المحرّم من الأفعال والصفات / الغناء
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج2، ص 468 ــ 469
2025-11-02
30
ومنها: الغناء:
وهو من الكبائر؛ لقوله جل شأنه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: 6] بضميمة ما ورد مستفيضًا من تفسير لهو الحديث بالغناء، كما فسّر به قوله تعالى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30] [1]، وورد انّ الغناء ممّا وعد اللّه عليه النّار [2]، وانّه يورث النفاق وينبته كما ينبت الماء الزرع [3]، وانّه يعقب الفقر [4]، وانّ بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، ولا تجاب فيه الدعوة، ولا يدخله الملك [5]، وانّ الغناء غش النفاق[6]، وانّ اللّه اذا ميّز بين الحقّ والباطل كان الغناء مع الباطل [7]، وسُئل الصادق عليه السّلام عن الغناء فقال: لا تدخلوا بيوتًا اللّه معرض عن أهلها [8]، وانّ إبليس أوّل من تغنّى [9].
وحقيقته - على الأظهر - ترجيع الصوت على وجه يلهي ويوافق ألحان أهل الفسوق والكبائر، فهو كيفيّة في الصوت لا نفسه، ولا فرق في تحريمه بين أن يكون في نظم، أو نثر، أو قرآن، أو دعاء، أو رثاء على الأظهر، وكلّ ما [10] يحرم الغناء يحرم استماعه وتعليم الغير إيّاه، وقد ورد انّ تعليم الغناء كفر، والاستماع له نفاق، وأجرته سحت [11]، وامّا السماع غير المؤدّي الى الاستماع فلا بأس به إذا لم يقصده ولم يعدّ سماعه إعانة، والأحوط لزومًا ترك الجلوس في مجلس الغناء حتّى مع عدم الاستماع مع القدرة على مفارقته. وقد ورد المنع منه معلّلاً بأنّ اللّعنة إذا نزلت عمّت أهل المجلس، ولا بأس بالهلهولة [12]، والحوراب، ومناغاة الأطفال [13]، وأصوات البنّائين عند الاشتغال بالبناء ما لم يندرج في موضوع الغناء عرفًا، وجوّز الأكثر الحداء - بالضمّ والمدّ -، وهو صوت يرجّع فيه للسير بالإبل، ولم أقف له على دليل، وعمومات حرمة الغناء بعد اندراجه فيه موضوعًا تشمله [14].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الكافي: 6/431 باب الغناء حديث 5 بسنده. عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ وجلّ: {فَاجْتَنِبُوا اَلرِّجْسَ مِنَ اَلْأَوْثَانِ وَاِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ} قال: الغناء.
[2] الكافي: 6/431 باب الغناء حديث 4 بسنده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: الغناء ممّا وعد اللّه عزّ وجلّ عليه النار، وتلا هذه الآية: {وَمِنَ اَلنَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اَللَّهِ...}.
[3] الكافي: 6/434 باب الغناء حديث 23.
[4] الخصال: 1/24 خصلة تورث النفاق وتعقّب الفقر حديث 84.
[5] الكافي: 6/433 باب الغناء حديث 15.
[6] الكافي: 6/431 باب الغناء حديث 2.
[7] الكافي: 6/435 باب الغناء حديث 25 بسنده عن علي بن الريّان، عن يونس قال: سألت الخراساني عليه السّلام وقلت: انّ العباسيّ ذكر انّك ترخّص في الغناء، فقال: كذب الزنديق ما هكذا قلت له: سألني عن الغناء فقلت له: انّ رجلا أتى أبا جعفر عليه السّلام فسأله عن الغناء، فقال: يا فلان إذا ميّز اللّه بين الحقّ والباطل فأنّى يكون الغناء، فقال: مع الباطل، فقال: قد حكمت.
[8] الكافي: 6/434 باب الغناء حديث 18.
[9] الكافي: 6/431 باب الغناء حديث 3.
[10] كذا، والظاهر: وكما.
[11] مستدرك وسائل الشيعة: 2/459 باب 80 حديث 3.
[12] الهلهلة: ترجيع خاص للصوت عند العرب لا تحدث طربًا، والحوراب: هو الصوت العالي بمدّ خاص.
[13] المناغاة: هي مكالمة الصبّي بما يعجبه ويسرّه. مجمع البحرين 1/418.
[14] ما ذكره المؤلّف قدّس سره في تعريف الغناء بانّه ترجيع الصوت على وجه يلهي ويوافق ألحان أهل الفسوق لا يشمل الحداء؛ لأنّه ليس على لحن أهل الفسوق بل هو لحن خاصّ لأرباب الإبل يصوّتون به للإبل لتسرع في سيرها وعليه يكون الحداء خارجًا عن الغناء موضوعًا.
نعم، إذا أطرب هذا اللحن الخاصّ كان محرّمًا لا لأنّه غناء بل من حيث إطرابه ثم إنّ للفقهاء قدّس سرّهم في تعريف وتحديد الغناء آراء متفاوتة وأقوالاً كثيرة والإرجاع إلى العرف هو المتعيّن عندي واللّه العالم.
الاكثر قراءة في الظلم والبغي و الغدر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة