معنى موت الجسم والروح
المؤلف:
أسامه نزيه صندوق
المصدر:
الشفاء على ضوء السنن الإلهية في القرآن والسنة
الجزء والصفحة:
ص43-44
2025-03-08
946
قد أبان لنا [الامام] أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الجسم وموت الروح حيث قال: الروح حياة البدن والعقل حياة الروح [1] إنها كلمة صغيرة في ألفاظها كبيرة في معانيها فالروح حياة البدن أي أن البدن يبصر بعينين ويسمع بأذنين وينطق بلسان ويشم بأنف ويحس بسائر جوارحه ويعقل بجنانه كل ذلك ما دامت الروح فيه فإذا خرجت منه الروح مات فلا يبصر كما كان يبصر ولا يسمع كما كان يسمع وهكذا بطلت جميع حواسه بل لا يحتاج إلى كل ما كان يحتاج إليه من طعام وشراب وغيرهما.
نعم لا يحتاج البدن بعد خروج الروح منه إلا أن يقبر ويدفن وإلا يكون جيفة مؤذية فحياة البدن إذا بالروح وموته هو إخراج الروح منه.
وقوله (عليه السلام) : والعقل حياة الروح ومعنى هذا أن الإنسان إذا تخلى عن العقل وإرشاداته وتركه وراء ظهره واسترسل إلى شهوات نفسه الأمارة بالسوء باستمرار فهو إنسان ميت وإن كنت تراه يأكل ويشرب ويقوم ويقعد ويقول ويفعل، ولكنه ميت الأحياء ولقد أجاد المتنبي حيث ي قول:
ليس من مـات فـاسـتراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
قال تعالى: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: 21]
وقوله تعالى{وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81) وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} [النمل: 81، 82]، وقوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] وخلاصة معاني هذه الآيات: كما أنك لا تسمع من في القبور من الأموات ولا تسمع الصم المدبرين ولا تهدي العمي الضالين كذلك لا تسمع ذوي الأرواح الميتة التي تخلت عن العقل بما تهديهم به من نصائح الشرع والدين الموحى إليك، فعلى الإنسان العاقل إذا شعر بمرض نفسه وسيطرت عليها الرذائل من الصفات وسيطرت عليها الشهوات أن يعالجها بالسرعة الممكنة ليعيد إليها صحتها المفقودة التي كانت عليها يوم كانت سليمة من الرذائل قبل أن تموت وحينئذ لا ينفع فيها أي علاج مهما كان نوعه ولا أي معالج مهما كان عارفا.
[1] عز الدين أبي حامد ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 2، ص 278.
الاكثر قراءة في الشفاء في القرآن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة