الفضائل
الاخلاص والتوكل
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة
الايمان واليقين والحب الالهي
التفكر والعلم والعمل
التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس
الحب والالفة والتاخي والمداراة
الحلم والرفق والعفو
الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل
الشجاعة و الغيرة
الشكر والصبر والفقر
الصدق
العفة والورع و التقوى
الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان
بر الوالدين وصلة الرحم
حسن الخلق و الكمال
السلام
العدل و المساواة
اداء الامانة
قضاء الحاجة
فضائل عامة
آداب
اداب النية وآثارها
آداب الصلاة
آداب الصوم و الزكاة و الصدقة
آداب الحج و العمرة و الزيارة
آداب العلم والعبادة
آداب الطعام والشراب
آداب الدعاء
اداب عامة
حقوق
الرذائل وعلاجاتها
الجهل و الذنوب والغفلة
الحسد والطمع والشره
البخل والحرص والخوف وطول الامل
الغيبة و النميمة والبهتان والسباب
الغضب و الحقد والعصبية والقسوة
العجب والتكبر والغرور
الكذب و الرياء واللسان
حب الدنيا والرئاسة والمال
العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين
سوء الخلق والظن
الظلم والبغي و الغدر
السخرية والمزاح والشماتة
رذائل عامة
علاج الرذائل
علاج البخل والحرص والغيبة والكذب
علاج التكبر والرياء وسوء الخلق
علاج العجب
علاج الغضب والحسد والشره
علاجات رذائل عامة
أخلاقيات عامة
أدعية وأذكار
صلوات و زيارات
قصص أخلاقية
قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)
قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم
قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)
قصص من حياة الصحابة والتابعين
قصص من حياة العلماء
قصص اخلاقية عامة
إضاءات أخلاقية
القُدوات في خطّ الاستقامة
المؤلف: الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
المصدر: الأخلاق في القرآن
الجزء والصفحة: ج1 / ص 313 ـ 330
2024-12-07
267
إشارة:
كلّ إنسانٍ يسعى للسّير قُدُماً، تبعاً للأسوة التي يتأسّى بها، ليواكب معها ويعيش في رحابها، وفي آفاقها الواسعةٌ ولتنعكس صفاتها في نفسه وذاته.
وبعبارةٍ اخرى، فإنّه يوجد في قلب كلّ إنسان، مكانٌ فارغٌ لا يشغله إلّا الأبطال والقُدوات والمُثل، ولهذا السّبب فإنّ الامم البشريّةً تفتخر بأبطالها الحقيقييّن أو تخترع لنفسها أبطالاً من افق خيالها، بحيث تُشكل قسماً من ثقافة الامم والشّعوب، وأنساقاً تحتيّةً تبني عليها تأريخها، فتفتخر ببطولاتهم وتشيد بهم في معطياتهم، وتسعى دائماً لِلاقتداء بهم في صفاتهم وبطولاتهم.
علاوةً على أنّ (المحاكاة)، هي أصلٌ مُسَلّم به، من الاصول النّفسية في واقع الإنسان وحركته في الحياة، وطبقاً لهذا الأصل والأساس، فإنّ الإنسان يسعى ليصبغ نفسه بصِبغة الآخرين، ويحاكيهم على مستوى الممارسة والسّلوك، (خُصوصاً) الأبطال، وينجذب لأعمالهم وصفاتهم التي تمثل قيماً مطلقة في وعيه وثقافته.
وهذا التّأثير والتّأثر والجذب والإنجذاب، بالنّسبة إلى الأفراد الذين يؤمنون بالقُدوة والرّمز أقوى وأَشد.
وبناء على ذلك، نجد في الإسلام أصلين مهمّين، في دائرة المفاهيم الدينيّة، بإسم «التّولّي» و «التبرّي».
أو بعبارةٍ اخرى: «الحبُّ في الله» و «البغض في الله»، وكلٌّ منهما، يحكي لنا عن حقيقةٍ مهمّةٍ في واقع الإنسان، وتَماشياً مع هذا الأصل المهمّ في دائرة المعتقد، فإنّه يتوجب على الإنسان المسلم، أن يُحبّ من يحبّه الله، ويكره من يُبغضه الله تعالى، وأن يتّخذ من الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، والأئمّة المعصومين (عليه السلام)، اسوةٌ له في حركته المنفتحة على الله والحقِّ.
وهذا الأمر بدرجةٍ من الأهمية، بحيث ورد في القرآن الكريم، أنّه من علامات الإيمان، وفي الرّوايات الشّريفة عرّف بأنّه: «أَوثَقْ عُرى الإِيمانِ» وأنّ حركة الإنسان في خطّ الإيمان، لا تكون مثمرةً بدون: «التّولّي» و «التّبرّي»، ومعه سوف تقبل منه سائر العبادات والطّاعات.
وهذين الأمرين، يعني التولّي والتبرّي، أو الحب في الله والبُغض في الله، هُما من أهمِّ الخُطى المؤثّرة، على مُستوى تهذيب النّفوس والقلوب، والسّير إلى الله تعالى في خطّ الاستقامة.
وعلى هذا الأساس، نرى أنّ كثيراً من علماء الأخلاق، وأرباب السّير والسّلوك، يؤكّدون على ضرورة اتخاذ الاستاذ والمُرشد في خطّ التّربية والتّهذيب، وسنتناوله في المستقبل إن شاء الله تعالى، بصورةٍ وافيةٍ.
والآن نعرج على الآيات القرآنية، لنستوحي منها ما يتعلق بمسألة التولّي والتبّري، ودورهما في صِياغة السّلوك الدّيني للإنسان:
الآيات:
1 ـ (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ)([1]).
2 ـ (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)([2]).
3 ـ (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً)([3]).
4 ـ (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)([4]).
5 ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ)([5]).
6 ـ (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)([6]).
7 ـ (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ»)([7]).
8 ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)([8]).
تفسير واستنتاج:
يتّضح من آيات سورة المُمتحنة، أنّ بعض المؤمنين السّذج، وخلافاً لأوامر الشّريعة وتعليمات الإسلام، كانوا على علاقةٍ سريّةٍ بالأعداء.
وقد جاء في شأن النّزول للآيات الاولى من هذه السّورة الشّريفة، وقبل فتحِ مكّة المشرّفة أنّه كتب أحد الأشخاص، اسمه «حاطِب بن أبي بلتعة»، لكفّار قريش رسالةً سلّمها بيد إمرأةٍ، اسمها «سارة»، حذّرهم فيها، من أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يعدّ العدّة لفتح مكّة، فعليهم أنّ يستعدّوا لِلقتال، فإنّ الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، قادم.
حدثِ هذا الأمر، والرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، يتهيأ ويعدّ العدّة، وهو يسعى حثيثاً لِئَلّا يصل هذا الخبر إلى المشركين، حرصاً منه على أن لا تُراق في ذلك دماءٌ كثيرةُ، وأن يتمّ الفتح بدون مقاومة، فأخذت هذه المرأة الرّسالة، وأخفتها في جَدائلها، وتحرّكت مسرعةً نحو مكّة.
فأخبر الأمين جبرائيل (عليه السلام)، الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بالخبر، فأرسل على أثرها الإمام علي (صلى الله عليه وآله)، وقال لها: أخرجي ما عندك، فأنكرت في البداية، ولكنّها استسلمت أخيراً تحت واقع التّهديد بالقتل، وسلّمت الرّسالة لِعلي (عليه السلام)، وهو بدوره سلّمها لِلرسول الكريم (صلى الله عليه وآله).
فأمر (صلى الله عليه وآله) بإحضار حاطِب ووبّخه كثيراً، فاعتذر حاطب عن فعلته بأعذارٍ واهيةٍ، لكنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) قبلها صوريّاً، فما ورد في الآيات الاولى، من السّورة هو تحذيرٌ للمسلمين، لاجتناب مثل هذه الأعمال، وبيان واحدٍ من الاصول والمبادئ الإسلاميّة المهمّة، على مستوى التّبري من الأعداء وموالاة الأولياء، أو كما قِيل: «الحُبُّ فِي اللهِ وَالبُغْضُ فِي اللهِ».
وفي بداية السّورة، تحرّكت الآية الكريمة لتخاطب جميع المؤمنين، من موقع التّحذير، من إقامة العلاقة الودّية والعاطفيّة مع الأعداء، وقالت:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ).
ونعلم أنّه عند ما تتقاطع أواصر «المحبّة والصّداقة» مع أواصر ««العَقائد والقِيم»، فالنّصر سيكون حليف أواصر المحبّة والصّداقة، على حساب اهتزاز العقيدة، وبذلك ينحدر الإنسان في خطّ البّاطل، فما نراه من التّأكيد على: «الحُبُّ فِي اللهِ وَالبُغْضُ في اللهِ»، أو تولّي الأولياء والتّبري من الأعداء، نابعٌ من هذا الأساس.
ثمّ تستمر الآيات، «وبالذّات في الآية الرابعة»، على حثّ المسلمين على الاقتداء بإبراهيم النبي (عليه السلام)، وأصحابه المخلصين، وأنّهم اسوةٌ حسنةٌ للمؤمنين، الذين يتحرّكون من موقع الرسالة: (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ).
الاسوة «على وزن لُقمة»، تحمل مَعْناً مصدرياً، بمعنى التّأسي والاتّباع للآخرين، وبمعنى آخر هو الاقتداء بالآخرين.
ومن البديهي أنّ هذا الأمر، يمكن أن يكون على مُستوى الفضيلة أو الرّذيلة، ولذلك فإنّ الآية الشّريفة، عبّرت عن إبراهيم (عليه السلام) بأنّه قدوةٌ حسنةٌ، لأنّه قطع كلّ أواصر المحبة ووشائج الموّدة، التي كانت بينه وبين قومه، في سبيل عقيدته وتوحيده لله تعالى.
يقول «الرّاغب» في «مفرداته»، إنّ كلمة «الأسى» على وَزن (عَصا)، وهي بمعنى الغمّ والألم، فكلمة اسوةٌ أخذت من هذه المادة، ويقال لِلمصاب بمصيبةٍ: «لكَ بِفلانٍ اسوةٌ».
ولكنّ بعض أرباب اللّغة، مثل: ابن فارس في «المقاييس»، فصّل بين المعنيين، فقال: «أنّ الأوّل ناقصٌ (واوي)، والثّاني ناقصٌ (يائي)»، وعلى كلّ حالٍ فإنّ القرآن المجيد، حثّ المسلمين على مسألة: «الحُبُّ فِي اللهِ وَالبُغْضُ فِي اللهِ»، وجعل لهم إبراهيم (عليه السلام) قدوةً؛ لأنّ اختيار القدوة الصّالحة لحركة الإنسان، في خطّ التّقوى والإيمان، له دورٌ عميقٌ في طهارة روح الإنسان، وأفكاره وسلوكياته.
وهذا هو ما يؤكّد عليه علماء الأخلاق، في عمليّة السّير والسّلوك إلى الله، فإنّ اختيار القدوة يُعدّ أهمَّ خطوةٍ لحركة الإنسان في طريق الرّقي.
«الآية الثانية»: استمرارًا لبحثنا الآنف الذّكر، تتحدث عن إبراهيم (عليه السلام) وصحبه، فتقول: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).
وفرق هذه الآية عن الّتي قبلها، في أمرين:
الأوّل: إنّ هذه الآية أكّدت على مسألة: «الحُبُّ في اللهِ وَالبُغْضُ في اللهِ»، بأنّها من علامات الإيمان بالله والمعاد.
الثاني: إنّ التّأكيد على هذا الأمر، لا ينبع من حاجة الباري إليه، بل هو من حاجة الإنسان إليه، في مساره التّكاملي والمعنوي إلى الله تعالى، ولحِفظ سَلامة المجتمع البشري في حركة الواقع والحياة.
«الآية الثّالثة»: ناظرةٌ إلى غَزوة الأحزاب، وهي في الحقيقةِ تشيرُ إلى مُلاحظةٍ مُهمّةٍ جِدّاً، ألا وهي: أنّ الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وبالرّغم من الأزمات النّفسية والتّحديات الصّعبة في تلك الظّروف، وسوء ظنّ بعض المسلمين الجدد، بالوعد الإلهي بالنّصر في ميادين الوَغى، فإنّه بَقي صامِداً ينظّر لِلحرب، ويستخدم أفضل التّكتيكات العسكريّة، انتظارًا لِلّحظة الحاسمة، وكان ينتظر الفُرصة للانقضاض على عدوّة، فكان يَمزح مع أصحابه ليقوّي من معنوياتهم، وأخذ المِعوَل بنفسه لِيحفُر الخَندق بيده، ويُشجع أصحابه ويذكّرهم بالله تعالى وثوابه، ويبشّرهم بالفتوحات المُقبلة العَظيمة.
وهذا الأمر تَسبّب في تماسك المسلمين، ومقاومتهم أمامَ عدوّهم، وجيشه الجرّار المتفوق عليهم بالعدّة والعَدَد، بالتّالي الانتصار عليهم، فقال تعالى: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً).
فالرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، لا يُتأَسّى به فقط في ميادين الجِهاد الأصغر، بل وكذلك في ميادين الجِهاد الأكبر، ألا وهو جهاد النّفس والتّصدي لِلأهواء المُضلّة، من موقع المحاربة، فَمن يتّخذِه اسوةً حسنةً في هذا المضمار، فإنّه سيصل من أقرب الطّرق وأسرعها، إلى غايته وهدفِه المَنشود.
والجدير بالذّكر، أنّ هذه الآية، علاوةً على ذكرها لِمسألة الإيمان بالله واليوم الآخر: (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ...)، أكّدت على ذِكر الله تعالى بجملة: (وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً). فهم يقتدون بقائدهم الربّاني ويستلهمون منه الإيمان، وذِكر الله كثيراً حيث يحرك فيهم الذّكرُ الكثيرِ، عنصر الاهتمام للمسؤوليات التي ألقيت على عاتقهم، وَمَنْ أَفضل من الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، لِيكون لهم اسوةً وقدوةً، في خطّ الإلتزام الدّيني والأخلاقي والانفتاح على الله؟
«الآية الرابعة»: نوّهت إلى النّقطة المقابلة، ألا وَهَي: البُغض في الله تعالى في خطّ الحقّ، فتقول: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
فهذه الآية الشريفة، صرّحت وأرشدت، إلى الطريق التي يجب على المؤمن سلوكها، عند تقاطع الطّرق، وتضارب «العلاقة الإلهيّة» مع «العلاقات الاسريّة»، فلو أنّ الآباء والإخوة والأقرباء، تحرّكوا في خطّ الباطل والانحراف والكُفر، فإنّ طريق الله هي الجادّة الحقيقيّة، للالتحاق بالرّكب الإلهيّ المقدّس.
وما ورد في هذه الآية، من قوله تعالى: (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ).
ليس إلّا تأكيداً على المعنى المتقدّم، وتشجيعاً لذلك الأمر المهم الحياتيّ، أي أنّ «الحُبُّ فِي اللهِ وَالبُغْضُ فِي اللهِ»، نابعٌ من الإيمان، وطريق التّكامل الحقيقي في خطّ الإيمان، السّلوك المعنوي، وبعبارةٍ أخرى: إنّ هذين الأمرين، يؤثّر أحدهما في الآخر بصورةٍ مُتقابلةٍ، مع فارقٍ واحدٍ، وهو أنّه يجب الابتداء في عمليّة السّلوك المعنوي، بالإيمان بالمبدأ والمعاد، والتّكامل المعنوي يكون، من حصّة: «الحُبُّ في اللهِ وَالبُغْضُ في اللهِ».
«الآية السّادسة»: تطرّقت لأواصر المحبّة المعنويّة بين المؤمنين، وقالت: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»).
فهذا الرّباط المعنوي، يتّخذ من الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وإقام الصّلاة وإِيتاء الزّكاة، وطاعة الله ورسوله، أساساً ودَعامةً في صياغة السّلوك، حيث يعين الفرد، على استلهام الأخلاق الحَسنة والأعمال النّافعة، من الآخرين، فيكون كلّ واحدٍ منهم أسوةً للآخر، ومن أراد الإلتحاق بهذه الجماعة، عليه أن يكون مُشابهاً لها في دائرة الفكر والسّلوك، دون الجماعات المنحرفة الضّالة المضلّة، التي يجب عليه البَراءة منها والابتعاد عنها.
وفي الحقيقة، فإنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي يُعدّ عاملاً مُساعداً وفَعّالاً، في عمليّة تهذيب وتربية النّفوس، يدعوهم إلى الإلتزام بالانضباط الدّيني والأخلاقي، من موقع النّصيحة والتّواصي بالحقّ.
«الآية السّابعة»: فرّقت بين المؤمنين والكافرين، على مستوى السّلوك في واقع الحياة، فالمؤمنون يتّخذون من صفات جَماله وجَلاله، اسوةً لهم في مسيرتهم المعنويّة والأخلاقيّة، والكافرون اسوتهم الطّاغوت، حيث تكون أعمالهم وصفاتهم انعكاس لأِعمال وَصفات الطّاغوت، فقالت: (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
فالخروج من الظّلمات إلى النّور، يعتبر نتيجةً وثمرةً لِلإيمان بالله تعالى وولايته، والخروج من النّور إلى الظّلمات، هو من معطيات الطّاغوت وولايته.
والنّور والظّلمة هنا، لهما مفهومٌ واسعٌ جِدّاً، بحيث يستوعبان، جميع الفضائل والقبائح والحسنات والسّيئات.
نَعم، فإنّ الشّخص الذي يعيش في أجواء المَلكوت، وفي ظلّ ولاية «الله»، فإنّه سيبدأ رِحلته وهِجرته، من الرّذائل إلى الفضائل ومن القبائح إلى الجَمال الرّوحي، ومن السّيئات إلى الحسنات، لأنّ صِفات جَماله وجَلاله، هي أسوته الحقّة في رحلته المعنويّة.
فذاته المُقدّسة، منزّهةٌ عن كلِّ عيبٍ ونقصٍ، وهو الرّؤوف الرّحيم، الجَواد الكَريم، وهكذا يتحرّك نحو التّحلي بالفضائل الأخلاقية الأخرى، لأنّ هدفه هو وِصال الَمحبوب والمَعبود.
والعَكس صحيحٌ، فإنّ الحركة من الفَضائل إلى الرّذائل هي من شأن عَبدَةِ الطّاغوت والأَوثان، التي لا تنفع في شيءٍ أبداً.
«الآية الثّامنة»: خاطبت المؤمنين من موقع النّصيحة، بالتزام طريق التّقوى وصحبة المؤمنين، وقالت: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
في الحقيقة أنّ الجملة الثّانية، في الآية الشّريفة: (كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)، هي إكمال لِلجملة الاولى: (اتَّقُوا اللهَ ...).
نعم، فإنّه يتوجب على السّالك لِطريق التّقوى والزّهد والطهّارة، أن يكون مع الصّادقين وتحت ظلّهم، وقد وَرد في الرّوايات من الطّرفين: السنّة والشّيعة، وفي الكُتب المُعتبرة، أنّ المِصداق الأكمل لهذه الآية، هو الإمام علي (عليه السلام)، أو أهلَ بيته (عليهم السلام).
وهذه الرّوايات، موجودةٌ في كتبٍ، مثل: «الدّر المَنثور لِلسَيوطي» و «المَناقب لِلخَوارِزمي» و «دُرَر السّمطين لِلزرندي» و «شَواهد التّنزيل للحَسَكاني»، وغيرها من الكُتب الاخرى ([9]).
وكِذلك أوردها: «الحافظ سُليمان القُندوزي» في «يَنابيع المَودّة»، و «العلّامة الحمويني» في «فَرائد السّمطين»، و «الشّيخ ابو الحَسن الكازروني» في «شَرف النّبي» ([10]).
وقد وَرد في بعض الأحاديث، وبعد نزول الآية الآنفة الذّكر، أنّ سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، سأل الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وقال له: هل أنّ هذه الآية عامّةٌ أو خاصّةٌ؟، فأجاب النّبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): «أَمّا المَأمُورُونَ فَعامَّةُ المُؤمِنِينَ وَأَمَّا الصَّادِقُونَ فَخَاصَّةُ أَخِي عَلِيٌّ وَأَوصِيائُهُ مِنْ بَعْدِهِ إِلى يَومِ القِيامَةِ» ([11]).
ومن الطّبيعي فإنّ إتّباع الإمام علي (عليه السلام) وأوصياءه، جاريةٌ ومستمرةٌ إلى يومِ القيامة، للاهتداء بِهَديِهِم، والاقتداء بفعالهم وأخلاقهم في حركة الحياة.
النّتيجة:
يُستفاد ممّا ذكر آنفاً، من الآيات التي استعرضت مسألة «التّولّي والتّبرّي»، أنّ مسألة الوُصول إلى مرتبة القُرب من الذّات المقدّسة، وتولّي أولياءه من عباده الصّالحين، والتّبرّي من الظّالمين والغاوين، وفي كلمةٍ واحدةٍ: «الحُبُّ في اللهِ وَالبُغْضُ في اللهِ»، تعدّ من أهمِّ المسائل والمفاهيم، في دائرة التّعليمات القُرآنية، ولها دورها الكبير وأثرها العميق، في مُجمل المسائل الأخلاقيّة، في حركة الإنسان المعنويّة.
وهذا الأساس القرآني والمفهوم الإسلامي، له دورُه المُباشر في جميع المَسائل الحياتيّة، إن كان على المستوى الفَرديّ أو الاجتماعيّ، الدنيويّ أو الأخرويّ، لا سِيّما في المسائل الأخلاقيّة والسّلوك الأخلاقي لِلأفراد، في تعاملهم وتَفاعلهم مع الآخرين، في حركة الحَياة والمُجتمع.
فهذه المفردة العقائديّة، في دائرة المفاهيم الإسلاميّة، بإمكانها أن تبني نفوس المؤمنين على إتّباع الصّالحين والطّاهرين، واتّخاذهم أسوة حسنة، خُصوصاً الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، في كلّ خطوةٍ يخطوها الإنسان المُؤمن في خطّ الإيمان، وبذلك تكون من العوامل المهمّة، للوصول إلى الهدف الحقيقي من وراء خلقة الإنسان ألا وَهِيَ تهذيب النّفوس وتربية الفَضائل الأخلاقيّة في واقع النّفس البشريّة.
التولّي والتبرّي في الرّوايات الإسلاميّة:
وَردت أحاديثٌ مستفيضةٌ في هذا الصّدد، سواء عن طريق أهلِ السُّنة أو الشّيعة، وطَرحت موضوع التبرّي والتولّي بقوّةٍ، وأكّدت عليه بصورةٍ شديدةٍ، قلّما نَجِدُ لها نظيراً، بالنّسبة إلى المواضيع الاخرى.
ولا شَكَّ أنّ هذه الأهميّة، نابعةٌ من المعطيات الإيجابيّة الكِثيرة، لِمسألة التّولي لأِولياء الله، والبراءة من أَعدائه تعالى، حيث توثّق عُرى الإيمان وأواصِر المحبّة والصّداقة، مع أولياء الله تعالى، وتُعمّق حالةَ الابتعاد والنّفور من الظّالمين الفاسقين، وتنعكس هذه النّتائج على إيمان الشّخص وأَخلاقه وتَقواه، من موقع القوّة والصّفاء والامتداد في واقع الإنسان ومحتواه الداخليّ، وتحثّ هذه الأحاديث النّاس، على اختيار القُدوة الصّالحة في عمليّة السّير والسّلوك، في طريق الله سبحانه وتعالى.
ونُشير هنا إلى مجموعةٍ من الأحاديث الشّريفة، في هذا المجال، جُمعت من كُتبٍ مُختلفةٍ:
1 ـ قال عليٌّ (عليه السلام) في خطبته القاصعة، وفي وصفه للرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): «وَلَقَدْ قَرَنَ اللهُ بِهِ مِنْ لَدُنْ أَنْ كانَ فَطِيماً أَعَظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طِرِيقَ الَمكارِمِ وَمَحاسِنَ أَخلاقِ العالَمِ، لَيلَهُ وَنَهارَهُ وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ إِتِّباعَ الفَصِيلِ أَثَرَ امِّهِ يَرْفَعُ لي في كُلِّ يِومٍ مِنْ أَخلاقِهِ علماً وَيَأَمُرُني بالاقتداء بِهِ» ([12]).
ويبيّن هذا الحديث، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسهُ كان له من يرشده ويهديه، ولديه القدوة الحسنة على شكل ملكٍ من ملائكة الله العِظام.
وكذلك الإمام علي (عليه السلام)، جعل من الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قدوةً له، فكان يتبعه في كلّ أموره وحركاته وسكناته، فيتعلّم منه كلّ يوم أمراً جديداً، عِلماً مفيداً، وأخلاقاً نبيلةً.
فلّما كان كُلٌّ من الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام)، يحتاجان إلى القُدوة الحسنة، في بداية المسير إلى الله، فكيف بحال الباقين؟
2 ـ الحديث المعروف: «بْنِيَ الإسلام ...»، الذي وَرد من طُرق متعدّدةٍ عن المَعصومين، ومنها ما ورد عن زُرارة عن الباقر (عليه السلام)، أنّه قال: «بُني الإِسلامُ عِلى خَمْسَةِ: عَلَى الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ والحَجِّ وَالصِّومِ وَالولايَةِ»، قَالَ زُرارَةُ، فَقُلتُ: وَأَيُّ شَيءٍ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ؟ فَقالَ: الوَلايَةُ أَفْضَلُ؛ لَانّها مِفتاحُهُنَّ وَالوالي هُوَ الدَّلِيلُ عَليهِنَّ» ([13]).
ومن هذا الحديث يُستفاد، أنّ الاقتداء بالقُدوة الصّالحة، يعين الإنسان على إحياء سائر البرامج، الدينيّة والمسائل العباديّة الفرديّة والاجتماعيّة، وهي إشادةٌ واضحةٌ بدور الولاية، في مسألة تهذيب النّفوس وتحصيل مكارم الأخلاق.
3 ـ عن الإمام الصّادق (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: «أيُّ عُرَى الإِيمانِ أَوثَقُ؟ فَقَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ بَعْضُهُم الصَّلاةِ، وَقَالَ بَعْضُهُم الزَّكاةُ، وَقَالَ بَعْضُهُم الصِّيامُ، وَقَالَ بَعْضُهُم الحجُّ والعُمْرَةُ، وَقَالَ بَعْضُهُم الجِهادُ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله): لَكُلِّ ما قُلْتُم فَضْلٌ وَلَيسَ بِهِ، وَلَكِنْ أَوثَقُ عُرَى الإِيمانِ الحُبُّ فِي اللهِ وَالبُغْضُ فِي اللهِ وَتَوَلِّي أَولِياءِ اللهِ وَالتَّبَرِّي مِنْ أَعداءِ اللهِ» ([14]).
وقد حرّك الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، أذهان أصحابه بهذا السّؤال. وهكذا كانت سيرة الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، عند ما كان يريد أن يطرح موضوعاً مهمّاً، فبعض منهم أبدى جهله، وبعض منهم قال الصّيام و... ولكن في نفس الوقت، الذي أكّد رسول الله على أهميّة تلك الأمور في الإسلام، قال: «الحُبُّ فِي اللهِ وَالبُغْضُ فِي اللهِ».
والتّعبير بكلمة: «عُرى» جَمع «عُروة»، هي بمثابة حلقة الوصل لِلقرب من الله تعالى، وإشارةٌ إلى أنّ السّلوك إلى الله، لا يتمّ إلّا من خلال التمسّك بهذه العروة، والصّعود بواسطتها إلى مراتب سامية من الكمال المعنوي، وليس ذلك إلّا لأنّ الحبّ في الله والاقتداء بأولياء الله، عاملٌ مهمٌّ في تسهيل الحركة في جميع إتّجاهات الخير والصّلاح.
وبإحياء هذا الأصل، سوف تنتعش بقيّة الاصول الدّينيّة، ولكن مع إهماله وترك العمل به، فإنّ سائر الاصول ستَضعف وتَموت.
4 ـ وفي حديثٍ آخر عن الإمام الصّادق (عليه السلام)، أنّه قال لجابر الجُعفي (رحمه الله): «إِذا أَرَدتَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ فِيكَ خَيراً فَانظُرْ إِلى قَلْبِكَ فَإنْ كانَ يُحِبُّ أَهْلَ طاعَةِ اللهِ وَيُبْغِضُ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ، فَفِيكَ خَيرٌ وَاللهُ يُحِبُّكَ، وَإِنْ كانَ يُبْغِضُ أَهْلَ طاعَةِ اللهِ وَيُحِبُّ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ، فَليسَ فَيكَ خَيرٌ، وَاللهُ يُبْغِضُكَ وَالمَرءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» ([15]).
وَجُملة: «والمَرء معَ من أحبّ»، هي إشارةٌ جميلةً ولطيفةً إلى هذه الحقيقة، وهي أنّ هذه العِلاقة ستمتد وتستمر إلى يوم القيامة، وهي دليلٌ واضحٌ على أهميّة مسألة «الوِلاية»، في المباحث الأخلاقيّة.
5 ـ في حديثٍ آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «وُدُّ المُؤمِنِ لِلمُومِنِ فِي اللهِ مِنْ أَعْظَمِ شُعَبِ الإِيمانِ، أَلا وَمَنْ أَحَبَّ فِي اللهِ وَأَبْغَضَ فِي اللهِ وَأَعطى فِي اللهِ وَمنَعَ فِي اللهِ فَهُوَ مِنْ أَصفِياءِ اللهِ» ([16]).
6 ـ في حديثٍ آخر عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام)، أنّه قال: «إِذا جَمَعَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الأَوَّلِينَ وَالآخَرِينَ، قامَ مُنادٍ فَنادى يُسْمِعُ النّاسَ، فَيَقُولُ: أَينَ المُتَحابُّونَ في اللهِ، قالَ: فَيَقُومُ عُنُقٌ مِنْ النّاسِ، فَيُقالُ لَهُم اذهبوا إِلَى الجَنَّةِ بِغَيرِ حِسابٍ، قَالَ: فَتَلَقَّاهُم المَلائِكَةُ فَيَقُولُونَ إِلى أَينَ؟ فَيَقُولُونَ إِلى الجَنَّةِ بِغَيرِ حِسابٍ!، قَالَ: فَيَقُولُونَ فَأَيُّ ضَرْبٍ أَنْتُم مِنْ النّاسِ؟، فَيَقُولُونَ نَحْنُ المُتَحابُونَ فِي اللهِ، قَالَ: فَيَقُولُونَ وَأَيُّ شَيء كانَتْ أَعمالُكُم؟، قَالُوا كُنّا نُحِبُّ في اللهِ وَنُبْغِضُ فِي اللهِ، قَالَ فَيَقُولُونَ، (نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ)» ([17]).
وتعبير «نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ» يبيّن أنّ المحبّة لأولياء الله والبغض لأعداء الله هو أكبر مصدر للخير في واقع الإنسان والحياة والمانع عن الشر والانحراف في مسيرة التكامل الأخلاقي.
7 ـ وَرد في حديثٍ عن الرّسول الكريم (صلى الله عليه وآله): «إنَّ حَولَ العَرشِ مَنابِرٌ مِنْ نُورٍ، عَلَيها قَومٌ لِباسُهُم وَوُجُوهُهُم نُورٌ، ليسُوا بِأَنْبِياءٍ يَغْبِطَهُمُ الأَنْبِياءُ وَالشُّهَداءُ، قالُوا يا رَسُولَ اللهِ حَلِّ لَنا، قَالَ: هُم المُتَحابُّونَ في اللهِ وَالمُتَجالِسُونَ فِي اللهِ وَالمُتَزاوِرُونَ في اللهِ» ([18]).
8 ـ وإكمالاً للحديث أعلاه، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لَو أَنَّ عَبدَينِ تَحابا فِي اللهِ أَحَدُهُما بِالمِشْرِقِ وَالآخرُ بِالمَغْرِبِ لَجَمَعَ اللهُ بَينَهُما يَومَ القِيامَةِ وَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله): أَفْضَلُ الأَعْمالِ الحِبُّ في اللهِ والبُغْضُ في اللهِ» ([19]).
ويبيّن هذا الحديث، أنّ أوثق العُرى والأواصر في دائرة العلاقات الإجتماعيّة، هي آصرة الدّين التي تُحقّق التّوافق والوئام بين الأفراد، وتدفعهم لِلمحبّة لله وفي الله، وهذه الحالة تؤثّر في النّفوس، من موقع التّزكية والتّهذيب.
9 ـ نقرأ في الحديث القُدسي، قال الله تعالى لموسى (عليه السلام): «هَلْ عَمِلْتَ لي عَمَلاً قط؟!، قالَ: صَلَّيتُ لَكَ وَصُمْتُ وَتَصَدَّقْتُ لَكَ، قَالَ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى: وَأَمّا الصّلاةَ فَلَكَ بُرهانٌ، والصَّومَ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ ظِلُّ، والذِّكْرُ نُورٌ، فَأَيُّ عَمَلٍ عَمِلْتَ لِي؟!، قَالَ مُوسى: دُلَّني عَلى العَمَلِ الِّذي هُوَ لَكَ، قَالَ يا مُوسى هَلْ وَالَيتَ لي وَلِيّاً وَهَلْ عادَيتَ لِي عَدُوّاً قطُّ، فَعَلِمَ مُوسى إِنَّ أَفْضَلَ الأَعمالِ، الحُبِّ في اللهِ والبُغْضُ في اللهِ» ([20]).
10 ـ ونختم هذا البحث، بحديثٍ آخر عن الإمام الصّادق (عليه السلام)، (رغم وجود الكثير من الأحاديث الشّريفة في هذا الموضوع، أنّه قال: «مَنْ أَحَبَّ للهِ وَأَبْغَضَ للهِ وَأَعْطىْ للهِ وَمَنَعَ للهِ فَهُوَ مِمَّنْ كَمُلَ إِيمانُهُ» ([21]).
ونَستوحي من الأحاديث العشرة الآنفة الذّكر، أنّ الإسلام قد أعطى الأهميّة القُصوى، لمسألة الحُبّ في الله والبغض في الله، واعتبرها أفضل الأعمال، وعلامة كمال الدّين، وأسمى من: الصّلاة والزّكاة والصّيام والحج والإنفاق في سبيل الله تعالى، ومن يَتَحلّى بهذه الصّفة، يكون مع الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في الجنّة، بحيث يغبطه فيها الأنبياء والشّهداء والصّديقين.
فهذه التّعبيرات وغيرها، تبيّن لنا دور وفعّاليّة مسألة التبرّي والتّولّي، في جميع البرامج الدّينية والإلهيّة، ودليل هذا الأمر واضحٌ جدّاً، لأنّ الإنسان المؤمن، عندما يُحِبُّ القُدوة الإلهيّةُ والإنسان الكامل، لتقواه وإيمانه وفضائله الأخلاقيّة، فإنّ ذلك من شأنه أن ينعكس على روحه وسُلوكه صفاتِ وسلوك هذه القدوة، ويدفعه لِلتأسّي بها في أعماله وحركاته وسَكناته!
وهذا هو بالفعل، ما يَصبو وَيدعو إليه علماء الأخلاق، باعتباره أصلاً أساسياً في تهذيب وتربية النّفوس، وأنّ الاقتداء بالقُدوة الصّالحة، من شأنه أن يكون شرطاً أساسياً لأن يسلك بالإنسان طريق الهداية والصّلاح، في خطّ الإيمان والانفتاح على الله تعالى.
ومن الأدلّة المهمّة، التي أوردها القرآن الكريم، وأكّد عليها رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله)، هو التّذكير بأَنبياء الله تعالى وأفعالهم وتأريخهم وحياتهم، والغَرض من ذلك كُلّه، الاقتداء بهم وإتّباع سيرتهم.
جديرٌ بالذّكر، أنّ كلّ إنسانٍ يحبُّ البطولات والأبطال، ويحبُّ أن يَقتدي بأحد الأبطال، ليجعله أسوةً وقدوةً في حياته في جميع أبعاده المختلفة.
عمليّة انتخاب مثل هؤلاء الأبطال، يؤثر على حياة الإنسان، من موقع صياغة الشّخصية وكيفيّة السّلوك، وعلى فرض حدوثِ تغيّرٍ في نظرة الإنسان نحو القُدوة، فَستتغير حياتُه بالكامل، تَبعاً لها.
والكثير من الأفراد أو الشعوب، لمّا لم يُسعفهم الحظّ في اتّخاذ القُدوة الصّالحة، تَوسّلوا بأبطالٍ مزيّفين، كَي يُعوّضوا النّقص الحاصل لديهم في هذا المجال، وأدخلوهم في ثقافتهم وتأريخهم، وألّفوا في سيرتهم الأساطير والحكايات، والبطولات الخياليّة.
والبيئة والدّعاية السّليمة أو المغرضة، لَها دورها في اختيار اولئك الأبطال، فيُمكن أن يكونوا من رجال الدّين، والسّياسة، أو وجوهٌ رياضيّةٌ أو تمثيليّةٌ.
وهذا الميل البَشري لِلأبطال، والقُدوات الإنسانيّة، يمكن أن يوجّه بالصّورة الصّحيحة، ويفعّل دوره في تربية الفضائل الأخلاقيّة والسّلوكيات الحسنة، في الحياة الفرديّة والاجتماعيّة.
وبناءً على ذلك، فإنّ الآيات والرّوايات أكّدت على هذه الضّرورة، وهي مسألة التولّي والتّبرّي، واتّخاذ أولياء الله قدوةً واسوةً حسنةً، وبدونها ستبقى برامج التّربية والتّهذيب، ناقصةُ الُمحتوى والمُضمون.
قصّة موسى والخَضر (عليهما السلام):
اتّخاذ المعلّم والدّليل، في طريق السّير والسّلوك إلى الله تعالى، من الأهميّة بمكانٍ، بحيث أُمِرَ بَعض الأنبياء، في بُرهةٍ من الزّمن، للحُضورَ عند الأستاذ أو المُرشد.
ومن ذلك قصّة موسى والخضر (عليهما السلام)، المليئة بالمفاهيم والمضامين العميقة، والتي وَردت في سَورة الكهف، من القرآن المجيد.
فقد امِرَ موسى (عليه السلام)، لأجل استرفاد بعض العلوم، التي تحمل الجانب العملي والأخلاقي أكثر من الجانب النّظري، أُمِرَ بالذّهاب إلى عالم زمانه، لِيَستقي منه العِلم، وقد عرّفه القرآن الكريم، بأنّه: (عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً).
فشدّ موسى (عليه السلام)، الرّحال فعلاً مع أحد أصحابه، متّجهاً نحو المكان الذي يتواجد فيه الخِضر (عليه السلام)، ومع غَضّ النّظر عَمّا صادفاه في الطّريق إليه، وَصل مُوسى (عليه السلام) إلى المكان الموعود، فقال له الخِضر (عليه السلام): (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)، ولكنّ موسى (عليه السلام) وعده بالصّبر.
توالت الأحداث الثّلاثة، واحدة بعد الأخرى، المعروفة والواردة في القرآن الكريم: أولها خَرق السّفينة الّتي كانوا عليها، فاعترض موسى (عليه السلام)، وذكّره بخَطر الغَرق لِلسفينة بِمن فيها، فقال له الخِضر: (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) فندم واختار (عليه السلام) السّكوت، حتى يوضّح له ملابسات الأمر.
ولَم يَمضِ قليلاً، حتى صادفوا صَبيّاً فقتله، الخِضر (عليه السلام) مباشرةً من دونِ توضيحٍ ودليلٍ، فهذا الأمرُ المُريع أثارَ موسى (عليه السلام) مرّةً أخرى، ونسِيَ ما تَعهّد به، واعترض على أستاذه بأشدّ من الّتي قَبلها، فقال: (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً).
ولِلمرّة الثّانية، ذكّر الخِضر موسى (عليه السلام) بالعهد الذي قطعه على نفسه، وقال له: إذا تكرّر منك هذا العمل لِلمرّة الثّالثة، فسوف تَنقطع العلاقة بيني وبينك، وننفصل في هذا السّفر، فعلم موسى (عليه السلام)، أنّ في قَتل الغلام سِرّاً مُهمّاً، فآثر السّكوت، ليتّضح له السرّ فيما بعد.
وتَلَتها الحادثة الثّالثة، وقد وردوا في قَريةٍ، فلم يُضيفوهما ولم يعبؤوا بِهما، فَوجد الخِضر (عليه السلام) جداراً يُريد أن يَنقضّ، فَأقامَه (عليه السلام)، وطلب العَون من موسى (عليه السلام) في هذا الأمر، فَرمَّم الجِدار، فضاق موسى ذَرعاً بالأمر، فَصاح: (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً).
فأين يكون موضع التّعامل مع هؤلاء من موقع الرّحمة، مع كلّ تلك القساوة التي واجهوها من أهل تلك القرية؟
وهنا أعلن الخِضر (عليه السلام) انفصاله عن موسى (عليه السلام)؛ لأنّه نقض العَهد ثلاثَ مرّاتٍ، ولكنّه وقبل الفِراق، أعلمه بالأسرار لتلك الحوادث الثّلاثة، فقال له: إنّ السّفينة كانت لِمساكين، وكان عندهم ملكٌ يأخذ كلّ سفينةٍ سَليمةٍ غَصباً، فَأعَبْتُها كَيْ لا يأخذها منهم، والشّاب المقتول، كان يستحق الإعدام؛ لأنّه كافرٌ ومرّتدٌ، وكان الخوف على أبويه من موقع التّأثير عليهما، ولئّلا يحملهما على الكفر.
والجِدار كان ليتيمين في المدينة، وكان تَحته كنزٌ لَهُما، وكان أبوهما صالحاً، فأراد ربّك أن يستخرجا كنزهما فيما بَعد، ليعيشا بذلك المال، ثم أكدّ عليه أن كلّ ذلك كان بأمر الله تعالى، وليس تصرّفاً من وَحي أفكاري ([22]).
رجع بعدها موسى (عليه السلام)، محّملاً بمعارفٍ وعلومٍ في غاية الأهميّة.
ونحن بدورنا نستلهم من تلك القصّة، عدّة دروسٍ، منها:
1 ـ العثور على معلّمٍ مطّلع حكيمٍ للتعلّم عنده، والاستنارة من نور علمه، أمرٌ من الأهميّة بمكان، بحيث امِرَ رسول من رُسل اولى العزم بذلك، وقد قطع المسافات الطويلة كي يَدرس عنده، ويقتبس من فَيض علمه.
2 ـ عَدم تعجّل الأمور، وانتظار الفرصة المُناسبة، أو كما يُقال: «إنّ الأمور مرَهونةٌ بِأَوقاتها».
3 ـ الحوادث الجارية حولنا، ربّما تحمل ظاهِراً وباطناً، وعلينا عدم النّظر إلى الظّاهر فقط، لِئلّا نخطأ في الحكم على الأمور، من موقع العجلة وعدم التّأنّي، وعلينا الأخذ بنظر الاعتبار بَواطِنها.
4 ـ عدم الانضباط والالتزام بالعهود، ربّما يَحرم الإنسان من بعض البركات المَعنويّة إلى الأبد.
5 ـ الدّفاع عن الأيتام والمستضعفين، والوقوف في وجه الظّالمين والكفّار، يُعتبر واجباً على المؤمنين، الذين يتحرّكون في خطّ الرّسالة والمسؤوليّة، وقد تُدفع في سبيل ذلك الأثمان الباهظة.
6 ـ أينما وصل الإنسان في مراحل العِلم والرّقي، عليه أن لا يغترّ بعلمه، ولا يتصوّر أنّه وصل إلى حدّ الكمال؛ لأنّه قد يتسبّب هذا التّصور، في تجميد حركة الإنسان الصّاعدة، والقناعة بما عِنده من العلم.
7 ـ إنّ للهِ تعالى جُنوداً وألطافاً خفيّةً تنصرُ المظلوم، بِطرقه المختلفة، وكلّ إنسانٍ مؤمنٍ، عليه أن يتوقّعها في كلّ لحظةٍ.
وهناك نقاطٌ مفيدةٌ اخرى أيضاً.
وهذه القصّة سواء كانت تحمل أهدافاً حقيقةً لتعليم موسى (عليه السلام)، أم أنّها تحمل نِداءاتٍ للناس؛ لكي يتعلّموا ويقتدوا بالأعاظم من البشر، لا تختلف عمّا نحن بصدده.
والخُلاصة: أنّ القدوة والدّليل والأسوة، هو أمرٌ لا بُدَّ منه للاستزادة من العلوم، وتهذيب النّفوس في خطّ التّكامل المعنوي وبناء الذّات.
[1] سورة الممتحنة ، الآية 4.
[2] سورة الممتحنة ، الآية 6.
[3] سورة الأحزاب ، الآية 21.
[4] سورة المجادلة ، الآية 22.
[5] سورة الممتحنة ، الآية 12.
[6] سورة التوبة ، الآية 71.
[7] سورة البقرة ، الآية 257.
[8] سورة التوبة ، الآية 119.
[9] لِلتفصيل يرجى الرجوع إلى كتب : «نفحات القرآن» ، ج 9.
[10] المصدر السابق.
[11] ينابيع المودة ، ص 115.
[12] نهج البلاغة ، الخطبة 192.
[13] أصول الكافي ، ج 2 ، ص 18.
[14] أصول الكافي ، ج 2 ، ص 125 ، ح 6.
[15] اصول الكافى ، ج 2 ، ص 126.
[16] بحار الأنوار ، ج 66 ، ص 240 ، ح 14.
[17] بحارالأنوار ، ج 66 ، ص 245 ، ح 19 ، اصول الكافي ، ج 2 ، ص 126.
[18] بحار الأنوار ، ج 66 ، ص 352 ، ح 32.
[19] بحارالأنوار ، ج 66 ، ص 352 ، ح 32.
[20] بحارالأنوار ، ج 66 ، ص 352 ، ح 32.
[21] المصدر السّابق ، ص 8 ، ح 10. 23.
[22] مضمون الآيات : (6 ـ 80) ، من سورة الكهف ، (مع التلخيص).