علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
المجهول
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 336 ـ 343
2025-06-25
20
السابعة: في المجهول.
وهو في غرضنا هاهنا أقسام:
الأول: المجهول العدالة ظاهرًا وباطنًا.
فلا تقبل روايته عند الجماهير (1).
الثاني: المستور.
وهو الذي جهلت عدالته الباطنة، وهو (2) عدل في الظاهر، مجهول في الباطن، فيحتج بروايته بعض من ردّ رواية الأول، وهو قول بعض الشافعيّين (3)، وقطع به الإمام سُليم بن أيوب الرازي (4).
قال الشيخ تقي الذين: "ويشبه أن يكون العمل على هذا الرأي في كثير من الكتب المشهورة في غير واحد من الرواة الذين تقادم العهد بهم (5)، وتعذّرت الخبرة الباطنة [بهم] (6)، بخلاف الشهادة فإنّها تكون عند الحكّام، ولا يتعذّر عليهم ذلك، فاعتبر فيها العدالة في الظاهر والباطن" (7).
قلت: قول الشيخ تقي الدين غير ظاهر في المقصود؛ لأنّه إن كان المراد بظاهر العدالة من شهد معدّلان على عدالته؛ فلا نزاع لأحد في قبول شهادته، وروايته في ظاهر الشرع، وإن كان باطنه بخلاف الظاهر، وإن كان المراد من اشتهر بالعدالة بين الناس، فلا نزاع فيه أيضًا؛ لما تقدّم، وإن لم يكن شيء من ذلك فلا نسلّم أنّه يقال له ظاهر العدالة (8).
وأمّا قوله: "بخلاف الشهادة؛ فإنّه اعتبر فيها العدالة ظاهرًا وباطنًا"، ففيه بحث، فإنّ المعدّلَينِ إذا غلب على ظنّهما صلاح رجل بعد الاختبار والصحبة، وشهدا بعدالته يعتبر تعديلهما قطعًا، وحكم الحاكم بشهادة الرجل المعدَّل وإن كان في الباطن غير عدل (9)، اللهمّ إلّا إذا أراد الشيخ بالباطن شيئا آخر، فحينئذٍ يجب تصوّره ليصحّ التصديق به (10)، والله أعلم.
الثالث: مجهول العين.
وقد يقبل رواية مجهول العدالة من لا يقبل رواية مجهول العين (11).
فقال الخطيب: "من روى عنه عدلان مشهوران بالعلم فقد ارتفع عنه هذه الجهالة، إلا أنّه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه على ما قدّمنا" (12).
قلت: وقد تقدّم ما فيه من التفصيل.
[خرّج الشيخان في "صحيحيهما" لمن ليس له غير راوٍ واحد]:
قال الشيخ تقي الدين ردًّا على الخطيب: "قد خرّج البخاري في "صحيحه" حديث جماعة ليس لهم غير راوٍ واحد، منهم المرداس الأسلميّ، لم يروِ عنه غير قيس بن أبي حازم (13)، وكذلك أخرج مسلم حديث قوم لا راوي لهم غير واحد، مثل ربيعة بن كعب السلميّ، لم يروِ عنه غير أبي سلمة بن أبي عبد الرحمن (14)، وذلك منهما مصيّر إلى أنّ الراوي قد يخرج عن كونه مجهولاً مردودًا برواية واحد عنه.
[التعديل بواحد]:
والخلاف في هذا كالخلاف في اكتفاء التعديل بواحد" (15).
وقال الشيخ محيي الدين: "ردّ الشيخ تقي الدين على الخطيب غير متّجه؛ لأنّ مرداسًا وربيعة صحابيّان معروفان عند أهل العلم، ومرداس من أهل بيعة الرضوان، وربيعة من أهل الصفّة (16)، فالبخاري ومسلم ما خالفا ما نقله الخطيب عن أهل الحديث"(17).
قال: "وقد حكى الشيخ (18) في (النوع: السابع والأربعين) عن ابن عبد البرّ (19): كل من لم يروِ عنه إلا واحد فهو مجهول عندهم، إلّا أن يكون مشهورًا في غير حمل العلم، كاشتهار مالك بن دينار بالزهد، وعمرو بن معدي كرب بالنجدة". انقضى.
قال الخطيب: "مَن عُرفت عينه وعدالته، وجُهل اسمه ونسبه احتجّ بخبره" (20)، ولو قال الراوي: أخبرني فلان، أو فلان، وكلاهما عدلان يقبل (21)، وإن كان أحدهما عدلاً دون الآخر، أو أحدهما مجهولاً، فلا (22).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وأبو حنيفة يقبل مثل هذا، قاله البلقيني في "المحاسن" (295)، ولذا رام بعض متعصّبة الحنفيّة توثيق من سكت عنه الحفّاظ، وله في ذلك دراسة مفردة، انتقدها غير واحد ممّن عملوا بمذهب المحدّثين، وهذا هو الحق.
والمسألة في كتب الأصول على تشقيق الاحتمالات، وفي كتب المتأخّرين على لين في الاختيارات والعبارات، ودمج في طبقات الرواة، فتنبّه!
ثم وجدت للمصنّف في "المعيار في علل الأخبار" (1/ 41) عبارة جيّدة، يقول فيها: "وأمّا المجهول الحال مطلقًا من حيث الظاهر والباطن لا يجرح ولا يعدّل، لكن لا تقبل روايته، حتّى ينهض الدليل على عدالته، إمّا ظاهرا وباطنا، أو ظاهرا على الأصحّ، هذه أصول عباراتهم، ثم تجد ما وراءها ما يقرب من واحدة منها، فلا عليك أن تلحقه ممّا يقرب منه".
(2) في هامش الأصل: "وهذا".
(3) انظر: "التقييد والإيضاح" (145)، "التبصرة والتذكرة" (1/ 323).
(4) من أئمّة الشافعيّة، توفّي غريقًا في بحر القلزم سنة 447 هـ، بعد رجوعه من الحجّ وله كتاب "المختصر في فروع الشافعيّة"، شرحه نصر بن إبراهيم المقدسيّ (ت 490 هـ)، وسمّاه "الإشارة"، وصنّف في التفسير والحديث وغريبه والنحو والفقه، له ترجمة في "طبقات الشافعيّة الكبرى" (3/ 168)، "السير" (17/ 645).
وسبب الخلاف في المسألة - في فهمي وتقديري -: هل يحسن الظن عند فحص رواة الحديث أم لا؟ مسند ابن أبي حاتم في (تقدمة) "الجرح والتعديل" (35) والعقيلي في (مقدمة) "الضعفاء" (1/ 9)، والخطيب في "الكفاية" (345)، بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن مهدي قال: "خصلتان لا يستقيم فيها حسن الظن: الحكم والحديث". بينما قال من حسن الظن - كسليم -: "إنّ أمر الاخبار مبني على حسن الظن بالراوي، ولأنّ رواية الأخبار تكون عند من يتعذّر عليه معرفة العدالة في الباطن، فاقتصر فيها على معرفة ذلك في الظاهر، وتفارق الشهادة، فإنّها تكون عند الحكّام، ولا يتعذّر عليهم ذلك، فاعتبر فيها العدالة في الظاهر والباطن" انظر: "فتح المغيث" (1/ 299)، "تدريب الراوي" (1/ 316).
والذي أراه صوابًا: التفرقة بناءً على الطبقة؛ لتوسّع المتأخّرين في الألقاب، قال الذهبي في "السير" في ترجمة (أحمد بن يوسف بن خلاد) (المتوفى 359 هـ) بعد أن ذكر أن أبا الفتح بن أبي الفوارس وثقه مع قوله عنه: "لم يكن يعرف من الحديث شيئا" قال الذهبي: "فمن هذا الوقت، بل قبله صار الحفّاظ يطلقون هذه اللفظة (ثقة) على الشيخ الذي سماعه صحيح، بقراءة متقن، وإثبات عدل، وترخّصوا في تسميته بالثقة، وإنّما الثقة في عرف أئمّة النقد كانت تقع على العدل في نفسه المتقن لما حمله، الضابط لما نقل، وله فهم ومعرفة في الفن، فتوسّع المتأخّرون".
ولذا فالأقدمون إذا قالوا: فلان ثقة، فإنّ معنى هذا أنّهم لا يقبلون رواية المستور، والمجهول من باب أولى، خلافًا للمتساهلين، كابن حبّان فكأنّه يرى أنّ جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور! كما هو مشهور.
(تنبيه) لا يتعامل مع المجاهيل والمستورين بمجرد الاصطلاح، ونجعلهم سواء على اختلاف طبقاتهم ومروياتهم، وأشار إلى هذا الذهبي في آخر "ديوان الضعفاء" (ص 478)، وعبارته: "وأمّا المجهولون من الرواة، فإن كان الرجل من كبار التابعين أو أوساطهم، احتمل حديثه وتلقّي بحسن الظن إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة الألفاظ، وإن كان الرجل منهم من صغار التابعين، فيتأنّى في رواية خبره، ويختلف ذلك باختلاف جلالة الراوي عنه وتحرّيه، وعدم ذلك".
وتطبيقات ابن رجب وابن كثير وابن القيّم في جماعة من المحقّقين، آخرهم شيخنا الألباني تدلّ على التفرقة، وفي كلمة الذهبي ضوابط جيّدة، والمسألة تحتاج إلى دراسة مستقلّة.
(5) أمّا إذا تقادم العهد بهم، فلم تتعذّر الخبرة بهم إلّا عند الفقهاء، وأمّا عند علماء هذا الشأن، الذين كثرت عندهم التواريخ وسؤالات الأئمّة التي تزيد على ألف مصنّف كبير وصغير، فلا يتعذّر عليهم شيء من ذلك، قاله مغلطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 30/ ب) وانظر "فتح المغيث" (1/ 299). وفي هامش الأصل: "وفيهم" وسقطت على الناسخ، وصوابها "وبهم" كالمثبت.
(6) سقط من الأصل، وأثبته من كلام ابن الصلاح.
(7) مقدّمة ابن الصلاح (ص 112).
(8) مثله عند مغلطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 30/ ب).
(9) مثله عند مغلطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 30/ ب)، ولا بُدَّ من تحرير معنى العدالة الظاهرة والباطنة، وهكذا صنع الزركشيّ في "النكت على مقدّمة ابن الصلاح" (3/ 378 - 379)، فإنه ساق كلام التبريزي بطوله من قوله "غير ظاهر في المقصود…" إلى هنا، وقال غير مسلم لاعتراضه بل دفعه بقوله: "قلت: مراده بالعدالة الظاهرة: العلم بعدم الفسق، وأمّا الباطنة فهي التي يرجع فيها إلى أقوال المزكّين، وقد صرّح بذلك الأصحاب في كتاب الصيام، وحينئذٍ لا يصح الاعتراض، فإنّه لم يرد بالباطنة ما في نفس الأمر، بل ما يثبت عند الحاكم، وإنما جرى فيه خلاف من جهة أنّ شرط قبول الرواية هل هو العلم بالعدالة أو عدم العلم بالفسق؟ فإن قلنا بالأول لم يقبل المستور وإلّا قبلناه، وهذا متوقّف على ثبوت الواسطة بين العدالة والفسق، وذلك باعتبار ما يظهر من تزكيته وعدمها، ولهذا فرّق المحدّثون بين الصحيح والحسن والضعيف، فالصحيح رواية العدل، والحسن رواية المستور، والضعيف رواية المجروح".
قال أبو عبيدة: ليس الحسن عند المحدّثين رواية المستور، فهذا الإطلاق عليه مؤاخذة، وانظر ما قدّمناه قريبًا في التعليق على (ص 338) وتنبّه المصنّف لمثل اعتراض الزركشي، فقال: "إلا إذا أراد الشيخ - يريد ابن الصلاح - بالباطن شيئًا آخر … ".
(10) انظر الهامش السابق.
(11) قال ابن كثير في "اختصار علوم الحديث" (ص 97): "لا يقبل روايته أحد علمناه لكن إذا كان في القرون المشهود لهم بالخير، فإنّه يستأنس بروايته ويستضاء بها في مواطن". وقيل: إن تفرّد بالرواية عنه من لا يروي إلا عن عدل قبلنا روايته، "إلا فلا، وهذا مردود بما قدّمناه في التعليق على (ص 322) وجهالة العين من أسباب الضعف الشديد، بخلاف جهالة الحال، وقد يذكر الراوي وينفرد أحد الضعفاء بالرواية عنه، فيحكم أهل العلم بجهالة عينه، لعدم الثقة بوجوده أصلا كما تراه في ترجمة (حفص بن هاشم بن عتبة) من "التهذيب"، ومثله مولدات أوهام الرواة كما تراه في مواطن من "تعجيل المنفعة".
(12) الكفاية (1/ 289 - 290) بتصرّف.
(13) رواية البخاري عنه في "الصحيح" (4156، 6434)، ونصّ على تفرّد قيس بالرواية عن مرداس جمع، منهم: مسلم في "الوحدان" (3) والدارقطني في "الإلزامات" (ص 78) وأبو الفتح الأزدي في "المخزون" (ص 150)، وابن طاهر في "شروط الأئمّة الستّة" (17) والحازمي في "شروط الأئمّة الخمسة" (38).
وقال المزّي: "روى عنه زياد بن علاقة" وكذا قال مغلطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 31/ أ) ورده ابن حجر بأنّ زيادًا روى عن مرداس بن عروة لا ابن علاقة، انظر: "الإصابة" (3/ 451)، "التهذيب" (10/ 86).
(14) رواية مسلم عنه في "الصحيح" (رقم 489) ونصّ على تفرّد أبي سلمة بالرواية عن ربيعة: الدارقطني في "الإلزامات" (ص 94 - 95) وأبو الفتح الأزدي في "المخزون" (رقم 80) وابن طاهر في "شروط الأئمّة الستّة" (18). وذكرت مصادر ترجمته أنّه روى عنه: حنظلة بن علي الأسلميّ، وأبو عمران الجوني، ونعيم المجمر، ومحمد بن عمر بن عطاء، وقيل: عن نعيم المجمر عنه، انظر: "الجرح والتعديل" (3/ 472)، "أسد الغابة" (2/ 216)، "التجريد" (1/ 181)، "الإصابة" (1/ 511)، "تحفة الأشراف" (3/ 168)، "تهذيب الكمال" (9/ 139)، "التبصرة والتذكرة" (1/ 327)، "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 1/ 31)، "محاسن الاصطلاح" (297 - 298).
(15) مقدّمة ابن الصلاح (113 - 114).
(16) ولذا ترجمة السخاوي في "رجحان الكفّة في بيان نبذة عن أهل الصفّة" (ص 197 - 198)؛ وذكره ضمنهم جماعة، كما بيّنته في تعليقي عليه، والحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة.
(17) الإرشاد (1/ 298) وبنحوه في "التقريب" (1/ 531 - مع "التدريب" - ط طارق عوض الله) وبنحوه في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 31/ أ - ب)، "محاسن الاصطلاح" (297).
(18) يعني: ابن الصلاح في "المقّدمة" (321).
(19) أثبتها الناسخ "ابن عباس" وصوّبها في الهامش بقوله: "صوابه ابن عبد البر".
(20) الكفاية (2/ 411 - 412)، ومثاله: ابن فلان، أو والد فلان، وفي "الصحيحين" من ذلك كثير، أوردهم صاحب "الكمال" في آخره.
(21) لأنّ السماع قد تحقّق من عدل مُسمّى، انظر: "الإرشاد" (1/ 300)، "تدريب الراوي" (1/ 322).
(22) لاحتمال كونه من غير العدل.
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
