وسائل الرقابة البرلمانية
المؤلف:
صباح عبد الكاظم شبيب الساعدي
المصدر:
دور السلطات العامة في مكافحة ظاهرة الفساد الإداري في العراق
الجزء والصفحة:
ص 231-239
2025-11-05
18
يملك البرلمان وسائل عدة لمراقبة اعمال الحكومة تمكنه من الحصول على المعلومات عما داخل يجرب مؤسسات الدولة، سواء كانت وسيلة الحصول على المعلومات عن طريق الحكومة نفسها كما هو الحال في السؤال والاستجواب، أو أن يقوم البرلمان بالحصول على المعلومات بنفسه من خلال لجنة تحقيقية يشكلها لهذا الغرض، واذا كان السؤال والاستجواب والتحقيق هي الوسائل الأكثر شيوعاً لمراقبة الحكومة وتحريك المسؤولية السياسية، فأن هذه الوسائل تختلف فيما بينها في الصلاحيات التي يملكها البرلمان عند ممارسته اياها، كما تختلف في الآثار المترتبة عليها ، ونتناول هذه الوسائل في النقاط الآتية:
اولاً: السؤال : توجد عدة تعاريف للسؤال البرلماني ذكرت اغلبها على أنه استفسار من عضو البرلمان موجه الى الحكومة أو أحد أعضائها عن أمر يجهله عضو البرلمان، فقد عرف السؤال بأنه (استيضاح عن قضية معينة يوجهه أحد النواب الى الحكومة او الى أحد الوزراء) وعرفه البعض الآخر بأنه (تقصي عضو البرلمان من وزير مختص أو رئيس الحكومة عن امر معين خاص بأعمال الوزارة أو الحكومة ككل) كما عرفه آخرون بأنه ( استفسار العضو من الوزير المختص عن أمر لا يعلمه او للتحقق من حصول واقعة وصلت الى علمه او للوقوف على ما تعتزمه الحكومة في أمر ما) (1) . كما عرفه النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي لسنة 1925 بأنه طلب معلومات عامة عن مسألة ما مع مراعاة الايجاز والتصريح(2). ويلاحظ أن هذه التعريف لم تبين طبيعة هذه الحق ولم تبين كذلك بان السؤال البرلماني هو وسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية، حتى وان قصد السائل لفت نظر الحكومة او الوزير المختص الى امر من الأمور كون هذه القصد هو خاص بالعضو السائل وليست له علاقة بالغاية من هذه الوسيلة التي أوجدها المشرع الدستوري كوسيلة من وسائل الرقابة التي تملكها السلطة التشريعية تجاه السلطة التنفيذية، ويرى البعض أن السؤال البرلماني هو وسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة يكون بموجبه حق شخصي لعضو البرلمان في توجيه استفسار او استيضاح للحكومة او احد اعضائها عن امر من الأمور التي تدخل في اختصاصها او اختصاصه فاهم ما يميز السؤال البرلماني عن سواه من وسائل الرقابة البرلمانية أنه ينشأ عرقة خاصة او شخصية بين السائل والمسؤول بحيث لا يجوز لغيرهما التدخل فيها، ويترتب على هذه العلاقة الخاصة جواز تنازل العضو السائل عن سؤاله دون أن يحق لغيره من أعضاء البرلمان ان يحل محله في السؤال(3).
ويرد حق السؤال في الدستور، فقد نصت المادة / 61- سابعاً/ اً من الدستور العراقي لسنة 2005 على أن : (لعضو مجلس النواب أن يوجه الى رئيس مجلس الوزراء والوزراء أسئلة في أي موضوع يدخل في اختصاصهم، ولكل منهم الإجابة عن أسئلة الاعضاء وللسائل وحده حق التعقيب على الأسئلة)(4).
أما الفقرة / ب من نفس البند فقد أعطت الحق لخمسة وعشرين عضوا على الأقل من أعضاء المجلس طرح موضوع آخر للمناقشة لاستيضاح سياسة واداء مجلس الوزراء أو إحدى الوزرات، وبنفس المفهوم جاءت المادة /55 من النظام الداخلي للمجلس(5). ونظمت المواد من 1-3 من النظام الداخلي لمجلس النواب الإجراءات الخاصة بالسؤال، وأعطت المادة 54 الحق للعضو بسحب سؤاله في أي وقت أو في حالة زوال صفة مقدمه أو من وجه اليه، ونرى عدم جواز سحب السؤال إلا لأسباب موضوعية، لأن هذا يفتح المجال للعضو في الاستجابة للضغوط لكي يسحب سؤاله أو تكون هناك اسباب غير موضوعية، وكذلك يجب أن لا يحول زوال صفة من وجه اليه السؤال، لأن ذلك يعفيه من مسؤولية قد تترتب عليه(6).
وهناك شروط يجب توافرها في السؤال حتى يمكن قبوله وهي تختلف من نظام سياسي الى آخر غير أنه توجد شروط اخذت بها اغلب الأنظمة السياسية وتعتبر قاسماً مشتركاً في اسلوب توجيه الأسئلة البرلمانية وهي:
1. يجب أن يكون توجيه السؤال بصورة تحريرية سواء كانت الأسئلة تحريرية أو شفهية، والغاية من ذلك تنظيم طرح الاسئلة في البرلمان، وتحديد دور كل عضو في طرح سؤاله، وقد أخذ النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2006 بهذا الشرط في المادة /50
2. ان يوجه السؤال من عضو واحد فالسؤال حق شخصي لعضو البرلمان وهو ما يتوجب ان يكون السؤال صادرا من شخص واحد غير أن يجوز ان يوجه السؤال لأكثر من وزير.
3. ان يكون السؤال محددا ومقصورا على الأمور المستفسر عنها وخاليا من التعليق أو يستند الى الشائعات ومقتضى هذا الشرط هو ان يكون السؤال البرلماني مختصرا ومحددا للأمور والوقائع التي يستفسر عنها.
4. أن يكون السؤال خاليا من العبارات غير اللائقة، فالغياة من السؤال هو معرفة امور يجهلها العضو السائل ولا يجوز ان تتجاوز هذه الغاية الى التطاول على الآخرين.
5. أن يكون السؤال داخلا ضمن اختصاص الوزير الذي يوجه اليه السؤال والاجاز لرئيس المجلس رفض السؤال وقد أوجبت المادة 50 من النظام الداخلي لمجلس النواب ذلك.
6. أن لا يكون السؤال ضارا بالمصلحة العامة، ويرى البعض أن هذا الشرط خاص بالإجابة على السؤال وليس شرطا لتوجيه السؤال، فلا يقبل منع عضو البرلمان من توجيه السؤال على أساس أنه يضر بالمصلحة العامة، وان من حق العضو توجيه الاسئلة التي يراها مناسبة الى الوزير المختص واذا رأى الوزير أن من شأن الإجابة ان تلحق الضرر بالمصلحة العامة جاز له الامتناع عن الإجابة بداعي المحافظة على المصلحة العامة وليس بسبب بطلان السؤال الموجه اليه من عضو البرلمان (7) .
ويأتي حق السؤال في مجلس النواب الحالي على شكل (استضافة) الوزير المعني أو الوزراء أو رئيس الوزراء لحضور أحدى جلسات المجلس في موعد محدد، وقد مارس المجلس هذا الحق في كثير من المرات، وبقدر ما يتحقق للمجلس من فائدة جراء هذه الاستضافة، تتحقق كذلك فائدة لعامة الشعب في الاطلاع على عمل الوزرات والاستغناء عن كثير من التساؤلات التي تدور في خاطره كون هذه الممارسة تبث من وسائل الإعلام.
ثانياً: الاستجواب:- آثار تعريف الاستجواب البرلماني خلافاً واسعاً ويعود ذلك الى اختلاف الفقهاء في تحديد الغاية من الاستجواب، فذهب البعض الى ان الغاية هي تقصي الحقيقة فعرفه بأنه (اجراء من اجراءات تقصي حقيقة أو حقائق معينة تتعلق بأوضاع معينة في احد الاجهزة التنفيذية، يجري على اساس تبادل الاسئلة من مقدم الاستجواب او بعض الاعضاء يقابله اجابة الوزير او رئيس الحكومة على الاسئلة، ويستهدف تحريك المسؤولية السياسية في مواجهة الحكومة او احد الوزراء) (8) ، كما عرف بأنه (سؤال مغلظ يهدف الى كشف مدى سلامة تصرف الوزير في موضوع مساءلته)، وعرفه آخرون بأنه حق عضو البرلمان في ان يطلب من الحكومة او الوزير بيانات في سياسة الدولة او عن موضوع معين فيها، فهو مرحلة ضرورية لإمكان سحب الثقة سواء من الوزارة كلها او من وزير بعينه) (9).
في حين يرى البعض الآخر أن الغاية من الاستجواب هي نقد وتجريح الحكومة وسياستها وبالتالي فهو يهدف الى محاسبة الحكومة أو أحد أعضائها وعلى هذا الاساس فقد عرف الاستجواب بأنه (محاسبة الوزراء أو أحدهم على تصرفه في شأن من الشؤون العامة)(10).
ويرى آخرون أن الاستجواب انما يهدف الى اتهام الحكومة او احد اعضائها، فهو اتهام للمحاسبة واذا وجد ثمة استفسار فهو للاستنكار وليس للاستعلام، فقد عرف بأنه (سؤال مشوب بالاتهام يتقدم به احد اعضاء البرلمان وتعقبه مناقشة على نطاق واسع، يستهدف تقويم وردع انحراف الحكومة او احد الوزراء في ممارسة السلطة المحددة لها، حتى وان أدى ذلك الى تحريك مسؤوليها وسحب الثقة منها بل ذهب البعض الى أنه اتهام للوزير الموجه اليه) (11).
وقد نص دستور 2005 في المادة /61 - سابعاً / ج على أن العضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضواً توجيه استجواب الى رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم ولا تجري المناقشة في الاستجواب الا بعد سبعة ايام من تاريخ تقديمه الا أن م/ 56 من النظام الداخلي للمجلس قد وسعت حق السؤال ليشمل أحد نواب رئيس مجلس الوزراء(12).
ونصت المادة /61 - سادساً /أمن الدستور على حق المجلس في مساءلة رئيس الجمهورية بناءً على طلب مسبب من الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب، وتضمنت الفقرة ب من نفس البند حق مجلس النواب في إعفاء رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة للأعضاء بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا في الحالات الآتية (الحنث في اليمين الدستورية، انتهاك الدستور، الخيانة العظمى ) وبما أن مجلس الرئاسة قد حل مؤقتاً محل رئيس الجمهورية بموجب المادة /138(13) من الدستور فقد نصت المادة 57 من النظام الداخلي للمجلس على أن: لمجلس النواب مساءلة اعضاء مجلس الرئاسة بناءً على طلب مسبب وبالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه)(14). ان الاستجواب البرلماني هو اولا وقبل كل شيء وسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية لأعمال الحكومة، فهو لابد ان يتضمن تقصي حقائق اعمال الحكومة ومن ثم محاسبتها أو أحد اعضائها في حالة ثبوت تقصيرها في اداء اعمالها او انحرافها عن جادة الصواب او ما رسمهه لها المشرع من طريق لممارسة السلطات الممنوحة لها، والاستجواب ليس كالسؤال يتضمن الاستيضاح والاستفسار عن أمر يجهله السائل بل لابد ان تكون لدى العضو الذي طلب الاستجواب معلومات معينة عن واقعة محددة يطلب تفسير ص لها من الشخص المسؤول عنها (15). أما الشروط الواجب توافرها في الاستجواب لغرض قبوله فهي:
1. أن يقدم يشكل كتابي وهذا ما أجمعت عليه الأنظمة الداخلية لبرلمانات الدول التي أخذت بالاستجواب، وقد تضمن النظام الداخلي لمجلس النواب العرقي لسنة 1925 في م/115 ذلك، وكذلك النظام الداخلي للمجلس الوطني لسنة 1999 في م 128 ، وأخيراً النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2006 في 58 حيث نصت على أن (يقدم طلب الاستجواب كتابة الى رئيس المجلس..)
2. يجب أن يتضمن شرح موضوع الاستجواب بإسهاب ويوضح التهم التي ينسبها الى من وجه اليه الاستجواب.
3. يجب أن لا يكون الاستجواب مخالفا للدستور او ضارا بالمصلحة العامة أو يقصد به تحقيق مصلحة خاصة، فللنائب حق توجيه الاستجواب في جميع الموضوعات التي تدخل في عمل الحكومة، والا يكون متعلقاً بدعوى منظورة امام القضاء تطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات (16).
4. أن لا يتضمن الاستجواب عبارات غير لائقة وهو امر استقر عليه العرف البرلماني سواء كان بالنسبة للاستجواب او السؤال.
5. وقد اضاف المشرع العراقي شرطا آخر وهو وجوب تأييد عدد محدد من الاعضاء او موافقة البرلمان عليه (17)
وبعد تقديم الاستجواب وقبوله يتم تحديد موعد للمناقشة، وقد أوجبت اغلب النظم السياسية مضي مدة معينة قبل اجراء الاستجواب وهي في الغالب سبعة ايام يتم بعدها استجواب الوزير المعني، وينهى الاستجواب بأحد الأمور الثلاثة :-
1. اذا رأى البرلمان أن الحكومة قد ادت اعمالها على احسن وجه لذا يقرر المجلس تقديم الشكر لها بشكل أو بآخر.
2. وقد يرى المجلس أن الحكومة لم تخطأ أو كان خطأها يسيرا يمكن غض النظر عنه عندئذ يقرر الانتقال الى جدول الأعمال دون أن يصدر قراراً بلوم الحكومة او محاسبتها.
3. اما اذا رأى المجلس أن الحكومة أو أحد أعضائها قد قصر في أداء واجبه أو انحرف بالسلطة الممنوحة له فأنه يصدر قراراً بسحب الثقة من الحكومة أو الوزير المعني(18).
لذا نرى أن الاستجواب من أهم الوسائل الرقابية للبرلمان التي يستطيع من خلالها مكافحة الفساد، فاذا ما تم استجواب وزير معين عن قضية فساد وادين فهذا يعني قمة هرم الوزارة قد تعرض للمساءلة مما يخلق مجالا أوسع واسهل لمحاسبة المادون، وكذلك خلق قناعة لديهم بأنهم لن يفلتوا من المحاسبة ما دام الشخص الذي على رأس الوزارة قد تعرض للمساءلة، لكننا ومن خلال اطلاعنا على الموقع الإلكتروني لمجلس النواب لم نلاحظ أية حالة استجواب قام بها المجلس (19) ، ويمكن إرجاع ذلك الى المناخ السياسي الحالي الذي لا يسمح بمثل ذلك نظراً للحراك السياسي بين القوى السياسية والحالة الوحيدة حسب علمنا هي طلب رئيس لجنة النزاهة في المجلس استجواب وزير التجارة لاتهامه بالفساد، ويبدو أن النصاب لم يكتمل لغرض الاستجواب وترك الموضوع جانباً(20).
ثالثاً: التحقيق:- إن التحقيق البرلماني هو احد الوسائل الخاصة بعمل البرلمان لمراقبة اعمال الحكومة، غير أنه تفرد عن غيره من وسائل الرقابة البرلماني بخصائص وسمات تجعله يحتل مكانة متميزة في ترتيب هذه الوسائل من حيث الإمكانيات التي تملكها السلطة التشريعية عند لجوؤها الى سلوك هذا السبيل لتقصي حقيقة اعمال الحكومة لا تتوافر في غيره من وسائل الرقابة البرلمانية فضلا عن مدى اتساع الآثار المترتبة عليه (21). وقد عرف التحقيق البرلماني بأنه ( عملية من عمليات تقصي الحقائق في وضع معين في أجهزة السلطة التنفيذية تمارسه لجنة مؤلفة من عدد من أعضاء المجلس التشريعي للكشف عن مخالفة أو مخالفات سياسية بوضع اقتراحات معينة لتحريك المسؤولية السياسية، اصلاح ضرر معين تلافي أخطاء معينة، وترض أعمالها على المجلس التشريعي في صورة تقرير)(22).
كما عرف بأنه وسيلة من وسائل الرقابة التي يمارسها - البرلمان - من خلال لجنة تشكل بمعرفته خصيصا لهذا الغرض، أو عن طريق احدى لجانه الفرعية للوقوف على حقيقة امر او قضية مثارة بشأن نشاط او عمل من اعمال الحكومة مما يدخل في نطاق الاختصاص الرقابي له او لتقصي الحقيقة عن الأحوال أو الأوضاع المالية أو الإدارية أو الاقتصادية العامة بالنسبة للموضوع أو الجهة التي شكلت اللجنة من اجلها، وكذلك عن مدى الالتزام بسيادة القانون أو بالخطة أو بالموازنة العامة) (23).
من خلال التعريفات يتبين أن التحقيق البرلماني يتكون من العناصر الآتية:
1. أنه وسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية لمراقبة اعمال الحكومة وتحريك المسئولية السياسية للحكومة أو أحد اعضائها عند ثبوت مخالفات تبرر ذلك.
2. إنه يتم على مرحلتين الأولى من خلال لجنة تتألف من اعضاء البرلمان ولها صلاحيات تمكنها من اداء مهمتها الثانية بعد انجاز اللجنة لعملها ورفع تقريرها وتوصياتها يقوم البرلمان بمناقشة التقرير واتخاذ القرار المناسب.
3. ينصب على عمل من اعمال الحكومة ويجب ان يكون داخلا في نطاق صلاحيات البرلمان.
4. يقوم على منح لجنة التحقيق صلاحيات معينة تمكنها من الاطلاع على الوثائق والمستمسكات التي تتعلق بموضوع التحقيق والاستماع الى اقوال ذوي العلاقة (24).
فقد نصت المادة /82 من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2006 على حق المجلس في تشكيل لجان تحقيق بحسب مقتضيات العمل والموضوعات المعروضة عليه. واشترطت المادة 83 موافقة أغلبية عدد الحاضرين في المجلس بناءً على اقتراح من هيئة الرئاسة أو من خمسين عضواً من الأعضاء.
أما المادة 84 فقد منحت لجنة التحقيق صلاحية تقصي الحقائق فيما هو معروض عليها من قضايا ويحق للجنة دعوة أي شخص لسماع أقواله على وفق الطرق الأصولية ولها حق الاطلاع على كل ما له علاقة بالقضية المعروضة عليها من دون المساس بالقضايا المعروضة على القضاء ولها الاستعانة بالخبراء. ومعنى هذا أن لجنة التحقيق لها الحق بدعوة أعضاء مجلس الرئاسة ورئيس الوزراء والوزراء ومن هم دونهم و أعضاء مجلس النواب لسماع أقوالهم لأن عبارة (شخص) جاءت مطلقة والمطلق يجري على إطلاقه كما النظام الداخلي قد اشار الى ذلك (25)، وعند انتهاء التحقيق ترفع اللجنة تقريرها وتوصياتها الى هيئة رئاسة المجلس لعرضها على المجلس لاتخاذ القرار المناسب بشأنها(26). والتحقيق البرلماني أنواع فهناك التحقيق الانتخابي للتأكد من صحة عضوية أحد الأعضاء أو أكثر، وبهذا يكون دور البرلمان في الكشف عن حالات التلاعب والتزوير وهي من صور الفساد الإداري، والتحقيق التشريعي المتعلق بموضوع مشروع قانون معين معروض امام البرلمان لمعرفة تطابق هذا المشروع مع الحاجة الفعلية والواقع المراد تنظيمه، وهنا يكون دور البرلمان في التأكد من أن هذا القانون يحقق المصلحة العامة، ولا يسمح لخلق حالات فساد أو استغلال او مصالح خاصة.
اما النوع الثالث فهو التحقيق السياسي لمراجعة سياسة الحكومة في المجالات كافة لمعرفة مدى التزام الحكومة بالقوانين وسير العمل في مؤسسات الدولة ، فهذا النوع من التحقيق يهدف الى كشف أوجه القصور والخلل الذي يعتري عمل الحكومة سواء كان هذا القصور او الخلل ماديا او اداريا او سياسيا، ويتم التحقيق السياسي من قبل لجنة خاصة تكلف بإنجاز العمل وتنتهي بانتهاء المهمة على عكس التحقيق التشريعي الذي يتم من قبل لجان البرلمان(27).
وبذلك نرى أن التحقيق البرلماني من أهم وسائل الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة، فهو يساهم في الكشف عن حالات الخلل او التقصير الذي يعتبر في كثير من الاحيان فسادا اداريا اذا ما توافرت فيه خصائص الفساد الإداري .... .
رابعاً: طرح الثقة بالحكومة: وهي إحدى الحقوق التي يملكها مجلس النواب في مواجهة السلطة التنفيذية حيث يشترط لبقاء الحكومة واستمرارها حيازتها لثقة المجلس وعليه فان مجلس النواب متى يشاء يحجب الثقة عن الوزارة أو أحد الوزراء التي عليها أن تقدم استقالتها ويكون طرح الثقة في حالتين:
الأولى: عند طرح رئيس مجلس الوزراء المكلف اسماء أعضاء الوزارة والمنهاج الوزاري على مجلس النواب الذي يمنحها الثقة، فقد نصت المادة /76 - رابعاً من دستور 2005 على أن :- (يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف اسماء اعضاء وزارته والمنهاج الوزاري على مجلس النواب ويعد حائزاً ثقتها عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري بالأغلبية المطلقة)(27).
الثانية عند طلب سحب الثقة من رئيس الوزراء أو الوزير، ففيما يخص أحد الوزراء فقد نصت المادة/61 - ثامنان - أ من الدستور على أن المجلس النواب أن يسحب الثقة من أحد الوزراء بالأغلبية المطلقة ويعد مستقيلاً من تاريخ سحب الثقة، ولا يجوز طرح موضوع الثقة بالوزير إلا بناءً على رغبته، أو طلب موقع من خمسين عضواً أثر مناقشة استجواب موجه اليه....)(28). اما فيما يخص رئيس مجلس الوزراء فلرئيس الجمهورية تقديم طلب الى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو لمجلس النواب بناءً على طلب خمس أعضائه ولا يجوز أن يقدم هذا الطلب الا بعد استجواب موجه الى رئيس مجلس الوزراء وبعد سبعة ايام في الأقل من تقديم هذا الطلب(29). ويقرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه (30)، وتعد الوزارة مستقيلة في حالة سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء(31).
ولم يمارس مجلس النواب طرح الثقة بأحد الوزراء أو رئيس مجلس الوزراء خلال العامين الماضيين رغم الصراع بين القوى السياسية او الكتل البرلمانية الذي كاد أن يؤدي في وقت ما الى طرح الثقة بالحكومة الحالية ( حكومة السيد نوري المالكي)(32).
______________
1. للمزيد، أنظر رياض محسن مجول التحقيق البرلماني في الانظمة السياسية البريطاني والأمريكي والمصري والعراقي دراسة مقارنة رسالة دكتوراه كلية القانون جامعة بغداد، 2006، ص 17
2- المادة/105.
3- رياض محسن مجول التحقيق البرلماني في الانظمة السياسية البريطاني والأمريكي والمصري والعراقي دراسة مقارنة رسالة دكتوراه كلية القانون جامعة بغداد، 2006، ، ص 18
4- أما المادة /50 من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2006 فقد وسعت حق السؤال ليشمل أعضاء مجلس الرئاسة وغيرهم اذ نصت على ما يأتي: (لكل عضو أن يوجه إلى أعضاء مجلس الرئاسة أو رئيس مجلس الوزراء أو نوابه أو الوزراء أو رؤساء الهيئات المستقلة ورؤساء الدوائر غير المرتبطة بوزارة أو غيرهم من أعضاء الحكومة أسئلة خطية مع إعلام هيئة الرئاسة في شأن من الشؤون التي تدخل في اختصاصهم، وذلك للاستفهام عن أمر لا يعلمه العضو، أو للتحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه، أو للوقوف على ما تعتزمه الحكومة في أمر من الأمور).
5- فقد نصت هذه المادة على أن (يجوز لخمسة وعشرين عضواً من اعضاء مجلس النواب طرح موضوع عام للمناقشة الاستيضاح سياسة وأداء مجلس الوزراء أو احدى الوزارات ويقدم الى رئيس مجلس النواب ويحدد رئيس مجلس الوزراء موعداً للحضور مع تحديد سقف زمني امام مجلس النواب لمناقشته).
6- انظر على سبيل المثال المادة 22 من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 التي نصت على أن: (لا يمنع انتهاء خدمة الموظف لأي سبب كان أو إعارته أو نقله من مساءلته وفقا لأحكام القانون) .
7- أنظر: رياض محسن مجول التحقيق البرلماني في الانظمة السياسية البريطاني والأمريكي والمصري والعراقي دراسة مقارنة رسالة دكتوراه كلية القانون جامعة بغداد، 2006، ، ص 19 وما بعدها.
8- أيهاب زكي سلام الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، 1980، ص 86
9- أنظر رياض محسن مجول التحقيق البرلماني في الانظمة السياسية البريطاني والأمريكي والمصري والعراقي دراسة مقارنة رسالة دكتوراه كلية القانون جامعة بغداد، 2006، ص 24 وما بعدها.
10- انظر : Robert Williams ,op,cit,p12 5
11- رياض محسن مجول التحقيق البرلماني في الانظمة السياسية البريطاني والأمريكي والمصري والعراقي دراسة مقارنة رسالة دكتوراه كلية القانون جامعة بغداد، 2006، ص 24.
12- فقد نصت هذه المادة على أن العضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضواً توجيه استجواب الى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه او الوزراء لتقييم أدائهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم، ولا تجري المناقشة في الاستجواب الا بعد سبعة ايام في الأقل من تقديمه.
13- نصت هذه المادة على أن أولاً. يحل تعبير (مجلس الرئاسة ) محل تعبير ( رئيس الجمهورية) اينما ورد في هذا الدستور، ويعاد العمل بالأحكام الخاصة برئيس الجمهورية، بعد دورة واحدة لاحقة لنفاذ هذا الدستور.
14- ووضحت المواد من 58 61 الإجراءات المتعلقة بالاستجواب.
15-أنظر رياض محسن مجول التحقيق البرلماني في الانظمة السياسية البريطاني والأمريكي والمصري والعراقي دراسة مقارنة رسالة دكتوراه كلية القانون جامعة بغداد، 2006، ، ص 25
16- أنظر م 58 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
17- أنظر م/ 61/سابعا / ج من دستور 2005 و م 58 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
18- للمزيد أنظر: رياض محسن مجول التحقيق البرلماني في الانظمة السياسية البريطاني والأمريكي والمصري والعراقي دراسة مقارنة رسالة دكتوراه كلية القانون جامعة بغداد، 2006، ص 27 وما بعدها.
19- ذكر أحد النواب بأن المجلس حاول استجواب بعض الوزراء لكنه لم ينجح, ودعا الى انتخابات مبكرة لإفراز قوى سياسية جديدة, قناة البغدادية 2008/1/6 الساعة الثامنة مساءً.
20- إلا أن رئيس لجنة النزاهة في المجلس أعلن يوم 2008/7/18 من قناة الحرة الفضائية بأن وزير التجارة قد خالف الدستور لأن الموافقة على استجوابه قد حصلت ولم يحضر بعد مضي الاسبوع المحدد في الدستور.
21- رياض محسن مجول التحقيق البرلماني في الانظمة السياسية البريطاني والأمريكي والمصري والعراقي دراسة مقارنة رسالة دكتوراه كلية القانون جامعة بغداد، 2006، ص 5.
22- د. أيهاب زكي سلام الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، 1980 ص 120.
23- للمزيد من التعريف، أنظر رياض محسن ،مجول، مصدر سابق، ص 6 وما بعدها.
24- أنظر: رياض محسن ،مجول، مصدر سابق، ص 7 وما بعدها.
25- أنظر المادة /32 من النظام الداخلي التي نصت على: يتولى مجلس النواب اعمال الرقابة على السلطة التنفيذية, وتتضمن الرقابة الصلاحيات الآتية: أولاً : مساءلة اعضاء مجلس الرئاسة ومساءلة واستجواب أعضاء مجلس الوزراء بمن فيهم رئيس الوزراء واي مسؤول آخر في السلطة التنفيذية . ثانياً : اجراء التحقيق مع اي من المسؤولين المشار اليهم في اعلاه بشأن اية واقعة يرى المجلس ان لها علاقة بالمصلحة العامة او حقوق المواطنين.
26- المادة /85 من النظام الداخلي لمجلس النواب 3 أنظر: رياض محسن مجول، مصدر سابق، ص 9 وما بعدها.
27- أنظر أيضاً. المادة 49 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
28- أنظر ايضاً المادة 63 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
29- المادة /61. ثامناً البنود أ و ب 1 من الدستور
30- المادة /61. ثامناً. ب. 3 من الدستور المادة 64 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
31- المادة /61. ثامناً. ج من الدستور والمادة 65 من النظام الداخلي لمجلس النواب .
32- أنظر موقع المجلس: http://www.parliament.iq
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة