يرى العديد من الباحثون أن مستقبل الطب يتجه نحو تكنولوجيا السنانو، فسيكون أكبر تأثير لتقنية النانو في المجال الطبي، حيث تعمل الأجهزة والمنتجات الدقيقة داخل جسم الإنسان لتشخيص وعلاج مختلف الأمراض، وبخاصة المستعصية منها، وتشير الدراسات والأبحاث المتزايدة والسريعة الحادثة حتى الآن إلى أن الفوائد الطبية والصحية للنانوتكنولوجي لا حصر لها، وستشهد نمواً مضطرداً لا يمكن لنا وصفه اليوم، فأبحاث علاج السرطان والبحث الدقيق عن وجود خلاياه، تعد بما سوف يحل محل كل وسائل العلاج والفحوصات الطبية المتوفرة اليوم لذلك، كما أن استخدام النانوتكنولوجي في محال الصيدلة سيكون واسعاً، بدءاً من طرق إنتاج الدواء ومروراً بوسائل حفظه، وانتهاء بكيفية إعطائه للمريض في صورة تتفوق بمراحل على الطرق المستخدمة حالياً، حيث سيمكن ربط الجسيمات النانوية دقيقة الحجم بقاعدة تستطيع التعرف على بصمة الحمض النووي لمسبب المرض، مما يمكن الكشف عن المرض وتحديده بنسب لا تحتمل الخطأ، وكذلك من توصيل الدواء لعضو معين في الجسم أو منطقة معينة في الجسم عن طريق ربط الدواء بالجسيمة دقيقة الحجم ويتم بعد ذلك توجيهها إلى المكان المستهدف في الجسم. ويفيد ذلك في علاج أنواع من الامراض السرطانية والتي يتم فيها حقن الأدوية الكيميائية في الجسم مما يؤدي إلى تأثر معظم اعضاء الجسم بالدواء وليس العضو المصاب فقط وهذا يؤدي إلى العديد من الأعراض الجانبية غير المرغوب فيها.
وتعد "كبسولات "النانو" Nanocapsules و"روبوتات النانو" Nanorobots من أكثر الأمثلة البارزة في تقنيات النانو القادمة في المحال الطبي، حيث تقوم كبسولات "النانو" بدور الوكيل الذي ينقل الأدوية إلى الهدف في أجسامنا وتهاجم الفيروسات بدقة، وبنسبة 100 بالمئة، وبدون آثار جانبية، ففي سرطان الكبد على سبيل المثال، يمكن لكبسولات النانو أن تحمل المواد المغناطيسية لتلتصق بالأورام ثم تولد الحرارة وتدمرها، لأن الخلايا السرطانية تدمر إذا تعرضت لدرجات حرارة عالية، كما أن المريض سوف يتناول سائلا يحوي "روبوتات نانوية" مبرمجة للهجوم ولإعادة بناء البنية الجزيئية للخلايا السرطانية والفيروسات، فتصبح غير ضارة. بل توجد توقعات أنه سيكون باستطاعة "الروبوتات النانوية أن تبطئ من الشيخوخة، فيزداد متوسط العمر المتوقع بشكل كبير، أيضا يمكن أن تبرمج "الروبوتات النانوية" لتقوم بالعمليات الجراحية الحساسة، فإمكان "الجراح النانوي" Nanosurgeons أن يعمل في مستوى أدق بآلاف المرات من أحد المشارط المعروفة، وبالعمل على هذا المستوى فإن "الروبوت النانوي" سيعمل دون أن يترك أثراً لأي ندب كالتي تتركها الجراحات التقليدية. وبالإضافة إلى ما سبق، باستطاعة الروبوتات النانوية" أن تغير مظهر الجسد، فيمكن أن تبرمج "الروبوتات النانوية" للقيام بالعمليات التجميلية، فتعيد ترتيب ذرات الجسد لتغير شكل الأذن أو الأنف أو لون العين أو أي ملمح آخر نريد أن تغيره!!
كما أن "الروبوتات النانوية ستتمكن من إزالة العوائق في الأوعية الدموية، ويمكن أن تلعب دور الكرات البيضاء في الدم وتزيل أسباب المرض.
يقول "توماس ويبستر Thomas Webster، المهندس البيولوجي والأستاذ المساعد في جامعة براون الأميركية Brown University، أن إيصال الدواء إلى الجسم هو واحد من أول تطبيقات النانوتكنولوجيا المرشحة للاستخدام. وعن طريقها يمكن أن ندخل إلى الخلية جرعة دوائية يقل حجمها عن 100 نانومتر دون أن تلفت النظر. والواقع أنه يمكن إعطاء الأدوية للمرضى على هيئة أقراص يقاس حجمها بالميكرون تقوم بإطلاق الدواء على الخلايا المستهدفة. والنظرية المعتمدة هنا هي أن فاعلية الدواء تزداد إذا كانت كمياته متناهية الصغر بهذا الشكل. وكلما تضاءلت الجرعة الدوائية كلما قل ضررها على المريض لأنها لن تستهدف حينها إلا الخلايا المسببة للمرض أو للعدوى.
ويبحث "ويبستر" أيضا في وسائل استخدام المواد النانوية لترميم وإصلاح الأنسجة الطبيعية، إذ برهنت الوسائل التقليدية مثل زرع العظام والأوعية الدموية على عجزها عن توفير النعومة وإستواء السطح الذي يتوافر باستخدام المواد النانوية. ويقول "ويبستر"، لقد وجدنا أن البيئات النانوية تساعد الجسم على إعادة إنتاج نفسه بصورة أفضل سواء في مجال العظام أو الأوعية الدموية أو الغضروفيات وخلايا المثانة. ولقد جرى إثبات كل ذلك عملياً، ومن المتوقع أن تتوسع استخداماتها في الجسم البشري في وقت قريب نسبياً، كما أنه من المتوقع أن تبقى المواد الجديدة عاملة داخل الجسم لمدة أطول من مدة الـ 15 عاما المتاحة حاليا لمعظم أشكال إستزراع الأعضاء التقليدية وتقول "كارول دال Carol Dahl من معهد السرطان القومي الأميركي National Cancer Institute، أن التطبيقات الطبية للنانوتكنولوجي ستغير وجه الطب إلى الأبد، فسوف تكون هناك منتجات متعددة الأغراض يمكن حقنها في جسم الإنسان، لتقوم بمراقبة التغيرات الرئيسية في الخلايا لتحصل على مؤشرات مبكرة للسلوك العشوائي لها، مما يدل على بداية السرطان، وتضيف "دال" لا نريد الإنتظار حتى نرى الأورام على شاشات أجهزة التخطيط مافوق الصوتية أو الضوئية أو غيرها، وانما نريد الكشف عن التغيرات الخلوية عند مستوى الجزيئات بمؤشراتها ونكون قادرين على البدء بالعلاج لدى أول بوادر ظهور تلك التغيرات التي تؤدي إلى السرطان، وما نحتاجه هو أجهزة استشعار بيولوجية ميكانيكية، وتضيف "دال" أن الباحثين يركزون على التكنولوجيا بالمقاييس الميكروسكوبية التي تستطيع الكشف عن السرطانات ومعالجتها تلك الأجهزة التي تستطيع أن تنفذ خلال الجسم للبحث عن الظواهر غير الطبيعية فيه، وهذه الأجهزة الدقيقة جداً مثل النقط الكمية التي هي أصغر بمئة ألف مرة من رأس قلم الرصاص، والتي تستخدم لعكس الضوء من أجل توليد صورة أكثر تحديداً مما يمكن عمله الآن، كما تستطيع إجراء عملية مسح للبحث عن السرطان، عن طريق استخدام الأحماض النووية على أسطح خلاياه للكشف عن التغيرات والظواهر غير الطبيعية.
لهذا فقد شكلت معاهد الصحة القومية ومعهد السرطان القومي في الولايات المتحدة ائتلاف النانوتكنولوجي الخاص بالسرطان" Nanotechnology Alliance for Cancer في ميرلاند بهدف تعجيل عملية انتقال العلم المرتكز على الجزيئيات من المختبرات إلى العيادات الطبية. يقول العالم "بيوتر غرودزينسكي" Piotr Grodzinski مدير هذا الائتلاف، إنه يمكن للنانوتكنولوجي أن تحدث ثورة في الرعاية الصحية في البلدان النامية، وأن تزيد من توفر العلاج من أمراض تقضي على ملايين الأرواح سنوياً في مختلف أنحاء العالم، كما أن المواد والأجهزة الطبية فائقة الصغر ستلعب أدواراً متعاظمة الأهمية والفائدة في تحسين طرق تشخيصنا لمرض السرطان وغيره من الأمراض وطرق معالجة المصابين به والوقاية من الإصابة به في نهاية الأمر .
وتعطينا الدراسات والأبحاث السريعة والمتزايدة حول تطبيقات النانوتكنولوجي في مجالات الطب والصحة والعلاج والتي تفوق الخيال العلمي في كثير من الأحيان فكرة أساسية حول التطورات المذهلة التي يمكن أن تتحقق بفضل تقنية النانوتكنولوجي. فعلى سبيل المثال يمكن لتطبيقات تكنولوجيا النانو في الطب الحيوي Biomedicine التي يتم تطويرها حالياً، أن تُشكل فاتحة أسلوب جديد تماماً لتشخيص ومكافحة الأمراض. ويكمن المفتاح في حجم الجزيئات النانوية الصغير إلى حد لا يصدق، إلى حد يكفي لتسللها إلى داخل البكتيريا أو حتى الفيروسات ثم مهاجمة هذه الأجسام من الداخل.
ففي بحث نشر في عدد 28 تموز/يوليو عام 2005 في دورية "نيتشر" Nature العلمية البريطانية الشهيرة، تمكن فريق بحثي بقيادة البروفيسور رام ساسیسكهاران Ram Sasisekharan من قسم الهندسة الحيوية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT في الولايات المتحدة وباستخدام ثلاثة علوم مجتمعة هي بيولوجيا السرطان، الصيدلة والهندسة، من وضع تصميم الغواصات نانوية متناهية الصغر عبارة عن "قنبلة ذكية" Smart Bomb مجهزة بأسلحة طبية لتدمير الخلايا السرطانية، عبارة عن عبوة متناهية في الصغر، أطلق عليها اسم "خلايا نانوية" Nanocell قطرها يساوي جزءاً من مليون من المليمتر، يمكن ادخالها إلى الورم السرطاني واغلاق منافذ الخروج، ومن ثم افراغ حمولتها من المركبات الكيميائية القاتلة في داخل الورم، ومن دون ايذاء لخلايا الجسم السليمة. وقد نجح الباحثون في التجارب الأولية على سرطان الجلد والرئة لدى الفئران في المختبرات. حيث صنعوا غواصات بالونية متناهية الصغر وبحجم خلايا الجسم الطبيعية، ويتكون غلافها الخارجي من مواد كيميائية دوائية تعمل على قفل الأوعية الدموية الصغيرة التي تغذي الأورام السرطانية وتمنع نمو المزيد منها، فيختنق الورم نتيجة لفعل هذه المواد عبر منع مصادر العناصر الضرورية لحياته ونموه من خلال الأوعية الدموية، وبعد ذوبان هذه المواد المكونة للقشرة الخارجية الخلايا السنانو وانتهاء مهمتها تظهر الطبقة الداخلية لها، والمكونة من مواد كيميائية للفتك بالخلايا السرطانية المحبوسة بعد قفل منافذ الأوعية الدموية. وقد تمت عملية تصنيع خلايا النانو وفق حسابات علمية دقيقة ومعقدة مبنية على تقدير خصائص المواد الكيميائية عند هذا المستوى من الكتلة والحجم، وخصائص المواد الأخرى التي تلتصق بها داخل بناء هيكل خلايا النانو التي تتحكم في عملية ذوبان مركبات الدواء بحيث تنقل عبر الدم المادة الكيميائية إلى الورم، وتحجزها بداخله بعد وقف تدفق الدم، وقد اتاح هذا العلاج التتابعي (كل دواء يعمل في وقت محدد)، زيادة عمر الفئران المريضة مرتين، من 30 إلى 60 يوماً. وعن الآفاق الواعدة لهذه التقنية يقول البروفسور ساسيسكهاران رئيس الفريق البحثي، أننا لن نقف عند هذا الحد، بل نحن نؤسس مفهوماً جديداً في العلاج، فالطريقة الجديدة هي شكل مختلف تماماً لكل ماعرفه الطب من قبل في وسائل العلاج، حيث تكمن أهميتها في كيفية ايصال الدواء إلى مكان المرض. وفي ختام هذا البحث يذكر الباحثون الجوانب العديدة التي يمكن تطوير استخدام هذه التقنية في علاج الأورام السرطانية وغيرها من الأمراض، والتي من أهما وأكثرها تقدماً، هو العمل على وضع مؤشرات أو رموز معينة تساعد في توجيه خلايا النانو للمكان المطلوب بصورة دقيقة، بل والى خلية في الجسم بعينها.
كما أن العالم المصري الأميركي الجنسية البروفيسور مصطفى السيد، أستاذ الكيمياء ومدير معمل ديناميكيات الليزر بمعهد جورجيا للتكنولوجيا بالولايات المتحدة، والحاصل على أعلى وسام أميركي في العلوم لعام 2007، قد حقق انجازاً علميا رائداً في محال النانوتكنولوجي وتطبيقها في علاج مرض السرطان باستخدام "جزيئات الذهب النانوية" Gold Nanoparticles حيث توصل إلى إمكانية علاج السرطان باستخدام مركبات الذهب النانومترية، وقال إنه ينتظر موافقات لتجريبه على البشر بعد أن نجح بنسبة 100 بالمئة في علاج الحيوانات المصابة بالسرطانات البشرية.
وقد تركزت أبحاث البروفيسور مصطفى السيد ونجله الدكتور إيفان المتخصص في طب وجراحة العنق والرأس بقسم طب الأذن والحنجرة بمركز السرطان الشامل بجامعة كاليفورنيا – سان فرانسيسكو الأميركية، حول استخدام تقنية النانوتكنولوجي في مجال الطب، وبخاصة في أبحاث السرطان، فقد توصلا إلى أن جزيئات الذهب النانوية تساعد في اكتشاف الخلايا السرطانية، وعند تسخين هذه الجزيئات يمكنها تدمير الخلايا السرطانية الخبيثة. ويعمل حالياً البروفيسور مصطفى ونجله أيضاً على تطوير قضبان" ذهب نانوية أسطوانية الشكل" cylindrical gold nanorods يمكن أن تلتحم بالخلايا السرطانية الخبيثة، حيث ينبعث ضوء عند عملية الالتحام يسهل اكتشاف هذه الخلايا المصابة، وباستخدام أشعة الليزر يمكن لهذه القضبان تدمير هذه الخلايا بشكل انتقائي ودون إحداث أي أضرار بالخلايا السليمة، إذ إن هذه القضبان مصممة بتردد يسمح لها باستخدام أشعة الليزر التي تثقب تحت الجلد لقتل الخلايا السرطانية الخبيثة دون إلحاق أي ضرر بالجلد.
ويقول البروفيسور مصطفى السيد إنه من خلال التجارب التي أجراها على حيوانات حية بحقن الأوردة الدموية بجزيئات نانوية من الذهب، تمكن من إبادة الخلايا السرطانية دون التأثير في الخلايا السليمة وذلك بعد تعديل درجات سمية المواد بالتحكم في كيماوياتها. ويضيف أن القيود الصارمة على التجارب العلمية على البشر في الولايات المتحدة تحول دون الإسراع في تحريب هذا الأسلوب على المرضى من البشر، لكنه استدرك بأن الإجراءات تمضي في هذا السبيل بجامعة هيوستون الأميركية. ويقول البروفيسور مصطفى ان مادة الذهب تفقد خواصها اللاتفاعلية حينما يتم تفتيتها إلى دقائق نانوية وتتحول إلى مادة تفاعلية ومحفزة تتفاعل مع جسم الخلية السرطانية وتحدث وميضا داخلها بينما لا تتفاعل مع الخلية السليمة وبالتالي تبدو الأخيرة داكنة تحت المجهر. وتتجمع جزيئات الذهب النانوية لتشكل طبقة مضيئة على جسم الخلية المريضة لتقتلها خلال دقائق بينما تتفتت داخل الخلايا السليمة ولا تؤثر فيها بأي حال. ويقول البروفيسور "مصطفى" إن جزيئات الذهب النانوية تتعرف إلى الخلايا السرطانية المصابة لكنها لا ترى الخلايا السليمة. وتقوم مادة النانو الذهبية بامتصاص ضوء الليزر الذي يسلط عليها بعد وصولها إلى الخلية المصابة وتحوله إلى حرارة تذيب الخلية السرطانية.
ويقول البروفيسور "مصطفى" ان استخدام الجزيئات النانوية يعد واحداً من أهم الاتجاهات الحديثة للنانوتكنولوجي، وبخاصة في محال "طب النانو"، ويتمتع الذهب بثلاث خواص رائعة، فهو عاكس مبهر للضوء، كما أنه يمتص الضوء الذي يسببه ويحوله إلى طاقة، والخاصية الثالثة أنه من أنجح المعادن تفاعلاً مع الجسم البشري، فالجسم يقبله ولا يرفضه ويتفاعل معه دون أضرار وجزيئات الذهب النانوية تتمتع بكفاءة عالية في مجال التطبيقات التشخيصية والعلاجية، نظراً لسطحها البلازموني المعزز بشكل قوي من حيث الإمتصاص والانتشار، بالإضافة إلى أن الإمتصاص المعزز للجزيئات النانوية يمكن أن يتحول بسرعة إلى حرارة يمكن استخدامها في العلاج الحراري الضوئي الانتقائي إذا كانت الجزيئات النانوية ملتحمة بالأجسام المضادة التي تستهدف بشكل خاص الخلايا الخبيثة. ويتوقع البروفيسور مصطفى أن يكون العلاج بجزيئات الذهب النانوية أقل تكلفة من ناحية المواد المستخدمة فيه من | العلاج بالليزر حيث قد يكفي ميكروغرام واحد لعلاج كبد مصاب بالسرطان.
مجلة وفي بحث علمي نشرت نتائجه في عدد تموز/يوليو 2008 من نشرات بحوث مقياس "النانو" Nanoscale Research Letters توصل فيه فريق علمي من "قسم النانوتكنولوجي وعلم النانو" (Centre for Nanoscience and nanotechnology (CNST جامعة "ملبورن" الأسترالية University of Melbourne بقيادة البروفيسور "فرانك كاروسو" Frank Carso إلى تطوير كبسولات نانوية مصنوعة من البوليمرات (جزيئات كربونية) Polymer Nanocapsules قادرة على نقل العلاج الكيميائي وإستهداف الخلايا السرطانية بشكل دقيق جداً، دون إلحاق الأذى بالخلايا السليمة المحيطة، حيث قام الفريق بتغليف الكبسولات بجزيئات الذهب النانوية ولصقها بأجسام مضادة تبحث عن الأورام، ثم يتم حقن الكبسولات في مجرى الدم لتتجمع وتتركز داخل الأورام، وعندما تتركز الكبسولات بشكل كاف، يتم إطلاق شعاع ليزر عليها من الأشعة دون الحمراء، لتذويب الذهب (كونه يمتص بسرعة موجات الأشعة دون الحمراء) وإطلاق العلاج الكيميائي. ولصناعة الكبسولات أو الطلقات قام الفريق العلمي بإضافة البوليمرات إلى محلول يحتوي على جزيئات العقار الكيميائي لتكوين كريات متعددة الطبقات وتغليف العقار. ويجرى بعد ذلك إضافة جزيئات الذهب النانوية التي تبلغ سماكتها نحو 6 نانومتر إلى الخليط، وأخيراً تضاف مواد دهنية وأجسام مضادة لإستهداف الأورام، وبعد حقن الكبسولات وتجميعها في الخلايا السرطانية يتم إطلاق شعاع ليزر كافياً لتذويب الغلاف الذهبي على درجات حرارة تتراوح بين 600 و 800 درجة مئوية، وبهذه الطريقة يتم إستهداف الخلايا السرطانية دون إلحاق الأذى بالأنسجة المحيطة كما يحدث عادة في العلاج الكيميائي التقليدي.
ويدرس الآن العلماء في مختبر لورنس ليفرمور القومي" Lawrence Livermore National Laboratory القريب من سان فرانسيسكو الأميركية كيفية إنشاء جزيئات ذات حجم نانوي تعرف باسمها المصغرات "شالز SHALS (اختصار للحروف الأولى لعبارة Synthetic High-Affinity Ligands وتعني جزيئات صناعية عالية الانجذاب) مصممة حسب الطلب لتلتصق بموقع محدّد على سطح خلية بشرية ومع أن جزيئات "الشالز" اعتبرت في أول الأمر أداة دفاع ضد "الإرهاب البيولوجي" يمكنها اكتشاف وإبطال مفعول مسببات الأمراض القاتلة مثل الأنثراكس، إلا أن علماء الكيمياء الحيوية في "مختبر لورنس ليفرمور" وفي "مركز ديفز للسرطان في جامعة كاليفورنيا" University of California-Davis Cancer Center سرعان ما استنبطوا لها استخداماً طبياً أوسع بكثير.
ويأمل العلماء من التمكن من خلال . صنع" شالزات" مصممة بشكل محدد للإلتصاق بمواقع المستقبلات الفريدة unique receptor القائمة على سطح بروتينات خلية سرطانية، من استعمال سلاح جديد في المعركة ضد السرطان. وستقوم "الشالزات"، عندما يتم دمجها بنظير إشعاعي radioactive isotope أو دواء لعلاج السرطان، ليس فقط بالعثور على الخلايا السرطانية والالتصاق بها وإنما أيضاً بتدمير هذه الخلايا المستهدفة عن طريق إطلاق مقاتلات المرض disease fighters هذه مباشرة داخل الورم الخبيث، ويتم حالياً إجراء التجارب للتحقق و سرطان من إمكانية استخدام "الشالزات" كعلاج السرطان البروستات : غير هودجكن اللمفاوي Non-Hodgkins Lymphoma (نسبة إلى أول من اكتشفه الطبيب البريطاني توماس هودجكن (1798-1866) Thomas Hodgkin.
كما تمكن باحثون من مستشفى بوسطن للأطفال Children's تطوير دواء باستخدام تكنولوجيا النانو و "فطر"، Hospital Boston من ربما يكون فعالاً بشكل كبير ضد سلسلة من أمراض السرطان. ونشر البحث في 29 حزيران/يونيو 2008 على الموقع الإلكتروني بمجلة "نيتشر بيوتكنولوجي" Nature Biotechnology.
وتم تحسين هذا الدواء واسمه "لودامين" Lodamin في واحدة من التجارب التي أشرف عليها الدكتور جودة فوكمان" Judah Folkman وهو باحث في مجال السرطان ومبتكر فكرة العلاج بتجويع الأورام السرطانية بمنعها من إمدادات الدم المتزايدة.
و"الالودامين" مثبط لتكوين الأوعية الدموية كان فريق فوكمان يعمل على انجازه منذ 20 عاما. ويقول زملاؤه إنهم ابتكروا تركيبة على شكل قرص ليس لها آثار جانبية.
وأظهرت التجارب التي أجريت على الفئران انه يعمل ضد سلسلة من أمراض السرطان من بينها سرطان الثدي وسره رطان خلايا الجذع الجنينية وسرطان المبيض وسرطان البروستاتا وأورام المخ السرطانية المعروفة بالأورام الجذعية الدبقية وسرطان الرحم.
وعرف هذا الدوء تجريبياً باسم "تي أن بي TNP-470 "470- وقد استخرج أصلاً من فطر يسمّى "أسبير جيلوس فوميجاتوس فريسينيوس" Aspergillus Fumigatus Fresenius، أو "الرشاشات الدخناء".
جامعة واكتشف الباحث "دونالد إنجبير" Donald Ingber من هارفارد هذا الفطر صدفة أثناء محاولة زراعة "خلايا بطانية" وهي الخلايا التي تبطن الأوعية الدموية. وأثر هذا الفطر على هذه الخلايا بطريقة يعرف الها تمنع نمو الاوعية الدموية الدقيقة المعروفة باسم الشعيرات.
وطور "إنجبير وفوكمان" دواء "تي أن بي - 470" بمساعدة شركة "تأكيدا للصناعات الكيماوية Takeda Chemical Industries في اليابان في عام 1990.
ولكن هذا الدواء كان يؤثر على المخ مسبباً الاكتئاب والدوار وآثاراً جانبية أخرى. ولم يكن يبقى أيضاً في الجسم لفترة طويلة مما دفع المختبر أن يتخلى عن الدواء.
ولم تنجح الجهود الرامية إلى تحسينه بشكل طيب. ولكن قامت الباحثة "أوفرا بيني" Ofra Benny من مستشفى بوسطن للأطفال وكلية هارفارد الطبية وزملاؤها بعد ذلك باستخدام تكنولوجيا النانو وقاموا بحماية هذا الدواء من الحمض المعدي stomach acid.
وقالت "بيني" وزملاؤها إن الدواء ساعد على وقف ما يسمى بالأورام الأولية ومنع أيضاً انتشارها.
وقال فريق بيني إنه بعد 20 يوماً من حقن عدد من فئران التجارب بخلايا سرطانية نفقت أربعة فئران من بين سبعة فئران لم تعالج بالألودامين في حين ظلت كل الفئران التي عولجت حية.
ويعتقد الباحثون أن "الألودامين" قد يكون مفيداً أيضاً في أمراض أخرى تتسم بالنمو غير الطبيعي للأوعية الدموية مثل ضمور القرنية المرتبط بتقدم السن.
ومن الأبحاث الأخرى التي تبين التطبيقات الواعدة للنانوتكنولوجي في مجال طب التجديد " Regenerative Medicine البحث الذي قام به الباحث صمويل ستاب" Samuel Stupp مدیر معهد بيونانوتكنولوجي Institute of BioNanotechnology في جامعة نورثوسترن الأميركية Northwestern University، ونشر عام 2007 في مجلة "ساينس" Science العلمية الأميركية، والذي أشار فيه إلى أن النانوتكنولوجي وسيلة واعدة الإصلاح التلف في الحبل الشوكي Spinal Cord، وقد تؤدي إلى تمكين المصابين بالشلل من الحركة مجددا، حيث قام بحقن فئرانا مصابة بالشلل بمحلول يحتوي على جزيئات مصممة بهدف إعادة توليد خلايا الحبل الشوكي التالفة. وأظهرت نتائج الدراسة أن الفئران المصابة بالشلل تمكنت من تحريك أطرافها بعد ستة أسابيع من حقنها بالمحلول. وحول هذا البحث قال "ستاب" في اجتماع علمي في 23 نيسان/أبريل 2007، لمشروع النانوتكنولوجي الناشئة Project on Emerging Nanotechnologies، إن المحلول يحتوى على جزيئات تعيد إنتاج أنسجة لا تشفى عادة بصورة طبيعية مثل العظام والأعصاب، وعند حقن الفئران بهذه الجزيئات المعدة لكي تتجمع لتكون تركيبات نانوية دقيقة Nanostructures في نسيج الحبل الشوكي، أمكن إنقاذ وإتاحة نمو الخلايا العصبية التالفة بصورة سريعة، الأمر الذي يتيح الفرصة في علاج الأمراض التي تسبب تلفاً في الخلايا العصبية، وقال "سناب" إنه تم إجراء تجارب أخرى على فئران تم حقنها يجزيئات نانوية تم تطويرها، مما أدّى إلى شفائها من أعراض مرض باركنسون Parkinson . وأضاف "سناب" أن التجارب السريرية لعلاج الحبل الشوكي على البشر قد تبدأ خلال بضع سنوات. وفي دراسة حديثة نشرت في كانون الثاني/يناير 2009 في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم" Proceedings of the National Academy of Sciences، تمكن فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا الأميركية في سان دييغو University of California at San Diego من تطوير طريقة جديدة من شأنها أن تساعد على تسريع نمو العظام accelerate bone growth باستخدام الأنابيب النانومترية المصنعة من أو كسيد التيتانيوم والخلايا الجذعية titanium oxide nanotubes with stem cells ، وذكر الباحثون أن هذا الكشف من الممكن أن يؤدي إلى الشفاء بصورة أفضل وأسرع، وبخاصة للمرضى الذين يخضعون لعمليات جراحية في المناطق العظمية orthopedic. ففي تلك الدراسة قام الفريق البحثي المكون من مهندسي البيولوجيا وخبراء علم المواد bioengineers and materials science باستخدام إحدى طرق تكنولوجيا النانو الحيوية nano-biotechnology method الخاصة باستبدال الخلايا الجذعية mesenchymal stem cells الموجودة بأعلى الأنابيب النانومترية الدقيقة للغاية والمصنعة من أوكسيد التيتانيوم من أجل السيطرة على طرق التحويل" conversion paths التي يطلق عليها "التفريق" Differentiation بداخل خلايا بناء وتكوين العظام osteoblasts or bone building cells، ويمكن استخلاص خلايا mesenchymal الجذعية التي تختلف عن خلايا الأجنة الجذعية والحصول عليها بشكل مباشر من نخاع العظام للشخص المريض. وقال "سونغو جين" Sungho Jin الباحث المشارك في هذه الدراسة وأستاذ علم المواد بكلية جاكبسون للهندسة Jacobs School of Engineering بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو: "بأنه إذا تعرضت ركبتك أو قدمك للكسر نتيجة لممارسة رياضة التزلج على سبيل المثال، سوف يقوم أحد جراحي العظام orthopedic surgeon بزرع قضيب من التيتانيوم titanium rod، وبعدها تسير على العكازين لمدة ثلاثة أشهر تقريباً، ولكن ما نتوقع حدوثة من خلال هذه الدراسة هو أنه إذا قام الجراح باستخدام الأنابيب النانومترية المصنعة من أوكسيد التيتانيوم مع الخلايا الجذعية، فقد تتم عملية معالجة العظام بشكل سريع وربما يتمكن المريض من المشي في غضون شهر واحد فقط، بدلاً من الإعتماد على العكازين لمده تصل لثلاثة أشهر، وأضاف الباحث "جين": "تشير النتائج التي توصلنا إليها في المختبر in-vitro إلى أن مثل هذه المزايا من الممكن أن تحدث عن طريق الاستعانة بالقطع التي يتم زراعتها ومعالجتها بواسطة الأنابيب النانومترية المصنعة من أوكسيد التيتانيوم، التي يمكنها التقليل من احتمالات تعرض العظام للهشاشة والضعف، التي تعد أشهر مشكلات العظام orthopedic problems التي تستدعي إعادة العمليات الجراحية لمنطقة الأوراك وباقي الزراعات للمرضى.
وقال "سوينغن بريان "أوه" Seunghan (Brian) Oh الباحث الرئيسي في الدراسة: "ما تمكنا من تحقيقه هو ابتكار طريقة لتقديم "تفريق موجه" guided differentiation باستخدام الأنابيب النانومترية فقط، بدلاً من ال ن اللجوء إلى المواد الكيميائية"، وأضاف "شو شين" Shu Chien أستاذ الهندسة الحيوية ومدير معهد الهندسة في الطب Institute of Engineering in Medicine بالجامعة وأحد المشاركين في الدراسة، بأن هذه الدراسة أظهرت أسلوباً مبتكراً يمكننا . من خلاله تعديل تمايز الخلايا الجذعية الذي يعد غاية في الأهمية بالنسبة إلى الطب التجديدي، وهذا ما سيؤدي إلى نهج حقيقي متعدد التخصصات بين الهندسة والطب للحصول على طرق علاجية جديدة للمرضى.
ومن البحوث الأخرى التي تؤكد التطبيقات الطبية الواعدة للنانوتكنولوجي، التي تعد بالكثير من التطبيقات في مجال حقن ونقل الأدوية عن طريق الجزيئات النانوية الدقيقة، البحث الذي قام به فريق بحثي بقيادة البروفيسور "سودييتا سيل" Sudipta Seal من مركز "تحليل وتطوير المواد ومركز علوم تقنية النانو" في جامعة فلوريدا المركزية University of Central florida، ونشر في عدد حزيران/يونيو عام 2007، من مجلة الكيمياء الفيزيائية Journal of Physical Chemistry. وفي هذا البحث قام الباحثون بتصنيع جزيئات نانوية دقيقة Nanoparticles تستخدم كناقل لعلاج مرض الجلوكوما (المياه الزرقاء) Glaucoma الذي يصيب العيون، وهو عبارة عن زيادة في الضغط للسائل داخل العين، مما قد يؤثر على العصب البصري، وقد يتسبب في العمي، ويصيب المرض الملايين حول العالم. يقول الباحث "سيل" إن هذه الجزيئات النانوية الدقيقة يمكنها بسهولة اجتياز حاجز الدم الدماغي (Blood Brain Barrier (BBB حاجز بين الدم والدماغ يحجز المواد التي لا يرغب فيها الجسم فلا تصل إلى المخ) مما يجعلها ناقلة أدوية غير سامة فعالة. حيث قام الفريق البحثي بتصنيع جزيء دقيق من أوكسيد السيريوم Cerium Oxide Nanoparticle، تم ربطه بمركب يعرف بقدرته على كبت أنزيم (hCAII) الذي يعتقد أنه يلعب دوراً مهماً في الإصابة بالجلوكوما، وقد جاء في هذا البحث أن واحد إلى ثلاثة بالمئة من الأدوية الحالية لعلاج الجلوكوما، يمكنها العبور إلى العين، ولكن استعمال الجزيئات النانوية الدقيقة يرفع هذه النسبة، كما لا يسبب أي إزعاج للمريض، بالمقارنة مع البوليمرات المعقدة المستعملة في أغلب قطرات العين.
كما يطور علماء أميركيون بطارية نانوية Nano-size Battery يمكن غرسها في العين لتغذية شبكية صناعية Artificial Retina طورت لتعويض الشبكية الطبيعية المتضررة. حيث يعمل فريق بحثي برئاسة الباحثة "سوزان ريمب" Susan Rempe من المعهد الوطني للعيون National Eye Institute التابع لمعاهد الصحة الوطنية الأميركية، لتصميم نماذج لأجهزة طبية نانوية وأجزاءها وموادها Biomimetic Nanoconductors والمهمة الأولى للمعهد هي تطوير مولدات للطاقة Electric Power أي بطاريات بيولوجية نانوية Bio-batteries لعدد كبير من الأجهزة المستقبلية التي يمكن زرعها داخل جسم الإنسان، خصوصاً للشبكية الصناعية التي طورت فعلاً في معهد دوهيني للعيون Doheny Eye Institute بجامعة سازون كاليفونيا الأميركية University of Southern California وسوف تستخدم هذه الشبكية الصناعية والبطارية النانوية في علاج حالات تدهور البصر المرضية (أنظر الشكل (1).

شكل (1): يطور علماء في معاهد الصحة الوطنية الأميركية بطاريات بيولوجية نانوية لعدد من الأجهزة المستقبلية التي يمكن زرعها في جسم الإنسان، وبخاصة التي يمكن غرسها في العين لتغذية الشبكية الصناعية.
كما أن السباحث كاي بانغ ليي" Ki Bang Lee من معهد أبحاث النانو تكنولوجي والهندسة الحيوية Institute of Bioengineering and Nanotechnology في سنغافورة، نشر بحث في عام 2005 في محلة "الآليات الدقيقة والهندسة الدقيقة Journal of Micromechanics and Microengineering، عن استخدام النانوتكنولوجي للاستفادة من بول الإنسان في صنع بطاريات طويلة العمر لفحص مرضى السكر (63). ودراسة أخرى عن دور النانوتكنولوجي في صنع الأجهزة الطبية المستخدمة في غرف العمليات والعناية المركزة، مما سيقلل من عدوى المستشفيات وانتقال الجراثيم إلى المرضى قدمها الباحث "بروس غيبينس" Bruce Gibbins في مؤتمر أبحاث "النانو" في ولاية أريغون الأميركية في الفترة من 25 الى 28 تموز/يوليو عام 2005، ويقول فيها بأن وضع طبقة رقيقة من الفضة على مستوى النانو، فوق أسطح الأدوات الطبية لا يعطي فرصة للميكروبات للالتصاق عليها، وهو مايتم لأول مرة في العالم، ويعد هذا أولى الخطـــوات الصحيحة للحد من عدوى المستشفيات) ويقوم الآن فريق بحثي من مستشفيات جامعة ميتشيغان الأميركية University of Michigan health System برئاسة البروفيسور "دافيد هيوميس" David Humes باستخدام النانوتكنولوجي في مشروع تطوير صناعة كلية صناعية حيوية Bioartificial Kidney، تحت اسم "كلية في خرطوش"، وتتكون من أنابيب دقيقة مفرغة، وتبطنها من الداخل خلايا حية مطابقة للخلايا الطبيعية الموجودة في الكليتين. وفي هذه الحالة تتم عملية تنقية الدم من المواد الضارة من خلال خلايا طبيعية تؤدي نفس الوظائف التي تؤديها خلايا الكلية الطبيعية وينفس الكفاءة وبدون الأعراض الجانبية للفلاتر الصناعية كما في حالة أجهزة الغسيل الكلوي، ويتوقع الباحثون أن تكون هذه الكلى الصناعية جاهزة للاستعمال في غضون السنوات القليلة القادمة. وقد نشر هذا البحث في عدد تشرين الأول/ أكتوبر عام 2004 من . مجلة "أبحاث الكلية الدولية" Journal Kidney International حيث استخدم العلماء في تجاربهم الأولى خرطوش (كارتريدج) خارجي Cartridge، يحتوي على تلك الأنابيب الخاصة المبطنة بخلايا الكلى الطبيعية، وكانت النتائج الأولية مشجعة جداً ، حيث نجا 6 من المرضى من أصل 10، على الرغم من أن احتمالات نجاتهم من الموت لم تتعدى 20 بالمئة، الى درجة أن هيئة الرقابة على الأغذية والأدوية الأميركية قد منحت الباحثين الترخيص للانتقال للمرحلة التالية من مراحل التطبيق العملي. وإذا ما نجحت هذه التجارب، فسوف يتم علاج مرضى الفشل الكلوي الحاد والمزمن، من خلال زراعة بضعة أنابيب مبطنة بخلايا كلوية في أجساد هؤلاء المرضى، ودون الحاجة للغسيل الكلوي وزراعة الكلي.
كما توصل باحثون أميركيون إلى أن الجسيمات النانوية المتناهية في الصغر تضاعف حياة خلايا دماغ Brain Cells الفئران أربع مرات، فقد قامت الباحثة بيفرلي ريزاغالينسكي" Beverly Rzigalinski وزميلها الباحث سوديبتا" سیل Sudipta Seal من جامعة سنترال فلوريدا الأميركية، بإجراء تجاربهم على الجسيمات النانوية المضادة للتأكسد، واكتشفوا تأثيرها الكبير على خلايا الدماغ، فقد توصلوا إلى أن الجسيمات النانوية المضادة للتأكسد قد ضاعفت عمر خلايا أدمغة الفئران أربع مرات، ومن المعتاد أن تعيش خلايا أدمغة الفئران لفترة أقصاها 3 أسابيع في المستنبتات المختبرية، في حين أنها عاشت فترة أطول بثلاث أو أربع مرات حينما ربطت بالجسيمات النانوية، وقد توصلوا لنفس النتيجة عند إعادة التجربة عدة مرات. يقول الباحثان أن الجسيمات النانوية جددت حياة خلايا الدماغ، فقد أثبتت الفحوصات أن هذه الخلايا كانت تتصل ببعضها مثل الخلايا العصبية الجديدة. وهذا الاكتشاف يفتح آفاقاً واسعة أمام علاج الأمراض التي تتعلق بتقدم من الخلايا، مثل مرض الزهايمر والتهاب المفاصل وبعض أنواع الأورام السرطانية. وقالت مصادر جامعة سنترال فلوريدا الأميركية، إن الباحثة ريزا غالينسكي" قد توصلت قبل فترة إلى أن الجسيمات النانوية تتمتع بالقدرة على وقف تقدم الالتهابات أيضاً، ويدرس باحثون بالجامعة حالياً استخدامها في أجزاء القلب والشرايين والمفاصل التي تزرع في الجسم، وتثبت النتائج الأولية للأبحاث أن الجسيمات النانوية المضادة للتأكسد تتغلغل إلى الخلايا وتحفز تجديدها لنفسها، مما يعني إمكانية غير محدودة لاستخدامها في الطب العلاجي.
كما تمكــن فـــريق بحثـي أميركي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد من تطوير حقنة "نانوتكنولوجية" يومية للمصابين بداء السكري، تسمّى الأنسولين الذكي"، وذلك لمساعدتهم على الحفاظ أوتوماتيكياً على المستويات المطلوبة للجلوكوز في الدم، من دون الحاجة إلى مراقبة هذه المستويات بفحص الدم لمرات معدودة في اليوم، وحقن أنفسهم بالأنسولين وتحتوي حقنة "الأنسولين الذكي" على دقائق متناهية في الصغر، مصنوعة بتقنية النانوتكنولوجي، وعندما تنفتح تطلق الأنسولين ببطء نحو مجرى الدم وفقاً لمستويات الجلوكوز في الدم، وعند وصول الدم إلى وضعه الطبيعي تتصلب الدقائق النانوية وتتوقف عن ضخ الأنسولين إليه .
وقد طرح علماء أستراليون أواخر عام 2007 عن إمكانية استخدام تقنيات النانو في القضاء على الإصابات بداء المقوسات" الذي تتسبب به طفيليات توكسوبلاز موزیز" Toxoplasmosis، والتي تكتسب أهمية عالية لدى الحوامل والمرضى المصابين بتدني مستوى قوة جهاز مناعة الجسم، كمرضى الإيدز أو المرضى الذين تمت لهم زراعة أحد الأعضاء أو المتقدمين في السن أو مرضى الفشل الكلوي أو فشل الكبد أو السكري، وتحدث الإصابة عند إبتلاع طفيليات توكسوبلازما غوندي Toxoplasma gondii الموجودة في اللحوم غير المطبوخة جيداً أو في براز القطط وغيرها من الحيوانات الأليفة وغير الأليفة. فقد أعلن الباحث "مايكل كورتي" Michael Cortic وزملاؤه من جامعة سيدني للتقنية University of Technology Sydney بأستراليا في دراسة نشرت في كانون الأول/ديسمبر عام 2007 في "نشرات النانو" Nano Letters الصادرة عن "جمعية الكيمياء الأميركية (American Chemical Society (ACS ، أنهم تمكنوا من تطوير ما أطلقوا عليه" رصاصات من الذهب" Golden Bullet لعلاج الإصابات بطفيليات توكسوبلازما، وهي عبارة عن قطع من معدن الذهب بحجم النانو دقيقة جداً في الحجم والكتلة، تلتصق على أجسام مضادة موجهة للقضاء على هذه الطفيليات في حالة تنشيط قطع الذهب بحزم من ضوء الليزر. وقد تمكن الباحثون من اختيار فاعلية "العلاج الذهبي" على طفيليات مستوطنة داخل خلايا حية في أطباق من مزارع الأنسجة في المختبرات cell culture dishes ، وعند تعريض الخلايا المصابة لقطع الذهب وتنشيط عملها بضوء الليزر، تمكن العلاج من القضاء على أكثر من 83 بالمئة من تلك الطفيليات، ويأمل الباحثون إستكمال نتائج هذا البحث عند اختبار هذا العلاج على الأفراد المصابين بتلك الطفيليات (68). ونظراً لأن أنابيب الكربون النانوية (النانوتيوب Nanotubes) تتميز بخصائصها الكيميائية والضوئية الفريدة، إذ إن باستطاعتها أن تشع موجات ضوئية بطول موجي محدد، لذا فهي تجتذب اهتمام الكثير من الباحثين في محال الطب الحيوي، حيث يتوقع أن تساهم في تحقيق إنجازات مميزة في المحالين التشخيصي والعلاجي، وبخاصة أمراض السرطان والكبد، ما يمهد اللكشف عن إيجاد علاج مناسب يوقف انتشارها، ففي دراسة أميركية أجريت على الحيوانات ونشرت في كانون الأول/ديسمبر 2007 في "دورية السرطان" Journal of Cancer ، أظهرت أن استخدام أنابيب الكربون النانوية (النانوتيوب) في الأنسجة الحية، ليس له آثار سلبية. حيث قام باحثون من جامعة رايس الأميركية Rice University ومركز أم دي. أندرسون للسرطان M.D. Anderson Cancer Center التابع لجامعة تكساس الأميركية بدراسة بهدف رصد تأثير استخدام أنابيب الكربون النانوية، على أجسام الكائنات الحية، حيث تضمنت تجارب تعد الأولى من نوعها، والتي تتبع الباحثون من خلالها مساء تلك الأنابيب المجهرية في أجسام الأرانب، من خلال فحص نسيج العضو الذي يتوقع أن تستقر فيه حيث حقن الباحثون 4 أرانب محلول من نابيب الكربون النانوية المكونة من طبقة واحدة، مباشرة في أورام الكبد السرطانية، ثم تم تعريضهم لمدة دقيقتين للأشعة ذات الموجات الراديوية radio waves.
وأظهرت نتائج الدراسة أن الموجات الراديوية تحرق أنابيب الكربون النانوية المغموسة في الأورام وبالتالي تدمير أورام الكبد السرطانية، كما تبين أن الأنابيب قد استقرت في النسيج الكبدي بعد ساعة من حقن الحيوان، هما وأن بعض تلك الأنابيب قد ترسب في أجزاء من النسيج الكلوي، وهو ما توقعه الباحثون حيث يعتبر هذان العضوان مصفاة للدم.
وقد علق الباحث "ستيفين" "كيرلي Steven Curley، أحد أعضاء الفريق البحثي، وأستاذ جراحة الأورام السرطانية ورئيس شعبة أورام الجهاز الهضمي في مركز أندرسون للسرطان، على نتائج الدراسة قائلاً "إننا مسرورون لأن الأنابيب حافظت على خصائصها المشعة في تلك التجارب، ما يجعل رؤيتها وتعقبها أمراً سهلاً، ليفتح بذلك المجال أمام تطوير العديد من التطبيقات التشخيصية والعلاجية.
كما تمكن فريق بحثي من جامعة رايس Rice University الأميركية في هيوستون من استخدام أنابيب الكربون النانوية في التشخيص بأشعة إكس X-ray ، حيث قام فريق البحث بقيادة العالم "لون ويلسون" Lon Wilson بتعبئة أنابيب الكربون النانوية عمادة "الإيودين" Iodine ووضعها على غشاء (فيلم) رقيق من البروتين، حيث يتحد هذا البروتين مع خلايا محددة في جسم الإنسان، وبهذا تصبح أنابيب الكربون النانوية بداخلها الايودين داخل الخلية الحية المراد تشخيصها. إذ من المعروف أن استخدام أشعة اكس للحصول على صور تشخيصية لجسم الإنسان، تظهر صور العظام بدون الأنسجة الحية، وذلك بسبب التباين الكبير بين مادة العظام والأنسجة في جسم الإنسان بالنسبة إلى أشعة إكس. وتستخدم مواد ذات تباين عالي مثل "الإيودين" Iodine تحقن في جسم الإنسان للحصول على صور للأغشية الحية مثل تصوير المعدة أو الأوعية الدموية أو في أي مكان يكون هناك توقع لوجود خلايا سرطانية. ولكن مادة "الإيودين" تتحرك في الأوعية الدموية لجسم الإنسان مما يجعل توجيهها إلى منطقة بدقة في جسم الإنسان أمرا صعباً. ولذلك فإن أفضل وسيلة تجعل استخدام أشعة اكس لتصوير الأنسجة الحية في الجسم، هي باستخدام أنابيب الكربون النانوية وملئها بمادة "الإيودين" وزرعها في الخلايا الحية .
كما أظهرت دراسة قام بها علماء في جامعة رئيس Rice University الأميركية، وجامعة راديويد Radboud University الهولندية، انه يمكن عن طريق استخدام جزيئات النانو Nanoparticles المساعدة في نمو أنسجة عظمية أكثر كثافة، وقد ظهرت نتائج هذه الدراسة في "دورية العظام" Journal Bone في حزيران/ يونيو 2008 حيث قام العلماء بوضع خلايا عظمية بسقالات scaffolds مسامية ذات قابلية للتحلل تتكون من مركب (Poly Propylene Fumarate (PPF وأنابيب الكربون النانوية.
وأجرى العلماء اختبارات على الأرانب حيث تم زرع نوعين من السقالات بهم، الأولى تتكون من مركب (PPF) بنسبة 100 بالمئة، والأخرى تتكون من مركب (PPF) بنسبة 99.5 بالمئة، وأنابيب الكربون النانوية أحادية الجدار single-walled carbon nanotubes بنسبة 0.5 بالمئة.
وأظهرت نتائج الدراسة بعد الفحص زيادة نمو العظام بمقدار ثلاثة مرات بالأرانب التي تم لها زراعة السقالات ذات أنابيب الكربون النانوية، مقارنة بالتي تتكون بنسبة 100 بالمئة من مركب (PPF)، كما أن السقالات ذات أنابيب الكربون النانوية كانت تحتوى على كثافة أعلى من نسيج العظام bone tissue مقارنة بما حولها (71)
ومن التطبيقات الأخرى الواعدة للنانوتكنولوجي في المحال الطبي، استخدامها في مجال حيوي مهم آخذ في الإزدياد يعرف بالمجسات المستشعرات البيولوجية Biosensors، وهي عبارة عن أجهزة استشعار دقيقة الحجم لا يتجاوز قطرها 100 نانومتر، وتقوم هذه المستشعرات برصد ما يراد متابعته وتحليله، وتحتوي أجزاء للرصد الحيوي وأجزاء للكشف الفيزيائي الكيميائي، وتتكون هذه المستشعرات
من ثلاثة أجزاء، هي:
- عنصر حيوي حساس sensitive biological element لأي من المواد أو المركبات الحيوية مثل الأنسجة أو الميكروبات أو أجزاء من الخلية أو من جدارها الخارجي أو أنزيمات أو احماض نووية أو مواد كيميائية كالغلوكوز أو غير ذلك، ويتم إنتاج هذا العنصر الحيوي الحساس عبر تقنيات الهندسة الحيوية.
- عنصر راصد detector element يعمل بطريقة فيزيائية كيميائية، كالبصرية أو الكهربائية الكيميائية أو القوى الحرارية أو المغناطيسيةأو غيرها.
- موصل فيما كلا العنصرين transducer ولهذه المجسات البيولوجية العديد من التطبيقات المهمة في المجال الطبي.
حيث تستخدم المجسات البيولوجية الخارجية الآن في غرف الطوارئ كوحدات تشخيص لمعرفة أجزاء الجسم التي تحتاج إلى رعاية طبية، ومن أمثلة ذلك المجس البيولوجي "معمل على شريحة" Lab on a Chip وهو عبارة عن مختبر كيميائي مدمج في رقاقة، حيث يمكنه القيام بإجراء تحليل الدم للكشف عن مواد كيميائية معينة، يدل وجودها على إصابة المريض بمرض ما، كرقاقة تحليل "تريبونين" Troponin الواسعة الاستخدام اليوم في المستشفيات وخارجها لتشخيص الإصابة بالنوبة القلبية . وحالياً تطور بعض الشركات مجسات بيولوجية قابلة للزرع في الجسم، يمكنها تتبع مستوى سكر الجلوكوز في الدم لدى المرضى المصابين بداء السكري نظراً لأن ارتفاع أو انخفاض الجلوكوز عن المستوى الطبيعي قد يودي إلى مضاعفات خطيرة للمصاب، لذا يتم حاليا تطوير تقنية النانو لتقوم بمراقبة مستوى الجلوكوز في الدم بشكل مستمر وبالتالي يكون المريض على علم فوري بأي تغيير قد يطرأ على المستوى في الدم من خلال الحساس الحيوي الموجود داخل الجسم, وليس كما هو معمول به الآن من الكشف عندما يشعر المصاب بأعراض المرض. فعلى سبيل المثال تقوم حالياً شركة "مايكروتشيبز" MicroChips الأميركية بإجراء اختبارات على زراعة رقاقة إلكترونية تضخ بعضاً من الأدوية في الجسم، خلال فترات زمنية يمكن التحكم بها ما يغني عن تناول الدواء بشكل متكرر لأوقات زمنية طويلة، وسوف تكون هذه الرقاقة الحيوية الدقيقة جداً والمحتوية على الدواء، واعدة جداً في علاج السرطان، والتي ستسمى "بالروبوت المجهري"، حيث سيتناولها المريض عن طريق الفم مثل كبسولة الدواء، وسوف تقوم الرقاقة بإطلاق الدواء في الجسم بالمعدل المطلوب، مما سيزيد من فاعلية الدواء وإذا ما استمر التقدم
التفني في مجال "المجسات البيولوجية" بنفس السرعة التي يسير عليها خلال هذا العقد، فإن "جون سانتني "John Santini رئيس شركة "مايكروتشيبز"، يتوقع أن تستخدم هذه التقنية كأطباء مقيمين في الجسم في غضون السنوات القليلة المقبلة، ويضيف قائلاً أن الخطوة القادمة هي إنتاج محس بيولوجي بتحكم لاسلكي، يمكنه أن يكشف ويعالج الحالات الخطرة، ثم إنتاج بحس بيولوجي يقوم بدور العضو الصناعي الذي يمكنه أن يستشعر الحالة المرضية ويستجيب لها آلياً، دون تدخل من المستخدم، وسوف تقوم الرقاقة الحيوية Biochip المزروعة في جسم الإنسان بتحديد مكان وجوده والتعرف على بياناته الطبية الخاصة، لأنها سوف تحتوي على أجهزة خاصة بالاستشعار الحيوي كي تقوم بقياس درجة حرارة الجسم وضغط الدم ونسبة السكر وغير ذلك، وسوف يقوم هوائي متصل بالرقاقة الحيوية المزروعة بتسجيل تلك البيانات وإرسالها إلى محطات إستقبال أرضية مجهزة للاتصال بالأقمار الصناعية تقوم بتوصيلها إلى الأطباء، كما سيكون لتقنية النانو دور كبير في تطوير مستشعرات بيولوجية تساعد في التنبؤ والكشف عن المخاطر البيولوجية، فعلى سبيل المثال تمكن باحثون في مركز أبحاث أميس" Ames Research Center التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وباستخدام تقنية النانو من تطوير محس (مستشعر) بيولوجي Biosensorيساعد في الكشف عن المخاطر البيولوجية Biohazards، وبخاصة البكتيريا والفيروسات والطفيليات، وقد استخدم في صناعته أنابيب كربون نانوية عالية الحساسية ultra-sensetive carbon nanotubes ، (أنظر الشكل 2)

شكل (2) مجس مستشعر بيولوجي، تم تطويره باستخدام تقنية النانوتكنولوجي في مركز أبحاث أميس التابع لوكالة الفضاء الأميركية ناسا"
الاكثر قراءة في الفيزياء الجزيئية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة