يقول في «شرح القاموس»: الغُرّة والغُرغُرة بضمّهما بياضٌ في الجبهة. وفَرَسٌ أغَرّ على وزن أحْمَر وغَرّاء على وزن حَمراء وصف للفرس. والأغَرّ على وزن الأحْمَر الأبيض من كلّ شيء. ويقول أيضاً: الحُجْلَة محرّكة كالقُبّة، وموضع يزيّن بالثياب والستور، والأسِرّة للعروس. إلى أن يقول: حَجّلَها تَحْجيلًا من باب التفعيل اتّخذ لها حجلةً أو أدخلها فيها. ثمّ يقول: والتَّحجيل من باب التفعيل بياض يكون في قوائم الفرس كلّها ... والفرس محجول على وزن منصور، ومُحَجَّل على وزن مُعَظَّم.
ويقول في «مجمع البحرين»: وفي حديث عليّ عليه السلام «قائدُ الغُرِّ المُحَجَّلين» أي: مواضع الوضوء من الأيدي والأقدام، إذا دُعوا علي رؤوس الأشهاد أو إلى الجنّة كانوا على هذا النهج، استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورِجليه.
ويقول في «المصباح المنير» الْحَجْلُ: الخِلخالُ بكسر الخاء والفتح لغة. ويسمّى القيد حجلًا على الاستعارة، والجمع حُجول وأحجال مثل حَمل وحُمول وأحمال. وفرسٌ مُحَجَّل وهو الذي ابيضّت قوائمه. وجاور البياض الأرساغ إلى نصف الوظيف ونحو ذلك. وذلك موضع التحجيل فيه. والتحجيل في الوضوء غسل بعض العضد وغسل بعض الساق مع غسل اليد والرجل.
ويقول ابن الأثير في «النهاية»: في صفة الخيل: «خَيرُ الْخَيلِ الأقْرَحُ الْمُحَجَّلُ» هُوَ الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الأسارغ ولا يجاوز الركبتين لأنّهما مواضع الأحجال وهي الخلاخيل والقيود، ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان. ومنه الحديث: «امّتِيَ الْغُرُّ المُحَجَّلُونَ» أي: بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه والأقدام. استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورِجليه.
ويقول في «لسان العرب» أوّلًا: والحُجلة مثل القُبّة، وحَجَلة العروس معروفة. وهي بيت يزيّن بالثياب، والأسِرّة والستُور، ومنه «اعْرُوا النِّساءَ يَلزِمْنَ الْحِجَالَ»، وحَجَّلَ العروس: اتّخَذَ لها حَجَلَةً. ثمّ نقل عبارة بن الأثير السابقة نفسها.
في ضوء ما تقدّم. فإنّ معنى «قائد الغُرّ المُحَجّلِينَ» هو أحد شيئين: أمّا الغُرّ بمعنى أصحاب الجباه البيض. والمُحَجّلونَ بمعنى أصحاب الأيدي والأقدام البيضاء، وفي هذا كناية عن نورانيّة وجوه المتوضّئين وأيديهم وأقدامهم التي تألّقت في عوالم المعنى فأضاءت بنورها مسافة وأمير المؤمنين قائد الناس النورانيّين والأطهار إلى عوالم القدس والطهارة وعوالم النور. أو أنّ الغُرّ بمعنى النورانيّين، والمُحَجَّلين بمعنى المُبَوّئين في الغرف، فهو قائد المؤمنين إلى غرف الجنّة حيث الأمن والأمان والهدوء والسكينة.
والشاهد على المعنى الأوّل هو أنّه ذكر لفظ المُحَجَّلين مع لفظ الغُرّ ولمّا كان التَّحجيل هو البياض في يَدَي الفرس ورجليه، والغُرّة هي البياض في جبهته، فسيتّضح لنا تماماً تشبيه المتوضّئين الذين تضي مواضعهم الخمسة وهي الوجه واليدان والرِّجلان. بالخيول التي يكون البياض في وجوهها وأيديها وأرجلها. وأمّا الشاهد على المعنى الثاني فهو أنّ إحدى درجات الجنّة هي الغُرُفات الآمنة والحجلات المطمئنّة، كما نلحظ ذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً}[1]. وقوله أيضاً: {لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ}[2]. وقوله كذلك: {وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ}[3]. وقوله بعد تعداده أربع عشرة صفة من صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان: {أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا ويُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وسَلاماً}[4].
وأمّا معنى خاتم الوصيّين فهو كمعنى خاتم النبيّين؛ لأنّ خاتَم وخاتِم بالفتح والكسر هو ما تختم به الرسالة لكي تبقى محفوظة من التزوير. وجاء في «شرح القاموس»: والخِتَام ككِتاب الطينُ يختمَ به على الشيء، والخاتِم على وزن الكامِل ما يوضع على الطينة ليتم به والخاتم حليّ للإصبع مثل الخاتَم بالفتح ... إلى أن يقول: يقول المصنّف: الخاتِم- بكسر التاء- اسم فاعل بمعنى الذي يختم، والخاتَم- بفتح التاء- والخاتام والخَيتام. اسم الحليّ وغيرها يختم بها، وتُلبس في اليد.
ويقول ابن الأثير في «النهاية» «آمين، خاتَمُ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى عِبَادِهِ المؤمنين». قِيل: معناه طابَعُهُ وعلامتُه التي تدفع عنهم الأعراض والعاهات؛ لأنّ خاتم الكتاب يصونه ويمنع الناظرين عمّا في باطنه؛ وتفتح تاؤه وتكسر لُغَتان. وجاء مثل هذا المعنى في «لسان العرب» أيضاً. وفي ضَوُء ذلك فإنّ الخاتِمَ أو الخاتَمَ يعني الآخِر. وإذا قَرَأنا (خاتِم) بالكسر بمعنى اسم الفاعل، فهو خاتِم أوصياء الأنبياء. وإذا كان بالكسر أو بالفتح بمعنى ما يُختَمُ بِهِ فَهو ذلك الختم الذي يضرب على الطغراء الخاصّة بصحيفة الأوصياء، وقد ختمت بواسطة وجود الوصيّ المبارك[5].
وأمّا يَعسوب الدين الذي رواه ابن أبي الحديد أيضاً فهو كما ذكرنا سابقاً امير النحل وذكرها الذي يتولى رئاسة الخلية، ويعسوب الدين كناية عن مقام الرئاسة وسيادة والحكومة الذي كان لأمير المؤمنين في جميع الشؤون الدينية.
وأما المرحلة الثانية: التي تخص دلالة الحديث. فقد صلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ركعتين، وليس لنا علم بحالاته في تلك الصلاة ونزول جبرائيل، ومشاهدته عوالم الملكوت ومقامات أمير المؤمنين، وهو نفسه لم يصرّح لنا بشيء عن ذلك، بَيدَ أنّ كلّ ما نعلمه هو أنّه قال لأنس بعد الصلاة: أوّل من يدخل هو سيّد المسلمين وأمير المؤمنين وخاتم الوصيّين. ولمّا دخل أمير المؤمنين عليه السلام قام بذلك الوضع العجيب كشخص وجد ضالّته وظفر بمعشوقة ومحبوبه فاعتنقه ومسح وجهه بوجهه، ومسح عرقه بوجهه بحيث أنّ أمير المؤمنين نفسه تعجّب ممّا صنعه رسول الله من عمل لم يعهده من قبل، فقال متحيّراً: يا رسول الله! لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعت لي من قبل، فأشار صلى الله عليه وآله إلى مقامات الإمام. وقال: أنت تؤدّي عنّي وتنجز عداتي، وتُسمِعُ الناس صوت التوحيد ونداء الإسلام الصادر عنّي، وأنت الذي إذا نشبت نار الفتن والاضطرابات بعدي، تشقّ للناس طريقهم من بين لجج الهوى والهوس العميقة لتكون كموج النور المتألّق والحقيقة الساطعة في دياجير الجهل وغياهب الشهوات، فتوضّح لهم الحقيقة، وكأنّ رسول الله كان يرى أنّ ما يحاك بعده من دسائس سيؤدّي بالإسلام وينسفه من الأساس، وستعود الصنميّة الجاهليّة إلى الناس بشكل آخر. ويتّضح صدق كلامنا جيّداً من خلال سياسة الخلفاء الذين جاءوا بعد النبيّ صلى الله عليه وآله والاسلوب الذي انتهجه معاوية وولده يزيد. ويتبيّن لنا من خطب «نهج البلاغة» وخطبة سيّد الشهداء عليه السلام بمِنَى أواخر عصر معاوية. وكذلك بقيّة خطبه عليه السلام وكلماته، أنّ الخلفاء أفرغوا الإسلام من محتواه، وتركوه بلا رمق ولا روح[6].
ولمّا كان رسول الله يعلم بأنّ الشخص الوحيد الذي يدافع عن الحقّ ويؤدّي دَين الرسالة، وينجز عهود الله ورسوله، ويقرع أسماع أهل العالم بنداء التوحيد المتمثّل بلا إله إلّا الله وَحْدَهُ وَحْدَهُ ومعنى قُلْ هُوَ اللهُ أحَد، هو أمير المؤمنين وحسب، وأنّه الشخص الوحيد الذي انبثق عن أصل التوحيد مع رسول الله، وحاز على أعلى الدرجات وأرفع المقامات في دَرْك الحقيقة والمعارف الإلهيّة والفناء في الذات الأحديّة[7]، لذلك فهو يقول في جواب أمير المؤمنين: لِمَ لا احبّكَ ولا أعتنقك، ولا أمسح عرق وجهك الجميل بوجهي؟ أنتَ روحي التي بين جنَبي، وأنت حقيقتي وأنت الرافع راية العدل والتوحيد. والحارس الأمين لدين الله وسنّتي وأنت ناصري ومعيني في أحلك الظروف وأخطر العقبات، وأنت النتيجة المتولّدة عن رسالتي. وأنت الامتداد لنبوّتي والحافظ لشريعة الله بين شرائح الناس المختلفة حتى يوم القيامة، وأنت المرسّخ شجرة التوحيد وولايتي.
أجل، فإنّ صدر هذا الحديث وذيله معاً شاهدا صدقٍ صريح على خلافة مولى المتّقين وإمارته ووصايته.
أوّلًا: لفظ أمير المؤمنين، وهو بمعنى الحاكم والمهيمن على جميع المؤمنين.
وثانياً: سيّد المسلمين.
وثالثاً: قائد الغرّ المُحجّلين وهو بمعنى الإمام والدليل والرائد.
ورابعاً: لفظ خاتم الوصيّين، وهو أكثر صراحة من جميع تلك الألقاب؛ إذ يدلّ على مقام وصايته في جميع شئون النبوّة وفقاً لوصاية أوصياء الأنبياء السابقين، بل هو أعلى منهم وأشرف.
وكذلك أداء العهود وديون رسول الله، وإبلاغ صوته، وتبيين الإختلافات والمشاجرات بعده، كلّ اولئك نابع عن مقام الولاية وحسب ولذلك عدّوا هذا الحديث- كما ذكرنا- من النصوص الصريحة على وصاية أمير المؤمنين وخلافته، وقد رووه بألفاظ متقاربة وأسانيد اخرى أيضاً.
روى البحرانيّ في «غاية المرام» ص19[8] وكذلك في «المناقب الصغير» تحت عنوان «عليّ والسنّة»[9] عن «مناقب» ابن مردويه عن أنس أنّه قَالَ: كَانَ النَّبِيّ في بَيْتِ امِّ حَبِيبَةَ بِنتِ أبي سُفيَانَ، فَقَالَ: «يَا امَّ حَبِيبَةَ! اعْتَزِلينا فَأنَا عَلى حاجَةٍ» ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَأحسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ قالَ: «أنّ أوَّلَ مَن يَدْخُلُ مِن هَذا البَابِ أمير المؤمنين وسَيِّدُ الْعَرَبِ وخَيْرُ الوَصِيّينَ وأولَى النَّاسِ بِالنَّاسِ». قَالَ أنَسٌ: فَجَعَلتُ أقُولُ: اللَهُمَّ اجْعَلْهُ رَجُلًا مِنَ الأنصَارِ. قَالَ فَدَخَلَ عليّ فَجاءَ يَمشِي حتى جَلَسَ إلى جَنبِ النَّبِيّ (رَسُولِ اللهِ في نسخة المناقب) فَجَعَلَ (رَسُولُ اللهِ في نسخة المناقب) يَمسَحُ وَجهَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ يَمسَحُ بِهَا وَجهَ عليّ بنِ أبي طالِبٍ، فَقَالَ عليّ: «وَمَا ذَاكَ يا رَسُولَ اللهِ!؟ قالَ: إِنَّكَ تُبَلِّغُ رِسَالَتِي مِن بَعْدِي وتُؤَدِّي عَنِّي وتُسمِعُ النَّاسَ صَوتِي وتُعَلِّمُ النَّاسَ مِن كِتابِ اللهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ».
وروى البحرانيّ أيضاً في ص 20[10]، وفي «المناقب الصغير»[11] كذلك بإسناده عن «مناقب» ابن مَردويه عن أنس أنّه قَالَ بَينَا (بَينمَا في نسخة المناقب) أنَا عِندَ النَّبِيّ (رَسُولِ اللهِ، المناقب) إذ قالَ: «الآنَ يَدخُلُ سَيَّدُ المسلمين وأمير المؤمنين وخَيرُ الوَصِيِّينَ وأولَى النَّاسِ بِالمؤمنين» (بالنّاسِ، المناقب) إذ طَلَعَ عليّ بنُ أبي طالِبٍ، فَقَامَ النَّبِيّ (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «اللهُمّ! وَالِ مَن وَالاهُ». وقَالَ: فَجَلَسَ بَينَ يَدي رَسُولِ اللهِ، المناقب) فَأخَذَ يَمسَحُ الْعَرَقَ عَن جَبهَتِهِ ووَجهِهِ ويَمسَحُ بِهِ وَجْهَ عليّ بنِ أبِي طَالِبٍ، ويَمسَحُ الْعَرَقَ عَن وَجهِ عليّ ويَمسَحُ بِهِ وَجهَهُ. فَقَالَ لَهُ عليّ: «يا رَسُولَ الله! نَزَلَ في شَيءٌ؟ قالَ: أما تَرْضَى أن تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارونَ مِن موسى إلَّا أنَّهُ لَا نَبِيّ بَعْدِي؟ أنتَ أخِي ووَزيري وخَيْرُ مَن اخَلِّفُهُ (اخَلِّفُ، المناقب) بَعْدِي تَقْضِ دَيْنِي وتُنجِزُ مَوعِدِي وتُبَيِّنُ لَهُمْ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ بَعْدِي وتُعَلِّمُهُمْ مِن تَأوِيلِ القُرآنِ ما لَم يَعْلَمُوا، وتُجَاهِدُهُمْ عَلَى التَّأوِيلِ كمَا جاهَدتُهُمْ عَلَى التَّنزِيلِ».
وروى أيضاً في «غاية المرام» ص 19، عن ابن عبّاس عن أنس أنّه[12] قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: «يَا أنَسُ! اسكُب لِي وَضُوءاً أو ماءً، فَتَوضَّأ ثُمَّ انصَرَفَ، فَقَالَ: يَا أنَسُ! مَن يَدخُلُ عليّ الْيَوْمَ أمير المؤمنين وسَيِّدُ المسلمين وخَاتَمُ الوَصِيّينَ وإمَامُ الغُرِّ المُحَجَّلين، فَجاءَ عليّ حتى ضَرَبَ البَابَ فَقَالَ: مَن هَذَا يَا أنَسُ»؛ فَقُلْتُ: هَذَا عليّ بْنُ أبي طالِبٍ قَالَ: «افتَحْ لَهُ البَابَ».
ويقول في ص 20[13]. ومن المنَاقِبِ عَن أنَسٍ قَالَ: كُنتُ خَادِماً لِلنَّبِيّ، فَبَيْنَما أنَا يَوْماً أوَضِّيهِ إذْ قَالَ: «يَدخُلُ رَجُلٌ وهُوَ أمير المؤمنين وسَيِّدُ الوَصِيّينَ وأوْلَى النَّاسِ بِالمؤمنين وقَائِدُ الغُرِّ المُحَجَّلين»، قَالَ: اللَهُمَّ! اجْعَلهُ رَجُلًا مِنَ الأنصارِ، فَإذَا هُوَ عليّ بنُ أبِي طالِبٍ.
ويقول في الصفحة نفسها أيضاً[14]: عَن أنَسِ بنِ مَالِكٍ: قَالَ: بَيْنَا اوَضى النَّبِيّ صلى الله عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ إذ قَالَ: «يَطْلُعُ الآنَ»، قُلتُ: فِدَاكَ أبِي وامِّي مَن ذا؟ قال: «سَيِّدُ المسلمين وأمير المؤمنين وخَيرُ الوَصِيِّينَ وأولَي النَّاسِ بِالنَّبِيِّينَ»، قالَ: فَطَلَعَ عليّ، ثُمَّ قَالَ لِعَليّ: «أمَا تَرضَي أن تَكُونَ مِنِّي بِمَنزِلَةِ هَارون مِنْ موسى».
ومن الأخبار الدالّة على وصايته عليه السلام خبر كلام الله تعالى مع رسوله عند سدرة المنتهى حول أمير المؤمنين؛ إذ بيّن فيه الباري سبحانه مقامات الإمام عليه السلام ثمّ قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم: «إنَّهُ سَيَخُصُّهُ بِالْبَلاءِ»
لقد نقلت هذه الرواية بسندين: أحدهما: عن أمير المؤمنين عليه السلام نفسه، والثاني: عن أبي بَرزة الأسلَميّ. ونحن هنا ننقل الروايتين بخصوصيّتهما عن طريق العامّة.
أمّا الرواية الأولى فقد نقلها الموفّق بن أحمد الخوارزميّ [حسب نقل كتاب «عليّ والوصيّة» ص 19] في كتاب «المناقب» ص 240طبع إيران بإسناده عن غالب الجُهَنِيّ عن أبي جعفر، عن أجداده، عن أمير المؤمنين عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «قَالَ النَّبِيُ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وآلهِ وسَلّمَ: لَمَّا اسرِيَ بِي إلى السَّمَاءِ ثُمَّ مِنَ السَّمَاءِ إلى سِدرَةِ المُنتَهى، وَقَفْتُ بَينَ يَدَي رَبِّي عَزَّ وجلَّ فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ؛ قُلتُ: لَبَّيك وسَعْدَيكَ، قَالَ: قَد بَلَوتُ خَلقِي فَأيُّهُمْ رَأيتَ أطوَعَ لَكَ؟ قَالَ: قُلتُ: يَا رَبِّي؛ عَلِيّاً، قَالَ: صَدَقتَ يَا مُحَمَّدُ؛ فَهَلِ اتَّخذْتَ لِنَفسِكَ خَلِيفَةً يُؤَدِّي عَنكَ ويُعَلِّمُ عِبَادِي مِن كِتَابِي مَا لَا يَعْلَمُونَ؟ قَالَ: قُلتُ: يَا رَبِّ؛ اختَر لِي فَإنَّ خِيَرَتَكَ خِيَرَتِي، قَالَ: اخْتَرْتُ عَلِيّاً فَاتَّخِذْهُ لِنَفْسِكَ خَلِيفَةً ووَصِيّاً، ونَحَلتُهُ عِلمِي وحِلمِي، وهُوَ أمير المؤمنين حَقّاً، لَم يَنَلْهَا أحَدٌ قَبلَهُ ولَيسَتْ لأحَدٍ بَعدَهُ. يَا مُحَمَّدُ! عليّ رايَةُ الهُدى وإمَامُ مَنْ أطاعَنِي ونُورُ أولِيائِي، وهُوَ الكَلِمَةُ الَّتِي ألْزَمْتُهَا المُتَّقِينَ، مَن أحَبَّهُ فَقَد أحَبَّنِي، ومَن أبغَضَهُ فَقَد أبْغَضَنِي، فَبَشِّرهُ يَا مُحَمَّدُ بِذَلِكَ. فَقَالَ النَّبيّ صلى اللهُ عليه وآله وسلم: قُلْتُ رَبّ فَقَدْ بّشَّرْتُه. فَقَالَ: أنَا عَبدُ الله وفي قَبضَتِهِ، إن يُعاقِبنِي فَبِذُنُوبِي لَم يَظلِمَنِي شَيئاً، وإِن تَمَّمَ لِي وَعْدِي فَإِنَّهُ مَولَايَ، قَالَ: أجَل، قالَ: قُلتُ: يَا رَبِّ! فَاجْلِ قَلبَهُ واجْعَلْ رَبيعَهُ الإيمَانَ. قَالَ: قَد فَعَلتُ ذَلِكَ بِهِ يَا مُحَمَّدُ غَيرَ أنِّي مُختَصٌّ لَهُ بِشَيْءٍ مِنَ البَلاءِ لَمْ أخُصَّ بِهِ أحَداً مِن أولِيائِي. قَالَ قُلتُ يَا رَبِّ؛ أخِي وصَاحِبي! قَالَ: قَد سَبَقَ في عِلْمِي أنَّهُ مُبتَلى، لَوْ لا عليّ لَمْ يُعرَفْ حِزبِي ولَا أولِيائي ولَا أولِياءُ رُسُلِي».
وذكر البحرانيّ هذا الحديث أيضاً في «غاية المرام» ص 34 تحت عنوان: الحديث الثامن عشر عن الموفّق بن أحمد الخوارزميّ، وليس هناك أي اختلاف بينه وبين حديث الخوارزميّ إلّا في جملة غَيرَ أنِّي مُختَصٌّ لَهُ بِشيءٍ مِنَ البَلاءِ، فَقد ذكرها كما يلي: غَيْرَ أنّي مُشَخِّصُهُ بِشيْءٍ مِنَ البَلاءِ.
وَأمّا رواية أبي برزة الأسلميّ فهي نفس هذه الرواية بإسقاط صدرها وذيلها. ونحن هنا ننقلها عن «حلية الأولياء» للحافظ أبي نعيم الأصفهانيّ في الجزء الأوّل ص 66 ثمّ نتحدّث حولها.
يروي أبو نعيم بسنده عن أبي برزة أنّه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «أنّ اللهَ عَهِدَ إلى عَهداً في عليّ فَقُلْتُ: يَا رَبِّ بَيِّنْهُ لِي. فَقَالَ: اسمَعْ، فَقُلتُ: سَمِعْتُ. فَقَالَ: أنّ عَلِيّاً رايَةُ الهُدى وإمامُ أوْلِيائي ونُورُ مَنْ أطاعَنِي وهُوَ الْكَلِمَةُ الَّتي ألزَمْتُها المُتَّقِينَ، مَن أحَبَّهُ أحَبَّنِي، ومَن أبغَضَهُ أبغَضَنِي، فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ. فَجَاءَ عليّ فَبَشَّرْتُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أنَا عَبدُ اللهِ وفي قَبضَتِهِ فَإنْ يُعَذِّبْنِي فَبِذَنْبِي. وإن يُتِمَّ لِيَ الذي بَشَّرْتَنِي بِهِ فَاللهُ أوْلَى بِي. قَالَ: قُلتُ: اللَهُمَّ! اجْلِ قَلبَهُ واجْعَلْ رَبِيعَهُ الإيمانَ. فَقَالَ اللهُ: قَد فَعَلْتُ بِهِ ذَلِكَ. ثُمَّ إِنَّهُ رَفَعَ إلى أنَّهُ سَيَخُصُّهُ مِنَ البَلاءِ بِشيْءٍ لَم يَخُصَّ بِهِ أحَداً مِنْ أصحَابِي. فَقُلتُ: يا رَبِّ؛ أخِي وصاحِبي! فَقَالَ: أنّ هَذَا شَيءٌ قَدْ سَبَقَ في عِلْمِي أنَّهُ مُبْتَلى ومُبتَلى بِهِ»
ونقل محمّد بن طلحة الشافعيّ في «مطالب السؤول» ص 21 هذه الرواية بنفس ألفاظها عن الحافظ أبي نعيم. وروى ابن أبي الحديد المعتزليّ في «شرح نهج البلاغة» ج 2 ص 449[15]، وفي الحديث الثالث وعن الحافظ أبي نعيم أيضاً عند نقله أربعة وعشرين حديثاً في فضائل أمير المؤمنين. في ذيل كلامه: قَد خَاضُوا بِحارَ الْفِتَنِ وأخَذُوا بِالْبِدَعِ دُونَ السُّنَنِ ... إلخ. علماً أنّ عبارة ابن أبي الحديد في نقل الرواية هي نفس عبارة أبي نعيم الّتي نقلناها عن «حلية الأولياء».
لكنّ الشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ عند ما ينقل هذه الرواية عن أبي نعيم في ثلاثة مواضع من كتابه «ينابيع المودّة» فإنّه يذكر لفظ يا رَبِّ إنَّهُ أخي ووَصِيِّي بدل لفظ يا رَبِّ إنَّهُ أخي وصاحبِي في جميع تلك المواضع على الصفحات 78 و79 و134 من كتابه.
لذلك لا يعلم على وجه الحقيقة هل أنّ كلمة وَصِيّي كانت موجودة في «الحلية» ونقلها القندوزيّ نفسها، ثمّ حذفت من «الحلية» في طبعاتها المتأخّرة. أو أنّها نقلت عن «الحلية» بقسمين. أحدهما فيه كلمة صاحبي كما نقل ذلك عنها ابن أبي الحديد. ومحمّد بن طلحة، والثاني فيه كلمة وَصِيّتِي كما نقلها القندوزيّ في المواضع الثلاثة جميعها من كتابه.
والشاهد على الرواية الأولى ما نقلناه بكلمة صاحبِي عن «مناقب» الخوارزميّ و«غاية المرام».
الشاهد على الرواية الثانية كلامه تعالى: فَاتَّخِذْهُ لِنَفْسِكَ خَلِيفَةً ووَصِيّاً. كما جاءَ في صدر رواية «المناقب» للخوارزميّ، و«غاية المرام».
جملة من الأخبار في وصاية أمير المؤمنين عليه السلام من قبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
ومنها الأحاديث التي تدلّ على أنّ الإيمان متوقّف على التوحيد والنبوّة، والولاية، نحو الحديث الذي يرويه سليمان القندوزيّ في «ينابيع المودّة» ص 248 عن المير سيّد علي الهمدانيّ الشافعيّ في كتاب «مودّة القربيّ» ضمن المودّة الرابعة. عن عُتبة بن عامر الجُهَنيّ أنّه قَال: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وسلَّمَ عَلَى قَوْلِ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وأنّ مُحَمَّداً نَبِيّهُ وعَلِيّاً وَصِيُّهُ، فَأيٌّ مِنَ الثَّلاثَةِ تَرَكْنَاهُ كَفَرْنا. وقَالَ لَنا النَّبِيّ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ: «أحِبُّوا هَذَا يَعْنِي عَلِيّاً فَإنَّ اللهُ يُحِبُّهُ، واسْتَحْيُوا مِنْهُ فَإنَّ اللهَ يَسْتَحْيي مِنْهُ».
ويروى أيضاً في «ينابيع المودّة» ص 82 ضمن الباب الخامس عشر عن طلحة بن زيد، عن الإمام جعفر الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ: «ما قَبَضَ اللهُ نَبِيّاً حتى أمَرَهُ اللهُ أن يُوصِي إلى أفضَلِ عَشِيرَتِهِ مِنْ عُصْبَتِهِ، وأمَرَنِي أنْ أوْصِ إلى ابْنِ عَمِّكَ عليّ، أثبَتْتُهُ فِبالكُتُبِ السَّالِفَةِ وكَتَبْتُ فِيها أنَّهُ وَصِيُّكَ، وعَلَى ذَلِكَ أخَذْتُ مِيثَاقَ الْخَلَائِقِ ومِيثَاقَ أنْبِيائِي ورُسُلِي[16]، وَأخَذتُ مَواثِيقَهُمْ بِالرُّبُوبِيّةِ، ولَكَ يَا مُحَمَّدُ بِالنُّبُوَّةِ، ولِعَلِيّ بْنِ أبي طالِبٍ بالوِلَايَةِ والْوَصِيَّةِ »
ومنها الأحاديث التي تدلّ على أنّ لكلّ نبيّ وارثاً ووصيّاً، وأنّ وارث رسول الله ووصيّه هو عليّ بن أبي طالب. فقد روى الشيخ سليمان القندوزيّ في «ينابيع المودّة» ص 86 عن «مناقب» الخوارزميّ، عن مقاتل ابن سليمان عن الإمام جعفر الصادق. عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالبٍ عليه السلام أنّه قالَ: «قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ: يَا عليّ؛ أنتَ مِنّي بِمَنزِلَةِ شَيْثٍ مِن آدَمَ، وبِمَنزِلَةِ سامٍ مِن نُوحٍ، وبِمَنزِلَةِ إسحاق مِن إبراهيمَ كَما قَالَ تعالى: {وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ}[17]، وبِمَنزِلَةِ هَارونَ مِن موسى، وبِمَنزِلَةِ شَمعُونَ مِن عيسى، وأنتَ وَصِيّي ووَارِثي، وأنتَ أقْدَمُهُمْ سِلماً وأكثَرُهُمْ عِلماً، وأوفَرُهُمْ حِلماً وأشْجَعُهُمْ قَلباً، وأسْخَاهُمْ كَفّاً، وأنتَ إِمَامُ امَّتِي وقَسِيمُ الْجَنَّةِ والنَّارِ بِمَحَبَّتِكَ يُعْرَفُ الأبْرَارُ مِنَ الْفُجَّارِ ويُمَيَّزُ بَيْنَ المؤمنين والمُنَافِقِينَ والْكُفَّارِ».
يُبين رسول الله في هذا الحديث، أوّلًا: كان لكلّ نبيّ من الأنبياء السابقين مثل آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، عيسى وصيّاً من الأوصياء. وأنا أيضاً نبيّ الله فسيكون لي وصيّاً. وأنت وصيّي يا علي لذلك فإنّ مبدأ الوصاية سنّة إلهيّة ينبغي أن تجري عند جميع الأنبياء، وأنا أيضاً لا أتخلّف عن هذه السنّة.
وثانياً: ينبغي أن يكون وصيّ النبيّ أقدم الناس جميعهم إسلاماً وإيماناً، وأكثرهم علماً، وأوفرهم حلماً، وأشجعهم قلباً، وأسخاهم كَفّاً ولمّا كانت هذه الصفات كلّها مجتمعة فيك يا عليّ، وأنت أفضل الناس فيها، فقد جعلك الله إماماً لُامّتي. وعلى أساس هذا المعيار الصحيح تعرف الجنّة والنار حيث درجات المؤمنين من أتباعك، والمتمرّدين على ولايتك، وسيكون لهم مأوى في أقسامها المختلفة وفقاً لاختلاف درجاتهم. وبمحبّتك يعرف الأبرار من الفجّار، ويميّز بين المؤمنين والمنافقين والكفّار.
وفي هذا الكتاب نفسه أيضاً ص 248 ضمن المودّة الرابعة من «مودّة القُربي» ينقل السيّد عليّ الشافعيّ الهمدانيّ أنّ أمير المؤمنين عليه السلام يروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قوله: «انّ اللهَ تعالى جَعَلَ لِكُلِّ نَبِيّ وَصِيّاً، جَعَلَ شَيْثاً وَصِيّ آدَمَ، ويُوشَعَ وَصِيي موسى، وشَمْعُونَ وَصِيي عيسى، وعَلِيّاً وَصِيي، ووَصِيِّي خَيرُ الأوصياءِ في البَداءِ، وأنَا الدَّاعِي وهُوَ المضيء».
وفي ص 79 منه أيضاً بإسناده عن الموفّق بن أحمد الخوارزميّ بإسناده عن امّ سَلَمةَ أنّها قالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ: «أنّ اللهَ اختَارَ مِن كُلِّ نَبِيّ وَصِيّاً، وعليّ وَصِيي في عِترَتِي وأهلِ بَيتِي وامَّتِي بَعدِي».
يقول القندوزيّ بعد نقل هذا الحديث، روى الخوارزميّ مثل هذا الحديث أيضاً. وروى شيخ الإسلام الحموينيّ حديث الوصيّة عن عليّ بن موسى عليهما السلام.
ومنها ما جاء في كتاب «عليّ والوصيّة» ص 226 عن كتاب «المناقب» للخوارزميّ بإسناده عن أبي القاسم عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز البغويّ[18] عن حميد الرازيّ، عن عليّ بن مجاهد، عن محمّد بن إسحاق، عن شريك بن عبد الله، عن أبي ربيعة الإياديّ، عن ابن بريدة، عن أبيه بريدة أنّه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيّ وَصِيّ ووارِثٌ، وأنّ عَلِيّاً وَصِيِّي ووَارِثي».
روى محبّ الدين الطبريّ هذا الحديث الشريف، في «ذخائر العقبي» ص 71 عن «معجم الصحابة» للحافظ أبي القاسم البغويّ عن بريدة. وفي «الرياض النضرة» ج 2 ص 178 في باب «ذكر اختصاص أمير المؤمنين بالولاية والإرث» عن بريدة. وذكره أيضاً الكنجيّ الشافعيّ في «كفاية الطالب» ص 131، وعبد الرؤوف المناويّ المتوفّى سنة 1031 ه- في كتابه «كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق» المطبوع في حاشية الجزء الثاني من «الجامع الصغير» للسيوطيّ ص 69. ورواه الشيخ سليمان القندوزيّ في «ينابيع المودّة» ص 207 عن «معجم الصحابة» لأبي القاسم البغويّ، وعن الديلميّ في ص 180، وفي ص 232 أيضاً عن الديلميّ صاحب كتاب «فردوس الأخبار»، وفي ص 79 عن الموفّق بن أحمد الخوارزميّ. ورواه أيضاً في ص 248 ضمن المودّة الرابعة من كتاب «مودّة القربي».
ومنها: حديث ذكره الحموينيّ في «فرائد السمطين» في الجزء الثاني، الباب الحادي والثلاثين، وذكره العلّامة البحرانيّ في ص 39 تحت
عنوان «الحديث السادس والثلاثون». ورواه القندوزيّ الحنفيّ في «ينابيع المودّة» ص 441 عن مجاهد، عن ابن عبّاس، وهذا الحديث يدور حول مجيء نَعثَل اليهوديّ إلى رسول الله. وسؤاله عن الصفات والأسماء الإلهيّة، واستفساره عن أوصياء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، وهذا الحديث مفصّل للغاية، ونحن هنا نذكر فقرة منه تخصّ الوصيّة. قالَ (أي: نَعثَلُ اليَهُوديّ): فَأخْبِرنِي عَن وَصِيِّكَ مَن هُوَ؟ فَمَا مِن نَبِيّ إلَّا ولَهُ وَصِيّ. وأنّ نَبِيَّنَا موسى بنَ عِمرانَ أوصَى إلى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، فَقَالَ: «نَعَم أنّ وَصِيِّي والْخَلِيَفَةَ مِن بَعْدِي عليّ بنُ أبِي طالِبٍ وبَعْدَهُ سِبطايَ الْحَسَنُ والْحُسَيْنُ يَتلُوهُ تِسعَةٌ مِن صُلْبِ الحُسَيْنِ أئِمَّةٌ أبْرَارٌ» (الحديث)[19].
[1] الآية 58، من السورة 29: العنكبوت.
[2] الآية 20، من السورة 39: الزمر.
[3] الآية 37، من السورة 34: سبأ.
[4] الآية 75، من السورة 25: الفرقان.
[5] ربّما يقال: إنّ معني خاتم الأوصياء هو أنّه وصي خاتم الأنبياء، فلا يشكل إذَن مفهوماً مستقلّا بالنسبة إلى قوله: «أنا خاتم الأنبياء»، وإذا كان القصد هو أنّ الوصاية قد ختمت به، فالأئمّة الآخرون هم ليسوا أوصياء رسول الله، بل أوصياء وصيّه، بينما هم أوصياء رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم أيضاً.
[6] وقد سار سيّد الشهداء إلى مكّة للحجّ قبل وفاة معاوية بسنة، يصحبه عبد الله بن جعفر وعبد الله بن عباس وجمع من بني هاشم من النساء والرجال، وجماعة من مواليهم وشيعتهم، فخطب عليه السلام في مني خطبة مفصّلة قال فيها: «أمَّا بَعْدُ فَإنَّ هَذَا الطَّاغِيَةَ قَدْ فَعَلَ بِنَا وبِشِيعَتِنَا مَا قَدْ رَأيْتُمْ وعَلِمْتُمْ وشَهِدْتُمْ، فَإِنِّي ارِيدُ أنْ أسْألَكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَإنْ صَدَقْتُ فَصَدِّقُونِي، وإنْ كَذبْتُ فَكَذِّبُونِي، اسْمَعُوا مَقَالَتِي واكْتُبُوا قَوْلِي ثُمَّ ارْجِعُوا إلى أمْصَارِكُمْ وقَبَائِلُكُمْ فَمَنْ أمنتم مِنَ النَّاسِ ووَثقْتُمْ بِهِ فَادْعوهُمْ إلى مَا تَعْلَمُونَ مِنْ حَقّنَا فَإنِّي أ تَخَوَّفُ أنْ يَدْرُسَ هَذَا الأمْرُ ويَذْهَبَ الْحَقُّ ويُغْلَب واللهُ مُتِمُّ نُورِهِ ولَوْ كَرِهَ الْكَافِروُنَ» (الخطبة)(كتاب «سليم بن قيس» ص 206)
[7] يقول أبو نعيم في «الحلية» ج 1، ص 68: قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: لَا تَسُبّوُا عَلِيّاً فإنَّهُ ممسوسٌ في ذَاتِ اللهِ تعالى.
[8] الحديث الثامن والعشرون.
[12] الحديث الرابع والعشرون.
[13] الحديث التاسع والعشرون.
[14] الحديث الثاني والثلاثون.
[15] طبع مصر سنة 1329 ه- الطبعة ذات المجلّدات الأربعة.
[16] وروي في «ينابيع المودّة» ص 238 أيضاً تحت عنوان الحديث 49 عن أبي هريرة أنّه قال: قَالَ رَسُولُ الله صَلّى اللهً عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّم: «لَمَّا اسْرِيَ بِي في لَيلَةِ المِعْرَاج فَاجتَمَعَ عَلِي الأنْبِيَاءُ في السَّماءِ فَأوْحَى اللهُ تعالى إلى: سَلْهُمْ يَا مُحَمَّدُ؛ بِمَا ذَا بُعِثْتُمْ، فَقَالُوا: بُعِثْنَا عَلَي شَهَادَةِ أن لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ وعَلي الإقْرَارِ بِنُبوّتِكَ والْوَلَايةِ لِعَلِّي بنِ أبي طَالِبٍ». (رواه الحافظ أبو نعيم).
[17] الآية 132، من السورة 2: البقرة.
[18] البغوي من مشاهير علماء العامّة. كنيته أبو القاسم واسمه عبد الله. له كتاب «معجم الصحابة» توفّي سنة 317 ه.
[19] جاء هذا الحديث في كتاب «علي والوصيّة»، ص 26 و27.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة