x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

آثار الأعمال ونتائجها

المؤلف:  الشيخ توفيق بو خضر

المصدر:  شواهد أخلاقية

الجزء والصفحة:  ص69ــ73

2023-11-26

671

إن الأعمال التي يقوم بها الإنسان مهما كانت، لابد أن تكون لها نتائج وآثار، تنعكس إيجابا أو سلبا على صاحبها سواء كانت (الأعمال) بفعل أمر، أو سكوت عن أمر وعدم إتيانه. فمجرد ترك الشيء هو فعل ومن هنا تكون ترك المعاصي والسيئات فعل، ولهذا الترك آثار إيجابية تقع على الإنسان. ولأن الأفعال قد تنتهي بمجرد التوقف عنها، وقد تنسى بمجرد مضي الزمان عنها كان هناك ميزان آخر لبقاء الفعل وتخلده، هو إيجابية الفعل والتقرب به إلى الله وكونه عملاً طيباً طاهراً فإن قبول الله لهذا العمل أو ذاك، يعطيه ميزة البقاء؛ لأنه يغير سنخيته من الانقضاء بالانتهاء إلى الثبات حتى مع الانتهاء. وذلك لأن الله تكفل بحفظه وتربيته وتزكيته كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40].

وأما لو كان العمل ظاهره حسن وباطنه سيئ فإن العمل سيزول بمجرد زوال صاحبه، وانقضائه ولذلك نلاحظ كثيرا من الناس يقومون بالأعمال الجليلة الظاهرية ولكن سرعان ما يتلاشى كل أعمالهم وكأنهم لم يفعلوا شيئا، وقد تكون من أبرز تلك الأعمال التي تكون بداعي الرياء: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } [البقرة: 264].

ومن هنا نعلم ما هو سر بقاء العمل وظهور الآثار الجليلة عليه ولذلك قد يتساءل البعض عن سر انتشار كتاب «مفاتيح الجنان» للشيخ عباس القمي المحقق (رضوان الله عليه) مع كثرة الكتب التي كتبت في الأدعية؟

إن السر يكمن في إخلاص هذا الرجل وإنكاره لذاته وعدم طلب شيء في عمله غير الله، حتى لو بان للآخرين أنه مقصر وهذا الذي يحدثنا به الشيخ (رضوان الله عليه) حيث يقول:

كان أبي يذهب إلى مسجد قريب من البيت يصلي ويستمع إلى الخطبة، أو المحاضرة التي تلقى بعد الصلاة، وكان الشيخ يقرأ قصصا من كتاب منازل الآخرة التي كتبته وألفته ولكن أبي لا يعلم أن هذا الكتاب كتاب ولده. فكان والدي كلما جاء إلى المنزل قال لي: يا ليتك تكتب كتابا كالكتاب الذي يقرأ منه ذلك الشيخ. أو يا ليتك تكون مثل هذا الشيخ الذي يحدثنا.

لما سمعت من أبي هذه الكلمات كدت أقول له: يا أبتي أن الشيخ يقرأ من كتابي. ولكني قلت في نفسي: لا يهم أن عرف والدي ذلك أو لم يعرف. المهم ان يقبل الله مني ذلك العمل، ولذلك سكت ولم أقل شيئاً، وكلما أعاد لي القول طلبت منه أن يشملني بدعائه من أجل أن يوفقني الله.

فلا يكفي أن يؤدي الإنسان العمل بإخلاص مرة أو مرتين وبعدها يريد أن تظهر الآثار الجليلة والأمور العجيبة على فعله كلا. بل يجب عليه أن يداوم على العمل ويستمر ولا يتوقف مهما كان، وأقلها كما جاءت به الرواية سنة كاملة ثم يقطع إن لم ير أثراً لفعله.

عن النبي (صلى الله عليه وآله): «إذا جاء أحدكم بعمل فليداوم عليه سنة».

ولذلك نرى أن هناك بعض الأدعية والأذكار يطالب ممن يريد أن يعملها أن يستمر فيها أياماً، مثلا أسبوعاً، أو أربعين يوماً، أو أكثر حتى يستجيب الله منه ويأذن بظهور الآثار عليه. كما في دعاء «سيفي الصغير» تقول: «رب أدخلني في لجة بحر أحديتك، وطمطام يم وحدانيتك وقوني بقوة سطوة سلطان فردانيتك، حتى أخرج إلى فضاء سعة رحمتك، وفي وجهي لمعات برق القرب من آثار حمايتك ميهبا بهيبتك..».

فتأمل كلمة (أخرج إلى فضاء.. وفي وجهي..آثار) فهذه تعني أن يكون الإنسان قريبا من الله متجها إليه، ثم يحصل على أثر القرب ولا يكون هذه القرب إلا بالعمل الصالح ولا تظهر النتائج إلا بالمداومة عليه لذا يجب على السالك إلى الله أن لا يمل التقرب والقرب، ولا يكل من الدعاء والتوسل حتى يكون قريبا من الله ومن أبرز مصاديق ذلك ما نقله العالم مجتبى بلوجيان في كتابه «جزاء لأعمال» يقول:

سمعت أستاذي العزيزي الحاج المجتهدي انه قال: لقد بتلى الميزرا النائيني (أعلى الله مقامه الشريف) بألم في رجله ولم ينفع مع ذلك الألم أي علاج..

ويوما التقى شيخ عباس القمي وقال له المحقق النائيني: أدع لي يا جناب الشيخ لعل الله سبحانه وتعالى يسمع دعاءك ويشفيني مما أنا فيه.

فقال المحدث القمي: أيها الميرزا الكريم: أنا لست على يقين من أنني لم أعص الله سبحانه وتعالى بلساني، لذا فإني لا أدعو لك به، ولكن عندي يقين بأني لم أرتكب ذنبا، أو معصية بيدي هذه. فقد أفنيت هذه الحقبة من عمري في كتابة روايات وأحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) وإذا لم تشفك يدي هذه فإني سأقطعها.

فوضع يده الشريفة على رجل الميرزا النائيني فبرئت رجله وشفاه الله من تلك الآلام التي كان يعاني منها.

وما كان ذلك الأثر السريع ليد الشيخ عباس القمي إلا يإخلاصه وعمله الدؤوب في طاعة الله، وصدق الله حيث قال:

{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3].

فكل الناس في خسر مبين، وضياع إلا الذين عملوا الصالحات وتركوا تعلقاتهم المادية وربطوها بالآخرة فأنتجت نتاجا طيبا يظهر أثره في الدنيا قبل الآخرة. أسال الله أن يجعلنا وإياكم منهم بحق محمد واله.