الرقابة على ديوان الرقابة المالية
المؤلف:
صباح عبد الكاظم شبيب الساعدي
المصدر:
دور السلطات العامة في مكافحة ظاهرة الفساد الإداري في العراق
الجزء والصفحة:
ص 242-244
2025-11-05
20
نبذة تاريخية: إن العراق أول دولة عربية تم فيها تأسيس جهاز مختص بالرقابة المالية، فبعد تشكيل الحكم الوطني شكلت دائرة باسم (دائرة مفتش الحسابات العمومية )التابعة الى (دائرة المحاسبات العمومية)، وأخرى تدعى دائرة مدير مراقبة الحسابات العام تأخذ على عاتقها مهام الرقابة اللاحقة لحسابات الدولة، استنادا الى المادة 104 من القانون الاساسي العراقي التي نصت على أن ( يجب ان يسن قانون ينص على تأسيس دائرة تدقيق جميع المصروفات وترفع بيانا الى مجلس الامة مرة على الأقل كل سنة عما اذا كانت تلك المصروفات طبق المخصصات التي صدقها المجلس.....) (1) .
وقد تم دمج الدائرتين اعلاه في دائرة واحدة سميت (دائرة المراقب والمفتش العام ) وبقرار من وزير المالية آنذاك وبناءً على اقتراح (ج. بارلبي) تولى مهام تلك الدائرة من سنة 1924 لغاية 1927. وقد شرع في هذه الفترة قانون دائرة تدقيق الحسابات العامة رقم 17 لسنة 1927 الذي تم بموجبه تأسيس جهاز مستقل اطلق علية (دیوان مراقب الحسابات العام) وقد ترأس المستر (بارلبي) هذا الجهاز بصفة المراقب العام للحسابات، واجرى تعديلان على هذا القانون الذي بقي نافذا لغاية 1968 بالقانونين رقم 45 لسنة 1925 ، و 15 لسنة 1951 الذي تضمن أحكاماً وسعت واجبات ديوان مراقب الحسابات العام ورفع مستوى العمل الرقابي فيه. ويشير الباحثون أنه برغم نقاط الضعف والخلل في الرقابة التي تميزت بها الحقبة الماضية والممتدة لغاية 1968 فأنه يمكن القول بأن ما جاء في قانون رقم 17 لسنة 1927 يعد خطوة متقدمة جداً في تاريخ العراق كان لها الأثر البالغ في اعادة بناء الرقابة المالية المستقلة والحديثة على النحو القائم الذي يوازي في اتجاهاته احدث ما هو معتمد في دول العالم المتقدمة ومساير لما جاءت به المنظمات المهنية العالمية (2). وفي وائل عام 1968 قدم الدكتور عبد الله النقشبندي لائحة قانونية لإصلاح (ديوان مراقب الحسابات العام) بصفته رئيساً للديوان، حيث أخذت هذه اللائحة طريقها للتشريع وصدرت باسم قانون ديوان الرقابة المالية رقم 42 لسنة 1968 استناداً الى المادة 77 من دستور 1964(3) ، كما تضمن دستور 1970 الملغى في المادة /46 نصاً عن الرقابة المالية (4) ان اهم ما جاء في قانون رقم 42 لسنة 1968 هو:
1- م/2 التي نصت على أن تؤسس سلطة للرقابة العامة تدعى ديوان الرقابة المالية وتنوب عن السلطة التشريعية في الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية وفق الاختصاصات والصلاحيات التي تتناولها هذه النصوص في لفظها او فحواها ...) وهذه السلطة لها اهميتها كونها تتصرف باسم السلطة التشريعية التي تعتبر أعلى سلطة في شمول الرقابة وزارات الدولة والدوائر غير المرتبطة بوزارة كافة وتعطي للديوان سلطة مستمدة من السلطة التشريعية.
2- شمول رقابة الديوان الوزارات كافة ورئاسة ديوان الرئاسة وكل دائرة عامة وذلك بموجب م/ 12.
3- منح الديوان اختصاصات قضائية واسعه الى جانب حقه في الاعتراض على التشريعات نفسها وطلب تعديلات وهذا ما يدعم مركز الديوان ويعزز استقلاله، الا ان الشيء الذي يعاب على القانون المذكور هو تعيين رئيس الديوان حيث اشارت المادة 41 الى تعيينه بمرسوم جمهوري بناءً على اقتراح رئيس الوزراء وموافقة مجلس الوزراء، اما اعضاء المجلس فالمادة 5 اشارت بأن يتم الترشيح من رئيس الديوان وموافقة رئيس ومجلس الوزراء. حيث يعد ذلك غير منسجم مع استقلال الديوان وحياده، فالسلطة التنفيذية هي التي تعين من يتولى رقابة اعمالها مما لا يعطي لجهاز الرقابة موقعا مستقلاً في اداء عملة والمفروض ان يتم اعطاء تلك الصلاحية للسلطة التشريعية فقط ولا يكون للسلطة التنفيذية دور في ذلك المجال (5).
بقي قانون 42 لسنة 1968 نافذاً لغاية صدور قانون ديوان الرقابة المالية رقم 194 لسنة 1980، واهم ما تميز به ربطه الديوان بالسلطة التشريعية (مجلس قيادة الثورة المنحل) وادى ذلك الى تعزيز استقلاليته ولكن في الوقت نفسة يعتبر مجلس قيادة الثورة سلطة تنفيذية بالإضافة الى مجلس الوزراء.
وكذلك ما نصت عليه م/2 من القانون التي اعطت بعداً متميزاً لفاعليه الديوان من خلال تحديد أهدافه وهي:-
أ. تقويم الخطط المالية والاقتصادية والسياسات المرسومة لتحقيق الاهداف المركزية والالتزام بها .
ب- التحقق من تطبيق القوانين والانظمة والتعليمات المتعلقة بالأمور المالية والاقتصادية
ج- ابداء الراي بنتائج الاعمال والأوضاع المالية للجهات الخاضعة للرقابة.
د- تقويم كفاءة الاداء للأعمال والمشاريع للتحقق من مدى فاعلية الاجراءات والاستخدام الامثل للموارد الاقتصادية.
هـ- تقديم العون الفني في المجالات المحاسبية والادارية والتنظيمية ذات العلاقة بالنشاط الاقتصادي والمالي(6). بقي قانون رقم 194 لسنة 1980 نافذاً الى أن ألغي بصدور قانون رقم 6 لسنة 1990 الذي جاء بمواد حدت وقلصت من استقلالية الديوان وفاعليته وهذا ما جاء في المادة 8/ منه التي اعطت الحق لرئيس مجلس قيادة الثورة (المنحل) ان يستثني من حق الاطلاع على الوثائق والمعاملات ذات العلاقة بمهام الرقابة المالية سواء كانت عادية ام سرية كل ما يتعلق بالأمن والدفاع الوطني، كذلك كل القضايا أو بعضها او الوثائق السرية المتعلقة برئاسة ديوان الرئاسة ودوائر وزارة الدفاع او اية وزارة او دائرة اخرى، وهذا ما يحد ويقلل من استقلال عمل الديوان. ونتيجة التطورات السياسية التي حدثت بعد 2003/4/9 فقد اجريت عدة تعديلات على قانون الديوان الأخير بموجب امر سلطة الائتلاف (المنحلة) رقم 77 لسنة 2004 حيث تم تعليق وتعديل عدد من المواد وأضافه اخرى(7).
وبعد صدور دستور 2005 ارتبط الديوان بمجلس النواب بموجب المادة 101/ ثانياً (8) . وبذلك يكون لمجلس النواب سلطة الرقابة على الديوان من خلال مناقشة الحساب الختامي للموازنة العامة الذي يعده الديوان بعد انتهاء السنة المالية، أو فيما اذا خالف القوانين أو الانظمة أو التعليمات فيما يتعلق باختصاصه.
_________
1- انظر: أصف محسن يونس، دور الرقابة المالية في تعزيز استخدام الموارد البشرية في القطاع الحكومي، رسالة دكتوراة، المعهد العالي للدراسات المحاسبية والمالية / جامعة بغداد، 2007، ص 26
2- أصف محسن يونس ، المصدر السابق، ص 27.
3- نصت هذه المادة على أن (تؤسس في الجمهورية العراقية سلطة للأشراف والرقابة المالية العامة وتنظم اصول تأليفها ونهوضها بأعمال الرقابة المالية والاشراف بقانون).
4- نصت هذه المادة على أن ( تؤسس سلطة للرقابة المالية العليا تتبع مجلس قيادة الثورة وينظم ديوانها واصول ادائها بقانون).
5- أصف محسن يونس، مصدر سابق، ص29.
6- أصف محسن يونس، مصدر سابق، ص30
7- للمزيد من التفصيل أنظر موقع الديوان /http://www.bsairaq.net/pages
8- نصت هذه المادة على أن يكون البنك المركزي العراقي مسؤولا أمام مجلس النواب، ويرتبط ديوان الرقابة المالية وهيئة الإعلام والاتصالات بمجلس النواب.
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة