أحد أهم ما صدر بهذا الشأن مما نرى أنه الأفضل بالنسبة لتحقيق مستقبل أفضل للصحافة التي تصنع هذا المستقبل الأفضل، والذي يمكن على أساسه متابعة ما يصدر من صحف ومجلات، وتحديد مدى التزامها بالقواعد التي يفترض أن جمع الصحفيين يلتزمون بما جاء فيه، مما يساعد على تصحيح المسار إذا استطاع الصحفيون تجنب [الخروقات] التي قد يرتكبونها، وحول ذلك نقول : إن ميثاق الشرف الصحفي الذي صدر منذ سنوات يمكن أن يصلح أساسا متميزا لاستراتيجية إعلامية ينطلق منها الصحفيون، وهم يؤدون رسالتهم السامية، وهو بالمقارنة بميثاق الشرف الإعلامي للعاملين في الإذاعة المسموعة والإذاعة المرئية يبدو مكملا وموازيا له.

وإذا كنا نقول: إن الاستراتيجية الإعلامية هي الأساس الفكري الذي تقوم على أساسه السياسة الإعلامية، فإن الخطط التنفيذية تلزم أن تستند إلى مجموعة مبادئ تحدد شكل ومضمون الصحيفة أو المجلة أي ما تنشره هذه الصحيفة أو المجلة أو المادة التحريرية. . . ولكي لا تضع أقدام الصحافيين على الطريق تم وضع ما سبق أن أشرنا إليه، وهو ميثاق الشرف الصحفي الذي يلتزم بتنفيذه هؤلاء الصحافيون، وهذا الميثاق الذي سنتطرق إلى بنوده عبارة عن إعلان واضح للسياسة الإعلامية للصحيفة أو المجلة والخطط التنفيذية .

وفي هذا الإطار نقدم هذا النموذج الفريد الذي تم وضعه في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ونحن نقدمه كنموذج جدير بالدراسة بالرغم من وجود أكثر من ميثاق شرف إعلامي وصحفي في مصر، وفي مختلف أنحاء العالم العربي، وقد تبدو بنود هذا الميثاق الذي نقدمه أقرب إلى المثالية، لكننا نجد هذه البنود في مجملها مجموعة قواعد قابلة للتحقيق، ويمكن لها أن تحكم العمل الصحفي برسالته النبيلة .

ونعود لنكرر مرة أخرى أن ميثاق الشرف الصحفي الذي نحن بصدد عرضه، إنما نقدمه كنموذج يمكن أن يحتذى ويتم اتباعه عند إصدار مختلف أنوع الصحف الوطنية، والقومية، والحزبية، والإقليمية، والمستقلة، والمعارضة وغيرها، ونحن نعرض هذا الميثاق باعتباره عملا متوازنا يجعله [ميثاق شرف قدوة] يستطع المخططون الإعلاميون، والعاملون في الحقل الصحفي بصفة خاصة الاسترشاد به وهم يؤدون رسالتهم الإعلامية السامية، ويكون بالنسبة لهم وسيلة من وسائل [الضبط الإعلامي] إن جاز لنا هذا التعبير.

* دياجة أو مقدمة ميثاق الشرف الصحفي(١):

يبدأ ميثاق الشرف الصحفي سالف الذكر بمقدمة أو ديباجة نوجزها فيما يلي:

* (إيمانا بالدور الإيجابي الذي أدته الصحافة الوطنية على امتداد مراحل نضال الشعب تعبيرا عن آلامه وآماله، ودعما لحركته التاريخية من أجل التحرر من أشكال القهر والاستغلال كافة، والتزاما بضرورة استمرار الصحافة في أداء رسالتها ابناءة التي حملتها)).

* واستلهاما لما أجمع عليه الصحفيون في نقابتهم، وفي مؤسساتهم المختلفة، وفي اجتماعاتهم لدراسة التطور الصحفي المنشود، في ضوء مصلحة الوطن ومقتضيات العصر.

* وتأكيدا لحرية الصحفيين الكاملة في التعبير، وإقرار الحق الصحفي في أن تيسر له مصادر الانباء، ومنعا لتدخل الاجهزة التنفيذية بأي توجيه للصحف، أو في إدارتها، واعتبار هذا التدخل اعتداء على حق الشعب المالك الحقيقي للصحافة.

* ودعما لدور نقابة الصحفيين في الارتفاع بمستوى المهنة، والعاملين فيها، وحماية للصحفيين في مؤسسات الشعب . . . يعلن ميثاق الشرف الصحفي تأكيدا للمسئولية التي تضطلع بها الصحافة، وتحقيقا للإرادة الشعبية في أن تكون الصحافة مرآة صادقة للمجتمع، وفي أن تكون أداة توجيه في خدمة المبادئ الاساسية التي استخلصها الشعب على امتداد مسيرته النضالية الطويلة، لتبقى الصحافة بالحقيقة وحدها، تعبيرا عن إرادة الشعب، وسلاحا في يد الشعب، وامتدادا لحرية الشعب حماية لقوى الشعب العاملة .

* إن العمل الصحفي لا يستمد شرفه من جودة أدائه فحسب، بل ستمده قبل ذلك من شرف الغاية التي يخدمها بالكلمة المنشورة، ذلك أن الكلمة المجردة من الالتزام بالشعب، مجردة من الوطنية ومن الشرف. ولا بد لهذا الالتزام أن يكون حدا واعيا مستقلا خالصا من كل رقابة أو وصاية أو احتواء .

وتنتهي ديباجة أو مقدمة ميثاق الشرف الصحفي الذي نقدمه كنموذج يحتذى به، وأن يكون موضع دراسة وتدقيق بقولها:

إن وفاء الصحفيين بمسئولياتهم، يحتم أن يتوخوا في سلوكهم المهني، وفي أعمالهم: مبادئ الشرف والامانة والنزاهة، وآداب المهنة، وتقاليدها، وتحقيقا لهذه المبادئ الاساسية، ودعتا لحرية الصحافة، باعتبارها مؤسسة مستقلة من مؤسسات المجتمع، وتأكيدا لدورها الخطير في توجيه الرأي، والتعبير عن واقع المجتمع، وقيمه، ومبادئه، وأهدافه تعبيرا حرا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) صدر ميثاق الشرف الصحفي في ه يوليو ١٩٧٥ - القاهرة.