البداء وإخبارات الانبياء
المؤلف:
آية الله السيد محسن الخرّازي
المصدر:
بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية
الجزء والصفحة:
ج1 ، ص 197 - 199
2025-06-19
535
لعل مقصود المصنف من الروايات، هو الإشارة إلى ما نسب إلى بعض الأنبياء والأولياء من أنهم ربما أخبروا بوقوع شئ ثم انكشف الخلاف، ولكن هذه الأخبار معارضة مع قاعدة اللطف، فإن الإخبار الجزمي مع انكشاف الخلاف، يوجب سلب الاعتماد، هذا مضافا إلى معارضتها مع الأخبار الأخر أيضا، كما روي عن أبي جعفر - عليه السلام - يقول:
" العلم علمان: علم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه، وعلم علمه ملائكته ورسله، فأما ما علم ملائكته ورسله، فإنه سيكون، لا يكذب نفسه، ولا ملائكته ولا رسله، وعلم عنده مخزون يقدم فيه ما يشاء ويؤخر ما يشاء ويثبت ما يشاء " (1).
وما روى عن أبي عبد الله - عليه السلام -: " إن الله علمين: علم مكنون مخزون، لا يعلمه إلا هو، من ذلك يكون البداء، وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبياءه فنحن نعلمه " (2).
فليحمل تلك الأخبار على أن أخبار الأنبياء ليس على الجزم والبت، كما حكي عن الشيخ الطوسي، وجعله الفاضل الشعراني حاسما لمادة الاشكال (3)، إذ الإخبار إذا لم يكن عن جزم، بل على ما تقتضيه المقتضيات، فتخلفه لا يوجب سلب الاعتماد، خصوصا إذا كان الإخبار وانكشاف الخلاف مقرونا بتبيين وجه أوجب تغيير المقتضيات،
وأما التفصيل بين الوحي والالهام بوقوع البداء في الثاني دون الأول، كما في البحار، أو القول بوقوع البداء في كلام الأنبياء نادرا، كما في البحار أيضا (4) ففيه أنه ينافي أيضا قاعدة اللطف، ويوجب سلب الاعتماد عنهم، ولو وقع نادرا، فإن تطرق احتمال الخطأ إلى الوحي والالهام يرفع الاعتماد عن جميع أقوال الأنبياء - عليهم صلوات الله - كما لا يخفى.
ومما ذكر يظهر ما في اطلاق عبارة المصنف، من " أن الوجه الصحيح هو أنه تعالى قد يظهر شيئا على لسان نبيه أو وليه - الخ " لما عرفت من أن الإظهار الجزمي لا يوافق العصمة، ويوجب سلب الاعتماد، بخلاف ما إذا لم يكن الإظهار والإخبار عن جزم، بل على ما تقتضيه المتضيات من دون جزم، بحيث لو انكشف الخلاف لا يوجب سلب الاعتماد،
وأيضا يظهر مما ذكر ما في قوله: " إن معنى قول الإمام أنه ما ظهر لله سبحانه أمر في شئ كما ظهر له في إسماعيل ولده - الخ " لأن المناسب أن يقول: ما ظهر منه تعالى أمر في شئ، كما ظهر منه في إسماعيل، كما فسره الشيخ المفيد - قدس سره - لأنه بعد كون البداء بمعناه المصطلح عند العامة محالا ومنفيا في الأخبار الواردة عن الأئمة - عليهم السلام - فالمراد من الظهور، هو الظهور منه لا الظهور له.
_________________
(1) بحار الأنوار: ج 4 ص 113.
(2) الأصول من الكافي: ج 1 ص 147.
(3) شرح الأصول من الكافي للمولى صالح المازندراني: ج 4 ص 331.
(4) بحار الأنوار: ج 4 ص 133، وشرح الأصول من الكافي ج 4 للمولى صالح المازندراني ذيل الصفحة 330 - 331.
الاكثر قراءة في البداء
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة