إعتراف عمر بأعلميّة أمير المؤمنين عليه السّلام
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج1/ ص286-289
2025-10-23
30
الروايات الدالّة على أنّ أبا بكر وعمر كانا يرجعان في الحكم والعلم إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فيروي في (غاية المرام) عن مسند أحمد بن حنبل بسلسلة اسناده عن يحيي بن سعيد بن المسيب قال: كَانَ عُمَرُ يَتَعَوَّذُ بِاللهِ مِنْ مُعْضِلَةٍ ليسَ لها أبُو الْحَسَنِ عليه السّلام[1].
كما يروي عن الموفّق بن أحمد، بسلسلة الاسناد المتّصلة عن زيد بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: لما كان في ولاية عُمر، اتِي بامرأة حامل، فسألها عمر فاعترفت بالفجور، فأمر بها عُمر أن تُرجَم، فلقيها عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال: ما بال هذه؟ فقالوا: أمر بها أمير المؤمنين أن تُرجم، فردّها عليّ عليه السلام فقال لعمر: أمرتَ بها أن تُرجَم؟ قال: نعم، اعترفت عندي بالفجور.
فقال [علي]: "هَذَا سُلْطَانُكَ عَليهَا فَمَا سُلْطَانُكَ عَلى الذي في بَطْنِهَا؛ ولَعَلَّكَ انْتَهَرتها وأخْفَتها؟!" فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ كَانَ ذَاكَ.
قالَ: أومَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللهُ صلى الله عليه [و آله] وسلّم يقول: "لَا حَدَّ عَلى مُعْتَرِفٍ بَعْدَ بَلاءٍ إنَّهُ مَنْ قُيّدَتْ أو حُبِسَت أو تُهدِّدَت فَلَا إقرَارَ لَهُ، فَخَلَّا سَبِيلها".
ثم قَالَ عُمَر: عَجَزَتِ النِّسَاءُ أن تَلِدَ مِثْلَ عليّ بْنِ أبي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لَو لا عَلي لهلك عُمَرُ[2].
كما يروي عن طريق الخاصّة عن محمّد بن يعقوب بإسناده المتّصل عن الإمام الصادق قال: شرب رجلٌ الخمر على عهد أبي بكر، فرُفِع إلى أبي بكر فقال له: أشربتَ خمراً؟ قال: نعم. قال له: وهي محرّمة؟! قال: فقال له الرجل: إني أسلمتُ وحَسُن إسلامي ومنزلي بين ظهراني يشربون الخمر ويستحلّونَ، ولو علمتُ أنّها حرامٌ اجتنبتها. فالتفت أبو بكر إلى عُمر فقال: ما تقول في أمر هذا الرجل؟ فقال عُمر: معضلةٌ وليس لها الّا أبو الحسن. ادعُ لنا علياً. (ثم) قال عمر: يُؤتى الحكم في بيته.
قال: فقاما والرجل معهما ومن حضرهما من الناس حتى أتى أمير المؤمنين عليه السلام فأخبره بقصّة الرجل، فقصّ الرجل قصّته.
قال: فقال [عليه السلام]: ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار مَن كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه.
ففعلوا ذلك به فلم يشهد عليه أحد بأنه قرأ عليه آية التحريم، فخلى عنه وقال له: إن شربتَ بعدها أقمنا عليك الحدّ[3].
وامّا الروايات التي تدلّ على انّ الحق مع عليّ يدور معه حيث دار، فقد روى في الجزء الثالث من كتاب (الجمع بين الصحاح الستّة) تأليف رزين إمام الحرمين، في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام عن صحيح البخاري قال: عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: سَمعْتُ رَسُولَ اللهَ صلى الله عليه [و آله] وسلم يقول: "رَحِمَ اللهُ عَليّاً، اللَهُمَّ أدِرِ الحقّ مَعَهُ حَيثُ دَارَ"[4].
ومن العجيب انّ كثيراً من هذه الروايات رواها أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة وعمرو بن العاص وغيرهم من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وآله.
وروى في كتاب (مقام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عند الخفاء وأولادهم والصحابة)[5] في فضائل أمير المؤمنين خمسين حديثاً عن رسول الله برواية الخلفاء وأولادهم والصحابة، نقلًا عن علماء أهل السنّة ومحدّثيهم، وذكر شواهد في ذيل كلّ حديث، ومن جملتها رواية يقول عمر فيها لأعرابيّ: وَيْحَكَ مَا تَدرِي مَن هَذَا؟ هَذَا مَوْلَاي ومَوْلى كُلِّ مُؤمِنٍ، ومَنْ لم يَكُنْ مَولَاهُ فَليسَ بِمُؤمِنٍ[6].
[1] (المصدر السابق)، ص 530، الحديث الأول من الباب 41.
[2] (غاية المرام)، ص 513، الحديث 7، من الباب 41، ويقول المرحوم الشريف العسكري في ص 27 من كتاب (مقام الإمام أمير المؤمنين عند الخلفاء): وعلى ما جاء في كتاب (خواص الأئمّة)، ص 87، طبع ايران، في قضيّة المرأة التي ولدت لستّة أشهر فأمر عمر برجمها، فمنعه أمير المؤمنين من إقامة الحدّ عليها وبيّن له السبب فقال عمر: اللهم لا تُبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب.
ويروي المولي على المتّقي في (كنز العمال) الجزء الثالث، ص 53 نظير تلك الرواية بلفظ (اللهم لا تنزل بي شدّة الّا وأبو الحسن إلى جنبي) ويقول في (ذخائر العقبي) ص 82: (اللهمّ لا تنزلنّ بي شديدة الّا وأبو الحسن إلى جنبي) كما روي عن يحيي بن عقيل أن عمر كان يرجع في القضايا الصعبة إلى على بن أبي طالب فيحلّها له، وكان يقول: (لا أبقاني الله بعدك يا على).
ورُوي عن أبي سعيد الخدري قال: سمعتُ عمر يقول لعلّي وقد سأله فأجابه: (أعوذُ بالله أن أعيشَ في يومٍ لست فيه يا أبا الحسن).
[3] (غاية المرام)، ص 535، الحديث الخامس من الباب 42.
[4] (المصدر السابق)، الحديث الرابع من الباب 45.
[5] مؤلّفة الميرزا نجم الدين الشريف العسكري من علماء سامرّاء البارزين وابن خال أب الحقير مؤلّف هذا الكتاب، وأبوه المرحوم آية الله الميرزا محمّد الطهراني صاحب كتاب (مستدرك البحار) خال أب الحقير، من علماء سامرّاء الأعلام ومن التلامذة المبرّزين لأية الله الحاج الميرزا محمد حسن الشيرازي وربيبه، وكان مثالًا للسلف الصالح.
[6] (مقام الامام أمير المؤمنين عند الخلفاء)، ص 29.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة