x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية الروحية والدينية :

تهذيب النفس وتزكيتها

المؤلف:  الشيخ توفيق بو خضر

المصدر:  شواهد أخلاقية

الجزء والصفحة:  ص51ــ56

2023-11-20

949

إن أعظم غاية جاءت لأجلها الرسالات، والرسل هو تزكية الإنسان وجعله إنساناً يرتقي إلى مدراج الكمال، ولأن الله خلق هذه الخلق فهو يعرف ما يصلحه، وما يفسده. فشرع الأحكام لكي يأخذ بالنفس نحو خلاصها وعدم تعلقها بالدنيا فتخلد إلى الأرض، وتتبع الهوى فتهلِك وتهلَك.

ومن أعظم الأمور التي تهذب النفس هو الخضوع لله في الصلاة وإرغام النفس على إخراج الحقوق الشرعية من زكوات، وصدقات وخمس ونحوه. لذلك قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103].

وتعتبر الزكاة وإخراج الحقوق مما يزكي النفس لأن البذل والعطاء على النفس أمر شاق، وذلك لأن النفس ترى أنها فقدت، وخسرت بهذه البذل، وأن المال التي تعبت في جمعه، قد نقص منه وهذا يمثل لها خسارة كبيرة، فتبخل وتكون حريصة فتتصف بصفات ذميمة. لذا وجب تطهيرها من هذه الصفات بالبذل والاعتقاد بأن هذا المال سيزكوا بالبذل والعطاء، وهذا البذل سيؤدي إلى الزيادة في الرزق، وتحل البركة فيه وهو ذاته شكر لله: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7].  

وهذه تحتاج إلى جهاد مع النفس لأن النفس متى تعلقت بالمال صعب عليها إخراجه وهذا الحقيقة يبينها لنا موقف جرى في عهد النبي. فقد جاءه رجل فقير وطلب من النبي (صلى الله عليه وآله) أن يدعو له حتى يرزقه الله أموالا، ويكون غنياً. ولما رزق المال، وكثر الحلال، ونزلت آية الصدقة بوجوب إخراج الزكاة، فأرسل رسول الله إليه جابي الزكاة رد ذلك الجابي وقال: أمحمد يشاركنا في أموالنا؟

فقد خسر في الامتحان الذي واجهه وذلك بسبب حرصه على المال الذي استودعه الله إياه. وكذلك يخطأ البعض حينما يتصور أنه متى ما تصدق تصدقا تطوعيا، فلا يجب عليه أن يخرج الزكاة، أو الخمس. فتراه يقول لك: إني تصدقت بأكثر من زكاتي، وخمسي!

والحق خلاف ذلك أيضا فأن الله لم يأمره إلا بما فرض عليه فلو تصدق بكل ماله ولم يخرج الحق لم يرض الله عنه. وأن عليه أن يؤدي العبادة التي فرضها الله عليه كما هي من دون زيادة أو نقصان، فعن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: «من عمل بما افترض الله عليه فهو من خير الناس»(1).

ويقول (عليه السلام) ناقلا لحديث قدسي، قال الله تعالى: «ما تحبب إلي عبدي بأحب مما افترضت عليه»(2).

تصور خاطئ:

يتخيل البعض أنه متى ما أدى الحق الذي عليه، فأنه يرى لذلك ميزة على غيره، فهو المعطي، وهو الباذل، فيجب على من يستلم الحق، أو من يُعطى إليه الحق أن يقدره، ويحترمه فهو صاحب النعمة، واليد العليا. وهذا التفكير من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الكثيرون وللأسف فهم يبطلون أعمالهم بالمن والأذى وقد نهو عنه قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264].

ومن الطريف ما ينقل إنه في بداية مرجعية البروجردي (رضوان الله عليه)، كتب أحد تجار طهران صكا (شيك) بملغ كبير وبعثه بيد أحد الأشخاص إلى السيد البروجردي وقال: إنه من الحقوق الشرعية.

وكانت طريقة التسليم غير مؤدبة، فأخذ السيد البروجردي ذلك الشيك ورماه جانباً ثم قال للرجل: لا تكرر هذه الطريقة مرة أخرى، هل تظنون أنكم تمنون علينا بهذه الأموال؟

إن العلماء أشرف وأعز وأكرم من أن يهانوا يتسديدك للحقوق الشرعية إليهم بهذه الطريقة.

وإذا كنا ننتقد هذه الطريقة فما هي الطريقة المثلى التي يجب أن نتعامل بها؟

الجواب عنه:

أولاً: أن تكون نيتك في العطاء والبذل هي الله سبحانه وتعالى ورضاه لا غيره.

جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: «يا رسول الله علمني شيئاً إذا أنا فعلته أحبني الله من السماء وأحبني الناس في الأرض؟

فقال (صلى الله عليه وآله): ارغب فيما عند الله يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس»(3).

ثانياً: أن لا يكون العطاء فيه أذى أو تعالٍ في وقت البذل، ولا بعده.

وأن يتبع طريقة أهل البيت (عليهم السلام) الذين بالغوا في ذلك بحيث انه إذا جاء من يسأل يقول له: أكتب حاجتك على الأرض وانصرف.. ومن ثم يعطيه الصدقه من غير أن يراه. ولما سئل عن ذلك قال: «حتى لا أرى ذل المسألة في وجه السائل»(4).

يقول الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6]، ويقول النبي (ثلاثة لا يكلمهم الله.. المنان الذي لا يعطي شيئاً إلاً بمنة..)(5) ويقول إمامنا الصادق (عليه السلام): «المن يهدم الصنيعة»(6).

ثالثاً: الحفاظ على كرامة السائل، أو الفقير حتى لو قدمت الزكاة أو الحقوق الشرعية بعنوان الهدية حتى لا تخدش كبرياءه ويبين نقصه وحاجته. يسأل سائل الإمام المعصوم يقول: هذا الفقير لا يحب أن يُعطى من الزكاة، فهل أستطيع أن أقدم له المال بعنوان هدية ليس من الزكاة؟ المعصوم يجيب: نعم لا تظهر له ذلك وأعقد نيتك على الزكاة.

رابعاً: لا تنتظر المدح من الناس أو الإشادة بعملك وبصدقاتك حتى لا تحس بخيبة في العطاء ثم تحرم من البذل في مرات أخر.

عن الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «الرغبة في الدنيا تورث الغم والحزن، والزهد في الدنيا راحة القلب والبدن»(7).

وأما كيف تعرف أن صدقتك وأعمالك لله لا لغيره؟

متى لم تحب أن تمدح على صدقتك، أو لم تتأذى من عدم ذكر اسمك في المحافل في حين يذكر غيرك، ولا يضرك أن أشادوا بك أو لا حينها تكون قد عملت العمل لله: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 188].

ومتى كان العمل لله فأن الله سيضاعفه ويجازي العبد، ولن يترك الله أي إنسان يقدم خيرا من غير أن يحصل على فائدة، وجزاء لهذا العمل وهذا العطاء، فالله يقول:  {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [البقرة: 245].

وإذا كان الحال هكذا فأن من الحمق أن يرغب إنسان في تكديس الأموال من غير تجارة وربح، وربح الله مضاعف، أو أن يلتفت إلى غير الله، فيضيع كل عطائه وصدقاته فتكون عليه حسرة ووبالا: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} [القيامة: 31].

____________________________

(1) الكافي 2: 81.

(2) وسائل الشيعة 259:15.

(3) ثواب الاعمال: 182.

(4) مستدرك الوسائل238:7.

(5) الخصال: 184.

(6) الكافي 4: 22.

(7) بحار الأنوار 75: 240.