x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
الكون المتمدد
المؤلف: جون جريبين
المصدر: المجرات
الجزء والصفحة: الفصل الخامس (ص53 – ص59)
2023-03-04
958
بدأ علم الكونيات الحديث مع الاكتشافين العظيمين اللذين توصل لهما هابل بشأن المجرات: أن هناك جزرًا أخرى في الفضاء خارج مجرة درب التبانة، وأن هناك علاقة بين الإزاحة الحمراء للضوء القادم من المجرَّات البعيدة وبين المسافات التي تفصلنا عنها. ويعني هذان الاكتشافان معًا أن بالإمكان استخدام المجرات كنماذج اختبار من أجل الكشف عن السلوك الإجمالي للكون. وتحديدًا، يُظهر هذان الاكتشافان أن الكون آخذ في التمدد.
مع أن اكتشاف العلاقة بين الإزاحة الحمراء والمسافة كان له وقع المفاجأة عند نهاية عشرينيات القرن العشرين، فإنه قد أُدرك على الفور أن ثمة نظرية رياضية تصف هذه النوعية من السلوك الكوني موجودة بالفعل: نظرية النسبية العامة لأينشتاين. تصف النسبية العامة العلاقات بين المكان والزمن والمادة والجاذبية، وأحد الملامح الأساسية للنظرية هو أنه لا ينبغي التفكير في المكان والزمن ككيانين منفصلين، وإنما هما وجهان لكيان رباعي الأبعاد يُعرف باسم الزمكان ترجع فكرة الزمكان الرباعي الأبعاد إلى عام 1908، حين نقح هيرمان مينكوفسكي نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين، المنشورة عام 1905. وقد قال مينكوفسكي: «من الآن فصاعدًا، حُكم على المكان بمفرده، والزمن بمفرده، أن يَذويًا ليصيرا محض شبحين، وفقط نوع من الاتحاد بين الاثنين سيحتفظ بواقع مستقل.»
إن مكمن قصور نظرية النسبية الخاصة (السبب وراء وصفها بكلمة «خاصة» هو أنها حالة خاصة من شيء أكثر عمومية) هو أنها لا تتعامل مع الجاذبية أو العجلة (التسارع). فالنسبية الخاصة تصف تحديدًا العلاقات بين كل الأجسام المتحركة والضوء (المستخدم هنا كمصطلح عام لكل أنواع الإشعاع الكهرومغناطيسي)، ما دامت تتحرك في خطوط مستقيمة بسرعة ثابتة، وتصف الكيفية التي سيبدو بها العالم من منظور أي من هذه الأجسام. كانت تلك إنجازات أعظم بكثير مما يوحي به هذا الملخص السريع؛ وذلك لأن أينشتاين بالأساس عدل فهم إسحاق نيوتن لقوى الحركة، بحيث بات يشتمل على فهم جيمس كلارك ماكسويل للضوء، لكن كان المقصود منها أن تكون خطوةً انتقالية على الطريق نحو نظرية تامة تضمُّ الجاذبية والتسارع أيضًا.
وقد حقق أينشتاين هذا عن طريق النسبية العامة، التي أكملها عام 1915. أبسط سبل فهم النسبية العامة يكون من خلال زمكان مينكوفسكي الرباعي الأبعاد. لقد اكتشف أينشتاين أن الزمكان مَرِن؛ ومن ثَمَّ فهو يتشوَّه بفعل وجود المادة. والأجسام التي تتحرك عبر الزمكان تسير في مسارات منحنية حول التشوه الذي يسببه وجود المادة، مثلما ستتحرك البلية على سطح ترامبولين في مسار مُنحَن حول الموضع الغائر الذي يسببه وجود جسم ثقيل موضوع على الترامبولين ككرة بولينج. والتأثير الذي نطلق عليه اسم الجاذبية هو نتيجة لانحناء الزمكان. وكما ورد في القول الشهير، فإن «المادة تملي على الزمكان الكيفية التي سينحني بها، بينما يملي الزمكان على المادة الكيفية التي تتحرك بها.»
المهم في الأمر أيضًا أن أشعة الضوء تتبع المسارات المنحنية المناسبة عبر الزمكان في وجود المادة. والتأثير هنا يكون بسيطًا للغاية، ما لم يكن مقدار المادة المعني ضخمًا، أو تكون المادة منضغطة في حيّز صغير بكثافة عالية للغاية، أو كلا الأمرين. لكن هذا التأثير يكون ملحوظا بالكاد في منطقة الفضاء القريبة من الشمس. لقد تنبأت النسبية العامة بأن الضوء القادم من النجوم البعيدة والذي يمر بالقرب من حافة الشمس، من شأنه أن ينحني بمقدار معين، وذلك بسبب الكيفية التي تشوه بها كتلة الشمس الزمكان في المنطقة المجاورة لها. ومن على الأرض سيكون التأثير على صورة إزاحة للمواضع الظاهرية للنجوم الموجودة في الخلفية، مقارنةً بالمشاهدات الخاصة بنفس الجزء من السماء حين لا تكون الشمس موجودةً بيننا وبينها وبما أنه لا يمكن رؤية نجوم الخلفية بسبب وهج الشمس، فإن السبيل الوحيد لرصد هذه التغيرات سيكون أثناء كسوف شمسي كلي، حين يُحجب ضوء الشمس بواسطة القمر. وفي مصادفة سعيدة الحظ للفلكيين، حدث كسوف مشابه عام 1919، وكانت تلك هي المناسبة التي قاس فيها فريق بقيادة آرثر إدنجتون التأثير المنشود، ووجد أنه يتطابق تماما. مع تنبؤات نظرية أينشتاين، ومن تلك اللحظة صار أينشتاين عالما مشهورًا، مع أن الكثيرين لم يكونوا يعلمون تحديدًا سبب شهرته. ومن ذلك الوقت اجتازت النسبية العامة كل الاختبارات التي صُممت لها، وكان آخر اختبار هو تجربة دقيقة أُجريت في الفضاء لمراقبة تأثيرات جاذبية الأرض على جيروسكوبات عديمة الوزن.
شكل 5-1: تشوه الشمس الزمكانَ في المنطقة القريبة المحيطة بها، مثلما يتسبب جسم ثقيل موضوع على ترامبولين في إحداث انبعاج غائر والضوء القادم من النجوم البعيدة يتبع انحناء المكان، وبذا يبدو النجم كأنه يُزاح عن موضعه حين لا تكون الشمس في خط الرؤية.
إن النسبية العامة هي أفضل نظرية نملكها لوصف السلوك الإجمالي للمكان والزمن والمادة. وكما أدرك أينشتاين من البداية، فإن هذا يعني أنها تقدم تلقائيا توصيفا للكون، الذي هو المجموع الكلي للمكان والزمن والمادة، لكن المشكلة هي أن النسبية العامة تقدم توصيفات لأكوان عدة؛ فمجموعة المعادلات التي اكتشفها أينشتاين لها العديد من الحلول، كما هو حال الرياضيات دومًا. وهناك مثال مألوف على هذا الأمر: فالمعادلة س2 = 4 لها حلان؛ هما: س = 2 وس = -2؛ لأن كلا من (2 × 2) و(-2 × -2) يساوي 4. معادلات أينشتاين أكثر تعقيدًا، ولها العديد من الحلول، وبعض الحلول تصف أكوانا آخذة في التمدد، بينما يصف البعض الآخر أكوانًا آخِذة في الانكماش، وبعضها يصف أكوانًا تتذبذب بين التمدد والانكماش، وهكذا دواليك. لكن ما أدهش أينشتاين هو أنه ما من معادلة منها تصف كونا ساكنا في جوهره.
وقد اندهش أينشتاين لأنه في عام 1917، حين توصل إلى هذه الحلول بعد إكماله نظرية النسبية العامة، كان الجميع يظن أن الكون ساكن كان أغلب الفلكيين لا يزالون يظنون أن مجرة درب التبانة تمثل الكون بأسره، ومع أن النجوم كانت تتحرك داخل مجرة درب التبانة، فإنه إجمالاً لم تكن المجرَّة تتمدَّد أو تنكمش. وكان السبيل الوحيد أمام أينشتاين كي يحصل على توصيف رياضي لكون ساكن داخل هيكل النسبية العامة هو استحداث حدٍّ إضافي في معادلاته، يُعرف الآن باسم الثابت الكوني، وعادة ما يُرمز له بالحرف اليوناني لامدا (Ʌ). بعدها باثني عشر عاما، حين اكتشف هابل العلاقة بين الإزاحة والمسافة، تبيَّنَ أن هذه العلاقة تتوافق مع التوصيف الرياضي الخاص بالكون الآخِذ في التمدد في واحدٍ من أبسط حلول معادلات، أينشتاين، دون ضرورة للحد لامدا. وقد وصف أينشتاين استحداث الثابت الكوني بأنه أفدح خطأ في مسيرته المهنية، وجرى إهمال الثابت الكوني من طرف الجميع تقريبًا خلا قلة من علماء الرياضيات الذين كانوا يحبون العبث بالمعادلات في حد ذاتها؛ سواء أكانت تصف الكون الفعلي أم لا.
إن التبعات الكاملة لاكتشاف أن النسبية العامة تقدّم توصيفا جيدًا لكوننا مشروحةً بالتفصيل في كتاب بيتر كولز. لكن النقطة الأساسية التي يجب تفهمها هي أن التمدد الذي تصفه المعادلات ليس تمدُّدًا للمكان» مع مرور الزمن؛ فالإزاحة الحمراء الكونية ليست تأثير دوبلر تتسبب فيه حركة المجرات بعيدا داخل المكان، كما لو أنها تفر من موقع انفجار كبير، بل هي تحدث لأن المكان (الفضاء) بين المجرات نفسه هو الذي يتمدَّد؛ ومن ثَمَّ فالمكان بين المجرَّات يزداد بينما الضوء يسير في طريقه من إحدى المجرَّات إلى أخرى، وهذا يسبب استطالة موجات الضوء بحيث تصير أطوالها الموجية أطول، وهو ما يعني انزياحها نحو الطرف الأحمر من الطيف.
لكن الطريقة التي تحدث بها الاستطالة تُنتج إزاحات حمراء تعتمد على تأثيرات نسبوية. وإذا ترجمنا الإزاحات الحمراء إلى سرعات مكافئة، فعندئذ سيكون سلوكها بسيطًا للغاية، ما دامت السرعات المعنية صغيرةً مقارنةً بسرعة الضوء. عادةً ما يُستخدَم الحرف z للإشارة إلى الإزاحات الحمراء، وإذا كانت z تساوي 1. فهذا يعني أن الجرم يبتعد بسرعة تساوي عُشْر سرعة الضوء (أي بنحو 30 ألف كيلومتر في الثانية، وهي سرعة أكبر من أي سرعة قيست في الدراسات الرائدة التي أجراها هابل وهيومايسون). والإزاحة التي مقدارها 0.2 تعني أن الجرم يبتعد بسرعة ضعف سرعة الجرم الأول،
شكل 5-2: تمدد الزمكان يشبه استطالة قطعة من المطاط. «المجرات» (أ) و (ب) و (ج) لا تتحرك عبر المكان الفضاء) الفاصل بينها. لكن حين يتمدد المكان بين (أ) و (ب) إلى ضعف المسافة، فإنه يتضاعف بالمثل بين أي مجرتين أخريين، بما في ذلك (أ) و(ج). ومن منظور كل مجرة في هذا الكون تبتعد كلُّ مجرَّة أخرى عنها بمعدل يتناسب طرديا مع المسافة بينهما، ولأن المسافة بين المجرَّة (أ) والمجرَّة (ج) تساوي ضعف المسافة بين المجرتين (أ) و (ب) فإنه حين تتضاعف كل المسافات (حين يتضاعف معامل القياس) يبدو كأن المجرَّة (ج) «ابتعدت عن المجرَّة (أ) بسرعة مضاعفة لسرعة ابتعاد المجرَّة (ب) عن المجرَّة (أ).
وهكذا دواليك؛ وذلك وصولاً إلى حدٍّ معين. وبما أنه لا شيء يستطيع التحرك بسرعة تفوق سرعة الضوء، فإن أكبر إزاحة حمراء يمكن إنتاجها إذا كانت هذه القاعدة البسيطة صحيحة هي 1 لكن حين تُؤخَذ التأثيرات النسبوية في الاعتبار، فإن أكبر إزاحة حمراء ممكنة - تلك التي تتوافق مع سرعة تباعد تساوي سرعة الضوء - تكون لا نهائية. فالتأثيرات النسبوية تصير مهمةً ما إن نتعامل مع سرعات أكبر من نحو ثلث سرعة الضوء، وإن أخذنا هذه التأثيرات في الاعتبار، فإن الإزاحة الحمراء التي تساوي 2 – مثلًا - لا تعني أن الجرم يبتعد عنا بسرعة تساوي ضعفي سرعة الضوء، وإنما بسرعة تساوي 80 بالمائة من سرعة الضوء، بينما الإزاحة الحمراء التي تساوي 4 تعني أن سرعة التباعد تساوي 92 بالمائة من سرعة الضوء. وفي وقتنا الحالي قيست إزاحات فردية يزيد مقدارها عن 10، لكن هذه استثناءات نادرة.
في الواقع، ثمة قليل جدًّا من المجرَّات المنعزلة في الكون؛ فأغلب المجرات توجد ضمن عناقيد قد تحتوي على ما يتراوح بين بضع مجرَّات وآلاف المجرات، تبقيها معا قوة الجاذبية. تتحرك المجرات المنفردة داخل العنقود حول مركز كتلتها المشترك، بينما يُحمل العنقود بأكمله بعيدًا بفعل تمدد المكان. وكشأن سرب من النحل، تتحرك المجرات بعضها حول بعض فيما يمضي العنقود كله في طريقه وحدةً واحدة؛ لذا حين ننظر إلى الضوء القادم من المجرَّات في أحد العناقيد، نجد أن هناك نوعًا من الإزاحة المتوسطة؛ وهي الإزاحة الكونية التي يسببها تمدد الكون، لكننا نرى أيضًا أن بعض المجرات لها إزاحات حمراء أكبر قليلا، وبعضها له إزاحات أصغر قليلا. المجرات ذات الإزاحات الحمراء الأصغر هي تلك المجرات التي تتحرك مقتربة منا ومن ثَمَّ فإن حركتها عبر المكان تصنع إزاحة دوبلر زرقاء، وهو ما يقلّل من إزاحتها الحمراء الإجمالية. أما المجرات ذات الإزاحات الحمراء الأكبر فهي تلك التي تتحرك مبتعدة عنا؛ ومن ثَمَّ فإن حركتها عبر المكان تصنع إزاحة دوبلر حمراء، وهو ما يزيد من إزاحتها الحمراء الإجمالية. وكل هذا يُؤخذ في الحسبان حين يستخدم الفلكيون التعبير المختصر: «تُظهر المجرَّات إزاحة حمراء تتناسب طرديا مع مسافاتها.»
النقطة المحورية الثانية بشأن التمدد الكوني هي أ أنه عدیم المركز؛ فلا يوجد شيء خاص بشأن حقيقة أننا نرصد المجرات وهي تتباعد بإزاحات حمراء تتناسب طرديا مع مسافاتها إلى درب التبانة. وفي مثال آخر على العادية الأرضية، فإنه مهما كانت المجرة التي يتصادف أنك توجد بها، فسترى الأمر عينه؛ أي إزاحة حمراء تتناسب طرديا مع المسافة. ويمكن لتشبيه بسيط توضيح هذا الأمر؛ تخيَّل شكل سطح كرة تامة، مرسومة عليه نقاط عشوائية من الألوان تمثل المجرَّات. إذا تمدَّدت هذه الكرة، فستزداد المسافات بين هذه النقاط، بالطريقة عينها التي يزداد بها الانفصال بين المجرات في الكون الحقيقي مع تمدده. افترض أن معدل التمدد يضاعف المسافة بين كل نقطتين، بحيث إن النقطتين اللتين كان يفصل بينهما، سنتيمتران ينتهي بهما الحال بأن يفصل بينهما أربعة سنتيمترات، وإن النقطتين اللتين كان يفصل بينهما أربعة سنتيمترات، ينتهي بهما الحال بأن يفصل بينهما ثمانية سنتيمترات، وهكذا. وإذا كانت هناك ثلاث نقاط على خط مستقيم يفصل بين كل اثنتين منها قبل التمدد سنتيمتران، فستكون المسافة بعد التمدد بين النقطة المركزية وكلٌّ من النقطتين المجاورتين لها أربعة سنتيمترات، لكن المسافة بين النقطتين الطرفيتين ستبلغ ثمانية سنتيمترات. فمن منظور أي من النقطتين الطرفيتين ستكون النقطة المركزية قد ابتعدت مسافة سنتيمترين، لكن النقطة الطرفية الأخرى ستكون ابتعدت بمقدار أربعة سنتيمترات. لقد بدأت على مسافة مضاعفة مقارنةً بالنقطة المركزية، ومقدار إزاحتها الحمراء» يبلغ ضعف مقدار إزاحة النقطة القريبة منها. ومن منظور كل نقطة على سطح الكرة، تكون الصورة العامة هي نفسها؛ فالإزاحة الحمراء تتناسب طرديا مع المسافة.
لكن ماذا لو تخيلنا أن حجم الكرة قد تقلَّصَ؟ في هذه الحالة ستتقارب النقاط بعضها من بعض، وتتناسب «الإزاحة الزرقاء» طرديا مع المسافة، وهذا يكافئ النظر إلى الماضي نحو تاريخ الكون الآخِذ في التمدد. فمن الواضح أنه لو كانت المجرات آخِذة في الابتعاد بعضها عن بعض اليوم، فمن المؤكد أن بعضها كان أقرب إلى بعض في الماضي. أما ما قد يكون أقل وضوحًا - لكن النسبية العامة تتطلَّبه - فهو أنك لو عكست اتجاه هذا التمدد بدايةً مما عليه الأحوال اليوم، وفعلت هذا لوقت طويل كافٍ، فستصل إلى وقت كان فيه كلُّ المادة وكلُّ المكان مدمجين معًا في نقطة رياضية - نقطة تفرد – صفرية الحجم وذات كثافة لا نهائية شبيهة بنقاط التفرد المتنبأ بوجودها في قلوب الثقوب السوداء. وكما الحال بالنسبة لنقاط التفرُّد الخاصة بالثقوب السوداء، فلأن الفيزيائيين لا يصدقون النظريات التي تتنبأ بظروف فيزيائية متطرفة بدرجة لا نهائية، يُعتقد أن النسبية العامة تنهار عند وصولها إلى ذلك الحد.
لكن ثمة أسبابًا عدة تدفعنا للاعتقاد بأن الكون بدأ في حالة صغيرة الحجم للغاية (أصغر من الذرّة)، ودرجة حرارة وكثافة عاليتين للغاية (كثافة تحتوي على كل المادة الموجودة في الكون اليوم، حتى إن لم يكن أي من هذه الخصائص لا نهائيا. وهذه الفكرة التي تقضي بوجود بداية فائقة الكثافة والحرارة هي أساس نموذج الانفجار العظيم للكون. وقد بدأت فكرة الانفجار العظيم تؤخذ بجدية في النصف الثاني من القرن العشرين، حين أخذت المشاهدات المتزايدة تؤكّد على حقيقة تمدد الكون. والسؤال الكبير الذي جاهد الفيزيائيون في محاولة لحله هو: متى حدث الانفجار العظيم؟ وكم يبلغ عمر الكون؟ وقد جاءت الإجابة من دراسات المجرَّات، التي قدمت قياسات الثابت هابل.