x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

البَداء في الكافي.

المؤلف:  السيّد هاشم معروف.

المصدر:  دراسات في الحديث والمحدّثين.

الجزء والصفحة:  ص 214 ـ 218.

2023-08-31

829

لقد روى الكليني في باب البداء ست عشرة رواية، وجاء في بعضها. ان الاقرار والاعتراف لله بالبداء من الايمان، وفي بعضها الآخر. ان الايمان لا يتم بدونه، وانه من أفضل العبادات.

وجاء في رواية زرارة عن ابى عبد الله (عليه السلام) انه قال: ما عبد الله بشيء مثل البداء، وفي رواية هشام بن سالم، ما عظم الله بمثل البداء.

وفي رواية محمد بن مسلم ان ابا عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: ما بعث الله نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال، الاقرار له بالعبودية، وخلع الانداد، وان الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء.

وروى الفضيل بن يسار عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) انه قال: العلم علمان، فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه اهدا من خلقه، وعلم علمه ملائكته ورسله فما علمه ملائكته ورسله، فانه سيكون، لا يكذب نفسه، ولا ملائكته ورسله، وعلم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء ويؤخر ما يشاء، ويثبت ما يشاء.

وجاء في رواية ابي بصير ان هذا النوع من العلم منه يكون البداء، إلى غير ذلك من المرويات التي أوردها الكليني وغيره حول البداء ومن هذه المرويات تكونت فكرة البداء عند الامامية، ولكن المشوشين على الشيعة قد اسرفوا في التشنيع عليهم من غير ان يتفهموا المراد منه، مع العلم بان البداء بالمعنى الذي نذهب إليه لا يتنافى مع اصول الاسلام، ولا يلزمه شئ من المحاذير، وغالى اكثرهم في التشنيع على الشيعة فادعوا بأن فكرة البداء من مخترعات المختار بن عبيدة الثقفي ومنه انتقلت إلى الشيعة واصبحت عقيدة لهم على حد تعبيرهم، وذلك حينما بلغ الصراع اشده بينه وبين مصعب بن الزبير، وارسل جيشا لحرب مصعب بقيادة احد اتباعه (احمد بن شميط) وقال لهم: إذ الوحى قد أخبره بان الظفر سيكون لكم، وشاءت الصدف ان ينهزم اتباعه في جميع المعارك التي دارت بينهم وبين الزبيريّين، فقال لهم: لقد وعدني ربي بالنصر، ثم بدا له، وتلى عليهم قوله تعالى:{يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب} واضافوا إلى ذلك انّه كان احيانا يخبر اصحابه بأمور ينسبها إلى الله تعالى بقصد تضليل البسطاء والمغفّلين من اتباعه، فإذا ظهر لهم خلافها، قال: بدا لربّكم، وانطلقوا من هذه الاساطير إلى انّ هذه المقالة راجت بين الشيعة، واصبحت جزء من عقائدهم، فأضافوا إلى اقوال الائمة على حد تعبيرهم، وفسّروا البداء بأنّ الله سبحانه يتعلق علمه بشيء، ثم يبدو له تركه لوجود مفسدة فيه كانت خافية عليه اولا، أو لرجحان تركه على فعله، ولازم ذلك تبدل ارادته وتجدّد علمه، وذلك لا يكون الا لمن يجهل العواقب وتخفى عليه جهات الصلاح والفساد، وتعالى الله عن ذلك علوا كبير، بهذا التسلسل لتاريخ البداء، وبهذا المعنى الذي لا يتناسب مع عظمة الخالق انطلق الكتاب والمؤلفون وغيرهم للهجوم على الشيعة قديما وحديثا، مع العلم بان الشيعة وبخاصة الاثني عشرية منهم ينزّهون الله سبحانه ويعظّمونه اكثر من جميع الفرق، ويرون انّ البداء بهذا المعنى كفر وجحود يستحق قائله الخزي والعذاب الاليم، وقد لعن الامام اصحاب هذه المقالة كما جاء في بعض مرويات الكافي حول هذا الموضوع. فقد روى عن منصور بن حازم انّه قال: سألت ابا عبد الله (عليه السلام) هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالأمس؟ فقال: لا من قال هذا اخزاه الله، قلت أرأيت ما كان، أرأيت ما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال: بلى قبل ان يخلق الله الخلق. ومهما كان الحال فلفظ البداء يتحمّل المعنيين التاليين:

الأول: الظهور والإبانة، ومنه قوله تعالى: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} وقوله: {وبدا لهم سيئات ما كسبوا}.

الثاني: تغيّر الارادة وتبدّل العزيمة، تبعا لتغير العلم وتجدّده، وهو بهذا المعنى لا يجوز بالنسبة إليه تعالى، ولا يقول به أحد من الامامية كما ذكرنا.

والمعنى الاول هو الذي يقصده الشيعة من البداء الذي نصّت عليه بعض المرويات عن الائمة (عليه السلام). قال الشيخ المفيد في رسالته التي شرح فيها رسالة الصدوق في الاعتقادات: والأصل في البداء هو الظهور، قال تعالى في سورة الزمر: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} اي ظهر لهم من افعال الله ما لم يكن في حسابهم وتقديرهم، وقال في السورة المذكورة: {وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم} اي ظهر لهم جزاء كسبهم وبان لهم. واضاف إلى ذلك: انّ العرب تقول: قد بدا لفلان عمل حسن، وكلام فصيح، كما يقولون بدا من فلان، فتكون اللام بمعنى من وقائمة مقامها، والمعنى في قول الامامية بدا لله كذا اي ظهر له فيه، وبتقدير انّ اللام بمعنى من، يكون المراد من هذه الكلمة، ظهر منه.

والمتحصّل من ذلك ان البداء الذي لا نقول به هو بمعنى الظهور والابانة، ونسبته إلى الله فيما لو قلنا بدا لله كذا اي ظهر من الله ما كان خافيا على جميع مخلوقاته ولم يكن في حسابهم. وقد أكّد هذا المعنى الشيخ الكراجكي في كنز الفوائد حيث قال: انّ المراد من البداء ان يظهر للناس خلاف ما توهّموه، وينكشف لهم في ـ ما كانوا يعتقدون من دوام الامر واستمراره، وسمّي هذا النوع بالبداء لمشابهته لمن يأمر بالشيء أو يخبر به ثم ينهى عنه في وقته. وتفسير البداء بهذا المعنى ليس بعيدا عن مفاد بعض الروايات التي جاء فيها انّه من علم الله المكنون الذي لم يظهر لاحد، حتى للأنبياء والمرسلين، وانّه من افضل ما عبد به الله إلى غير ذلك من المرويّات التي ربطت بين الايمان به والايمان الاكيد بالله، ذلك بأنّ هذا التفسير للبداء، مفاده انّ ما ظهر للناس هو من علمه المكنون الذي لم يطلع عليه احدا من عباده ولم يكن محتسبا ظهوره أو مظنونا وقوعه، وافتراض البداء من هذا العلم لا بد وان يقترن بالإقرار والاعتراف لله سبحانه بالإحاطة بكل شيء والقدرة المطلقة التي لا تحيط بها الظنون ولا تحدّها الاوهام، وإذا بلغ الانسان من الايمان بالله إلى هذه المرتبة يصبح في أعلى درجات الايمان وفي مصاف الاولياء والصديقين الذين يراقبون الله في جميع حالاتهم وتصرفاتهم. وممّا يؤكّد ارادة هذا المعنى من البداء، ما جاء في اوائل المقالات للمفيد رحمه الله حيث قال: وانّما يوصف من افعاله بالبداء ما لم يكن محتسبا ظهوره أو مظنونا وقوعه، اما ما علم كونه، أو غلب في الظن حصوله فلا يستعمل فيه لفظ البداء.

هذا مع العلم بأنّ نسبة البداء إلى الله والحالة هذه لا تخلو من التجوّز كما نصّ على ذلك الكراجكي في كنز الفوائد. ولو تغاضينا عن كل ذلك وقلنا انّ البداء المنسوب إليه من صفاته تعالى، فلا بد وان يكون المراد منه حين ينسب إليه انّه قادر على ان يرفع وبضع ويمحو ويثبت، واثبات القدرة له بهذا النحو لا يعني تجدّدا في علمه ولا تغييرا في ارادته، ذلك لانّ علمه وارادته يتعلقان بالأشياء بما هي مقدورة له وتحت تصرفه وسلطانه.