أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-1-2019
26950
التاريخ: 2024-01-07
783
التاريخ: 2024-01-06
766
التاريخ: 2024-01-07
756
|
أعداد مراكب المواكب
أولى الخلفاء العباسيون اهتماماً كبيراً بمراكب المواكب سواء أكانت نهرية منها أم ما يتعلق بتحضير دواب المواكب.
أولاً:- مواكب المراكب النهرية:
اهتم الخلفاء العباسيون بإنشاء المراكب النهرية؛ واستخدموها في المواكب النهرية الجميلة الخاصة بهم؛ أنفقوا عليها أموالاً طائلة. (1)
ومن بين الشواهد على اهتمام الخلفاء العباسيين بالمراكب النهرية والبحرية هي ما عمله الخليفة محمد الآمين (193- 198هـ/808-813م) بإنشاء خمس حرا قات (2) كان يمخرن في نهر دجلة في المواكب النهرية التي يأمر بها الآمين، وكانت تلك الحراقات على هيئة الأسد والفيل والعقاب والحية والفرس؛ وقد انفق عليها الخليفة أموالا طائلة (3).
ولاشك أن إبحار تلك السفينة في نهر دجلة في المواكب العامة أو الخاصة يكون له وقعة في نفوس العامة؛ كونها تعكس مظهراً من مظاهر القوة والهيبة للخلافة وتعزز ثقة الناس بالعباسيين.
كما أشار الطبري (ت 310هـ/922م) في رواية مفادها أن الخليفة محمد الامين ابتنى سفينة عظيمة انفق عليها ثلاثة الآلاف درهم؛ واتخذ أخرى على خلقة شيء يكون في البحر يقال له الدُّلفين (4) (5).
ولذلك كان الخليفة محمد الأمين يتجول في مركبه في نهر دجلة وعلى جانبي النهر مواكب الناس العامة؛ وعن يمينه وشماله سفن أو مراكب نهرية صغيرة لحمايته. (6)
وفي رواية أخرى أن مواكب المراكب النهرية للخليفة المأمون (198-218هـ) سارت وانحدرت إلى فم الصلح؛ وكانت تتبع مواكب سفنه مراكب لجنده أو عسكرة كبيرة وصغيرة. (7)
كما أوعز الخليفة المأمون إلى جنده إحضار السفن للسماح للخواص من الناس بركوبها على ضفاف دجلة، في بغداد؛ وصولاً إلى قصور الخليفة ببغداد؛ وذلك لحضور دعوة وليمة لعرس المأمون ببوران*
بنت الحسن* بن سهل (8)؛ ولذلك كانت مواكب السفن الحراقات تتبع تلك السفن (9)؛ وكان الخدم يجرون سفينة مملوءة غالية، فخُضبَ منها لحى الخاصة والعامة. (10)
وكان لنساء الخلفاء العباسيين أنواع من المراكب يمخرن بها في نهر دجلة على شكل مواكب للتنزه؛ وخير مثال على ذلك أن سفينة السيدة زبيدة * (11) اجتازتها حراقة وهي سفينة حربية (12)؛ وعلى الاغلب أنها كانت لحماية موكبها النهري.
ويروي الشابشتي أسماء عدد من مواكب السفن كالطيارات والزبازب والسميريات كانت تمخر في نهر دجلة في أعياد النصارى؛ لذلك يجتمع أهالي بغداد على جانبي النهر كأجتماعهم إلى بعض أعيادهم؛ ولا يبقى أحد من أهل الطرب واللعب آلا خرج. (13)
ثانياً: دواب المواكب
اهتمت مؤسسة الخلافة العباسية في العصر الأول بالاهتمام بالدواب كونها وسائط النقل البرية الرئيسية وقتذاك؛ وفي طليعة تلك الدواب المستخدمة أيضا في مواكب الخلفاء الخاصة والعامة هي البراذين(14)(15).
روى الطبري رواية نصها:- ((خرج أبو العباس على برذون ابلق يوم الجمعة، فصلى بالناس)).(16)
ولما سار الخليفة المنصور إلى مدينة بغداد سار معه الناس في مواكب على الدواب(17)، غير ان الخليفة المنصور عندما نزل في مدينته المدورة منع الناس من الركوب فيها وقد شدد الخليفة في هذا الامر حتى ان عمه عيسى بن علي لم يأذن له بالركوب داخل المدينة بالرغم من انه لم يعد قادراً على المشي(18).
إلى جانب الخيول والبراذين، استخدم الخلفاء العباسيون الحمير في تنقلاتهم داخل قصر الخلافة وبين القصور في مدينة بغداد؛ وبالرغم من أن البراذين كانت تتخذ للجمال والمباهاة في الامتطاء في المواكب؛ بدليل أن الخليفة محمد المهدي (158- 169هـ/ 775- 785م) ركب برذوناً قطوف.(19)
كما استخدم الخلفاء العباسيون الخيول النادرة في استعراض مواكب عسكرهم؛ فكان الخلفاء هارون الرشيد والمأمون والمعتصم يجلسون على صهوة جيادهم لاستعراض مواكب الجند(20)
جاء في ثمار القلوب(21) عن اهمية الخيول لاختيال الفرسان فوق ظهورها، كما ذكرها أبو حيان في الإمتاع والمؤانسه للكر والفر. (22)
ولا ننسى أن الله سبحانه وتعالى كرم الخيول، بأن اقسم بها(23) في بداية سورة العاديات الاية 1 والعاديات(24) ضبحاً(25)، اذا أجريت في سبيله.
ومن عجيب الأمور آن هذه الآيات قد جمعت خواص سلاح الفرسان التي تميز بها حتى عصرنا هذا إذ تقر الآيات أن هذه العاديات تتميز بخفة الحركة والسرعة (26).
و لاشك ان للخيول مكانة متميزة في نفوس العرب المسلمين قديما وحديثا، ويكفي ان الرسول محمد(صلى الله عليه وآله) قال فيها ((الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة )). (27)
أما من يسوس هذه الدواب ويتولى العناية بها يعرف بصاحب الدواب (28) ومن شدة اهتمام الخلفاء العباسيون بالدواب فقد خصصوا أشخاصا يرعونها ويدربونها قبل ركوبهم. (29)
ولكي تكون الخيول اكثر رشاقة وسرعة كانوا يعمدون إلى تضميرها (30)؛ لكي تتخلص من الترهل. (31)
ومن جملة أنواع ركوب الدواب في المواكب الرسمية وغير الرسمية كانت الجمال والبغال الفارهة (32)؛ ولذلك عوتب أحد أبناء بني هاشم في العصر العباسي الاول في ركوب بغلة، فقال: ((هذا مركب تصاغر عن خُيلاء الفرس وارتفع عن ذلة الحمار، وخير الامور أوساطها)). (33)
وبالنسبة إلى الجمال، فكانت اداة للمواصلات البعيدة والتنقل؛ فكان عليها المعول في قطع القفار واجتياز المفاوز (34) الجافة (35)؛ ونحن نعتقد أن أغلب مواكب حج الخلفاء العباسيين كانت تعتمد على الجمال، لكونها تتحمل قساوة الطريق من بغداد إلى الديار المقدسة في الحجاز.
______________
(1) البسوي، يعقوب بن سفيان (ت 277هـ)، المعرفة والتاريخ، تحقيق: اكرم ضياء العمري، (بغداد،1974-1975م)، جـ1، ص175، الطبري، تاريخ الرسل والملوك، جـ8، ص509.
(2) الحراقات: مفردها: حراقة وهي السفينة أو المركب المُعد لمهاجمة سفن العدو. ينظر: الزيات، معجم السفن والمراكب، ص348.
(3) الطبري، تاريخ الرسل والملوك، جـ8، ص509، السيوطي، جلال الدين (ت 911هـ/ 1505م)، تاريخ الخلفاء، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، ط3، مطبعة المدني، (القاهرة، 1964م)، ص302.
(4) تاريخ الرسل والملوك، جـ8، ص 509.
(5) الدولفين:- حيوان بحري ينجي الغريق. ينظر: البستاني، بطرس، الموسوعة العربية الميسرة، ط1، (بيروت، بلا ت)، جـ1، ص312، (مادة دولفين).
(6) ابن اعثم الكوفي، كتاب الفتوح، جـ8، ص293.
(7) ابن العمراني، الأنباء في تاريخ الخلفاء، ص101.
* بوران: واسمها خديجة بنت الوزير الحسن بن سهل زوجة الخليفة المأمون ولدت سنة 198هـ وتوفيت في بغداد سنة 271هـ ينظر: ابن الساعي، تاج الدين ابو طالب علي البغدادي (ت 674هـ)، نساء الخلفاء المسمى جهات الأئمة الخلفاء من الحرائر والاماء، تحقيق: مصطفى جواد ، دار المعارف،(مصر، بلا ت)،ص184.
* الحسن بن سهل: استوزرة الخليفة المأمون بعد اخية الفضل، وتزوج ابنته بوران، انقطع عن الوزارة لمرض ألم به وجلس في بيته مات سنة 236هـفي ايام المتوكل، انظر: ابن الطقطقي، الفخري، ص184.
(8) ابن خلدون، المقدمة، ص173.
(9) كشاجم، المصايد والمطارد، ص ص 38-39.
(10) المصدر نفسه، ص39.
* زبيدة: هي ابنة جعفر بن ابي جعفر المنصور نشأت في مدينة المنصور نشأة الاميرات العباسيات في ذلك العصر فتثقفت احسن ثقافة وادبت اكمل تأديب اضافة الى ما كانت تتمتع به من عقلية راجحة وإرادة قوية، كانت بارعة الجمال، لقبها جدها((زبيدة)) لضخامة جسمها ونعومة بشرتها البيضاء، فغلب عليها، اختارها المهدي زوجا لابنه هارون سنة 165هـ. توفيت ببغداد سنة 216هـ. انظر: الشابشتي ، ابو الحسن علي بن محمد (ت388هـ)، الديارات ، تحقيق : كوركيس عواد ،ط2، مطبعة المعارف، (بغداد، 1966م)،ص45،ابن الاثير، الكامل في التاريخ،جـ6،ص،86،ابن الطقطقي، الفخري، ص174.
(11) الشابشتي، الديارات، ص45.
(12) المصدر نفسه، ص46.
(13) الشابشتي، الديارات، ص46.
(14) أبو حيان، التوحيدي علي بن محمد بن العباس، (ت 414هـ)، كتاب الامتاع والمؤانسة، صححه وضبط حواشيه، أحمد أمين واحمد الزين، ط2، لجنة التأليف والترجمة والنشر، (القاهرة، 1953)، جـ3، ص60
(15) البراذين: مفردها: برذون. حيوان أو دابة تستخدم للتنقل ينظر: الرازي، مختار الصحاح، ص47.
(16) تاريخ الرسل والملوك، جـ7، ص424.
(17) التنوخي، ابو علي المحسن بن علي القاضي (ت 384هـ)، نشوار المحاضرة واخبار المذاكرة، تحقيق: عبود الشالجي، دار صادر( بيروت، 1973م)) جـ6، ص125.
(18) الذهبي، محمد بن احمد بن عثمان، (ت 748هـ/ 1347م)، العبر في خبر من غبر، تحقيق: صلاح الدين المنجد، (الكويت، 1960- 1966م)، جـ1،ص205.
(19) ابن طيفور، بغداد، ص53، الجهشياري، الوزراء والكتاب، ص144، الهمداني، محمد بن عبد الملك (ت 521هـ)، تكملة تاريخ الطبري، تحقيق: البرت يوسف كنعان، المطبعة الكاثوليكية، (بيروت،1961م)، ص5.
(20) ابن عبد ربه، العقد الفريد، جـ1، ص166، المسعودي، مروج، جـ3، ص372.
(21) الثعالبي، ابو منصور عبد الملك بن محمد (ت: 429هـ)، ثمار القلوب في المضاف والمنسوب، تحقيق : محمد ابو الفضل ابراهيم،( القاهرة،1965م)، ص359.
(22) جـ3- ص60.
(23) ابن كثير، الحافظ عماد الدين ابي الفداء اسماعيل ( ت774هـ)، تفسير القران العظيم، تقديم: عبد القادر الارناؤوط، ط2،مكتبة دار السلام، (الرياض،1418هـ-1998م)،جـ3، آية (1)، ص700.
(24) العاديات: الخيل تعدو في الغزو وتضبح، انظر: السيوطي، جلال الدين محمد بن احمد بن محمد (ت 864هـ)، تفسير الجلالين، تقديم: عبد القادر الارناؤوط، ط9،دار ابن كثير للطباعة والنشر،(دمشق، 1414هـ-1994م)،جـ3، ص599.
(25) ضبحاً: صوت اجوافها اذا عدت، ويقال ضبح الفرس اذا عدا بسرعه، تفسير الجلاليين، جـ3، ص599، الاشقر، محمد سليمان عبد الله، زبدة التفسير في فتح القدير، ط2، (1408هـ/1988م)، جـ3، ص818
(26) كمال، احمد عادل، الطريق إلى المدائن، ط1، دار النفائس، (بيروت،1392هـ-1972م)، ص68.
(27) البخاري، محمد بن اسماعيل بن ابراهيم (ت 256هـ)، صحيح البخاري، طبعة اسطنبول،1315هـ-1897م، جـ3، ص215.
(28) الاصفهاني، الاغاني، جـ10، ص265.
(29) الصابي، رسوم دار الخلافة، ص43.
(30) التضمير: من الفعل ضمر سكون الميم أي أن تعلفها حتى تسمن ثم ترده إلى القوت في اربعين يوماً. ينظر: الرازي، مختار الصحاح، ص384.
(31) المصدر نفسه، ص384.
(32) الاصفهاني، الاغاني، جـ1، ص265. التنوخي، ابو علي المحسن بن علي القاضي(ت384هـ) الفرج بعد الشدة، ط1، دار الطباعة المحمدية، (القاهرة،1955م)، جـ2، ص273.
(33) ابن عبد ربه، العقد الفريد، جـ7، ص220.
(34) المفاوز: جمع مفازة، أي الاراضي القفار والصحاري. الرازي، مختار الصحاح، ص450.
(35) كمال، الطريق إلى المدائن، ص54-55.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|