آثار اختلاط الكسب الحلال بالحرام
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص509ــ512
2025-10-28
32
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلالاً مُكَاثراً مُفَاخِرَا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ...(1).
أمثلة على المكاسب المحرمة
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي هَذِهِ الْمَكَاسِبُ الحَرَامُ... وَالرَّبَا(2)؛ وقال (صلى الله عليه وآله):... وَشَرُّ الْكَسْبِ كَسْبُ الرِّبَا...(3)؛ وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: سِتُّ خِصَالٍ مِنَ السُّحْتِ رِشْوَةُ الإِمَامِ وَهِيَ أَخْبَثُ ذلِكَ كُلِّهِ...(4).
وقال الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) مِنَ السُّحْتِ ثَمَنُ المَيْتَةِ وَثَمَنُ الْكَلْبِ وَمَهْرُ الْبَغِيِّ وَالرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ وَأَجْرُ الْكَاهِنِ(5).
وعن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): المغنية مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَنْ أَكَلَ كَسْبَهَا(6).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَلَا يَحْمِلْ أَحَدَكُمْ اسْتِبْطَاءُ شَيْءٍ مِنَ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِغَيْرِ حِلَّهِ فَإِنَّهُ لَا يُدْرَكُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ(7).
ملاحظة: ربما يتبادر إلى الذهن هنا هذا السؤال إذا كان ثمة مهنة حصرية (مثل الطبابة) يتوقف استمرار حياة الناس عليها، مما يوجب على صاحب تلك المهنة أن يقوم بمسؤوليته إزاء أولئك الناس، فهل يحرم عليه في هذه الحالة استيفاء الأجر مقابل مزاولته مهنته؟ الجواب على ذلك: إن الوجوب الكفائي أو العيني لبعض شؤون المجتمع التي يتوقف عليهـا نـظـمـه واستمراريته لا يعنـي مجانية تلك المهنة، ومن حيث أن عمل المسلم ذو حرمة واعتبار، فبمقدوره أن يستوفي أجراً في مقابل تقديمه لتلك الخدمة، إذن، فحتى لو لم يتوفّر المكان سوى على طبيب واحد، بحيث كانت ممارسته لمهنته واجباً عينياً، فبمقدوره أن يستوفي أجراً لقاء خدماته.
بعض المداخيل المذمومة
قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): لا يَصْلُحُ شِرَاءُ السَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ إِذَا
عُرِفَتْ(8).
وعن الإمام الكاظم (سلام الله عليه) : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! عَلَّمْتُ ابْنِي هَذَا الْكِتَابَ فَفِي أَيِّ شَيْءٍ أَسَلَّمُهُ؟ فَقَالَ: أَسْلِمْهُ للَّه أَبُوكَ وَلَا تُسَلَّمَهُ في خمسٍ: لا تُسَلّمْهُ سَيَّاءً وَلا صَائِغاً وَلا قَصَّاباً وَلَا حَنْاطاً وَلَا نَخاساً(9).
ملاحظة: أولاً، النهي الوارد في مثل هذه الحالات تنزيهي(10) ويفيد الكراهة لا التحريم.
ثانياً، النهي عن بيع الكفن هو في حال كان صاحب المهنة يبيع الكفـن حصراً، لا أن تكون إحدى السلع التي يبيعها.
ثالثاً، ظاهر الدليل في النهي عن مثل هذه المهن هو أن بائعي هذه السلع يتوقعون غلاءها بما يدرّ عليهم نفعاً، في الوقت الذي يشكل بعضها القـوت اليومي للناس، بينما يصعب في البعض الآخر الالتزام بالآداب الشرعية في البيع والشراء وذلك لدقتها أو لكونها مدعاة للبذخ المفرط.
آثار المداخيل الفاسدة
انحسار الرزق الحلال: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): الرِّزْقُ مَقْسُومٌ... فَإِنْ طَلَبَهُ مِنْ جِهَةِ الْحَرَامِ فَوَجَدَهُ حُسِبَ عَلَيْهِ بِرِزْقِهِ وَحُوسِبَ بِهِ(11).
القحط والنقص: وقال رسول الله (سلام الله عليه):... وَإِذَا طَفَّفَ المكيال والميزان
أَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِينَ وَالنَّقْصِ(12).
عدم قبول العبادات: وعن الإمام محمد الباقر (سلام الله عليه): مَنْ أَصَابَ مَالاً مِنْ غُلُولٍ أَوْ رِبًا أَوْ خِيَانَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِي زَكَاةٍ وَلَا فِي صَدَقَةٍ وَلَا فِي حَجٌ وَلَا
فِي عُمْرَةٍ(13).
الطرد من رحمة الله: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): المُغَنِّيَّةُ مَلْعُونَةٌ مَلْعُونَ مَنْ أَكَلَ كَسْبَهَا(14). وفي رواية أخرى قال (سلام الله عليه): المُغَنِّيَّةُ الَّتِي تَزُفُ الْعَرَائِسَ [في مكان خاص بالنساء ولا يسمع الرجال صوتها] لا بَأْسَ بِكَسْبِهَا(15)؛ طبعاً إذا لم تترتب على ذلك أي مفسدة.
دخول جهنم: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ أَيْنَ يَكتَسِبُ المالَ لَمْ يُبَالِ الله عزّ وجلَ مِنْ أَيْنَ أَدْخَلَهُ النَّارَ(16).
________________________
(1) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، ج 1، ص 153؛ بحار الأنوار، ج 70، ص28.
(2) الكافي، ج 5، ص 124.
(3) الكافي، ج 8، ص82.
(4) الجامع الصغير، ج 2، ص 45.
(5) تفسير القمي، ج 1، ص 170.
(6) الكافي، ج 5، ص 120.
(7) الكافي، ج 2، ص 74.
(8) الكافي، ج 5، ص 228.
(9) الفقيه، ج 3، ص 158.
(10) تنزيه، مشتقة من مادة نزه تعني اجتناب كل مكروه والبقاء على الطهارة من كل خطأ ونقص، والمراد هنا بالكلمة الفعل المكروه لا الحرام.
(11) المقنعة، ص 586 - 587.
(12) الكافي، ج 2، ص 374.
(13) الأمالي الصدوق، ص 442.
(14) الكافي، ج 5، ص 120.
(15) الكافي، ج 5، ص 120.
(16) مكارم الأخلاق، ص 468؛ وسائل الشيعة، ج 16، ص 98.
الاكثر قراءة في مشاكل و حلول
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة