1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية الروحية والدينية :

الأنماط أو الطرق التربوية في القرآن / التربية بالمثل أو بالتمثيل

المؤلف:  د. بلال نعيم

المصدر:  التربية والتعليم في القران الكريم

الجزء والصفحة:  ص 124 ــ 128

2025-03-13

100

هناك الكثير من المفاهيم المجردة والقيم التي يمكن أن تقدم على نحو نظري، لكنها تبقى بعيدة عن الامتثال إذا لم يتم تحديدها إما على نحو التعريف أو على نحو التوصيف. وكلاهما، أي التعريف والتوصيف، إذا لم يصلا إلى حد المثل قد يبقى كل من الفكرة والمبدأ والمفهوم في حيز الذهن والتصوّر. من هنا كانت أهمية التمثيل وتقديم المفاهيم، على نحو أمثلة تقرّب الفكرة إلى الذهن لتجعلها أقرب إلى الفهم، ولاحقاً تعزز إمكانية الامتثال لها في السلوك.

ولتوضيح الصورة فيما تقدّم نجد أن الله سبحانه في القرآن الكريم ضرب للناس من كل مثل وأنه لم يستح من أي مثل فالهدف هو التربية والموعظة، وليس مجرد الأمثلة وضربها. من هنا نصل إلى القواعد الآتية:

ـ الهدف هو التربية.

- مجرد المفاهيم وطرحها لا يؤدي حكماً إلى التربية.

- بعض المفاهيم أو أكثرها تحتاج إلى أمثلة توضيحية.

ـ ولا مجال للإعراض عن أي مثل طالما أنه يوصل إلى الهدف وهو التربية والاتعاظ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} [البقرة: 26].

ولإعطاء الأمثلة على ما تقدم، نأخذ بعض النماذج القرآنية:

أ- الحياة الدنيا: بذاتها، حقيرة، زائلة، غرورة.. وقد وصف الدنيا كثيراً في القرآن كما أبدع وصفها الإمام علي (عليه السلام) سيد الزاهدين والهدف من كل ذلك (أي القرآن ونهج البلاغة) هو التوصيف من أجل التزهيد، فأرقى القيم والأخلاق الحسنة تتمثل في الزهد عن الدنيا، والارتباط بالله وبالغيب والآخرة.

فالمطلوب هو إخراج حب الدنيا من القلب، والوسيلة هي إبراز مساوئ الدنيا وهذا الإبراز تارة يكون على نحو المفاهيم المجردة وحتى القابلة للمعاينة والتحسّس، وتارة يكون من خلال الأمثلة الداعية إلى الزهد والصدوف عنها. فمن أمثلة القرآن عن الحياة الدنيا: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: 45].

فالمثل يوضح أن الدنيا في النهاية زائلة وغير باقية، ومن المنطق والحكمة والعقل أنَّ الإنسان لا يرتبط بالزائل بل بالباقي.

ب- الولاية لغير الله تعالى، ارتباط بالسراب وباللاشيء ويمكن أن يتم تصوير هذه الولاية على نحو الحديث عن الهباء والفقر والضعف والهوان، لكن الله سبحانه، قدم هذه الولاية على نحو مثل: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 41].

سوف يتصوّر القارئ أو السامع بيت العنكبوت شكلاً ومضموناً، ثم يتصوّر الضعف لهذا البيت ويربط ولاية غير الله بهذا الضعف والوهن.

ج- أعمال الذين كفروا، وأنه لا شيء، وأنه ليس له أثر، وأنه ظل وعدم في النهاية فقد تم توضيحه بالمثل: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ} [إبراهيم: 18].

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور: 39].

د - الإنفاق في سبيل الله، والإنفاق رئاء الناس، والمثل الذي قدم للإنفاق في سبيل الله: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261]، أي يضاعف الصدقة.

{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 265]، أي التزكية والنماء.

أما الإنفاق رئاء الناس فهو: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 264]، أي عدم النماء ولا المضاعفة، بل وحتى عدم القبول لأنه لم يستقر. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي