المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



آليات التعليم النبوي  
  
2327   03:31 مساءً   التاريخ: 14-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 184-188.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) /

كان رسول الله (صلى الله عليه واله) جادّاً في طلب علي (عليه السلام) وهو في ربيع الصبا، من اجل هدف خُطط له، وهو بناء شخصيته بناءً فيه مصلحة للاسلام الى يوم القيامة. وكان رسول الله (صلى الله عليه واله) مهتمّاً بعلي (عليه السلام) من اجل ان يبني في شخصيته الرسالية أربعة اركان هي: اللغة، والدين، والعاطفة، والاخلاق. واجتماع تلك الاركان في شخصية واحدة كشخصية علي (عليه السلام) كفيلٌ بصنع قدوة من الطراز الاول بعد رسول الله (صلى الله عليه واله). فهو الذي جمع كتاب الله المجيد وفسره وبيّن محكمه من متشابهه وظاهره من باطنه وناسخه من منسوخه، وهو الذي قام بجميع مهمات الولاية الشرعية من بعد رسول الله (صلى الله عليه واله). وبقي الفكر الرسالي لامير المؤمنين (عليه السلام) مُشعّاً، فيما جُمعَ ابلغ ما قاله في كتاب «نهج البلاغة» يهدي للأجيال المتلاحقة نور الرسالة وبقيت شجاعته مضرب الامثال ورمز انتصار الايمان على الشرك. وبقيت اخلاقه منار هداية للعالمين وبقي زهده وتقواه وتعبده، المثال الذي يحتذى في كل عصر ومصر.

1- اللغة والالفاظ:

ان اهم المهارات التي يتعلمها الفرد في مرحلة الصبا هي اللغة والفصاحة التي ينبغي ان يمارسها خلال مراحل حياته الجديدة. ونظرة معمقة لبلاغة امير المؤمنين (عليه السلام) نلحظ المسحة النبوية في عباراته من إحكام العبارة، وقوة المضمون، ومقدار اليقين في منطوق الكلمات ومفاهيمها.

أ - اللغة والنفس:

فان أهم ما يولده حسن تعلم اللغة عند الانسان هو السلوك اللفظي النظيف، وجمال التعبير الذي ينقل المعنى الى المخاطبين بصورة دقيقة وسليمة وخالية من الاضطراب والتشويش. وهذا الامر ينطبق على صورتين: الخطابة والكتابة. فالالفاظ او الحروف حالة توسطية في الخطاب بين المخاطَب والمخاطِب.

فاذا تعلم الفرد كلمة «السيف» مثلاً فانه يستطيع ان يستبدلها في ذهنه ويتلفظ بكلمة «الحُسام» لنفس المعنى المطلوب. واذا تعلم لفظة «اللبون» فانه يستطيع استبدالها بلفظة «الناقة». واذا تعلم كلمة «الآنّة» فانه يستطيع استبدالها بكلمة «الشاة».

فهنا لعب التوسط دوراً في اختيار الالفاظ التي تشترك في نفس المعاني . فالاصل ان يدرك الانسان معاني الاشياء، ثم يتعلم الالفاظ المرتبطة بها حتى يستطيع لاحقاً ايصالها الى الناس عبر تراكيب متعددة بليغة في غاية الدقة والجمال.

وكان علي (عليه السلام) يتعلم طبيعة اللغة الدينية من رسول الله (صلى الله عليه واله) مستنداً على ابعاد ثلاثة، لمسناها بوضوح خلال مراحل حياته اللاحقة الخصبة بالمعاني والاحداث. وتلك الابعاد هي:

الاول: البُعد التقييمي، وهو الذي يقيّم المعاني ويميزها على اساس الخير والشر، والمصلحة والمفسدة. بل على اساس مطلق الملاكات الخاصة بالاحكام والوقائع. كما نلمس ذلك من مطاوي الذكر الحكيم. يقول تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35]، {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ} [آل عمران: 180]، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6]، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7].

يقول الامام (عليه السلام) في التفريق بين الإمرَة الخيرة والإمرَة الشريرة، في رده على الخوارج: «أما الإمرة البرّة فيعملُ فيها التقيُّ، وأما الإمرة الفاجرةُ فيتمتع فيها الشقيُّ الى ان تنقطع مدّتُهُ وتُدركهُ مَنيته».

ويقول (عليه السلام) في صفة خلق الله الانسان وإعطائه القدرة على التمييز بين الحق والباطل: «... ثم نفخ فيها من روحه فمثُلتْ انساناً ذا أذهانٍ يُجيلُها، وفكرٍ يتصرفُ بها، وجوارحَ يختدمها، وأدواتٍ يقلّبها، ومعرفةٍ يفرقُ بها بين الحق والباطل».

الثاني: بُعد الفعالية والنشاط، وهو الذي يميز المعاني على اساس النشاط والخمول، والفعالية وغير الفعالية، والمقاومة والإذعان. يقول تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46]، {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} [النساء: 95]، {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل: 71]، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9].

يقول الامام (عليه السلام) في التمييز بين فعالية «الاجر الأخروي» وعدم فعالية «الأجر الدنيوي»: «الناس في الدنيا عاملان: عاملٌ عمل في الدنيا للدنيا، فقد شغلته دنياه عن آخرته، يخشى على من يخلُفُه الفقرَ، ويأمنهُ على نفسهِ، فيُفنيعمره في منفعة غيره.

وعاملٌ عمل في الدنيا لما بعدها، فجاءه الذي له من الدنيا بغير عملٍ، فأحرز الحظّين معاً، ومَلك الدارين جميعاً، فأصبح وجيهاً عند الله، لا يسأل الله حاجةً فيمنعه».

الثالث: بُعد الامكانية او الطاقة الكامنة، وهو الذي يميز المعاني على اساس القوة والضعف، والجدية والهزل، والمتانة والهزالة. يقول تعالي: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْل} [الطارق: 13، 14]، {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} [الأعراف: 145]، {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60]، {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ} [محمد: 13]، {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم: 54].

ويقول الامام (عليه السلام)  في التمييز بين: القوة (مثل تصغير الدنيا، والخروج من سلطان الشهوة، والجدّ، وعدم الشكوى) والضعف (مثل تعظيم الدنيا، وسلطان الشهوة، وعدم الجدّ، والشكوى): «كان لي فيما مضى أخٌ في الله، وكان يُعظِمُهُ في عيني صغر الدنيا في عينه، وكان خارجاً من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجدُ ولا يكثرُ إذا وجد، وكان أكثر دهره صامتاً فإن قالَ بذّ القائلينَ ونَقع غليل السائلينَ.

وكان ضعيفاً مستضعفاً! فإن جاء الجدُّ فهو ليثُ غابٍ، وصِلُّ وادٍ. لا يُدلي بحجةٍ حتى يأتيَ قاضياً. وكانَ لا يَلومُ أحداً على ما يَجِدُ العُذرَ في مثلِهِ حتى يسمعَ اعتذارهُ. وكانَ لا يَشكو وَجعاً إلاّ عندَ بُرئِهِ. وكان يقولُ ما يفعَلُ ولا يَقولُ ما لا يفعلُ. وكانَ إذا غُلِبَ على الكلام لم يُغلَب على السكوت، وكانَ على ما يَسمَعُ أحرَصَ منهُ على أن يتكلّمَ. وإذا كانَ بَدَههُ أمرانِ نظرَ أيهما أقربُ الى الهَوى فخالَفَهُ.

فعليكم بهذه الخلائق فالزموها وتنافسوا فيها، فإن لم تستطيعوها فاعلموا ان أخذ القليل خير من ترك الكثير».

ولا شك ان تلك الابعاد الثلاثة ساهمت في فهم معمق لفسحة الافكار الدينية. لان فهم الفوراق بين الخير والشر، والنشاط والخمول، والقوة والضعف تؤدي بالانسان الى فهم أكثر عمقاً للتكاليف الشرعية من حرمة ووجوب، وكراهية وندب. ولا شك ان ذلك الفهم غير منفصل عن فهم آخر وهو ادراك ملاكات الاحكام ومقتضياتها واسسها، وهو ما نسميه بأساس الدين.

 ب - اللغة والثقافة الدينية:

وتعتبر اللغة جزءً من الثقافة الدينية، فالاتصالات اللفظية بين الدين والمكلفين من الناس تحدد طبيعة فهم الأوامر والنواهي الشرعية.

ولا شك ان اللغة تتأثر تأثراً عظيماً بالثقافة الاجتماعية، ذلك لان الانسان يكتسب اللغة عن طريق التعلم لا عن طريق الوراثية الجينية. واكتساب علي (عليه السلام) لغته من رسول الله (صلى الله عليه واله) في سن الطفولة يعني ان نشاطه اللفظي في مقتبل حياته سيكون نشاطاً لفظياً شرعياً، ويعني ايضاً ان ثقافته التي تعدّ جزءً من تركيبته اللغوية هي ثقافة دينية سماوية لا ثقافة اجتماعية، كما كان حال الرعيل الاعظم من المسلمين في ذلك الوقت.

فان اهمية اللغة في الرسالة الدينية تكمن في ضخامة مصادرها من حيث الكلمات والمصطلحات والجمل التي تستطيع حمل مفاهيم عملاقة عن الحياة والكون والخلق والحياة الآخرة. فالبليغ يستطيع ان يستخدم عدداً غير محدود من الكلمات والاصطلاحات لحمل المعاني الى جميع الناس مؤمنين كانوا بالرسالة او كافرين بها.

وبكلمة، فان رسول الله (صلى الله عليه واله) خلق في علي (عليه السلام) في تلك المرحلة من التربية اللغوية وما بعدها امرين:

الاول: القابلية على نقل المعاني الدينية في كلمات قليلة مضغوطة لكنّها ملوّنة مليئة بالمعاني، مثل قوله (عليه السلام): «وأيمُ الله لأبقرنّ الباطل، حتى أُخرج الحقّ من خاصرته»، وقوله (عليه السلام): «لسانُ العاقلِ وراء قلبهِ، وقلبُ الأحمقِ وراء لسانهِ». وقوله (عليه السلام): «أوصيكم بتقوى الله الذي أعذر بما أنذر، واحتج بما نهج...» ونحوها.

الثاني: القابلية على اعطاء الافكار الدينية صيغة ثنائية، وهو تبيين الأمر او النهي من وجه، وتبيين الأثر الذي يترتب عليه من وجه آخر، مع رابط محكم بينهما. ومن ذلك قوله (عليه السلام): «لا تستحِ من إعطاء القليل، فان الحرمان أقلّ منه». فهنا أمر بالانفاق من جهة، وبيّن الاثر الذي يترتب على عدم الاعطاء من جهة اخرى. ولكن الجهتين مترابطتان بشكل محكم. وشبيه ذلك قوله (عليه السلام): «... لا رأي لمن لا يُطاع». وهنا نفي الرأي عند العصيان وكأن الذي لا يُطاع لا رأي له، مع جودة رأيه. لكن الذي يُطاع يعدّ له رأيٌ حتى لو كان قبيحاً.

ومن هنا فقد كان علي (عليه السلام) بعد بزوغ فجر الاسلام يتحرك باعتباره لسان الاسلام الناطق بالحق والقوة والبلاغة، وكانت كلماته البديعة تعيش عطرة في الوسط الاسلامي الجديد.

ولا شك ان البشرية تعيش في عالم اجتماعي يخضع لتأثير اللغة ومفرادتها كوسط لتعبير. فمفاهيم العالم الخارجي تنتقل الى الذهن _ بطريقة غير واعية _ عن طريق اللغة التي اعتاد الافراد على التحدث بها وفهم معانيها المتباينة. وهنا يأتي دور الدين لبناء حقائق ذهنية جديدة أو امضاء حقائق قديمة عن طريق اللغة الدينية. فقد أمضى الاسلام العقود مثلاً ووضع لها اطاراً شرعياً كعقود البيع والشراء والزواج، ولكنه جاء بحقائق جديدة عن العبادات كالصلاة والصيام والزكاة والحج. فاللغة الدينية خلقت حقائق اجتماعية خارجية، في حين عجزت اللغة العرفية عن ايجادها فضلاً عن تطبيقها. وهذا واضح، لان اللغة الدينية تعاملت مع الأشياء الثابتة في الحياة الانسانية الاجتماعية والفردية كالعقود والملكية والعقوبات والعبادات، وتعاملت مع المتغيرات الحياتية كالمعاملات والعلاقات الانسانية.

وهنا لعبت الالفاظ دوراً في بناء ثقافة اجتماعية دينية جديدة، وكان رائد تلك الثقافة الجديدة: القرآن الكريم وهو كلام الله الجيد، ثم رسول الله (صلى الله عليه واله) الذي لا ينطق عن الهوى، ثم علي بن ابي طالب (عليه السلام) بلغته الدينية الفريدة. وبذلك خلقت تلك الافكار التي حملها الدين الجديد ثقافة اجتماعية ودينية متميزة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.