أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-11-2018
11728
التاريخ: 20-11-2018
1257
التاريخ: 24-11-2018
1480
التاريخ: 20-11-2018
846
|
الهنود:
ظهرت في الهند القديمة دراسات للغة السنسكريتية "لغة الهند الكلاسيكية" على مستوى عال من التنظيم والدقة. ولربما كان الهنود
ص57
أسبق -حتى من اليونانيين- في هذا الميدان، سواء من ناحية الزمن أو ناحية القيمة. وقد أثرت عن الهنود دراسات، في فروع علم اللغة المختلفة تتناول الأصوات والاشتقاق والنحو والمعاجم، كما تتناول كثيرًا من مشكلات فقه اللغة، ويرجع أقدم هذه الدراسات إلى فترة مجهولة لنا، أما أقدم ما وصلنا منها فيرجع إلى حوالي القرن الخامس قبل الميلاد.
ويحتاج عرض الدراسات اللغوية عند الهنود إلى حيز كبير لا يسمح به المقام، ولذا سنكتفي بإشارات سريعة، تاركين التفصيلات إلى بحث آخر(1).
أما الدراسة الصوتية عندهم فكانت متنوعة وشاملة لمعظم جوانب هذا العلم. فدرسوا الصوت المفرد وقسموه إلى علل وأنصاف علل وسواكن وقسموا العلل إلى بسيطة ومركبة، كما قسموا السواكن بحسب مخارجها. وتوصل الهنود إلى أثر القفل في إنتاج الأصوات الانفجارية، والفتح في إنتاج أصوات العلة والتضييق في إنتاج الأصوات الاحتكاكية. وتحدث الهنود عن كيفية تسرب الهواء من التجويف الحنجري، وذكروا أنه إذا فتح ما بين الوترين الصوتيين ينتج النفس وإذا ضيق ما بينهما ينتج الصوت، وصرحوا بأن النَّفَس يحدث في حالة الأصوات الساكنة المهموسة، والصوت في حالة السواكن المجهورة أو العلل.
ولم يكتف الهنود بالحديث عن الصوت المفرد فتحدثوا عن المقطع، وكان حديثهم مفصلًا بشكل مثير للدهشة. كذلك وضع الهنود قواعد دقيقة للنبر في لغتهم القديمة، واعتبروه من خصائص العلل لا السواكن، وقسموه إلى درجات ثلاث.
ص58
ويكفي الهنود فخرًا أن تكون جهودهم الصوتية هي الأساس الذي بني عليه علماء الأصوات المحدثون. يقول بروفسر ألن: "إن الاتصال بين الهنود القدماء والمدارس الغربية الحديثة في دراسة اللغة أشد وأوثق في مجال الأصوات عنه في مجال النحو". ويعترف العلامة فرث الإنجليزي أن المدرسة الأصواتية الإنجليزية لم تنشأ في القرن التاسع عشر إلا على أكتاف المعلومات التي قدمها وليم جونز عن النحاة والأصواتيين الهنود.
وأما في مجال النحو، فإنه من غير المبالغ فيه أن نقول: إن هذا العلم لم يلق من العناية في أي بلد من بلاد العالم مثل ما لقيه من الهنود. وقد كان في الهند القديمة ما يقرب من اثنتي عشرة مدرسة نحوية مختلفة، وأكثر من ثلثمائة مؤلف في النحو، ووصلتنا فعلًا دراسات تزيد على الألف عدًّا بعضها أصلي وبعضها شارح.
ويمثل بانيني(2) فترة النضج في الدراسات النحوية عند الهنود، ولذا نال كتابه المسمى "الأقسام الثمانية" شهرة غطت على أي مؤلف آخر سبقه أو لحقه. وقد كتب بانيني تأليفه في شكل قواعد مختصرة، وبذل فيه جهدًا ضخمًا للتوفيق بين الآراء والاتجاهات المتعارضة التي كانت موجودة حينئذ.
وأهم ما يميز النحو الهندي:
ص59
1- أنه بدأ بجمع المادة اللغوية وتصنيفها، ثم انتقل إلى استخلاص الحقائق منها. فنقطة البداية في النحو الهندي مختلفة عنها في اليوناني، الذي بدأ من الفلسفة وحاول أن يطبق القواعد الفلسفية على حقائق اللغة.
2- أنه سبق النحو اليوناني في تحديد أقسام الكلام "اسم - فعل - حروف إضافة - أدوات".
3- أنه حلل هذه الأقسام إلى عواملها الأولية فميز بين الجذر أو الأصل، وبين الزيادة أو الحروف التشكيلية.
4 عرف النحو الهندي الأعداد الثلاثة: المفرد والمثنى والجمع منذ عصر مبكر.
5- قسم النحو الهندي الفعل السنسكريتي إلى ثلاثة أقسام بحسب الزمن وهي: ماض وحاضر ومستقبل.
وأما الأعمال المعجمية عند الهنود فقد بدأت في شكل قوائم تضم الألفاظ الصعبة الموجودة في نصوصهم المقدسة، ثم تطور هذا النظام فألحق بكل لفظ في القائمة شرحًا لمعناه، ويمكن أن يعتبر هذا العمل من نوع "معاجم الموضوعات" أو "معاجم المعاني" وبعد ذلك ظهرت كتب لا تقصر نفسها على ألفاظ النصوص المقدسة، وأقدم ما وصلنا من هذه الكتب معجم ظهر في القرن السادس الميلادي، أو قبله، لمؤلف بوذي اسمه أمارا سنها Amara Sinha وقد ضم هذا المعجم "واسمه Amara Kosa" جزءا ضم كلمات المترادفات، وجزءا في كلمات المشترك اللفظي، وجزءا عن الكلمات غير المتصرفة والكلمات المذكرة أو المؤنثة أو المحايدة: ويعيب هذا الكتاب وأمثاله أنه كتب في شكل منظوم ليسهل حفظه وأنه لم يتبع أي ترتيب ييسر اللجوء إليه والعثور على المراد بسرعة، فيما عدا المشترك اللفظي الذي رتب بحسب الحروف الساكنة في أواخر كلماته. ولا نجد عملًا آخر
يستحق الإشارة إليه بعد ذلك سوى معجم كتب في القرن الحادي عشر الميلادي، وهو معجم ضخم رتبت الكلمات فيه أولًا بحسب عدد مقاطعها ثم بحسب الجنس "مذكر ومؤنث" ثم بحسب الحرف الأول.
ص60
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر كتابنا المطبوع بعنوان "البحث اللغوي عند الهنود" وما ذكرناه هنا ملخص عن هذا الكتاب.
(2) اختلف بدرجة كبيرة في تحديد زمنه. وأشهر الآراء أنه كان موجودًا بين عامي 700و 600 ق. م، وقد وصلنا فعلًا كتاب بانيني المسمى Ashtadhyayi" "الأقسام الثمانية" واحتفل به العلماء وترجموه إلى لغات عدة. وقد نال عمل بانيني شهادات التقدير من القدماء والمحدثين على السواء، فقد قال عنه باتنجالي "150 ق. م": " أنه محيط واسع من العلم". وقال عنه ماكس مولر: "لا يوجد نحو في أي لغة يمكن أن يعادل نحوه". وقال بلومفيلد: "إن نحو بانيني يعد واحدًا من أعظم الشواهد القديمة على تقدم العقل البشري". وقال روبنس: "بين كل النحاة الهنود يقف اسم بانيني متميزًا عن غيره".
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل: شراكتنا مع المؤسّسات الرائدة تفتح آفاقًا جديدة للارتقاء بجودة التعليم الطبّي في العراق
|
|
|