أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-04-2015
1488
التاريخ: 2023-07-24
1178
التاريخ: 13-11-2014
1712
التاريخ: 25-11-2014
1539
|
المراد من الزهد هو أن لا يكون المرء متعلّقاً بالدنيا وحطامها ، وآخذاً بها على وجه الغاية والهدف ... فإنّ من جعل الدنيا وزبارجها غايته وهدفه ، جعلها همّته ، ومن جعلها همّته تجاوز الحدود وضيّع الحقوق ، ونسي رعيّته وضيّع من ولي أمرهم ... فخسرهم ، وضيّع مودّتهم.
إنّ على المسؤول الحكوميّ أن يجعل الزهد نصب عينيه فيأخذ من الدنيا ما يكفيه. ومن كان كذلك لم يمدّ عينيه إلى أموال الناس حبّاً في العاجلة ، وغفلة عن الآجلة ... وكان جديراً بأن يراعي أضعف الناس. . فلا يضيع منهم حقّاً ولا يغفل فاقة وفقراً ولذلك قال الإمام عليّ )عليه السلام) في كلام له : « إنّ الله فرض على أئمّة العدل أن يقدروا معيشتهم على قدر ضعفة الناس كيلا يتبيّغ بالفقير فقرهُ » (1).
ونجده يوبّخ أحد ولاته ـ وهو عثمان بن حنيف ـ لأنّه دعي إلى وليمة فأجاب لأنّ ذلك ـ في نظر الإمام عليّ يعرّض الوالي والمسؤول الحكوميّ لخطر الإنبهار بحطام الدنيا وبريقها وهو أمر فيه ما فيه من العواقب مضافاً إلى تضييع محتمل لحقّ الحاضر : « أمّا بعدُ يا بن حنيف فقد بلغني أنّ رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان ، وتنقل إليك الجفان ، وما ظننت أنّك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفوّ ، وغنيُّهم مدعوّ ... فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم فما اشتبه عليك علمه فالفظه وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه.
ألا وإنّ لكلّ مأموم إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه ، ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك فأعينوني بورع ، واجتهاد وعفّة وسداد ، فوالله ما كنزت من دنياكم تبراً ولا ادّخرت من غنائمها وفراً ، ولا أعددت لبالي ثوبي طِمراً ولا حزت من أرضها شبراً ، ولا أخذت منه إلاّ كقوتِ أتانٍ دَبِرة ولهي في عيني أوهى وأوهن من عفصة مقرة » (2) .
إنّ الزهد الذي يتحلّى به الحاكم والمسؤول الإداريّ هو الذي يمنعه من أن يمدّ عينيه إلى أموال الناس وأشيائهم ... وهو الذي يجعله يحس بآلام الرعيّة وحاجاتها ، ونواقصها ... وإنّ أسوأ ما يعاني منه عالمنا اليوم هو جشع الحكّام وحرصهم على الدنيا ، وتعلّقهم الشديد بحطامها ، الذي يسوّغون في سبيله كلّ حرام ويرتكبون كلّ معصية ، ويقترفون كلّ جريمة.
إنّ الزهد هو العامل الفعال الذي يردع عن اقتحام الشبهات فضلاً عن نيل الحرام.
هذه هي أهمّ الشروط والمواصفات المعتبرة في أعضاء السلطة التنفيذيّة ، وهي مواصفات إن توفّرت فيهم سلمت هذه السلطة من الآفات الجسيمة التي تعاني منها أنظمة الحكم ، والحكومات الراهنة. وتتخلّص الشعوب من العناء والعذاب الذي تلقاه على أيدي الحكام والمسؤولين ، بدل أن تنال على أيديهم السعادة والخير والرفاه.
ولا شكّ أنّ هذه المواصفات تتوفّر ـ في الأغلب ـ في المسلم المؤمن العارف بدينه ، ولذلك يتعيّن تقديمه على غيره في تفويض المسؤوليّات الحكوميّة إليه.
غير أنّه لا بدّ من التنبيه ـ بعد ذكر هذه المواصفات ـ إلى نقطة هامة وهي : أنّ صلاحيّة المسؤول الحكوميّ وحدها لا تكفي في استقامة الاُمور وصلاح الرعيّة وعمارة البلاد وتقدمها ، بل لا بدّ إلى جانب ذلك من أن يتحلى المسؤول بالصفات الأخلاقيّة العليا كالحلم والصبر والأناة ، والعطف والشفقة ... وغير ذلك من نبيل الأخلاق.
بيد أنّ الأهمّ من ذلك كلّه هو ( طاعة الرعيّة للحاكم الصالح ) والانقياد لأوامره ، لأنّ الحاكم غير المطاع لا يمكن أن يقيم أمناً ، أو ينشر عدلاً ، فلا رأي لمن لا يطاع كما قال النبيّ الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم) .
______________________
(1) نهج البلاغة : الخطبة (207).
(2) نهج البلاغة : الخطبة (45).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|