أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-4-2018
972
التاريخ: 21-4-2018
1322
التاريخ: 21-4-2018
3321
التاريخ: 21-4-2018
706
|
تعدّ دراسة المنهج المعياري من مفاتيح البحث الدلالي العربي ، ذلك أن تراثنا اللغوي قد تتابع عليه الباحثون من الأسلاف وحتى المعاصرين في أيامنا هذه والمعيارية نصب أعينهم ، ولا يحيدون عن أسسها فيما يعالجون من مسائل الفصحى سواء في الجوانب الصوتية أو الصرفية أو النحوية أو الدلالية .
ويحاول بعض المحدثين من اللغويين العرب تجاوز قيود المعيارية في بحوثهم متطلعين الى تطبيقات وآفاق نظرية ، تعتمد على الدرس الوصفي المجرّد ثم تنقلب الى صياغة حيّة معاصرة ، فيها عربية تختلف كثرة وقلة في ضوابطها عن الموروث التقعيدي والاستعمالي .
ولا يستقيم لنا فهم الطرائق التي تجدي في التحليل الدلالي ما لم نقف على أبعاد هذا المنهج المعياريّ ، ونفصل بين مساحات لابد أن يغطيها وأخرى تظل متاحة فيها فرص التناول والتطوري والتجديدي للعربية .
نحدد بداية مفهوم المعيار والمعيارية في الفكر والعلم ، المعجم الفلسفي يذكر أن المعيار Norme هو " نموذج أو مقياس مادي أو معنوي لما ينبغي أن يكون عليه الشيء . فهو في (الأخلاق) نموذج السلوك الحسن وقاعدة العمل السديد ؛ وفي الأكسيولوجيا مقياس الحكم على القيم ؛ وفي علم الجمال مقياس الحكم على الإنتاج الفني ؛ وفي المنطق قاعدة الاستنتاج الصحيح " (1) .
وأمّا المعياري Normatif فيكون في العلوم المسماة (معياريّة) Sciences normatives ، وهي التي تتجاوز دراستها وصف ما هو كائن الى دراسة ما ينبغي
ص97
أن يكون. فهي تضمن دراسة القيم من حقّ وخير وجمال، ومن هنا كانت علوم المنطق والأخلاق والجمال من حيث تنتهي إلى أحكام تقويمية دون أن تصدر أوامر أو تعليمات، وهي تقابل العلوم الوضعية positif أو الوصفية descriptif،| وخي التي تدرس ماهو كائن (2).
وإذا ما ربطنا بين جهود اللغويين العرب وهذين التعريفين، فإننا ندرك أنهم كانوا يقيسون الأداء اللغوي سواء في مستويات التعامل اليومي أو في النتاج الفني والفكري والعلمي بمعاييرهم التي استنبطت في عصور الاحتجاج، ومن ثم تصدر الأحكام لتبرز التوافق أو التنافر، أي الصواب أو الخطأ، وهذا يعني أن قواعدهم كانت سابقة على تأملهم ونقدهم ولا سبيل الى درس وصفي يمكن أن يؤدي إلى إثبات ما يخالف أصلا عرف مكانه في منظومة تقعيدية، ولقد ربط السيد الشريف الجرجاني ن (816 هـ) في تعريفاته بين المعايير العقلية وتلك اللغوية، فالمنطلق (آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في التفكير فهو علم آلي)... وهذا التعريف (يخرج العلوم القانونية التي لاتعصم الذهن عن الخطأ في الفكر بل في المقال كالعلوم العربية)(3).
إن القول بإمكان لدرس دلالي يتناول العربية الفصحى وصفيا في كل حقبة مّت بها منذ الجاهلية القديمة إلى العصر الحديث، يبدو بحاجة الى برهان يزيل التداخل بين هذه الوصفية وما سيبنى عليها من علاقات تطويرية وذاك النهج، الذي يحتّم أتباع المعايير والقوانين التي استنها علماء العربية الفصحى.
إننا نبيّن في هذا الحيّز من الدراسة أصول المنهج المعياري الذاتية، وهي طبيعة (الفصحى) وسماتها الاحتجاجية، والعوامل المؤثرة مما اكتسبه من
ص98
الثقافات الأجنبية وخاصة (اليونانية) ، ثم نطلع على مجالين هيمن عليهما المعيار ، ولهما صلة جوهرية بالأداء اللغوي بصورته العامة والفنية وهما (اللحن اللغوي في تاريخ العربية) و (النقد الأدبي والمعيار اللغوي) .
ص99
__________________
(1) المعجم الفلسفي ، مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، 1979 م 188.
(2) المعجم الفلسفي، مجمع اللغة العربية بالقاهرة 1979 م 188، وانظر:
Dic alphabetique et analogique de la langue francaise v. 4 p.p. 809 – 810
(3) التعريفات للسيد الشريف الجرجاني، ط صبيح القاهرة 1938 م 208.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|