المحرّم من الأفعال والصفات / كبيرة من الكبائر الموبقات (السحر)
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج2، ص 453 ــ 455
2025-10-15
82
ومنها: السحر:
عدّه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) (1) والكاظم (2) والرضا (3) والجواد (4) عليهم السّلام من الكبائر. وقال اللّه سبحانه: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102، 103] واستدلّ مولانا الجواد عليه السّلام لكونه كبيرة(5) بقوله (عزّ وجلّ): {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ}.
ثمّ كما يحرم عمله فكذا يحرم تعلّمه وتعليمه للعمل به. وورد انّ الساحر ملعون (6)، وانّه كالكافر والكافر في النار (7)، وانّ مدمن السحر لا يدخل الجنّة (8)، وانّ من تعلّم شيئًا من السحر قليلاً أو كثيرًا فقد كفر، وكان آخر عهده بربّه، وحدّه أن يقتل، إلا أن يتوب قبل ثبوت ذلك عليه (9)، وانّ ساحر المسلمين يقتل وساحر الكفّار لا يقتل؛ لأنّ الكفر أعظم من السحر، ولأنّ السحر والشرك مقرونان (10)، وورد المنع من السحر حتّى للتحبيب، فإنّ امرأة قالت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: انّ لي زوجًا وبه غلظة عليّ، وإنّي صنعت شيئًا لأعطفه عليّ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: أفّ لك! كدّرت البحار، وكدّرت الطين، ولعنتك الملائكة الأخيار، وملائكة السماء والأرض. قال الامام عليه السّلام: فصامت المرأة نهارها، وقامت ليلها، وحلقت رأسها، ولبست المسوح، فقال صلّى اللّه عليه وآله: انّ ذلك لا يقبل منها (11).
نعم، لا بأس بحلّ السحر بالسحر، حتّى ورد انّ توبة الساحر ان يحلّ ولا يعقد (12)، كما لا بأس بتعلّمه لا للعمل، او للحلّ فقط دون العقد، أو لتعجيز من استند إليه في دعوى النبوّة (13).
وحقيقته معروفة عند أهله، وكلمات اللغويّين والفقهاء رضي اللّه عنهم مختلفة في بيان حدّه، والذي يقوى في النفس هو حرمة كلّ ما يسمّى سحرًا عرفًا سواء كان من قبيل استحداث الخوارق بمجرّد التأثيرات النفسانيّة، أو من باب الاستعانة بالفلكيّات فقط، أو على سبيل تمزيج القوى السماويّة بالقوى الأرضيّة، أو على سبيل الاستعانة بالأرواح الساذجة.. أو غير ذلك ممّا يسمّى سحرًا، أو إضرارًا بالغير وقهرًا له وان لم يسمّ سحرًا، والحقّ انّ لجملة من أقسامه حقيقة، وليس مجرّد تخيّل للناظر (14).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الخصال: 2/364 باب السبعة الكبائر سبع حديث 57.
(2) أصول الكافي: 2/285 باب الكبائر حديث 24.
(3) الحديث المتقدّم.
(4) الحديث السابق.
(5) أصول الكافي: 2/286 باب الكبائر حديث 24.
(6) الخصال: 1/297 خمسة ملعونون حديث 67.
(7) ذيل الحديث المتقدّم.
(8) الخصال: 1/179 ثلاثة لا يدخلون الجنّة حديث 243.
(9) قرب الإسناد: 71.
(10) الفقيه: 3/371 باب 179 معرفة الكبائر التي أوعد اللّه (عزّ وجلّ) عليها النّار حديث 1752.
(11) الجعفريّات: 99 باب التغليظ في السحر.
(12) قرب الاسناد: 25.
(13) الموارد المذكورة استثنى الفقهاء حرمتها فراجع.
(14) أقول: الحكم بكليّته موضع وفاق فقهائنا رضوان اللّه تعالى عليهم ولكن في بعض صوره نقاش علميّ فتدبّر.
الاكثر قراءة في الظلم والبغي و الغدر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة