معنى الولاية التكوينيّة: أنّ رسول الله- حقّاً- هو الواسطة والحجاب بين العبد وربّه؛ وأنّ جميع الفيوضات تفاض من الله على العباد، كالحياة والعلم والقدرة وغيرها بواسطته حيث يمثّل مرآة الحقّ، وهو في مقام الولاية وبدون واسطة.
ومعنى الولاية التشريعيّة: أنّ إرادة رسول الله مقدّمة على كلّ إرادة في مقام اتّخاذ القرار، والاختيار للمؤمنين، وتحلّ إرادته بديلة عن إرادة المؤمن. أي: أنّ المؤمن إذا أراد أن ينجز عملًا، ومنعه رسول الله، أو إذا لم يرد، وأمره به، فيجب عليه أن يقدّم أمر الرسول ونهيه على إرادته وخيرته. ويطبّق أوامره، سواء في الحرب أو في السلم، وسواء في أخذ المال أو إعطائه. وسواء في النكاح أو الطلاق أو الجلاء عن الوطن، أو كسب الرزق، أو سائر الشؤون الحياتيّة. وأنّ التعاليم الدينيّة والتكاليف الإلهيّة، كلّها تصدر عن رسول الله، وطاعتها واجبة.
ومن الحقول التي طبّقت فيها الولاية التشريعيّة لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قصّة زينب. فقد زوّجها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأمره الوَلائيّ من غلامه ودعيّه زيد بن حارثة، وبعد أن طلّقها زيد، تزوّجها رسول الله بأمره الوَلائيّ أيضاً.
وتوضيح ذلك: أنّ زَيْنَب وهي بنت عمّة النبيّ، وامّها امَيْمَة بنت عبد المطّلب، وكانت قد تزوّجت رجلًا اسمه جَحْش فأنجبت منه بنتاً تدعى زَيْنَب، فزَيْنَبِ بِنْتُ جَحْشْ هي بنت امَيمَة بنت عبد المطلّب، وبنت عمّة رسول الله.
وكان زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ غلام رسول الله؛ وأعْتقه النبيّ، وسمّاه بعد عتقه: ابنه. وكانت قضيّة الابن بالتبنِّي معروفة ومشهورة ومتداولة بين الناس آنذاك.
ومن الطبيعيّ فقد كانت أعمال رسول الله كلّها تنطلق من الحكمة والمصلحة، وها نحن نقف على قسم منها.
كان العرب في العصر الجاهليّ يعتبرون الابن بالتبنّي، وهو الدَّعِيّ كما يعبّرون عنه، ابناً حقيقيّاً في الأحكام، وفي جميع الخصوصيّات من نكاح، وإرث، وسائر الامور، فهو كالابن الحقيقيّ. وإذا كانت بنتاً، فهي كالبنت الحقيقيّة.
ولذلك فإنّهم عند ما كانوا يزوّجونه، فقد كانوا يعتبرون زوجته زوجة حقيقيّة تشملها أحكام المحارم. وإذا ما طلّق الدعيّ زوجته، فإنّهم كانوا لا يتزوّجونها، وذلك لأنهم كانوا يعتقدون أنها زوجة ابنهم، وأنها كنّتهم، ولها حرمة مؤبّدة.
ومن جهة اخرى، كانت الحياة الأرستقراطيّة شائعة بين العرب؛ فكانت المرأة ذات النفوذ والشخصيّة فيهم تأبي الزواج من عبد مُعتق ليس له شأن من حيث الحسب والنسب.
وكان كبار العرب يزوّجون بناتهم لأشخاص معروفين، من أهل البيوتات ومن ذوي القبائل والعشائر وممّن لهم مكانة ومنزلة في المجتمع، ويرون تزويجهُنّ للفقراء، والعبيد المعتقين أكبر عار عليهم. وكانوا يؤثرون الموت أو تطليق بناتهم على مثل هذا الزواج.
وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مكلّفاً من ربّه أن ينسف هذه الأحكام الجاهليّة نسفاً.
أوّلًا: أن يعلن للناس أنّ شرف المؤمن بالإيمان والتقوى؛ لا بالمال والحَسَب والنَّسَب؛ ولذلك فكلّ مسلم فقير، حتى لو كان عبداً معتقاً، له الحقّ أن يتزوّج من بنات المتنفّذين والوجهاء؛ وكذلك يمكن لبنات المتنفّذين والوجهاء الزواج من المؤمنين الفقراء.
فالتكافؤ في الزواج واختيار الزوج والزوجة هو الإيمان والتقوى، لا التكافؤ في المال والاعتبار والعشيرة والقوم والقبيلة.
وثانياً: أن يعلن للناس أنّ الابن بالتبنّي ليس ابناً حقيقيّاً، وأنّ التبنّي لا يترتب عليه أيّ أثر من آثار النسب؛ فالدعيّ ليس ابناً؛ والدعيّة ليست بنتاً. وأنّ الدعيّ لا يرث ولا يورث؛ وهو ليس محرماً؛ والبنت الدعيّة ليست محرماً؛ والابن الدعيّ ليس محرماً بالنسبة إلى زوجة الإنسان؛ وزوجته لا تعتبر كنّة للإنسان، ولا تكون محرماً بالنسبة إليه؛ فأن طلّق الابن الدعيّ زوجته، فللإنسان أن يتزوّجها بعده؛ لأنها امرأة أجنبيّة بكلّ ما للكلمة من معنى، وهي ليست من المحارم. قال تعالى: {وَ ما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ واللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ}.[1]
وكان رسول الله يريد تطبيق هذه الأحكام، بَيدَ أنه كان يخشى الناس، ويخشى ممّن كانوا حديثي عهد بالإسلام، فربّما كانوا سيستوحشون، ولا يتنازلون للرسالة، وربّما يرتدّون عن الدين وهم يقولون: جاء محمّد بشريعة تحلّل نكاح المحارم كشريعة المجوس، والعياذ بالله.
فخشيته الناس كانت لله وبدافع الحرص على الدين، بَيدَ أنّ الله أمره أن لا يخشى الناس! وأن يخشاه، وينفّذ هذا الأمر.
كأمْرِهِ له في بيعة الغدير: {بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}.[2]
وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عند نزول الأحكام العسيرة على الذين لا قبل لهم بها في بادئ الأمر، يطبّقها في البداية على نفسه وعشيرته الأقربين، ليعلم الناس أنّ رسول الله بنفسه المقدّسة يجري عليه هذا الحكم، وأنه يطبّقه على نفسه؛ فتزول بذلك كلّ وحشة وقلق، أو تخفّ وطأتهما.
وعلى سبيل المثال، فعند ما أراد أن يضع الربا، ويحكم بحرمته، ويفسخ الأموال الربويّة التي كان يأخذها الناس بعضهم من بعض في الجاهليّة، ولا يضع لها اعتباراً، فقد بدأ بربا عمّة العبّاس. وطبّق عليه هذا الحكم، فأسقط جميع الأموال الربويّة التي كان قد أقرضها للناس، كما جاء ذلك في خطبة حجَّة الوداع التي ألقاها في عرفات فقا جاء: ووَضَعَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةَ وأوّلُ رِباً وَضَعَهُ رِبا عَمِّهِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.[3]
وعند ما أراد أن يضع دماء المشركين وغير المسلمين، فقد بدأ بدم ابن عمّه: رَبيعَة بن الحارث بن عبد المطّلب الذي اريق أيّام الشرك في الجاهليّة، حيث قتله هُذَيْل. كما جاء في خطبته، حيث ورد:
وَوَضَعَ الدِّماءَ في الْجَاهِلِيَّةِ وأوَّلُ دَمٍ وَضَعَهُ دَمُ ابْنِ عَمِّهِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَتَلَهُ هُذَيْلٌ".
فَقَالَ: أوّلُ دَمٍ أبْدَا بِهِ مِنْ دِمَآءِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ فَلَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الإسْلَامِ.[4] وقال في الخطبة: انّ دِمَاءَكُمْ وأمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عليكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في شَهْرِكُمْ هَذَا[5] في بَلَدِكُمْ هَذَا. ألَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمِي مَوْضُوعٌ؛ ورِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ؛ وأوّلُ رِبا أضَعُ رِبا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
وعند ما أراد النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يطبّق الأمر الأوّل، وهو التزاوج بين الأشراف والضعفاء، فإنّه أراد أن يطبّقه على عشيرته الأقربين، فذهب عند زَيْنَب بنت جَحْش (بنت عمّته) وخطبها لزَيد بن حَارِثَةِ غلامه ودعيّه، فعزّ على زينب هذا الأمر كما جاء في تفسير «الدرّ المنثور»: أخرج ابن جرير عن ابن عبّاس، قال: "خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَآلِهِ وسلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَاسْتَنْكَفَتْ مِنْهُ وَقَالَتْ: أنا خيْرٌ مِنْهُ حَسَباً، وكَانَتْ امْرَاةً فِيها حِدَّةٌ، فَأنْزَلَ اللهُ تَعَالى: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ ورَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ومَنْ يَعْصِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً}.[6]
وفي ضوء الأمر الوَلائيّ لرسول الله، قبلت زينب بالزواج من زيد، وأصبحت زوجة له؛ غير أنّ هذا الزواج لم يكن مقروناً بالهدوء والسكينة، إذ كانت زينب ترى في نفسها الشرف والعظمة، وترى زوجها غلاماً معتوقاً لابن خالها: محمّد رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ.
وضاق زيد ذرعاً لفقدان الانسجام النفسيّ مع زوجته، وجاء إلى رسول الله مِراراً، وطلب منه أن يطلّق زينب، فلم يسمح له النبيّ بذلك وكان يقول له: أمسك عليك زوجك، ولا تطلّقها.
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتَّقِ اللَّهَ}.[7]
إلى أن تفاقم الوضع وتأزّمت الحياة حتى بلغ الأمر درجة نفد معها صبر زيد، وشعر بالتعب، فجاء إلى رسول الله وقال له: لا طاقة لي على العيش مع زينب، فأْذَنْ لي بطلاقها، فأذِن له النبيّ، وطلّقها.
وهنا كلّف النبيّ أن يطبّق الحكم الثاني، وهو إلغاء الآثار المترتّبة على التبنّي؛ فبدأ بنفسه في المرحلة الأولى إذ امِر بزواج زينب، امرأة دعيّه التي هي في حكم كنّته؛ ليتّضح للناس عمليّاً أنّ زوجة الدعي ليست كنّة، وأنّ زواجها ليس فيه إشكال. بَيدَ أنّ النبيّ كان يخشى الناس، لأنّ الأمر جديد عليهم، فإذا تزوّج زينب، فإنّ الناس سيقولون: تزوّج كنّته، فيرتدّوا عن الدين، ولعلّ الأمر ينقلب على الإسلام في تلك الظروف.
جاءت هذه الآية لتخاطبه صلّى الله عليه وآله قائلة: أ تخشى الناس! لا تخش! طبّق أمر الله، والله أحقّ أن تخشاه! إنّك تخفي في نفسك ما الله مبديه: {وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وتَخْشَى النَّاسَ واللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ}. (تتمّة الآية)
تزوّج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم زينب بأمر الله مع خشيته الناس، وذلك رفعاً لهذه البدعة الجاهليّة؛ وقد سدّده الله وأعانه؛ واستبان ضعف المؤاخذة التي طرحها الناس؛ وقد نُفّذ هذا الحكم بحمد الله، ولم تعد آثار الابن الحقيقيّ مترتّبة على الابن بالتبنّي (الدعي).
{فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}. (بقيّة الآية 37).
جاء قضاء الوَطَر- الذي يعني الاستمتاع والدخول- مرّتين في هذه الآية لتفهمنا على أنّ الزواج من امرأة الدعي حتى بعد المضاجعة والمواقعة صحيح لا غبار عليه؛ وأنّ هذا الحكم لا يقتصر على عدم المواقعة فقط.
هذه هي حقيقة قصّة زينب، وقد تبيّن الأمر الولائيّ لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وفقاً للآية القرآنيّة الشريفة والتفاسير الشيعيّة؛ بَيدَ أنّ كثيراً من تفاسير أهل السنّة نقل القصّة بصورة غير مستحسنة.
ولمّا استند المستشرقون على تواريخ أهل السنّة وتفاسيرهم لمعرفة الإسلام؛ فلهذا صاروا ينظرون إلى الإسلام من منظار سنّيّ، وبالتالى استشكلت الأمور عليهم.
يقول غوستاف لوبون الفرنسيّ في كتاب «تاريخ الحضارة الإسلاميّة والعربيّة»: «بلغ حبّ النبيّ للمرأة درجة أنه وقعت عينه ذات يوم على زوجة دعيّه زيد صدفة، وكانت عارية؛ فرغب فيها. وعند ما علم زيد ذلك، طلّقها، فتزوّجها النبيّ. وكان لهذا الخبر صدى سيّئ بين الناس، فاعترض بعضهم على ذلك؛ إلّا أنّ جَبرَئيلَ الذي كان ينزل على النبيّ كلّ يوم، أتى بالوحي من عند الله على أنّ هذا العمل الذي قام به النبيّ لم يخلو من المصلحة؛ فسكت الناس بعد ذلك»[8]
واستبان ممّا قدّمناه أنّ صورة هذه القضيّة كانت بشكل آخر تماماً؛ وعلى عكس هذه النظريّة وفي الجهة المقابلة لها تماماً.
يقول العلّامة الطباطبائيّ: إعتذر جمع من المفسّرين عن عمل رسول الله بأنها حالة جبلّيّة لا يكاد يسلم منها البشر، فإنّ فيه:
أوّلًا: منع أن يكون بحيث لا يقوى عليه التربية الإلهيّة.
ثانياً: أنه لا معنى حينئذٍ للعتاب على كتمانه وإخفائه في نفسه، فلا مجوّز في الإسلام لذكر حلائل الناس والتشبّب بهنّ.[9]
ويلاحظ في تواريخ أهل السنّة وتفاسيرهم مثل هذه الطعون والتهم الرخيصة المشينة منسوبة إلى رسول الله. بينما تخلو منها تواريخ الشيعة وتفاسيرهم بشكل عامّ. ولعلّ السبب في ما يلاحظ عند العامّة هو أنهم أرادوا- وفقاً لآرائهم- أن يهبطوا بمقام رسول الله عن القدسيّة والطهارة والعصمة، ويطابقوا ما عندهم في رسول الله مع الأحاديث المجعولة في مدح الشيخين التي ترفع مقامهما ومنزلتهما إلى أبعد مدى ممكن؛ وحينئذٍ لا يكون هناك فرق بين رسول الله وبينهما. ولو كان موجوداً، فهو قليل؛ وهذه أكبر خيانة للتأريخ، وأكبر تجنّ على الحقيقة إذ يُتّهم النبيّ بأمر غير صحيح إعلاءً لشخص آخر.
ولو قال أحد: أنّ الشيعة قد انتهجوا في مدح على بن أبي طالب وتمجيده كما فعل السنّة في اختلاق الروايات لمدح الشيخين وعثمان. فإنّنا نجيب قائلين: هذا كلام خاطئ، لانّ مقاليد الأمور والحكومة السياسيّة كانت بِيَدِ أنصار الخلفاء ومؤازريهم بعد رسول الله؛ وكان أنصار على بن أبي طالب بين منبوذ، وطريد، وحبيس، ومضروب، ومقتول.
ولم يكن هذا الأمر في يوم أو يومين بل استمرّ حتى عصر رفع التقيّة أيّام الصفويّين وذلك بفتوى العالم الكبير والشيخ الجليل: الشيخ عبد العالى الميسيّ الكَرَكيّ العامليّ، المعروف بالمحقّق الكركيّ والمحقّق الثاني.
فالسلطة والحكومة وبيت المال والتبليغ والإعلام كلّها كانت بأيدي المعارضين من جميع الجهات، فأنى للشيعة أن يختلقوا رواية أو حديثاً؟
ومتى استطاعوا ذلك؟ إنّهم لم يستطيعوا أن ينقلوا الروايات المأثورة في فضائل أئمّتهم ومناقبهم للآخرين وجهاً لوجه، والشواهد التأريخيّة على ذلك جمّة، فكيف يتسنّى لهم أن يزيدوا على المرويّات في فضائل الأئمّة روايات يختلقونها ويبثّونها بين الناس؟ وقد سُئل الشافعيّ عن أمير المؤمنين عليه السلام وهو من كبار المخالفين وأئمّتهم، فقال: مَا أقُولُ في رَجُلٍ أسَرَّ أوْلِيَاؤُهُ مَناقِبَهُ تَقِيَّةً وكَتَمَها أعْداؤهُ حَنَقاً وعَدَاوةً ومَعَ ذَلِكَ قَدْ شَاعَ مِنْهُ مَا مَلأتِ الْخَافِقَيْنِ.
[1] الآية 4، من السورة 33: الأحزاب.
[2] الآية 67، من السورة 5: المائدة.
[3] «السيرة الحلبيّة» ج 3، ص 298.
[4] نفس المصدر.
[5] اليوم الحرام هو يوم عرفة، وهو محترم للغاية، والشهر الحرام هو شهر ذي الحجّة وهو شهر محترم، والبلد الحرام مكّة، كانت لها حرمتها، ولا يمكن الدخول فيها بدون إحرام.
[6] الآية 36، من السورة 33: الأحزاب.
[7] النصف الأوّل من الآية 37، من السورة 33: الأحزاب.
[8] «تاريخ الحضارة» ص 121، 122، ضمن الفصل الرابع.
[9] «تفسير الميزان» ج 16، ص 343.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة