الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
العلم بين ترسيخ الثقافة وغربلتها
المؤلف:
أ. د. عبد الكريم بكَار
المصدر:
حول التربية والتعليم
الجزء والصفحة:
ص 111 ــ 113
2025-07-30
27
الثقافة هي: ذلك النسيج المعقد من العقائد والمبادئ، والأفكار والنظم والآداب والأخلاق والعادات والتقاليد، وما يشكل خلفية تاريخية لكل ذلك. إن كل شبر في الأرض يقطنه ناس مشحون بثقافة ما. وإن الناس يتشربون أكثر قيمهم الثقافية دون وعي منهم، وهم لا يستطيعون التفريق في كل موقف بين ما هو مركزي في ثقافتهم، وبين ما هو هامشي، كما أن قدرة السواد الأعظم منهم على اكتشاف الزيف والتشويه في ثقافتهم محدودة جداً.
البنية الثقافية لدى أي أمة ليست ثابتة ولا نهائية، فمكونات النسيج الثقافي متعددة، وبينها علاقات تأثر وتأثير على نحو متواصل، كما أن حاجات الأمة والظروف التي تمر بها تمنح ثقافتها نوعاً من التجدد المستمر.
إن ذوي الثقافة العليا في الأمة هم وحدهم الذين يدركون الذاتية الثقافية للأمة، فمن خلال معرفتهم بأصولها الكبرى، وخبرتهم بمفاصل تطورها، وعبر مقارنتهم لها بثقافات الأمم الأخرى، يضعون أيديهم على ما ينبغي أن يستمر من معالم تلك الثقافة، كما يلمسون الأجزاء المعطوبة فيها، فيعملون على تنقية الثقافة منها.
إن الأمة بحاجة إلى ترسيخ عدد من القيم التي تمثل جزءاً مهماً من منهجيتها العليا، وتلك التي يحتاجها النهوض الشامل الذي تسعى إليه، من نحو الإخلاص والصدق والنزاهة والتشاور والعدل والحرية والإنصاف وحفظ الحقوق والتعاون والتفتح والدقة والجدية والإيثار وسعة الفهم والمثابرة والمرونة... ومهمة الرسالة التعليمية والتربوية أن تؤكد هذه القيم، وتفضح الممارسات التي تناقض مدلولاتها.
ومن وجه آخر فقد ورثنا من عصور التدهور الحضاري مفاهيم وأخلاقاً ونظماً فاسدة وسيئة؛ مما جعل ثقافتنا مثقلة بالأشياء المعطوبة. إن من طبيعة البشر أن يجعلوا (الدين) جزءاً من ثقافتهم بدل أن يكون المهيمن عليها؛ وهم يكيفونه مع باقي عاداتهم وتقاليدهم؛ مما يفقد تلك الثقافة الدستور الذي يمكن أن يوجهها، ويساعد على تصحيحها. أضف إلى ذلك كله أن بعضاً من المثقفين اليوم قد فتنوا بالحضارة الغربية، وأدخلوا إلى ثقافتنا كثيراً مما يسهم في إنحطاطها وتفككها!
إن مما يحتاج إلى نفي وإبعاد عن ثقافتنا المعاصرة ما شاع في كثير من بلاد المسلمين من فوضى وكسل واستبداد، وإعراض عن المشاركة في الشأن العام، إلى جانب الفكر الإرجائي والخرافي، وعادات التبذير والمظهرية والشكلية، وانعدام الشعور بالمسؤولية، والخروج على النظام وأكل الحقوق والاستهانة بكرامة الإنسان، بالإضافة إلى حب الإنجاز السريع، وضعف روح المثابرة، وما شاكل ذلك مما أدى في مجموعه إلى أن تصبح الأمة نهبة لكل طامع، بالإضافة إلى شيوع الجهل والفقر والبطالة. لا أظن أن بالإمكان غربلة ثقافتنا دون أن نفهم الآلية التي تمكننا من تطويرها، ودون أن نعرف المداخل النفسية والاجتماعية لذلك.
إن المجتمع العلمي ليس ذلك الذي يشيد المدارس والجامعات، وينشر الكتب، وإنما ذلك المجتمع الذي يصوغ حياته اليومية ونظمه وأعرافه وفق المعارف والآداب التي يلقنها لأطفاله في المدارس (1).
إن وظيفة المؤسسات التعليمية - على اختلاف مستوياتها - في هذه القضية حاسمة؛ حيث إن عليها أن تحاول أن تجعل من نفسها البيئة النموذجية لتجسيد ما تقدمه من قيم ومثل لطلابها في أوضاعها العامة، وفي العلاقات القائمة فيها.
إن المؤسسات التعليمية، يجب أن تصبح منصات لمناقشة أنواع التصدع المختلفة بين المبادئ وبين أشكال السلوك اليومي، وأن يكشف عنها بوضوح تام؛ من أجل تأمين نوع من الانسجام بين الرمز والخبرة. وبهذه الطريقة نحمي ذاتيتنا الثقافية من التخريب والتشرذم، ونؤمن لها الانسجام والاستقرار (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ انظر: أثر العلم في المجتمع: 100.
2ـ انظر: التربية والتقدم الاجتماعي: 147.
الاكثر قراءة في التربية العلمية والفكرية والثقافية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
