السكن ووسائل العيش
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص165ــ168
2025-11-03
35
الماء والطعام والملبس والمسكن من أكثر الاحتياجات الإنسانية بداهة لديمومة الحياة. وكلمة المسكن المشتقة من ((سكن)) تعني السكون والهدوء والنجاة من الاضطراب، والمسكن المجهز بوسائل الراحة هو عنصر استقرار حياة الإنسان(1). ورد في آيات القرآن الكريم وروايات أهل البيت (سلام الله عليهم) منافع المسكن وخصوصياته ودوره في الحياة، كما نهت عن النفقات غير الضرورية في المسكن. حيث سنعرض جانب من الروايات ذات الصلة بالموضوع:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مِنْ سَعَادَةِ المرءِ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَالْمُسْكَنُ الْوَاسِعُ وَالْمَرْكَبُ الْبَهِيُّ وَالْوَلَدُ الصَّالِح(2)؛ وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: مَنْ بَنَى مَنْزِلاً فَلْيَذْبَحْ كَبْشاً وَلْيُطْعِمْ لَحَمَهُ المَسَاكِينَ(3).
وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: خَيْرُ بُيُوتِكُمْ بَيْتُ فِيهِ يَتِيمَ يُحْسَنُ إِلَيْهِ وَشَرُّ بُيُوتِكُمْ بَيْتٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ(4).
كما قال (صلى الله عليه وآله): إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدِ هَوَانًا أَنْفَقَ مَالَهُ فِي الْبُنْيَانِ ....(5).
ملاحظة: يشير مضمون هذا القبيل من الروايات إلى أن حاجة بني آدم للسكن هي تأمين الراحة والاستقرار في حياته، لتوظيفهما في طريق السعادة والكمال. ويتيسّر تحقيق هذا الهدف من خلال توفر الإمكانات اللازمة والسائدة في كل عصر وبيئة. وإذا لم يجد الإنسان القناعة حتى بعد بلوغه هذه الظروف الميسرة، وسعى بشكل دائم إلى إحداث تغييرات وتحولات على تصميم البناء وشكله، وصار ينفق ماله على تغييره وتحديثه بما لا طائل من ورائه بدلاً مـن إنفاقه في أمور أكثر ضرورة وإلزاماً، فقد أتلف ماله، وعاقبة ذلك، بلا شك، هــو الخيبة والذلة.
خصوصيات المسكن والمركب
الحي السكني والجيران الطيبون: قال أمير المؤمنين (سلام الله عليه): إِنَّ لِلدَّارِ شَرَفاً وَشَرَفُهَا السَّاحَةُ الْوَاسِعَةُ وَالْخَلَطَاءُ الصَّالِحُونَ وَإِنَّ لَهَا بَرَكَةً وَبَرَكَتُهَا جَوْدَةُ مَوْضِعِهَا وَسَعَةُ سَاحَتِهَا وَحُسْنُ جِوَارِ جِيرَانِهَا(6).
البناء المستحكم: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ(7).
وقال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): قال النبي بعد دفنه سعد بن معاذ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَبْلَى... وَلَكِنَّ اللهَ يُحِبُّ عَبْداً إِذَا عَمِلَ عَمَلاً أَحْكَمَهُ(8).
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثةٌ لا يُحِبُّهُمْ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ: رَجُل نَزَلَ بَيْتاً
خَرِباً ...(9).
السقف المناسب: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): ابْنِ بَيْتَكَ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ،
فَمَا كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ سَكَنَهُ الشَّيَاطِينُ ...(10).
السعة والنظافة: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ حُسْنُ مَجْلِسِهِ وَسَعَةُ فِنَائِهِ وَنَظَافَةُ مُتَوَضَّاهُ(11). وقال (سلام الله عليه) أيضاً: النَّجَاةُ فِي ثَلاث:... يَسَعُكَ بَيْتُكَ...(12)؛ وكذلك قال (سلام الله عليه):... الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ:... وَأَمَّا الدَّارُ فَضِيقُ ساحتِهَا وَشَرُّ جِيرَانَهَا وَكَثْرَةُ عُيُوبِهَا(13).
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثَلَاثٌ مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَ لَا نَعِيمَ لَهَا: مَرْكَبٌ وطيءٌ والمرأةُ الصَّالِحَةُ وَالمنزِلُ الْوَاسِعُ(14).
الاستفادة الصحيحة: جاء في الحديث الشريف: مَنْ أَكَلَ مَا يَشْتَهِي وَلَبِسَ مَا يَشْتَهِي وَرَكِبَ مَا يَشْتَهِي لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَنْزِعَ أَوْ يَتْرُكَ(15).
وقال الإمام موسى الكاظم (سلام الله عليه): حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعْصَى فِي دَارٍ إِلَّا أضْحَاهَا لِلشَّمْسِ حَتَّى تُطَهِّرَهَا(16).
مراعاة عنصر الزمان في اختيار السكن: إِنَّ أَبَا الْحَسَنِ (سلام الله عليه) اشْتَرَى دَاراً وَأَمَرَ مَوْلًى لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَيْهَا وَقَالَ: إِنَّ مَنْزِلَكَ ضَيِّقٌ فَقَالَ: قَدْ أَحْدَثَ هَذِهِ الدَّارَ أبِي، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (سلام الله عليه): إِنْ كَانَ أَبُوكَ أَحْمَقَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِثْلَهُ(17).
_____________________________
(1) ادب فنای مقربان، ج 2، ص 149؛ تسنیم، ج 3، ص 333؛ توحید در قرآن، ص 122.
(2) مكارم الأخلاق، ص 125.
(3) مكارم الأخلاق، ص127.
(4) مستدرك الوسائل، ج 2، ص 474.
(5) الجامع الصغير، ج 1، ص 64.
(6) مكارم الأخلاق، ص 125 - 126.
(7) الجامع الصغير، ج 1، ص 284.
(8) الأمالي الصدوق، ص 385؛ وسائل الشيعة، ج 3، ص230.
(9) الجامع الصغير، ج 1، ص 545.
(10) الكافي، ج 6، ص 529.
(11) مكارم الأخلاق، ص 126.
(12) تحف العقول، ص 317.
(13) معاني الأخبار، ص 152.
(14) الجامع الصغير، ج 1، ص 528.
(15) تحف العقول، ص 38.
(16) الكافي، ج 2، ص272.
(17) الكافي، ج 6، ص 525.
الاكثر قراءة في الآباء والأمهات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة