الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
عبد الرحمن شنجول
المؤلف:
أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر:
نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة:
مج1، ص:424-425
27/11/2022
2008
عبد الرحمن شنجول
قال ابن خلدون (1) : ثم قام بالأمر بعده أخوه عبد الرحمن، وتلقب بالناصر لدين الله، وقيل: بالمأمون، وجرى على سنن أبيه وأخيه في الحجر على الخليفة هشام، والاستبداد عيه والاستقلال بالملك دونه، ثم ثاب له رأي في الاستئثار بما بقي من رسوم الخلافة، فطلب من هشام المؤيد أن يوليه عهده، فأجابه،وأحضر لذلك املأ من أرباب الشورى وأهل الحل والعقد، فكان يوما مشهودا، فكتب عهده من إنشاء أبي حفص بن برد بما نصه (2) : هذا ما عهد به هشام المؤيد بالله أمير المؤمنين إلى الناس عامة، وعاهد الله عليه من نفسه خاصة، وأعطى به صفقة يمينه بيعة تامة، بعد أن أمعن النظر وأطال الاستخارة، وأهمه ما جعل الله إليه من الإمامة، وعصب به من أمر المؤمنين، واتقى حلول القدر بما لا يؤمن، وخاف نزول القضاء بما لا يصرف، وخشي إن هجم محتوم ذلك عليه ونزل مقدوره به ولم يرفع لهذه الأمة علما تأوي إليه، وملجأ تنعطف عليه، أن يكون يلقى ربه تبارك وتعالى مفرطا ساهيا عن أداء الحق إليها،وتقصى عند ذلك من إحياء قريش وغيرها من يستحق أن يسند هذا الأمر إليه،ويعول في القيام به عليه، ممن يستوجبه بدينه وأمانته، وهديه وصيانته، بعد اطراح الهوى، والحري للحق، والتزلف (3) إلى الله جل جلاله بما يرضيه، وبعد أن قطع الأواصر، وأسخط الأقارب، فلم يجد أحدا أجدر أن يوليه عهده، ويفوض إليه الخلافة بعده، لفضل نفسه وكرم خيمه
(424)
وشرف مرتبته وعلو منصبه، مع تقاه وعفافه ومعرفته وحزمه، من المأمون الغيب، الناصح الجيب، أبي المطرف (4) عبد الرحمن بن المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، وفقه الله؛ إذ كان أمير المؤمنين - أيده الله تعالى - قد ابتلاه واختره، ونظر في شأنه واعتبره، فرآه مسارعا في الخيرات، سابقا في الحلبات، مستوليا على الغايات، جامعا للمأثرات، ومن كان المنصور أباه، والمظفر أخاه، فلا غرو أن يبلغ من سبل البر مداه، ويحوي من خلال الخير ما حواه؛ مع أن أمير المؤمنين ؟ أيده الله ؟ بما طالع من مكنون العلم، ووعاه من مخزون الأثر، يرى أن يكون ولي عهده القحطاني الذي حدث عنه عبد الله بن عمرو بن العاص وأبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه " . فلما استوى له الاختيار وتقابلت عنده فيه الآثار، ولم يجد عنه مذهبا، ولا إلى غيره معدلا، خرج إليه من تدبير الأمور في حياته، وفوض إليه الخلافة بعد وفاته، طائعا راضيا مجتهدا،وأمضى أمير المؤمنين هذا وأجازه، وأنجزه وأنفذه،ولم يشرط فيه مثنوية ولا خيارا، وأعطى على الوفاء به في سره وجهره وقوله وفعله عهد الله وميثاقه، وذمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم،وذمم الخلفاء الراشدين من آبائه، وذمة نفسه، أن لا يبدل ولا يغير ولا يحول ولا يزول (5) ، وأشهد الله على ذلك والملائكة،وكفى بالله شهيدا، وأشهد [من أوقع اسمه في هذا] (6) وهو جائز الأمر ماضي القول والفعل بمحضر من ولي عهده المأمون أبي المطرف عبد الرحمن بن المنصور وفقه الله تعالى، وقبوله ما قلده، وإلزامه نفسه ما ألزمه، وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. وكتب الوزراء والقضاة وسائر الناس شهاداتهم بخطوط أيديهم، وتسمى
(425)
بعدها بولي العهد (7) .
ونقم عليه أهل الدولة ذلك (8) ، فكان فيه حتفه، وانقراض دولته ودولة قومه، وكان أسرع الناس كراهة لذلك الأمويين والقرشيين، فغصوا بأمره، وأسفوا من تحويل الأمر جملة من المضرية إلى اليمنية، فاجتمعوا لشأنهم، وتمشت من بعض إلى بعض رجالاتهم، وأجمعوا أمرهم في غيبة من المذكور ببلاد الجلالقة في غزاة من صوائفه، ووثبوا بصاحب الشرطة فقتلوه بمقعده من باب قصر الخلافة بقرطبة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وخلعوا هشاما المؤيد.؟
__________
(1) تاريخ ابن خلدون 4: 148؛ وسقطت عبارة " قال ابن خلدون " من ط ج؛ وفي ج: ولما هلك المظفر قام... الخ.
(2) انظر هذا العهد أيضا في أعمال الأعلام: 91 والبيان المغرب 3: 44، وابن برد كاتب العهد هو أحمد بن برد أبو حفص الوزير المعروف ابن برد الأكبر تمييزا له عن حفيده ابن برد الأصغر، وكان الجد رئيسا مقدما في الدولة العامرية توفي سنة 418 (جذوة المقتبس: 111).
(3) ك: والزلفى.
(4) في الأصول: أبي المظفر.
(5) أعمال الأعلام: ولا يتأول.
(6) ساقطة من أصول النفح، مثبتة في أعمال الأعلام.
(7) في أعمال الأعلام والبيان المغرب: وهذا الكتاب نسختان، أول الشهود فيه قاضي الجماعة أحمد ابن عبد الله بن ذكوان ويليه من الوزراء خاصة أسماء تسعة وعشرين رجلا، يليه أسماء مائة وثمانين رجلاص من أصحاب الشرطة وسائر أهل الخدمة.
(8) لا يزال النقل في هذه الفقرة والتي تليها مستمرا عن ابن خلدون.