علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
بين عمّار (رض) وعمرو بن العاص.
المؤلف: الشيخ محمّد جواد آل الفقيه.
المصدر: عمّار بن ياسر.
الجزء والصفحة: ص 220 ـ 223.
2023-11-06
1246
قال نصر بن مزاحم: بينا علي (عليه السلام) واقفاً بين جماعة من همدان وحمير وغيرهم، إذ نادى رجل من أهل الشام: من يدل على أبي نوح الحميريّ؟ فقيل له: قد وجدته، فماذا تريد؟ فحسر عن لثامه فإذا هو ذو الكلاع الحميريّ ومعه جماعة من أهله ورهطه. فقال لأبي نوح: سر معي حتى نخرج من الصف فإنّ لي إليك حاجة، فخرج في كتيبة معه.
فقال ذو الكلاع: إنّما أريد أن أسألك عن أمرٍ فيكم تمارينا فيه، أحدّثك حديثاً حدّثناه عمرو بن العاص قديماً في خلافة عمر بن الخطاب، ثم اذكرنا الآن فيه فأعاده، إنّه يزعم أنّه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يلتقي أهل الشام وأهل العراق، وفي احدى الكتيبتين الحق وامام الهدى ومعه عمّار بن ياسر.
فقال أبو نوح: نعم والله إنّه لفينا.
قال: نشدتك الله أجاد هو في قتالنا؟ قال: نعم ورب الكعبة لهو أشد على قتالكم منّي، ولوددت أنّكم خلق واحد فذبحته وبدأت بك قبلهم وأنت ابن عمي.
قال ذو الكلاع: ويحك، علامَ تمنّى ذلك منّا، فوالله ما قطعتك فيما بيني وبينك قط، وانّ رحمك لقريبة وما يسرّني أن أقتلك.
قال أبو نوح: إنّ الله قطع بالإِسلام أرحاماً قريبةً، ووصل به أرحاماً متباعدةً، وانّي أقاتلك وأصحابك لأنّا على الحق وأنتم على الباطل.
قال ذو الكلاع: فهل تستطيع أن تأتي معي صف أهل الشام. فأنا لك جارٌ منهم حتى تلقى عمرو بن العاص فتخبره بحال عمّار وجدَّه في قتالنا لعلّه أن يكون صلح بين هذين الجندين.
فقال أبو نوح: إنّك رجل غادر وأنت في قوم غدر، وان لم ترد الغدر أغدروك وانّي أن أموت أحب إليّ أن أدخل مع معاوية! فألحّ عليه ذو الكلاع وكرّر عليه ما قاله أولاً، وقال له: أنا لك بما قلت زعيم.
قال أبو نوح: اللهم إنّك ترى ما أعطاني ذو الكلاع، وأنت تعلم ما في نفسي فاعصمني واختر لي وانصرني وادفع عنّي. ثم سار مع ذي الكلاع حتى أتى عمرو بن العاص وهو عند معاوية وحوله الناس وعبد الله بن عمرو يحرّض الناس على الحرب، فلمّا وقفا على القوم، قال ذو الكلاع لعمرو: يا أبا عبد الله، هل لك في رجل ناصحٍ لبيب مشفق يخبرك عن عمّار بن ياسر فلا يكذّبك؟ قال: ومن هو؟ قال: هو ابن عمي هذا وهو من أهل الكوفة. فقال عمرو: أرى عليك سيماء أبي تراب. فقال أبو نوح: عليّ سيماء محمدٍ وأصحابه، وعليك سيماء أبي جهل وفرعون!
فقام ابو الأعور، فسلَّ سيفه وقال: لا أرى هذا الكذّاب اللئيم يسبّنا بين أظهرنا وعليه سيماء أبي تراب.
فقال ذو الكلاع: اقسم بالله، لئن بسطت يدك إليه لأحطمنّ أنفك بالسيف! ابن عمي وجاري عقدت له ذمّتي وجئت به إليكم ليخبركم عمّا تماريتم فيه.
فقال له عمرو: يا أبا نوح اذكّرك الله إلا ما صدّقتنا ولم تكذّبنا، فيكم عمّار بن ياسر؟
قال: ما أنا مخبرك حتى تخبرني، لم تسأل عنه ومعنا من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) عدة غيره، وكلّهم جاد على قتالكم.
فقال عمرو: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنّ عمّاراً تقتله الفئة الباغية، وإنّه ليس لعمّار أن يفارق الحق، ولن تأكل النار من عمّار شيئاً.
فقال له أبو نوح: لا إله إلا الله والله أكبر، والله إنّه لفينا، جادٌّ على قتالكم! ولقد حدّثني يوم الجمل أنّا سنظهر على أهل البصرة، ولقد قال لي أمس أنّكم لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر، لعلمنا أنّا على الحق وأنّكم على الباطل، ولكانت قتلانا في الجنّة وقتلاكم في النار.
قال عمرو: فهل تستطيع أن تجمع بيني وبينه؟ قال: نعم.
فركب عمرو بن العاص في اثني عشر فارساً، وركب عمّار بن ياسر في اثني عشر فارساً، فالتقوا حتى اختلفت أعناق الخيل، خيل عمّار وخيل عمرو، ونزل القوم واحتبوا بحمائل سيوفهم، وأراد عمرو بن العاص أن يتكلم وبدأ بالشهادتين، فقاطعه عمار وقال له: اسكت، فلقد تركتها وأنا أحق بها منك، فإن شئت كان خصومةً فيدفع حقنا باطلك، وإن شئت كانت خطبةً فنحن أعلم بفصل الخطاب منك، وإن شئت أخبرتك بكلمةٍ تفصل بيننا وبينك، وتكفّرك قبل القيام، وتشهد بها على نفسك ولا تستطيع أن تكذّبني فيها.
فقال عمرو: يا أبا اليقظان، ليس لهذا جئت، إنّما جئت لأنّي رأيتك أطوع أهل هذا العسكر فيهم، اذكّرك الله إلا كففت سلاحهم وحقنت دماءهم، وحرصت على ذلك، فعلام تقاتلوننا؟ أو لسنا نعبد إلهاً واحداً ونصلي إلى قبلتكم وندعو دعوتكم، ونقرأ كتابكم، ونؤمن بنبيّكم؟!
فقال عمار: الحمد لله الذي أخرجها من فيك، إنّها لي ولأصحابي، القبلة والدين وعبادة الرحمن، والنبي والكتاب من دونك ودون أصحابك.
الحمد لله الذي قررك لنا بذلك وجعلك ضالاً مضلاً أعمى، وسأخبرك بمَ أقاتلك عليه وأصحابك، إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرني أن أقاتل الناكثين، فقد فعلت. وأمرني أن أقاتل القاسطين وهم أنتم، وأمّا المارقون، فلا أدري أدركهم أم لا؟
أيّها الأبتر، ألست تعلم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه، فأنا مولى الله ورسوله، وعلي مولاي بعدهما.
قال عمرو: لِمَ تشتمني أبا اليقظان، ولستُ أشتمك؟!
قال عمار: وبمَ تشتمني، أتستطيع أن تقول إنّي عصيت الله ورسوله يوماً قط؟!
قال عمرو: إنّ فيك لمساوىءَ سوى ذلك.
قال عمّار: إنّ الكريم من أكرمه الله، كنتُ وضيعاً فرفعني الله، ومملوكاً فاعتقني الله، وضعيفاً فقوّاني الله، وفقيراً فأغناني الله.
قال عمرو: فما ترى في قتل عثمان؟
قال: فتح لكم بابَ كلّ سوء!
قال عمرو: فعليٌّ قتله؟!
قال عمار: بل الله ربُّ على قتله، وعليٌّ معه.
فقال عمرو: ألا تسمعون، قد اعترف بقتل إمامكم!
قال عمّار: قد قالها فرعون من قبلك لقومه: ألا تستمعون!
فقام أهل الشام ولهم زَجَل، فركبوا خيولهم ورجعوا. وقام عمّار وأصحابه فركبوا خيولهم ورجعوا، وبلغ معاوية ما كان بينهم فقال: هلكت العربُ إن حرّكتهم خِفّةُ العبد الأسود: يعني عمّاراً.