قال سبحانه :
{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا
بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى
قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ
الصَّابِرِينَ} [الصافات: 101، 102] .
أخبر إبراهيم (
عليه السلام ) ولده إسماعيل ( عليه السلام ) بأنه رأى في المنام أنه يذبحه ، ورؤيا
الأنبياء (كما ورد في الحديث ) من أقسام الوحي ، فكانت رؤياه صادقة حاكية عن حقيقة
ثابتة ، وهي أمر الله إبراهيم بذبح ولده ، وقد تحقق ذلك الأمر ، أي أمر الله
سبحانه به .
ولكن قوله : {
إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ } يكشف عن أمرين :
أولا : الأمر بذبح
الولد أمر تشريعي كما عرفت وقد تحقق .
ثانيا : الحكاية
عن تحقق ذلك في الواقع الخارجي وأن إبراهيم سيمتثل ذلك ، والحال أنه لم يتحقق
لفقدان شرطه وهو عدم النسخ ، ويحكي عن كلا الأمرين قوله : {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ
عَظِيمٍ} [الصافات: 107] .
وعندئذ يطرح هذا
السؤال نفسه : بأنه كيف أخبر خليل الرحمن بشيء من الملاحم والمغيبات ، ثم لم يتحقق
؟ والجواب عن هذا السؤال يكمن في الأمر الذي أشرنا إليه سابقا وهو أن إبراهيم
(عليه السلام ) وقف على المقتضى فأخبر بالمقتضي ، ولكنه لم يقف على ما هو العلة
التامة ، وليس لعلمه هذا مصدر سوى اتصاله بلوح المحو والإثبات .
2 - وأما يونس ( عليه السلام ) فإنه أنذر قومه بأنهم إن
لم يؤمنوا فسوف يصيبهم العذاب إلى ثلاثة أيام (الطبرسي ، مجمع البيان 3 : 135)
وما كان قوله تخرص أو تخويف ، بل كان يخبر عن
حقيقة يعلم بها ، إلا أن هذا الأمر لم يقع كما هو معروف ، وفي هذا إشارة واضحة إلى
أنه ( عليه السلام ) وقف على المقتضي ولم يقف على المانع ، وهو أن القوم سيتوبون
عند رؤية العذاب توبة صادقة يعلمها الله تعالى ترفع عنهم العذاب الذي وعدوا به ،
وإلى ذلك يشير قوله سبحانه : {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا
إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ
الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: 98].
3 - أخبر موسى
قومه بأنه سيغيب عنهم ثلاثين ليلة ، كما روي عن ابن عباس حيث قال : إن موسى قال
لقومه : إن ربي وعدني ثلاثين ليلة أن ألقاه وأخلف هارون فيكم ، فلما فصل موسى إلى
ربه زاده الله عشرا، فكانت فتنتهم في العشر التي زاده الله (الطبرسي ، مجمع البيان
2 : 115) .
وإلى هذا الأمر
يشير قوله سبحانه : {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا
بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ
هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ
الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 142].
فلا شك أن موسى
أطلع على الخبر الأول ولم يطلع على نسخه ، وأن التوقيت سيزيد ، ولا مصدر لعلمه إلا
الاتصال بلوح المحو والإثبات .
هذه جملة الأخبار
التي تحدث بها الذكر الحكيم عن أحداث ووقائع كان النبيون ( عليهم السلام ) قد
أخبروا بحتمية وقوعها على حد علمهم ، إلا أنها لم تتحقق ، وعندها لا مناص من
تفسيرها بوقوف أنبياء الله تعالى على المقتضي دون العلة التامة .
فعندما يظهر عدم
التحقق يطلق عليه البداء ، والمراد به أنه بدا من الله لنبيه وللناس ما خفي عليهم
، على غرار قوله سبحانه : {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا
يَحْتَسِبُونَ } [الزمر: 47] فالبداء إذا نسب إلى الله سبحانه فهو بداء منه ، وإذا
نسب إلى الناس فهو بداء لهم .
وبعبارة أخرى :
البداء من الله هو إظهار ما خفي على الناس ، والبداء من الناس بمعنى ظهور ما خفي
لهم ، وهذا هو الحق الصراح الذي لا يرتاب فيه أحد .
[تلميحات
للبداء في الروايات الشريفة]
ما ورد في الروايات [تلميحا بالبداء] ، فهو بين خمسة أو أزيد
بقليل :
1 - إن المسيح ( عليه السلام ) مر بقوم مجلبين ( 1 ) ، فقال
: " ما لهؤلاء " ؟ قيل يا روح الله فلانة بنت فلانة تهدى إلى فلان في
ليلته هذه ، فقال : " يجلبون اليوم ويبكون غدا " ، فقال قائل منهم : ولم
يا رسول الله ؟ قال : " لأن صاحبتهم ميتة في ليلتها هذه " . . . فلما
أصبحوا وجدوها على حالها ، ليس بها شيء ، فقالوا : يا روح الله إن التي أخبرتنا
أمس أنها ميتة لم تمت.
فدخل المسيح دارها فقال : " ما صنعت ليلتك هذه " ؟
قالت : لم أصنع شيئا إلا وكنت أصنعه فيما مضى، إنه كان يعترينا سائل في كل ليلة
جمعة فننيله ما يقوته إلى مثلها . فقال المسيح : " تنح عن مجلسك " فإذا
تحت ثيابها أفعى مثل جذعة ، عاض على ذنبه ، فقال ( عليه السلام ) : " بما
صنعت ، صرف عنك هذا " ( 2 ) .
2 - روي الكليني عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال :
" مر يهودي بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : السام عليك ، فقال النبي (
صلى الله عليه وآله ) : عليك , فقال أصحابه : إنما سلم عليك بالموت فقال : الموت
عليك . فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : وكذلك رددت . ثم قال النبي ( صلى الله
عليه وآله ) : إن هذا اليهودي يعضه أسود في قفاه فيقتله . قال : فذهب اليهودي
فاحتطب حطبا كثيرا فاحتمله، ثم لم يلبث أن انصرف ، فقال له رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) : ضعه ، فوضع الحطب فإذا أسود في جوف الحطب عاض على عود ، فقال : يا
يهودي ما عملت اليوم ؟ قال : ما عملت عملا إلا حطبي هذا حملته فجئت به وكان معي
كعكتان، فأكلت واحدة وتصدقت بواحدة على مسكين ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) : بها دفع الله عنه ، قال : إن الصدقة تدفع ميتة السوء عن الإنسان " (
3) . ولا يمكن لأحد تفسير مضامين الآيات الماضية وهذين الحديثين إلا عن طريق
البداء بالمعنى الذي تعرفت عليه، وهو اتصال النبي بلوح المحو والإثبات ، والوقوف
على المقتضي ، والإخبار بمقتضاه دون الوقوف على العلة التامة .
3 - روى الصدوق عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : "
إن الله تعالى عرض على آدم أسماء الأنبياء وأعمارهم ، فمر بآدم اسم داود النبي (
عليه السلام ) فإذا عمره في العالم أربعون سنة ، فقال آدم : يا رب ما أقل عمر داود
وما أكثر عمري ، يا رب إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة ، أتثبت ذلك له ؟ قال
الله : نعم يا آدم ، فقال آدم : فإني قد زدته من عمري ثلاثين سنة " قال أبو
جعفر الباقر ( عليه السلام ) : " فأثبت الله عز وجل لداود في عمره ثلاثين سنة
" ( 4 ) .
ترى أنه سبحانه أثبت شيئا ، ثم محاه بدعاء نبيه ، وهذا هو
المراد من قوله سبحانه : {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ
أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] فلو أخبر نبي الله عن عمر داود بأربعين سنة لم يكن
كاذبا في إخباره ، لأنه وقف على الإثبات الأول ، ولم يقف على محوه .
4 - أوحى الله تعالى إلى نبي من أنبيائه أن يخبر أحد ملوك
عصره بأنه تعالى متوفيه يوم كذا ، فما كان من ذلك الملك إلا أن رفع يديه بالدعاء
إلى الله تعالى قائلا : رب أخرني حتى يشب طفلي وأقضي أمري ، فأوحى الله عز وجل إلى
ذلك النبي : أن ائت فلانا الملك وأخبره أني قد زدت في عمره خمس عشرة سنة ( 5 ) .
5 - روى عمرو بن الحمق ، قال : دخلت على أمير المؤمنين (
عليه السلام ) حين ضرب على قرنه ، فقال لي : " يا عمرو إني مفارقكم ، ثم قال
: سنة سبعين فيها بلاء " - قالها ثلاثا - فقلت: فهل بعد البلاء رخاء ؟ فلم
يجبني وأغمي عليه ، فبكت أم كلثوم فأفاق . . . فقلت : بأبي أنت وأمي قلت : إلى
السبعين بلاء ، فهل بعد السبعين رخاء ؟ قال : " نعم يا عمرو إن بعد البلاء
رخاء و { يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }
" ( 6 ) .
هذه جملة ما ورد في البداء في مقام الإثبات ، وإن شئت قلت في
ثمرات البداء في الثبوت ، ولا تجد في الأحاديث الشيعية بداء غير ما ذكرنا ، ولو
عثر المتتبع على مورد ، فهو نظير ما سبق من الموارد ، والتحليل في الجميع واحد.
إذا وقفت على ذلك تدرك بوضوح ضعف مقالة الرازي التي يقول
فيها : إن أئمة الرافضة وضعوا مقالتين لشيعتهم ، لا يظهر معهما أحد عليهم:
الأول : القول بالبداء ، فإذا قال : إنهم سيكون لهم قوة
وشوكة ، ثم لا يكون الأمر على ما أخبروا ، قالوا : بدا لله فيه ( 7 ) .
إن الذي نقله أئمة الشيعة هو ما تعرفت عليه من الروايات ، وليس
فيها شيء مما نسبه الرازي إليهم ، فقد نقلوا قصة رسول الله مع اليهودي ، وقصة
المسيح مع العروس ، كما نقلوا قصة عمر داود وعمر الملك ، فهل يجد القارئ المنصف
شيئا مما ذكره الرازي ؟ ! وأما ما رواه عمرو بن الحمق فإنما هو خبر واحد ذيل كلامه
بالآية قائلا : بأن هذا ليس خبرا قطعيا وأنه في مظان المحو والإثبات .
أفيصح لأجل مثله رمي أئمة الشيعة " بأنهم وضعوا قاعدتين
، وأنهم كلما يقولون سيكون لهم قوة ثم لا يكون ، قالوا بدا لله تعالى فيه " ؟
! وقد سبق الرازي في هذا الزعم أبو القاسم البلخي المعتزلي على ما حكاه شيخنا الطوسي
في تبيانه ( 8 ) .
... ثم إن إكمال البحث يتوقف على ذكر أمور :
الأمر الأول : إن البداء بالمعنى المذكور يجب أن يكون على
وجه لا يستلزم تكذيب الأنبياء ووحيهم ، وذلك بأن تدل قرائن على صحة الإخبار الأول
كما صح الخبر الثاني ، وهو ما نراه واضحا في قصة يونس وإبراهيم الخليل ، فإن القوم
قد شاهدوا طلائع العذاب فأذعنوا بصحة خبر يونس ، كما أن التفدية بذبح عظيم دلت على
صحة إخبار الخليل ، وهكذا وجود الأفعى تحت الثياب أو في جوف حطب اليهودي يدلان على
صحة إخبار النبي الأعظم .
كل ذلك يشهد على أن الخبر الأول كان صحيحا ومقدرا ، غير أن
الإنسان يمكن له أن يغير مصيره بعمله الصالح أو الطالح كما في غير تلك المقامات .
وبالجملة : يجب أن يكون وقوع البداء مقرونا بما يدل على صحة
إخبار النبي ( عليه السلام ) ولا يكون البداء على وجه يعد دليلا على كذبه ، ففي
هذه الموارد دلت القرائن على أن المخبر كان صادقا في خبره .
الأمر الثاني : إن البداء لا يتحقق فيما يتعلق بنظام النبوة
والولاية والخاتمية والملاحم الغيبية التي تعد شعارا للشريعة ، فإذا أخبر المسيح
بمجئ نبي اسمه أحمد ، أو أخبر النبي بكونه خاتما للرسل ، أو أن الخلافة بعده لوصيه
، أو أنه يخرج من ولده من يملأ الأرض قسطا وعدلا ، ونظير ذلك ، فلا يتحقق فيه
البداء قطعا ، لأن احتمال البداء فيه ناقض للحكمة ، وموجب لضلال العباد ، ولو كان
احتمال هذا الباب مفتوحا في تلك المسائل الأصولية لما وجب لأحد أن يقتفي النبي
المبشر به ، ولا يوالي الوصي المنصوص عليه ، ولا يتلقى دين الإسلام خاتما ، ولا
ظهور المهدي أمرا مقضيا ، بحجة أنه يمكن أن يقع فيه البداء . ففتح هذا الباب في
المعارف والعقائد والأصول والسنن الإسلامية مخالف للحكمة وموجب لضلالة الناس ،
وهذا ما يستحيل على الله سبحانه ، وإنما مصب البداء هو القضايا الجزئية أو الشخصية
، كما هو الحال في الأخبار الماضية .
الأمر الثالث : أن إطلاق البداء في هذه الموارد ، إنما هو
بالمعنى الذي عرفت ، وأن حقيقته بداء من
الله للناس وإظهار منه ، ولو قيل بدا لله ، فإنما هو من باب المشاكلة والمجاز ،
والقرآن ملئ به ، فقد نسب الذكر الحكيم إليه سبحانه المكر وقال : {وَمَكَرُوا
وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54] وليست المناقشة
في التعبير من دأب المحققين ، فلو كان أهل السنة لا يروقهم التعبير عن هذا الأصل
بلفظ البداء لله ، فليغيروا التعبير ويعبروا عن هذه الحقيقة الناصعة بتعبير يرضيهم
. ولكن الشيعة تبعت النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) في هذا المصطلح ، وهو أول
من استعمل تلك اللفظة في حقه سبحانه ، وما يؤكد ذلك هو ما رواه البخاري في كتاب
النبوة " قصة بدء الخليقة " وفيها هذه اللفظة التي يستهجنها البعض ويتهم
الشيعة بابتداعها واختلاقها ، فقد روى أبو هريرة : أنه سمع من رسول الله ( صلى
الله عليه وآله) : " أن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا لله أن
يبتليهم ، فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : لون حسن ،
وجلد حسن ، قد قذرني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه فأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا ،
فقال : أي المال أحب إليك ؟ قال : الإبل أو قال : البقر - هو شك في ذلك أن الأبرص
والأقرع قال أحدهما : الإبل وقال الآخر : البقر - فأعطي ناقة عشراء ، فقال : يبارك
الله لك فيها .
وأتى الأقرع فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : شعر حسن ويذهب
عني هذا ، قد قذرني الناس, قال : فمسحه ، فذهب ، وأعطي شعرا حسنا ، قال : فأي
المال أحب إليك ؟ قال : البقر . قال : فأعطاه بقرة حاملا ، وقال : يبارك لك فيها .
وأتى الأعمى فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : يرد الله إلي
بصري ، فأبصر به الناس ، قال : فمسحه فرد الله إليه بصره . قال : فأي المال أحب
إليك ؟ قال : الغنم ، فأعطاه شاة والدا ، فأنتج هذان وولد هذا ، فكان لهذا واد من
إبل ، ولهذا واد من بقر ، ولهذا واد من الغنم .
ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال : رجل مسكين تقطعت
بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك . أسألك بالذي أعطاك اللون
الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ عليه في سفري ، فقال له : إن الحقوق كثيرة
. فقال له : كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس ، فقيرا فأعطاك الله ؟ فأجابه :
لقد ورثت لكابر عن كابر ! فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت . وأتى
الأقرع في صورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا ، فرد عليه مثلما رد
عليه هذا ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت .
وأتى الأعمى في صورته فقال : رجل مسكين وابن سبيل وتقطعت بي الحبال في سفري فلا
بلاغ اليوم إلا بالله ، ثم بك . أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفرى ،
فقال : قد كنت أعمى فرد الله بصري ، وفقيرا فقد أغناني ، فخذ ما شئت ، فو الله لا
أجحدك اليوم بشيء أخذته لله ، فقال : أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضى الله عنك
وسخط على صاحبيك " ( 9 ) .
________________
( 1 ) أي تعلو منهم أصوات الفرح .
( 2 ) المجلسي ، بحار الأنوار 4 :
94 .
( 3 ) المجلسي ، بحار الأنوار 4 : 121 .
( 4 ) المجلسي ، بحار الأنوار 4 : 102 .
( 5 ) المجلسي ، بحار الأنوار 4 : 121 ( وفي رواية أخرى
أن ذلك النبي هو حزقيل ، البحار 4 : 112 وذكر مثله في قضية شعيا ص 113 ) .
( 6 ) المجلسي ، بحار الأنوار 4 : 119 / ح 60 .
( 7 ) الرازي ، نقد المحصل : 421 ، نقله عن سليمان بن
جرير الزيدي ، والأمر الثاني هو التقية كما عرفت .
( 8 ) الطوسي ، التبيان 1 : 13 - 14 ، ط النجف ، وقد عرفت بعض
المتشدقين بهذه الكلمة المكذوبة .
( 9 )
البخاري ، الصحيح 4 : 208 ، كتاب الأنبياء ، باب 51 حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني
إسرائيل .
الاكثر قراءة في البداء
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة