البهرجة والاسراف
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 34 ــ 36
2025-11-08
20
ان البهرجة والاسراف - في نظر الباري تعالى - من الاعمال الشيطانية والأمور المرفوضة، ومن الممارسات التي تتماشى مع الاهواء النفسية والشهوات الحيوانية.
ما المانع في أن يلتزم المرء بالحدود الالهية لا سيما القناعة في جميع مرافق الحياة؟ فالقناعة مصدر الراحة، والدافع نحو الانعتاق، والعلاج الناجع للاضطراب والقلق النفسي.
ان حاجة البدن تسد ببيت مناسب لشأن الفرد، مركب بسيط وملبس ومأكل على قدر الحاجة.
ينبغي تجنب تقليد الآخرين في بناء الحياة، والاكتفاء بما هو متيسر من المصروفات، والابتعاد عن الاسراف واقتناء ما يعد بهرجة واسرافاً.
عينا ان لا نقتدي بالغرب في الزي ونمط الحياة فأنهم قد وقعوا بالكثير من الاخطاء، ولا يؤدي التطور الصناعي والفني الذي بلغوه إلى أن نتصور صواب وصحة كل ما يقولونه ويكتبونه وان ما هم عليه من اناقة، واسلوب في المعيشة مطابق للواقع.
ما يحظى بالاهتمام في الاسلام هو سلامة الروح والبدن والمدينة والمحلة. والذي تعنى به الثقافة الاسلامية من الأمور المادية والمعنوية، والأخلاقية، والايمانية للفرد والمجتمع هو ما يصب في مصلحة الانسان في الدنيا والآخرة والاسراف والبهرجة والانهماك بالمصاريف المرهقة وتجميل ظواهر الحياة بعيداً عن القناعة والاقتصاد - حتى في بناء المساجد التي هي مراكز العبادة بالنسبة للمسلمين - من الأمور التي يذمها هذا الدين وهذه المدرسة التي تبني الانسان.
يجب ان تكون المساجد والبيوت زاخرة من الداخل بالروح المعنوية وبأعلى درجاتها، وفي ظاهرها يجب ان تتصف بالبساطة والوداعة كي لا تبتلي القلوب بالوسوسة والتجبر ولا تبتعد النفوس عن ساحة الحق تعالى.
البسوا ما بسط من الملابس، التزموا آداب اللباس، وكلوا ما يسد رمقكم من الطعام وتمثلوا آداب الطعام، واقتنوا ما يناسبكم من السيارات ولكن عليكم عدم الغفلة عن آداب السياقة، واستحصلوا الدار الضرورية لحياتكم على ان لا تصبحوا أسرى لهذه الدار، كل ذلك من ثمار التقوى والزهد والتوجه إلى الله تعالى.
ان حياة اليهود والنصارى هي التي يطغى عليها الاسراف، في اقتنائهم الدار والاثاث وواسطة النقل والملابس والطعام، فكنائسهم ومعابدهم تغص بالذهب والزخارف والتماثيل والجواهر الاثرية واللوحات النفسية التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات.
وحياة الحاخامات والقساوسة بل وحتى البابا تضج بالإسراف والتبذير إلى حد يبعث الدهشة والتعجب، فلو بيع التاج الخاص بالبابا وملابسه لامكن انقاذ الملايين من الجياع.
ان اكتناز الثروة وأكل الربا وممارسة السرقة في وضح النهار وغيرها من الفضائح هي اعمال اعداء الله، أما أحباء الله فيتعين عليهم الالتزام بما اراده هو وصيانة أنفسهم من الوقوع بين فكي الاسراف والتبذير.
والتقوى هي السبب في الحصول كل المحاسن وهي التي تحفظها، فالبيت العامر بالتقوى، والازواج الذين يتحلون بالتقوى انما يتوفرون على كنز ألهي وثروة ملكوتية، وذلك تغدو حياتهم ترفرف عليهم السعادة والصفاء والمحبة وراحة البال والأمن والسلامة والانصاف والكرامة والشرف.
ينبغي أن يتمتع المسجد والبيت بوضع بحيث يشعر فيهما الانسان بالأمن والاطمئنان ويتخذ منهما منطلقا للعروج نحو محبوبه.
وباختصار، يمكن تشييد بناء الزوجية عن طريق التزام التقوى والقناعة والتوجه نحو الله تعالى والاستعداد ليوم الدين، بنحو يكون البناء وسيلة لبلوغ السعادة الاخروية ونيل رضى الحق تعالى.
وفي عصرنا الراهن أيضاً يمكن العيش بالقليل من الدخل بشرط التزام التقوى والقناعة، وإذا ما عرضت مشكلة اثناء ذلك وعجز المؤمن عن مقاومتها. بما توفر لديه من دخل يتحتم على المؤمنين أن يهبوا لاعانته قبل فوات الاوان وانقاذه مما يلم به ضيق ومحن.
الاكثر قراءة في مشاكل و حلول
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة