1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : الآباء والأمهات :

واجب الوالدين في تأديب الأولاد

المؤلف:  الأستاذ مظاهري

المصدر:  تربية الطفل في الاسلام

الجزء والصفحة:  ص204 ــ 210

2023-04-01

1282

يجب على الوالدين ان يأدبوا اولادهم ويعلموهم الآداب والتقاليد الاجتماعية. وهذا بحث مفيد ارجو ان ينتبه اليه الجميع خاصة الأمهات. قبل ان ادخل في البحث اريد ان اذكركم بهذه النقطة. صحيح ان البحث يتعلق بتربية الأولاد الا انه يخصنا في الدرجة الأولى يجب ان نكون مؤدبين في المجتمع وان نراعي الآداب الإجتماعية والأعراف لكي نتمكن من تعليم أولادنا ذلك. 

ولقد اعتبر التأديب من جملة حقوق الأولاد في الروايات العديدة. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (حق الولد على الوالد ان يحسن اسمه ويحسن ادبه)(1)، يقول السجاد (عليه السلام): (انك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب)(2)، ويقول علي (عليه السلام): (لا ميراث كالأدب)(3)، فانك لو تركت له بيتاً وعمارة، فإن الأدب افضل بالنسبة له كما يقول علي (عليه السلام) اي باختصار كما يقول النبي (صلى الله عليه وآله): (اكرموا اولادكم واحسنوا آدابكم يغفر لكم)(4).

لذلك فانه حسب الروايات تأديب الاولاد امر ضروري. للأدب والفصاحة والبلاغة معنى واحد. لدينا علم في الأدب يدعى الفصاحة والبلاغة: الفصاحة: اي الكلام الجيد او العمل الجيد، والبلاغة: العمل المناسب اي ان الفصاحة والبلاغة تعني الأدب.

فاذ تكلمتم او قمتم بالشيء الحسن والمناسب فستكونوا مؤدبين اي لديكم الفصاحة والبلاغة. وعلينا ان نسعى لنؤدب اولادنا الا ان هذا امر صعب لكنه ضروري جداً وينقسم الأدب إلى قسمين: قسم يتعلق بالكلام وقسم بالفعل.

بحثنا اليوم يتعلق بالأدب في الكلام. اي الكلام الحسن والمناسب. على اولادنا ان يتكلموا بالكلام الحسن والمناسب. قد يتعلق احياناً بالدين او بالأعراف. قد يكون من واجبكم ان تدعوا الكلام باللهجة المحلية. نرى احياناً ان الانسان يحصل على شخصية اجتماعية لكنه لا يزال يتكلم بلهجته المحلية وهذا قد يضر شخصيته لدى علماء النفس مصطلح (الصغار الكبار) وبحثنا اليوم يتعلق بهؤلاء (الصغار الكبار) ومعنى هذه الجملة انه قد يكون أمراً ظاهره صغير الا انه قد يضر كثيراً بشخصية الانسان قد يقول الشخص احياناً جملة فتسحق شخصيته ولا يتمكن من جبرها.. فعلى الشخص الذي يحصل على شخصية مرموقة في المجتمع ان يدع استعمال اللهجات المحلية. ولدينا العديد من هذه اللهجات كاللهجة الاصفهانية واليزدية والقمية والطهرانية و.. على الانسان الذي يريد ان يرد الى المجتمع ان يتكلم بشكل جيد ومناسب. قد يكون الكلام جيداً لكنه غير مناسب كما يقول الشاعر سعدي: هناك سهمان (نصيبان) من العقل السكوت عند الكلام والتكلم عند السكوت. فاذا لم يراعِ الانسان البلاغة أي التكلم في الوقت المناسب ستضر بشخصيته كثيراً ولا يعد مؤدباً. قد تلتقون بعض الأحيان بأولاد كبار لا يعرفون كيف يراعون الآداب في الكلام وقد لا يجيب على الأسئلة العادية الا بنعم. ان هذا من تقصير الوالدين، عليهم ان يعلموه كيف يتكلم وان يعرفوا هم أنفسهم كيف يتكلمون قد لا يفكر بعض النسوة عند الكلام الا بمدح أنفسهن ولا يفكرن بشخصياتهن وانتقال المسائل الأخلاقية.

وهذه الآداب والتقاليد الاجتماعية كما يقول علماء النفس صغيرة الا انها تضر كثيراً وتسحق شخصية الانسان. ان مدح الانسان لنفسه يوضع من شأنه مهما كان حتى لو كان كلامه صحيحاً وكان من آثاره مدح النفس الوضع من شأن الانسان.

هذه الرواية مشهورة يقولون ان المقدس الاردبيلي (قدس سره) كان يتوجه إلى الصحراء فجاء صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشرف) واركبه خلفه فسأله (عليه السلام) عن حال السيد الفلاني في النجف فأخذ المقدس الأردبيلي يمدحه ويثني عليه. ثم سأله عن شخص آخر. فمدحه كثيراً وسأله عن آخر فأجاب بالمدح والثناء. ثم سأله (عجل الله تعالى فرجه الشرف) قال: ماذا تعرف عن السيد الاردبيلي؟ فأخذ ينتقده وقال لا علم لديه ولا دين ولا تقوى. فقال صاحب الزمان: عجباً له من رجل.

بينما كان هو يركب وراء امامه (اي ان هذا يعدمه علو شأنه) وما ان عرف المرحوم المقدس الاردبيلي ان هذا هو الامام حتى اراد ان يترجل الا ان الامام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) منعه من ذلك وشكره على فعله.

على الانسان ان يكون كذلك وان لا يمدح بنفسه بل يمدح الآخرين.

الحاصل ان عدم استعمال اللهجات المحلية والتكلم بالكلام الحسن والمناسب. وقلة الكلام و.. وغيرها من الأمور يجب عليكم ان تعلموها أنتم لأولادكم وكذلك طريقة التعامل مع الآخرين ومعاشرتهم واحترام الكبار وكيفية التعامل مع الصغار والرفقاء. علموا الفتيات كيف يتكلمن مع ازواجهن والشباب كيف يتكلمون مع نسائهم، ومع الشيوخ هذه المسائل جميعها من العرفيات والأهم من ذلك الأمور التي تتعلق بالدين.

اي عليكم ان تلتفتوا لئلا يغتب ولدكم او يهين احداً او يشتم لأن هذه الأمور تكشف عن دناءة الطبع والا فان الشخص الذي يحترم شخصيته لا يقوم بهذه الأمور. والأهم من ذلك احذروا الركاكة في الكلام لأن ذلك يؤدي إلى المزاح العبث (العياذ بالله) والفحش في الكلام ولا يمكن لهذا الشخص ان يحصل على شخصية اجتماعية وكما يقول المثل: (اللسان الأحمر يذهب بالخضرة).

وكم من اشخاص قتلهم لسانهم. او اوقعهم في مفاسد. هناك العديد من النساء اللواتي يتصلن بي وتكون مشاكلهم العائلية ناتجة عن الركاكة في الكلام عند الرجل او المرأة ويؤدي ذلك إلى الطلاق.

وكم لدينا من اشخاص علماء مثقفين يحسب الناس حساباً لعلمهم لكنهم يفتقدون الشخصية الاجتماعية وعندما ندقق نجد ان السبب هو مزاحهم وضحكهم الغير مناسب واستهزاءهم بالآخرين وفي الحقيقة يكونوا قد سخروا من أنفسهم. ان الركاكة في كلام الطفل أمر سيء للغاية خاصة إذا كان هناك فحش ايضاً والعياذ بالله.

عليكم ان تنتبهوا الا يكون هناك فحشاً في كلام اطفالكم واحذروا ان يعاشر اولادكم هكذا اطفال والسكوت او الضحك امام الطفل على الكلام البذيء الذي قد يبدر من هذا معناه اتعاس الولد وسحق شخصيته الاجتماعية. وقد يطرده المجتمع وهذا يعني قتله.

ابن المقفع كان عالماً وقد ترجم كتاب كليلة ودمنة هذا الكتاب الأدبي إلى اللغة العربية والفارسية. وكان الخليفة ذلك العهد المنصور الدوانيقي يحسب حسابه وكانت شخصيته العلمية بارزة جداً لكنه كان مغروراً جداً بعلمه ويتطاول بلسانه. وهذا ما أدى إلى قتله. جاء الحاكم يوماً الى البصرة وكان ابن المقفع يستهزئ به وعند وروده قال له: سلام عليكما وعندما سئل ماذا يقصد بكلامه هذا أجاب سلام للحاكم وسلام لأنفه (وكان كبير الأنف) فقهقه الناس.

ومن ثم أخذ يسأله: هل تستطيع ان تحل مسألة لدي، إذا توفيت المرأة وكان عندها زوجين فكيف يتقاسمان الارث؟ وعندها شرع الناس بالضحك وعندما قال القاضي لا ارى ضرراً من السكوت اجابه بن المقفع: 

ان الانسان الجاهل دائما لا يرى ضررا من السكوت.

واستمر في سخريته من الحاكم إلى ان شتم أمه ولم يستطع الحاكم ان يفعل شيئاً.

وصادف ان عم المنصور ثار عليه ثم تاب فاجتمع الناس وطالبوه ان يعفو عنه. فقال لا بأس فليكتب اماناً لأوقعه له. فجاؤوا إلى ابن المقفع ليكتب الأمان وكان لسانه قد اثر على قلمه. قد تجدون بعض الأحيان ان مرتبة القلم عالية جداً من حيث الأدب لكنه يهجو الآخرين.

وكان ابن المقفع كذلك فكتب في رسالته ان عم منصور الدوانيقي في امان وإلا فإذا لم يفِ بوعده فانه سيعزل من الخلافة وستطلق نساؤه وستصادر ثروته و.. وعندما قرأها الخليفة سأل عن كاتبها فأخبروه انه ابن المقفع. فأرسل للحاكم ان اقضوا عليه. فلم يصدق الحاكم انه سيشفي غيظه من ابن المقفع. دخل ابن المقفع إلى بيت الحاكم وكان غلامه ينتظره في الخارج فاذا بالحاكم وقد أشعل له التنور، فأحضروه وقال له اتذكر عندما قلت سلام عليكما وضحك الناس فأجاب نعم. فأمر الجلاد وقطع يده والقاها في التنور ثم أخذ يذكره هل تذكر الاستهزاء الفلاني وقطع يده الأخرى ثم ذكره بشتمه أمه ورفعه وألقاه في التنور وأغلقه عليه. وكان غلامه ينتظره في الخارج وقد طال انتظاره نصف نهار واصحاب البيت ينكرون وجوده. فذهب للناس وشكوا ذلك إلى الحاكم الذي كان يعلم القضية، فقال لا مانع لدي ان اقتل الحاكم لكن ماذا تفعلون إذا دخل ابن المقفع من الباب الآن وكان حياً فخافوا من ذلك. وذهب دمه هدراً وذلك بسبب لسانه الغير مؤدب!(5).

وهناك العديد من هذه القضايا التاريخية كالتي ذكرتها. حيث يشقى الانسان بسبب ركاكة لسانه وبذاءته.. وقد تؤدي الى طعنه او الى ضربه. وكما يقول العوام: احذر دائماً ان تحتك بإنسان دنيء، اي الذي يفتقد الشخصية الاجتماعية. وإذا جادلك في السوق او اي مكان آخر فلا يعرف ماذا سيحدث، بينما الانسان المحترم ينهي النزاع سريعا قد لا يكترث الانسان الا ان الشتم او الاستهزاء قد يؤدي الى قتله، عزله وطلاقه. لذلك ارجو ان تكونوا مؤدبين في البيت وفي المجتمع، وإذا اردتم مثلا ان تمازحوا الآخرين، فافعلوا ذلك بأدب ولطف حتى لا تضروا شخصيتكم وشخصية الآخرين، حتى عليكم ان تعملوا حساباً للضحك. فانه سيء جداً خاصة للنساء وما هو جيد ومليح التبسم خاصة للزوج على الانسان ان يكون متبسما عند التكلم. بذاءة اللسان موجودة الآن بين الرجال والنساء وهي مذمومة في الاسلام خاصة إذا كان فحشاً (شتم)، ان عائشة كانت تجلس مع النبي (صلى الله عليه وآله) فجاءه يهودي وقال: سام عليكم. وكررها الثاني والثالث والنبي (صلى الله عليه وآله) في كل مرة يجيب بأدب. وعليكم. وفي المرة الثالثة والرابعة لم تستطع عائشة ان تصبر فقالت (يا ابناء القردة والخنازير). فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) وقال لها لماذا تشتمين فإنه يتجسم على هيئة قبيحة ويحشر مع الانسان في القبر وعالم البرزخ وفي يوم القيامة.

فالشتائم التي تطلق في البيت على الأطفال من قبل النساء والرجال فإنها سترافقهم في قبورهم شر رفقة. وكذلك بذاءة اللسان والمزاح حتى لو انكم لم تحقروا شخصية أحد بمزاحكم. فانه يعد سيئاً وكما يقول النبي (صلى الله عليه وآله) فأنها ستتجسد على شكل قبيح وترافق الانسان الى يوم القيامة.

كونوا مؤدبين بألسنتكم خاصة امام الطفل. خاصة في المجالس ومع الغرباء. ومع الكبار والأهم من ذلك الأمر الذي يجب ان يلتفت اليه الآباء والأمهات الكذب. فان كذب الطفل مرة او اثنين فستصبح عادة لديه. وبالإضافة الى الفضيحة وسحق شخصيته الاجتماعية فانه سيكون جهنميا ولا بد، انتبهوا لئلا يكون هنالك كذب في حياتكم أنتم خاصة في البيت وبين الزوجين ولا تكذبوا على اطفالكم وإذا وعدتموهم فأوفوا بوعدكم سريعاً والا فسيظن الطفل انه يمكن ان يقول ما هو خلاف الواقع، وإذا أصبح كذاباً فان هذا الاثم العظيم سيؤدي به إلى جهنم وسيكون اثم ذلك في اعناقكم أنتم. بقول القرآن الكريم: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30]، اي انه ذكر الكذب إلى جانب عبادة الاصنام.

{إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النحل: 105]، وقد ذكر انما للحصر اي ان الذي يكذب لا يعد مسلماً في الواقع ولو كان كذلك في الظاهر. اي انه في واقع ونفس الأمر قد سلب القرآن منه اسلامه. وان اثمه عظيم جداً بحيث يقول النبي (صلى الله عليه وآله) رأيت في ليلة المعراج شخصاً يدخلون الحديد المحمى في صدره ويخرجونها من ظهره ثم يعيدونه إلى صدره فأخبرني جبرئيل انه المكذب وجزاؤه جهنم. وقد قال نظيره الامام موسى بن جعفر (عليه السلام)، لذلك فان اثم الكذب عظيم خاصة إذا كان قسماً آمل الا تكذبوا في كسبكم لأنه يقلل من بركة اموالكم وعمركم وسيحرق محلكم وسيقضي على شخصيتكم الاجتماعية خاصة والعياذ بالله إذا أقسمتم كذباً.

احذروا لكيلا يكون الكذب في حياتكم، لأننا نقرأ في الروايات ان اول مصيبة يبتلى بها الكذاب الفضيحة. وسيفقد الآخرين ثقتهم به ولن يقبل أحد كلامه وهذا من نتائج الكذب التي توضع من شأن الانسان. يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) (لا يجد عبد طعم الايمان حتى يترك الكذب هزله وجده)(6) فالقصص الهزلية الغير مناسبة لا تنسجم مع الاخلاق الاسلامية كأن تقول المرأة لولدها قد جاء البع بع او ان تقولوا لصديقكم جاء فلان فيلتفت ولا يجد أحداً و.. عليكم ان تحذروا الكذاب جدياً كان او مزاحاً حتى مع اطفالكم كما يقول علي (عليه السلام): (لا يجد عبد طعم الايمان حتى يترك الكذب هزله وجده).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ كنز العمال، خبر45192.

2ـ البحار، مجلد74، ص9.

3ـ غرر الحكم، فصل8، جملة46.

4ـ بحار الأنوار، مجلد104. ص95.

5ـ شرح ابن ابي الحديد، مجلد18، ص104.

6ـ البحار، مجلد72، ص249.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي