1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : مشاكل و حلول :

عمل بلا إبداع

المؤلف:  الشيخ محمد تقي فلسفي

المصدر:  الشاب بين العقل والمعرفة

الجزء والصفحة:  ج2 ص366ــ370

2024-03-09

801

تفقد قوة العقل لدى معظم العمال في ظل الثورة الصناعية بريقها ، وتسحق قدرتهم الطبيعية على الإبداع. ففي المصانع الكبرى في العالم يتم التخطيط لوضع برنامج عمل يسلب العامل أثناء عمله أية فرصة للتفكير أو إظهار استعداداته وإبداعاته ، ولهذا فإن عقل العامل يخفت نوره تدريجياً وذكاءه يخف وذوقه ينطفئ وإبداعه يموت . وبخلاصة فإن الشخصية الإنسانية للعامل في المؤسسات الصناعية الكبرى تتحطم شيئاً فشيئاً ، ويتحول الإنسان العاقل الذكي المبدع إلى مجرد آلة من آلات المصانع ، وهذه أيضاً من سلبيات الثورة الصناعية.

«يقول «جان ديوي»: يبرز اليوم القسم الأعظم من النشاطات والفعاليات الإقتصادية التي تتم بواسطة الآلة، وعموماً فإن هذه الآلات ليست تحت سيطرة ومراقبة الأفراد الذين يعملون عليها، فهم لا يفهمون منها شيئاً ولا يأبهون لأهدافها. وحسبما يقول «آمرسون» فإن النشاط الآلي يجعل من الفرد والآلة تدريجياً كإبرة وخيط ».

«وعندما يعرف الفرد دوره في أداء عمل ما ، ويطلع على كافة مراحل العمل الذي يعتبر نشاطه جزءاً منها ، ويبدي علاقته واهتمامه بالعمل وتفاصيله الدقيقة ، يفقد العمل أثره الآلي ، أما إذا أصبح العامل كجزء لا يتجزأ من الآلة، فإنه لا يمكن أن يبدي أي اهتمام بعمله ، ولا يمكن اعتبار عمله إبداعاً بأي شكل من الأشكال»(1).

العمل والذوق:

قبل الثورة الصناعية واستخدام الآلة في مجال الصناعة، كانت كافة اللوازم المنزلية وغيرها تصنع باليد أو بواسطة آلات يدوية بدائية ، فصناعة النسيج والنجارة والخزفيات والبلاط وغيرها من الصناعات كانت تتم بواسطة اليد أو الآلات البدائية، وكان لكل عامل فيها إشراف على جميع مراحل عمله واهتمام بها ، وكان يسعى بشوق ورغبة إلى تحسين صناعته وتطويرها والإبداع بها ، وكان يبرهن من خلال طرح نقوش جديدة وجميلة للغاية تستخدم في صناعة القماش والبلاط على ذوقه ومهارته، وكان يتباهى بذلك أمام الآخرين، وبإيجاز فإن العامل آنذاك كان محباً لعمله وحرفته اليدوية التي كان يؤمن منها لقمة عيشه وينمي ذكاءه واستعداده ومهارته وذوقه.

«إن قضية العامل والمصنع ليست كذلك، فتعدد قطعات الآلة أو الماكنة وتقسيم العمل على وحدات متعددة كل حسب اختصاصها ، يثير الملل لدى العامل. فسيارة عادية تتألف من حوالي خمسة آلاف قطعة مختلفة، وصناعة كل قطعة تحتاج إلى تخصص ويقوم بها عامل أو مجموعة من العمال ، ولا شك في أن العامل الذي يصنع قطعة صغيرة لسيارة تتألف من خمسة آلاف قطعة لا يرى لعمله قيمة ولن يستمتع به كما يستمتع الحرفي الذي يصنع بيديه مثلاً منضدة كاملة أو قطعة من الفخار. والأهم من كل ذلك فإن محيط المصنع لن يروق للعامل ، لأن أصحاب المصانع لا يفكرون بمصالح العمال وسعادتهم. ويعتبرونهم مجرد يدٍ من الأيدي العاملة. وعامل المصنع الذي لا يعمل لنفسه كالحرفيين القدامى المستقلين ، ليس فقط لا يندفع بشوق ولهفة نحو عمله، بل وينظر باشمئزاز وحقد إلى صاحب المصنع والآلة والإنتاج المصنعي»(2).

التكامل والحرية:

لكل عضو في جسم الإنسان مهمته الخاصة حسب نظام التكوين ، يقوم بعمله بكل حرية ويؤدي ما عليه من وظائف طبيعية ، وإذا ما تم توقيف أحد الأعضاء عن عمله ومنعه من أداء وظائفه الطبيعية ، فإنه سيصح تدريجياً عضواً عاطلا وغير مجد.

والعقل شأنه شأن سائر الأعضاء ، فإذا ما كان حراً في أداء نشاطه وعمله القيادي، فإنه سيكون مثمراً وفعالاً ، أما لو تم تجاهله وسد الطريق أمامه ، فإنه سيضعف ويخفت نوره .

وقد أكد الدين الإسلامي المبين أهمية العقل والعلم والذكاء والفهم بالنسبة للإنسان ، وتم في الاحاديث والروايات الواردة تقييم عقائد الناس وأخلاقهم وأعمالهم على مستوى عقولهم، وأعقل الناس هو من يستخدم فطنته وعقله في حرفته وعمله ودراسته ومعاشرته للناس ومجالسته لهم وفي كافة شؤونه المادية والمعنوية ، ولا يقدم على عمل إلا معتمداً على عقله.

العمل والحكمة:

إن العمل الذي يدر على الإنسان أرباحاً قليلة لكنه ينمي من ذكائهم وقدرته العقلية ويزيد من معلوماته وتجاربه أفضل بكثير من ذاك العمل الذي يعود عليه بأرباح طائلة لكنه يجمد عقله ويحد من ذكائه.

قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) لهشام بن الحكم: يا هشام إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا(3).

ثمة أعمال كثيرة في عالمنا الصناعي والآلي الحاضر ينشط فيها العقل والذكاء والذوق والإبداع. وإذا ما اختار الشاب ضمن حدود لياقته وكفائته أحد هذه الأعمال، فإنه يستطيع من جهة تأمين لقمة عيشه ، وتنمية عقله وذكائه من جهة أخرى.

العامل والصناعات الثقيلة:

إن الشاب الذي يعمل في إحدى المؤسسات الصناعية الكبرى ، وعمله اليومي ليس سوى عمل بسيط وسطحي لا يحتاج لأي مجهود فكري لأدائه، عليه أن يخصص ساعات من أوقات فراغه لمطالعة الكتب والمقالات العلمية ، ويشارك في مجالس أهل العلم والفضيلة ويبحث معهم في شتى المسائل ، وذلك لكي لا يخفت نور عقله ولا يضعف ذكاؤه ولا يزول ذوقه وإبداعه ، وليحرك قواه المعنوية والعقلية.

كان امير المؤمنين علي (عليه السلام) يقول: روحوا أنفسكم ببديع الحكمة، فإنها تكل كما تكل الأبدان(4).

الترفيه والترويح عن النفس :

«تتوقف قوة الفكر والذكاء عن العمل تدريجياً لدى الإنسان الذي يؤدي عملاً روتينياً مكرراً لا يحتاج إلى جهد فكري أو ذكاء معين ، أما إذا عمل هذا الإنسان خارج نطاق عمله على تنشيط فكره واختبار ذكائه عن طريق المطالعة أو تعلم فن معين أو التسلية الهادفة، فإنه يسهم في تنمية قواه الفكرية».

«ولو اعتدتم على اللهو ببعض أنواع التسلية التي لا تحتاج إلى قوة جسمية أو فكرية معينة، فإن نتيجة ذلك ستكون ضعف قوة التفكير لديكم شيئاً فشيئاً حتى تزول بالنهاية. إن الشخص الذي تستقطب السينما كل اهتماماته، ولا عمل له غير الجلوس على المقاعد المريحة لدور السينما ومشاهدة قصص الحب والخيال التي هي من نتاج الآخرين وثمرة أفكارهم ، أشبه ما يكون بالطفل الذي يلقمه الآخرون طعامه، ومثل هذا الشخص يفقد تدريجياً قدرته على مواجهة الحياة الواقعية (التي تختلف تماماً عن الأحداث الخيالية التي تعرضها دور السينما) ، ولا يعود بمقدوره التفكير بشؤون الحياة ، لأنه يدور دائماً في فلك أحلامه التي تكونت لديه من خلال مشاهدة الأفلام السينمائية»(5).

مسؤولية التلميذ:

ينبغي على التلميذ أن لا يعتمد على قوة ذاكرته فقط ، ويقتنع بحفظ دروسه عن ظهر قلب ، لأن دراسة مثل هذا التلميذ أشبه ما تكون بعمل العامل في شركة لصناعة السيارات، حيث لا حركة للعقل والذكاء ولا أثر للذوق والإبتكار والإبداع. فدراسة ذاك التلميذ وعمل هذا العامل لا يختلفان عن عمل آلة صناعية تدور على الدوام لكنها لا تعلم عن عملها شيئاً ولا تدري ماذا تفعل.

ومن هنا ينبغي على التلميذ الذي يريد أن يدرس لينجح ويصبح عالماً حقيقياً أن يستثمر عقله وذكاءه في دراسته ، وأن يفهم ما يتعلم ويعي ما لم يكن يفهمه ، حينذاك يستطيع أن ينجح في الوصول إلى مستويات عالية من التعليم ، ويتفوق في دروسه.

قال امير المؤمنين علي (عليه السلام) : من أكثر الفكر فيما تعلم أتقن علمه وفهم مالم يكن يفهم(6).

_________________________

(1) الأخلاق والشخصية، ص 139.

(2) مبادئ علم الإجتماع ، ص 288.

(3) تحف العقول، ص 387 .

(4) الكافي 1، ص 48 .

(5) النمو والحياة، ص 272 .

(6) فهرست الغرر، ص 316 . 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي