علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
الفرزدق همام بن غالب بن صعصعة
المؤلف: السيد محسن الأمين
المصدر: أعيان الشيعة
الجزء والصفحة: ج 10 - ص 267
14-2-2018
4582
ويكنى أبا فراس.
ولد سنة 38 وتوفي بالبصرة سنة 110.
وانما سمي الفرزدق لأنه شبه وجهه وكان مدورا جهما بالخبزة وهي الفرزدقة.
بيته وأبوه :
وبيته من أشرف بيوت بني تميم، كان غالب أبوه جوادا شريفا ووفد جده صعصعة بن ناجية على رسول الله ص واسلم وهو الذي منع الوئيد في الجاهلية فلم يترك أحدا من بني تميم يئد بنتا له الا فداها منه، وغالب أبو الفرزدق يكنى أبا الأخطل وقبره بكاظمة ولم يطف بقبره خائف الا أمن ولا مستجير الا أجير.
عند علي ع ووفد غالب على علي بن أبي طالب ع ومعه ابنه الفرزدق فقال له من أنت؟ قال: انا غالب بن صعصعة المجاشعي. قال: ذو الإبل الكثيرة؟ قال: نعم. قال: فما فعلت ابلك؟ قال: أذهبتها النوائب وزعزعتها الحقوق. قال: ذلك خير سبلها. ثم قال له: يا أبا الأخطل من هذا الفتى؟ قال: ابني الفرزدق وهو شاعر. قال: علمه القرآن فإنه خير له من الشعر. فكان ذلك في نفس الفرزدق حتى قيد نفسه وآلى ان لا يحل قيده حتى يحفظالقرآن.
امه واخوته :
وأم الفرزدق لبنة بنت قرظة الضبية وأخوه الأخطل وأخته جعثن هما أخواه لأبيه وامه والأخطل أسن من الفرزدق وكان من وجوه قومه وأم أبيه ليلى بنت حابس أختالأقرع بن حابس التميمي.
أحواله :
وصح أنه قال الشعر أربعا وسبعين سنة لان أباه جاء به إلى علي وقال: ان ابني هذا شاعر في سنة ست وثلاثين، وتوفي الفرزدق سنة عشر ومائة في أول خلافة هشام بن عبد الملك هو وجرير والحسن وابن شبرمة في ستة أشهر، وقد روي أنه وجريرا ماتا في سنة أربع عشرة ومائة وأن الفرزدق قارب المائة، وروى الرياشي عن سعيد بن عامر أنالفرزدق بلغ ثلاثين ومائة سنة، والأول أثبت. وكان الفرزدق سيدا جوادا فاضلا وجيها عند الخلفاء والامراء هاشمي الرأي في أيام بني أمية يمدح احياءهم ويؤبن موتاهم ويهجو بني أمية وأمراءهم، هجا معاوية بن أبي سفيان وزياد بن أبيه وهشام بن عبد الملك والحجاج بن يوسف وابن هبيرة وخالد القسري وغيرهم، واختلف فيه وفي جرير أيهما أشعر، وأكثر أهل العلم يقدمونه على جرير وقد فضله جرير على نفسه في الشعر، وله في جرير:
ليس الكرام بناحليك أباهم * حتى ترد إلى عطية تعتل
وقال جرير: ما قال لي الفرزدق بيتا الا وقد أكبيته اي قلبته الا هذا البيت فاني ما أدري كيف أقول فيه، ويروي ان بني كليب قالوا لم نهج بشعر قط أشد علينا من قول الفرزدق:
أ لست كليبيا إذا سيم سوأة * أقر كاقرار الحليلة للبعل وله فيه:
فهل ضربة الرومي جاعلة لكم * أبا من كليب أو أبا مثل دارم
هذا والله الشعر لا ما تعلل به نفسك منذ اليوم، يا غلام أدركت من قبلك وسبقت من بعدك وان طال عمرك ليرزن. ثم قال له: أ تحدث أمك يا غلام؟ قال لا بل أحدث أبي، فوجده لبقا حاضر الجواب فاعجب به.
وجاء في كتاب الحيوان للجاحظ: ان أحببت ان تروي من قصار القصائد شعرا لم يسمع بمثله فالتمس ذلك في قصار قصائد الفرزدق فإنك لا ترى شاعرا قط يجمع التجويد في القصار والطوال غيره انتهى.
وروى ابن عبد البر في الاستيعاب بسنده عن أبي بكر بن عياش قال: اجتمع في جنازة أبي رجاء العطاردي الحسن البصري والفرزدق الشاعر فقال الفرزدق للحسن: يا أبا سعيد يقول الناس اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم فقال الحسن لست بخيرهم ولست بشرهم لكن ما أعددت لهذا اليوم قال شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم انصرف الفرزدق فقال وكان أبو رجاء أدرك الجاهلية وعمر أزيد من مائة وعشرين سنة:
أ لم تر ان الناس مات كبيرهم * وقد كان قبل البعث بعث محمد
ولم يغن عنه عيش سبعين حجة * وستين لما بات غير موسد
إلى حفرة غبراء يكره وردها * سوى انها مثوى وضيع وسيد
لقاؤه الحسين ع وفي الأغاني بسنده انه لقي الفرزدق الحسين بن علي ع متوجها إلى الكوفة خارجا من مكة في اليوم السادس من ذي الحجة فقال له الحسين ما وراءك؟ قال يا ابن رسول الله أنفس الناس معك وأيديهم عليك، قال ويحك معي وقر بعير من كتبهم يدعونني ويناشدوني الله. فلما قتل الحسين ص قال الفرزدق فان غضبت العرب لابن سيدها وخيرها فاعلموا انه سيدوم عزها وتبقى هيبتها وان صبرت عليه ولم تتغير لم يزدها الله الا ذلا إلى آخر الدهر وانشد في ذلك:
فان أنتم لم تثاروا لابن خيركم فألقوا السلاح واغزلوا بالمغازل قصيدته في علي بن الحسين ع ذكر في تذكرة الخواص أبياتا من ميمية الفرزدق في زين العابدين علي بن الحسين عوقال إنه اخذ بعضها من حلية الأولياء والباقي من ديوان الفرزدق.
وهذه القصيدة قلما يخلو منها ومن خبرها كتاب أدب أو تاريخ وذلك لسببين:
أولا لأنها قضية تتعلق بفضل امام عظيم من أئمة أهل البيت الطاهر له مكانته بين المسلمين مع تضمنها ما يدل على أن سلطان الدين أقوى من سلطان الدنيا فهشام أحد فراعنة بني أمية في دولتهم وقوة سلطانهم لم يستطع ان يستلم الحجر ولم يبال به أحد من الناس ولم يفرجوا له وزين العابدين علي بن الحسين ع بمجرد ان اقبل لاستلام الحجر أفرج له الناس.
ثانيا لدلالتها على جرأة عظيمة وقوة جنان وثبات واقدام من الفرزدق فجابه هشام بما جابهه به وقال الحق مجاهرا به أمام سلطان جائر يخاف ويرجى وهو شاعر يأمل الجوائز منبني أمية فقال ما قال وفعل ما فعل لوجهه تعالى وصدعا بالحق ودحضا للباطل.
هذان الأمران في ظني هما السبب في انتشار هذه القصة في جميع الكتب والله أعلم. ونسبة هذه القصيدة إلى الفرزدق مشهورة جدا بل لعلها متواترة وقد رواها السيد المرتضى في موضعين من أماليه والمرزباني في معجم الشعراء والقيرواني في زهر الآداب ورواها أبو الفرج في الأغاني بسنده عن ابن عائشة، قال: حج هشام بن عبد الملك في خلافة الوليد أخيه ومعه رؤساء أهل الشام فجهد ان يستلم الحجر فلم يقدر من ازدحام الناس فنصب له منبر فجلس عليه ينظر إلى الناس، واقبل علي بن الحسين وهو أحسن الناس وجها وانظفهم ثوبا وأطيبهم رائحة فطاف بالبيت فلما بلغ الحجر الأسود تنحى الناس كلهم وأخلوا له الحجر ليستلمه هيبة واجلالا له، فغاظ ذلك هشاما وبلغ منه، فقال رجل لهشام من هذا أصلح الله الأمير؟ قال لا اعرفه وكان به عارفا ولكنه خاف ان يرغب فيه أهلالشام ويسمعوا منه، فقال الفرزدق وكان حاضرا: انا اعرفه فسلني يا شامي، قال ومن هو؟
قال وانشد القصيدة. ثم رواها في الأغاني في موضع آخر بما لا يخرج عن هذا المعنى.
وفي آخر الجزء الثاني من ديوان الفرزدق المطبوع بالتصوير الشمسي في ألمانيا عن نسخة خطية معربة مشروحة في غاية الاتقان والضبط قديمة جدا ما لفظه:
وقال الفرزدق يمدح علي بن الحسين صلوات الله عليه وعلى آبائه وذكر الأبيات.
ولما كانت الروايات مختلفة اختلافا كثيرا في عدد الأبيات بالزيادة والنقصان فنحن نذكر أولا أكثرها عددا للأبيات ثم نشير إلى باقي الروايات.
وأكثر الروايات عددا للأبيات هي رواية المزرباني. فقد روى القصة بما لا يختلف عن رواية أبي الفرج في الأغاني غير أنه قال إن حج هشام كان في ولاية أبيه ثم ذكر القصيدة وهي هذه:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا
هذا علي رسول الله والده * أمست بنور هداه تهتدي الأمم
إذا رأته قريش قال قائلها * إلىمكارم هذا ينتهي الكرم
ولا باس بالإشارة إلى اختلاف الروايات في عددها المشار إليه. ففي رواية الأغاني الأولى اورد منها سبعة أبيات الأول والثاني والخامس والسادس والأخير والثامن والتاسع ولكن بلفظ: من يعرف الله يعرف أولية ذا.
وفي ديوان الفرزدق ذكر منها خمسة، الأول والسادس والثاني والتاسع والثامن بلفظ اي القبائل. وفي رواية الأغاني الثانية، الرابع والسادس عشر إلى الحادي والعشرين والسابع والعشرين إلى التاسع والعشرين، وستعرف أن الصحيح كون في كفه خيزران الخ... ويغضي حياء الخ... ليس منها.
واعلم أنه وقع اختلاف أيضا في نسبة هذه الأبيات فبعضهم نسبها إلى الحزين الليثي وبعضهم إلى الفرزدق، وسبب ذلك أن الحزين له أبيات في بعض بني أمية على هذا الوزن وهذه القافية فوقع الاشتباه لذلك فنسيت أبيات الفرزدق إلى الحزين وزيد فيها بعض أبيات الحزين، ومن الرواة من زاد من أبيات الحزين في أبيات الفرزدق ناسبا لها إلى الفرزدق. وهذا كما وقع في أبيات أبي الأسود الدئلي التي رثى بها أمير المؤمنين ع وأبيات أم الهيثم النخعية التي على وزنها وقافيتها في رثائه ع فادخل من إحداهما في الأخرى كما أشرنا إليه في المجالس السنية.
قال أبو تمام في الحماسة، قال الحزين الليثي في علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأورد الأول والخامس والسادس والثامن وزاد فيها البيتين المتقدمين بكفه خيزران و يغضي حياء.
وروى السيد المرتضى في الأمالي بسنده عن الحسين بن محمد بن طالب عن غير واحد من أهل الأدب: أن علي بن الحسين ع حج فاستجهر الناس جماله وتشوفوا له يقولون من هذا؟ فقال الفرزدق:
وأورد الأبيات التي اوردها أبو تمام في الحماسة باسقاط في كفه خيزران.
قال أبو الفرج في الأغاني في اخبار الحزين الديلمي الكناني بسنده أن الحزين دخل على عبد الله بن عبد الملك بالمدينة لما حظ وفي يده قضيب خيزران فقال:
في كفه خيزران ريحه عبق * من كف أروع في عرنينه شمم
يغضي حياء ويغضي من مهابته * فما يكلم الا حين يبتسم
قال والناس يروون هذين البيتين للفرزدق في أبياته التي يمدح بها علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع التي أولها: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته وهو غلط ممن رواه وليس هذان البيتان مما يمدح به مثل علي بن الحسين ع وله من الفضل المتعالم ما ليس لأحد .
ثم قال: ومن الناس من يروي هذه الأبيات لذود بن مسلم أو قال الميرزا حسين النوري صاحب مستدركات الوسائل في حاشية رجال أبي علي ومن خطه نقلت: في كنز الكراجكي مسندا عن يحيى ابن أم الطويل قال عرضت لي حاجة إلىأمير المؤمنين ع فاستتبعت إليه جندب بن زهير والربيع بن خثيم وابن أخيه همام بن عبادة بن خثيم وكان من أصحاب البرانس قال فاقبلنا معتمدين لقاء أمير المؤمنين ع فألفيناه حين خرج يؤم الناس فافضى ونحن معه إلى نفر إلى أن قال نوف: فاقبل جندب والربيع فقالا ما سمة شيعتكم يا أمير المؤمنين؟ فتثاقل عن جوابهما، فقام همام بن عبادة فقال وذكر الخبر المعروف بطوله وفي آخره فصاح همام بن عبادة صيحة عظيمة ووقع مغشيا عليه فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا رحمة الله عليه فاستعبر الربيع باكيا وقال ما أسرع ما أودت موعظتك يا أمير المؤمنين بابن أخي ولوددت لو اني بمكانه، فقال أمير المؤمنين ع هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها إما والله لقد كنت أخافها عليه إلى أن قال: فصلى عليه أمير المؤمنين ع عشية ذلك اليوم وشهد جنازته ونحن معه. قال الراوي عن نوف فصرت إلىالربيع بن خثيم فذكرت له ما حدثني نوف فبكى الربيع حتى كادت نفسه تفيض وقال صدق أخي الخبر.
وقال المولى محمد صالح في شرح الكافي في ذيل خطبة همام: همام ككشاف هو همام بن شريح بن يزيد بن مرة بن عمرو بن جابر بن عوف الأصهب وكان من شيعة علي ع وأوليائه إلى آخر ما ذكره وفيه ما لا يخفى والاشتباه انما هو لعدم ذكر الكليني اسم الأب وعدم مراجعته رحمه الله إلى غير الكافي انتهى ما ذكره النوري.