1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : الآباء والأمهات :

لزوم المحبة في البيت

المؤلف:  الأستاذ مظاهري

المصدر:  تربية الطفل في الاسلام

الجزء والصفحة:  ص94 ــ 105

2023-04-18

1073

... ان التوافق الأخلاقي بين الرجل والمرأة مئة في المئة أمر محال ومن المستحيل ان نجد امرأة ورجل يتطابقان مع بعضهما من حيث الأخلاق والذوق الا عند المعصومين مثل أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة الزهراء (عليه السلام). وعند غيرهم محال وكما يقول علماء النفس: (ان الاختلافات في البيت أمر طبيعي).

هناك شخصين يريدان العيش مع بعضهما البعض قهراً ستحصل اصطكاكات واختلافات. لكن ما العمل لكي لا تقضي هذه الاختلافات على المحبة بين الزوجين؟!

اذن فمن المسلم به ان هناك اختلاف لكن ما العمل كي لا يصبح حجر يضرب زجاج المحبة؟! هذه المحبة التي يستفاد من القرآن الكريم ان الله (عز وجل) قد جعلها بين الزوجين. طبقاً لرأي القرآن وروايات أهل البيت (عليهم السلام) وعلماء علم الأخلاق وعلماء النفس خاصة الذين يبحثون في مجال التربية هناك حل واحد فقط هو الايثار والعفو والصفح. فإن كان العفو والصفح والمروءة تحكم البيت، القرآن يقول ذلك: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22].

يجب ان تسيطر صفة العفو والصفح على حياتنا يجب ان تصبح ملكة لدى كل امرأة ورجل وان كان (العفو والصفح) في حياتكم ليس جو البيت فحسب يصبح دافئا انما تستطيعون التعايش في المجتمع بشكل أفضل ولن تضعف اعصابكم الضغوطات التي في المجتمع. انما إذا لم تكن هذه الصفة موجودة في حياتنا لن يعكر جو البيت فحسب بل ان الاختلاف سيقضي على المحبة وقد يؤدي الى الطلاق والتشتت وستطردون من المجتمع ولن تتمكنوا من التعايش معه وستضعف اعصابكم حينئذٍ لن تتمكنوا من العمل لا لدنياكم ولا لآخرتكم. لذا على المرأة ان تعفو وتصفح وعلى الرجل ان يعفو ويصفح لكي يثبت الدفء والمحبة في البيت.

عليهم ان يغضوا النظر عن السيئات يقول القرآن: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187]، فان نقص الرجل هو نقص للمرأة ونقص المرأة نقص للرجل. فعلى الرجل ان يستر نقص المرأة وعلى المرأة ان تستر نقص الرجل. اي (الصفح) الذي يذكره القرآن.

... ان كنت تريد ان تحكم المحبة على البيت فلا تكن سلبياً واليوم اقول ان كنت تريد ان يحكم الصفح على حياتكم وان لا ترى سيئات الآخرين خاصة الذين في البيت عليك ان لا تكون سلبياً انظر إلى الايجابيات. من المسلم به ان لزوجتك امتيازات عديدة وكذلك الزوج وعندما يحصل الخلاف فلتتذكر حسناته لتقول ان كانت اخلاق زوجي سيئة الا انه يهتم بنا وان كان يعترض كثيراً الا أني أعلم أنه يحبني. وان لم تكن الزوجة تعرف الطبخ قل لا بأس في ذلك فأنها امرأة عفيفة وماذا كنت افعل لو كانت سليطة اللسان. تحدث بالموعظة الحسنة واصفح وانظر إلى حسناتها عند الغضب. وكذلك على الزوجة ان تفعل ذلك. فعندما تنظرين اليه وقد جاء عابساً، قولي الحمد لله انه جاء عابساً وليس محطماً.

من البديهي ان لكل رجل حسنات ولكل امرأة ايضاً وعند الخلافات يجب ان نستعرض هذه الحسنات يجب الا ندع مجالاً للكلام الخشن في الحياة.... ان الكلام الخشن كالحجر الذي يضرب الزجاج اريد ان اذكركم بأمر أخشى أن أنساه ليحذر المرأة والرجل الا يعيروا الآخرين ببعضهما البعض فانه من الأمور الصعبة جداً بالنسبة للرجل والأصعب بالنسبة للمرأة مثلا ان تقول لها انظري الى فلانة كم هي نظيفة او تقول المرأة للرجل انظر إلى فلان ما أحسن معيشته فان هذا يحطم المحبة في قلوبكم كما يحطم الحجر الزجاج بدلاً من هذا الكلام اصفحوا واعفوا واستعرضوا امتيازات وحسنات بعضكم البعض وبدلا منه ليكن بيتكم مدرسة لكم. ان الانسان جاء الى هذه الدنيا لتحصيل الكمال وليبني نفسه لقد جاء مئة واربعة وعشرون ألف نبي لبناء النفس يقول النبي (صلى الله عليه وآله): ان القرآن جاء للتزكية: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2].

اي ان القرآن مدرسة ومصنع لبناء الانسان وأنا اعتقد ان البيت من أحدث المدارس المجهزة للرجال وللنساء. فالحصول على صفة العفو أمر صعب جداً وعلى قول أحد الكبار على الانسان أن يتعب عدة سنين لكي يحصل صفة العفو والصفح والايثار. وعندما يلاحظ الانسان نفسه في البيت فيعفو عن الاساءة ويكظم غيظه ويصفح عن الذنب فان اعماله هذه تصبح ملكة لديه وما ان يمضي عام واحد حتى تحكم ملكة العفو والصفح والايثار على حياته. والحصول على صفة فضيلة قيمتها أعظم من الدنيا.

ولو حصل الانسان على صفة الايثار في بيته وترك الأنانية جانباً وأخذ يسعى لرفاه زوجته وأطفاله فان ثواب هذا كما جاء في الرواية (الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله)(1)، فالكاسب الذي يذهب من الصباح إلى عمله بأمل ان يحصل شيئاً يرفه به عياله او العامل وحتى الحمال الذي هدفه ان يرفه ابنه ويعلمه وان يحفظ كرامة زوجته. فان ثوابهم جميعاً كالمجاهد في سبيل الله. عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: (ايما امرأة دفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع الى موضع تريد به صلاحاً نظر الله إليها ومن نظر الله اليها لم يعذبها فقالت ام سلمة: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذهب الرجال لكل خير فأي شيء للنساء المساكين؟ فقال (صلى الله عليه وآله): بلى اذا حملت المرأة كانت بمنزل الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله فاذا وضعت كان لها من الأجر ما لا يدري أحد ما هو لعظمه فاذا أرضعت كان لها بكل مصة كمعدل عتق محرر من ولد اسماعيل فاذا فرغت من رضاعه ضرب ملك كريم على جنبها وقال: استأنفي العمل فقد غفر لك)(2)، و(جهاد المرأة حسن التبعل).

فاذا ارادت المرأة ان تجاهد فلتهتم بشؤون زوجها. فاذا اهتمت ببيتها وطبخت لتريح زوجها فالنبي (صلى الله عليه وآله) يقول ان ثواب هذه المرأة كالرجل الذي يجاهد في سبيل الله.

اي بيت المرأة هو خط النار برأي الاسلام وبرأي النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) نقرأ في الروايات ان المرأة إذا وضعت الطعام من ثم رفعته او طبخت وغسلت الصحون فان الله (عز وجل) يغفر لها جميع ذنوبها. من اجل هذا العمل الذي عملته لزوجها(3). هذا من حيث الثواب وبغض النظر عنه فإن صفة وفضيلة الايثار تصبح ملكة الانسان فعندما يفكر بالآخرين وبراحة زوجته وابنائه أو المرأة تفكر براحة زوجها واطفالها فان هذه الأعمال على إثر التكرار تجعل الانسان يحصل على ملكة الايثار تدريجياً وهذه قيمتها أعظم من الدنيا وما فيها فالمرأة تصبح متواضعة امام زوجها فصفة التكبر صفة سيئة جداً. ان صفة التكبر صفة خبيثة جدا ....

يقول الصادق (عليه السلام): (لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة مثقال من الكبر)(4)

وبعكس صفة التكبر المذمومة فإن التواضع بالإضافة إلى ان ثوابها الجنة فإنها تفرض احتراماً خاصاً لدى الناس ومن اين يأتي التواضع. البيت يعلم التواضع فعندما تتواضع المرأة لزوجها ولا تتطاول عليه وان طلب منها شيئاً تجيبه بالقبول والرضى والتبسم حتى لو كان أمراً صعباً بالنسبة لها الا انها تلبي طلب زوجها. فان هذا يزيل صفة التكبر لدى المرأة وتصبح امرأة متواضعة وقيمة هذا أعظم من الدنيا وما فيها. والرجل الذي يتواضع أمام زوجته ويلبي طلباتها ويساعدها في البيت، نقرأ في الروايات ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع عظمته ومقامه العالي كان يحلب العنز ويخبز ويكنس. نقرأ في الروايات ان النبي (صلى الله عليه وآله) دخل على علي (عليه السلام)، وهو ينقي العدس والزهراء (عليها السلام) تطبخ فقال له (صلى الله عليه وآله): (يا علي ايما رجل أعان امرأته الا جعل الله ثواب ألف حجة وألف عمرة). أي ان البيت مكان للثواب وللحج وللعمرة وللجهاد بالإضافة ان الرجل يحصل على صفة التواضع ويزول منه التكبر وانانية الرجال. إذا استطاع الانسان ان يحصل على صفة التواضع فإن لذلك قيمة عالية. إن علماء الأخلاق تحترق اكبادهم ويمارسون رياضات عديدة لكي يبلغوا مقاماً ما، أو حتى يستطيعوا ادعاء ذلك يقولون ان العلامة بحر العلوم (قدس سره) ادعى (علماء الاخلاق يعتبرون ذلك ادعاءاً عظيماً إلا لأنه من بحر العلوم فإننا نقبل به)، قال اليوم استطعت من ان اقتلع جذور الرياء من قلبي. وهل يمكن قلع جذور الرياء بهذه السهولة لكن في مدرسة البيت من الممكن قلع جذور التكبر التي هي اساس الرياء والتظاهر. لكن هذه المدرسة تحتاج الى درس أيضاً فان كان هناك عناد وعصبية كالتلميذ الذي يعاند استاذه فلن يتمكن هذا من تعليمه، ولن يتم ذلك إلا إذا كان التلميذ يرغب في الدرس. أقول لكم ان البيت قد يعطي دروساً في الأخلاق للرجل وللمرأة إجعلوا بيوتكم مدرسة وإن كنتم تريدون ذلك فاجعلوا صفات العفو والايثار والصفح تحكمكم وهذه الصفات لها لذة كبيرة (في العفو لذة مفقودة في الانتقام) انها تبدو في اول الامر صعبة ثم تصبح عادية،... النبي (صلى الله عليه وآله) رأى نبياً من انبياء بني اسرائيل في منامه وقد طلبوا منه ان يبلع اول شيء يراه وعندما نهض ذهب الى الصحراء وكان الجبل أول شيء يراه تقدم نحوه فأخذ يصغر الجبل حتى أصبح بحجم اللقمة فبلعها فوجدها لذيذة جداً فأخبروه ان هذا هو الغضب، هذا يعني عندما يغضب الانسان من شخص يريد ان يصرخ او يغضب فاذا صبر، ولم يكترث للنفس الأمارة ولأنانيته عند ذلك شعر بهذه اللذة العظيمة و(في العفو لذة لا توجد في الانتقام).

طوبى للرجل الذي يعفو عن زوجته السيئة. وطوبى للمرأة التي تبتسم في وجه زوجها الغاضب وتتواضع له. ينقل الأصمعي وزير المأمون رواية عن امرأة، الاسلام يحتاج إلى هكذا نسوة ورجال وكم اوصى بذلك... ان الاسلام انما جاء ليصنع هكذا رجال ونساء.

يقول الأصمعي: تهت في البادية وكنا قد خرجنا للصيد فأخذت أركض وراء غزال إلى ان انتبهت أني قد ضعت. وكان العطش والجوع قد بدءا يسيطران علي. فوقع نظري على خيمة فتقدمت نحوها فوجدت امرأة مقنعة بداخلها سلمت عليها فردت السلام ودعتني للجلوس فجلست في اعلاها وجلست هي في زاويتها. طلبت منها جرعة ماء فرأيت لونها قد تغير وأجابت: ليس لدي اذن من زوجي بذلك.

هذا الأمر يطابق حديث، الذي يقول فيه النبي ان الحق الثاني الا تتصرف بماله من دون اذنه. فقالت: لكن هناك مقدار من الحليب كنت سأتناوله على الغذاء لكني سأقدمه لك. يقول الأصمعي جلست ساعتين إلى ان رأيت سواداً قد بان فرأيت المرأة قد أسرعت وأخذت الماء الذي لم تعطينيه وخرجت لتستقبل القادم فاذا به عجوز يركب الجمل. فأجلسته المرأة على الحجر وغسلت وجهه ويديه ورجليه وأجلسته في صدر الخيمة... يضيف الأصمعي: كان العجوز سيء الأخلاق ينق ويعترض بينما المرأة كانت تبتسم له وتحدثه: وبلغ احسانها واساءته حداً لم أستطع معه تحمل الجلوس في الخيمة ورجحت الجلوس تحت الشمس على الجلوس معه فنهضت وسلمت فأجابني الرجل بفظاظة. لكن المرأة شايعتني عندها عرفتني إني وزير المأمون فقلت لها: ما الذي يغريك بهذا الرجل شبابه ام جماله ام ماله او وحدته في هذه البادية. حتى تحسني اليه ويسيء اليك؟. وما ان قلت هذه الجملة حتى تغير لون المرأة وقالت بعصبية: أتريد ان تفرق بيني وبين زوجي؟ {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187]، يضيف الأصمعي: أردت أن أطيب خاطرها فقالت: اسمع لقد سمعت رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله) فأردت أن أعمل بها، فالدنيا تمر ان كنت في صحراء او في قصر وفي رفاه ونعيم كنت أم في فقر وبلاء. والأمس قد مضى وسيمضي اينما كنت لكن شيئاً واحداً لن يمضي وهو الآخرة. اريد ان اعمل بالرواية التي سمعت بها لأكمل ايماني وأرحل عن هذه الدنيا بإيمان كامل قال النبي (صلى الله عليه وآله): (الايمان نصفه الصبر ونصفه الشكر).

للأيمان جناحين أحدهما الصبر على المصائب والمشكلات والثاني الشكر على النعم. الانسان يملك نعم وفيرة أنتم الذين تجلسون هنا الآن حتى لو لم تكونوا متمكنين مادياً او تملكون شيئاً لكن لديكم عين وأذن وعقل ولكل منهم قيمة عظيمة.

وما أحسن ما كتب هذا الكاتب الذي يقول: ايها السيد الذي تقول لا أملك شيئاً وتعتب على الله (عز وجل) وعندك عينين. هل تقبل ان آخذهم منك وأقدم لك العالم بأكمله؟. اي انت الحاضر في هذا المجلس هل تقبل ان يقدموا لك قم وجميع أراضيها وبيوتها على ان يسلبوا منك عينيك؟. او ان يعطوك جميع الدنيا والأموال والثروات والدولارات الأمريكية على ان يأخذوا منك عقلك، ان تأخذ الدنيا وتقدم يديك ورجليك هل تقبل؟. فكم من نعم عظيمة تملكها: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 18]، عليك ان تشكر الله على هذه النعم فهل فعلت ذلك مرة؟!

فهل حدث ان شكرت الله وحمدته ان لدي عقل وعين وأذن أو أهم من ذلك هل شكرت الله (عزوجل) وحمدته على أنك شيعي وماذا كنت تفعل لو كنت ناصبياً؟ او يهودياً؟ او حدث انك حمدت الله انك في المسجد الآن ولست في مركز للنساء وماذا كنت تفعل لو كنت هناك؟. فان هذه الأمور جميعاً يلزمها الشكر. عليكم ان تصبروا ايضاً في الصعاب والمشاكل فهذه المرأة التي تنقل الرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله) تقول للأصمعي: إني اتحمل واصبر على سوء اخلاق هذا العجوز وفقره لكي أشكر الله (عز وجل) على الجمال والشباب والسلامة التي وهبني الله اياها. وأخدمه لكي يكتمل ايماني. فان خدمة الرجل شكراً على العافية وخدمة المرأة يعد شكراً عملياً على العافية وكذلك التعب من اجل الطفل.

وكذلك شكراً عملياً على الشخصية وعلى العقل. هذه المرأة تدعي امرأة مسلمة. حيث تملك صفات الصفح والعفو والايثار وعلى الرجل ان يكون كذلك ايضا.

كان يقول مؤسس الحوزة العلمية في قم، الذي له حق علينا جميعاً خاصة نحن المتعممين وله حق عظيم على قم وإيران والثورة كان يقول رحمة الله عليه: انا لم أبلغ شيئاً لكن إذا استطعت ان أخدم الاسلام فلسببين.

1ـ كان لدي في النجف زوجة عمياء عجوز كنت حتى آخذها إلى الحمام بنفسي وكنت أحملها على ظهري واصعدها إلى السطح. وكنت أطعمها بيدي وأطبخ لها الطعام وكانت تقول لي: جزاك الله خيراً.

2ـ الأمر الثاني التوسل يقول مرضت حتى وصلت الى الموت وكنت حينها في كربلاء وكنت قد رأيت في نومي أني سأموت بعد عشرة أيام وعندما رأيت نفسي صائراً إلى الموت توجهت إلى قبر الامام الحسين (عليه السلام) المطهر وقلت: سيدي يا حسين ان الموت ليس بشيء لكني لم افعل شيئا للإسلام اطلب من الله ان يعيدني لكي اتمكن من ان اخدم الاسلام بشيء من ثم أموت وعندها لطف بي الامام الحسين وشفيت. لذا استطعت ان أخدم الشيعة.

وحقاً انها لخدمة عظيمة. فمن زمن الغيبة الصغرى لحضرة ولي العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هناك شخصان قدما خدمات عظيمة وقيمة جداً للشيعة الشيخ الطوسي الذي أسس الحوزة العلمية في النجف وهذا الرجل العظيم الذي أسس الحوزة العلمية في قم.

وأقول لكم ان خدمة المرأة والصفح والعفو عن ذنبها له ثواب. يقول القرآن: إذا صفحت فأنك ستدخل الجنة من دون حساب: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]، فالمرأة التي تصبر على سوء خلق زوجها، والرجل الذي يصبر على سوء خلق زوجته. ويصفحان ويعفوان عن بعضهما البعض وليس المقصود بالصفح هنا الا يتطاول باللسان بل يعبس ويعاديها بالكلام فان ذلك اسوأ من الضرب فلو أن المرأة أساءت وأنت عبست فان فعلك ذلك أسوأ من غضبك وصراخك. فالصفح يعني ان تتعامل معها كأنها لم تسيء اصلاً. حتى المرأة التي تغضب وتصرخ وتعادي زوجها وتضرب اطفالها عندما يسيء اليها فان هذا سيعكر صفو البيت وسيصبح أسوأ من اي سجن آخر.

احدى الصفعات المؤلمة التي قد تصفعها الزوجة للزوج ان تعاديه فلا تتكلم معه هذا من الاخلاق السيئة ويعد اسلوباً في الأذية ومضايقة الزوج وأسلوباً للدخول إلى جهنم. معنى الصفح ان نمر على الشيء مرور الكرام وبتبسمٍ وحسبما يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) (أمر على اللئيم يسبني).

كان مالك الأشتر يعد مرفق أمير المؤمنين (عليه السلام) الأيمن. مر ذات يوم في أحد أزقة الكوفة وثلاثة من الرجال جالسين. فقام أحدهم وأخذ حفنة من الطين ورماها على عمامة مالك الأشتر. فمضى مالك ولم ينظر اليه. وعندما رأوه الناس أخذوا يعاتبون الرجل متألمين ماذا فعلت الويل لك لقد أهلكت نفسك انه مالك الاشتر؟

لم يدرِ الرجل ماذا يفعل أغلق دكانه وأسرع ليلحق بمالك الأشتر. فقالوا له انه في المسجد. فوجده يصلي. وعندما اتم صلاته. أخذ الرجل يقبل يديه ويقول له: اصفح عني فسأله مالك من انت: قال: انا الذي رميت عليك التراب فأجابه الأشتر: انا لا أعرفك ولكن عندما فعلت فعلتك تلك أهنتني واهانة المسلم اثم عظيم جداً.

عن النبي (صلى الله عليه وآله) عن جبرئيل: (من أهان ولياً فقد بارزني بالمحاربة)(5).

يعني: ايها الرجل: الذي تهين زوجتك فكأنك تحارب الله (عز وجل) احذر لئلا تحاربه (عزوجل) في شهر رمضان المبارك. ايتها المرأة: انتِ ايضاً انتبهي لئلا تهيني زوجك فتكوني كمن يحارب الله (عز وجل) يضيف مالك الأشتر قائلاً لذلك الرجل. (رأيت أنك ارتكبت اثماً عظيماً فأتيت للمسجد كي أصلي وأدعو الله ان يغفر لي ولك). هذا يدعى صفحاً وعفواً وهذا ما يطلبه الاسلام خاصة في البيت.

كان علي بن اسماعيل شخصاً سيئاً جدا وكان والي على المدينة في عهد الامام السجاد (عليه السلام) ولقد بلغ ظلمه حداً ان الامام السجاد (عليه السلام) قال ذات مرة: (لقد امتلئ قلبي (دماً) من علي بن اسماعيل إلى ان امر عبد الملك بن مروان أن يعزلوه عن الإمارة. فوثقوه على شجرة وكان يأتي الناس ويرمونه بالحجارة يقول الراوي: كنت أعلم ان الامام السجاد (عليه السلام) متضايق منه كثيراً فقلت في نفسي لأذهب وأرى ماذا يفعل الامام وعندما وصلت رأيت ان الإمام السجاد (عليه السلام) قد جمع اصحابه وأخذ يخطب فيهم وقال لهم: لقد كان شخصاً عزيزاً وذل اليوم ويكفيه هذا من الشقاء. فاحذروا ان تهينوه ثم تلا (عليه السلام) هذه الآية: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، اي اتخذ سبيل العفو واجعله ملكتك ان كنت تريد ان تكون مسلماً. {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199]، عندما تتحدث مع الآخرين تحدث جيداً وبلطف وأمر بالخير واعمل به. {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وامضِ إذا قال لك الجاهل شيئاً {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]، فعندما تغضب المرأة من زوجها على الإفطار مثلا وتصرخ بوجهه وتصيح فهذا من الجهل. يقول القرآن {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]، سلم عليها وقل لها بارك الله بك أنك امرأة جيدة لكن اعرف ان الأولاد قد اتعبوك. وان شاء الله سيكبر الأطفال و.. الامام السجاد (عليه السلام) كان يتحدث بهذا الأسلوب.

يضيف الراوي: رأيت الامام يتقدم نحو علي بن اسماعيل بينما كان قد منعنا من الذهاب اليه فتقدمت لأرى ماذا يجري وما ان وقع نظر علي بن اسماعيل على الامام السجاد (عليه السلام) حتى تغير لونه. لكن الامام (عليه السلام) قال: السلام عليكم يا علي بن اسماعيل ووضع يده بلطف على كتفه وقال له: ابشر فلقد كتبت لعبد الملك بن مروان كي ينقذك من هذه الذلة. وسيأتي الجواب في هذين اليومين. هذا ما يسمى بالمروءة.

فان لم تكن لديك هذه المروءة في السوق. حيث يجب ان تكون لديك. وان لم تكن تملك مروءة مع رفقاؤك. او مع اعدائك. فأرجوك ان تكون على الأقل في بيتك رجلاً. ذو مروءة وايثار وصفح ولا تقضي على المحبة الفطرية. فسيصبح الطفل جافا ومن دون عاطفة. انما في الحقيقة تكون قد قتلت طفلك. والذي يقتل روح طفله كأنما قتل العالم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ الوسائل، مجلد12، باب23، ص43.

2ـ وسائل ابواب احكام الأولاد، باب67.

3ـ نهج البلاغة.

4ـ البحار، مجلد73، ج6.

5ـ الوسائل، مجلد8، ص588، ح11. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي